6178-
عن عبد الله بن عمر، أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض، قالت الملائكة: أي رب، {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} ، قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم.
قال الله تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة، حتى يهبط بهما إلى الأرض، فننظر كيف يعملان.
قالوا: ربنا، هاروت وماروت.
فأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله، حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك.
فقالا: والله لا نشرك بالله أبدا.
فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله، حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: والله لا نقتله أبدا.
فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله ، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله، حتى تشربا هذا الخمر.
فشربا، فسكرا فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا، قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتما حين سكرتما، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا "
إسناده ضعيف ومتنه باطل.
موسى بن جبير- وهو الأنصاري المدني الحذاء-: ذكره ابن حبان في"الثقات"٧/٤٥١، وقال: يخطىء ويخالف، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، وقال الحافظ في "التقريب": مستور، وزهير بن محمد- وهو أبو المنذر الخراساني المروزي الخرقي- ذكره أبو زرعة في أسامي الضعفاء، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حفظه سوء، واختلف قول ابن معين فيه، فوثقه مرة وضعفه أخرى، وضعفه النسائي، وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال: يخطىء
ويخالف، وقال الدارمي: له أغاليط كثيرة.
وقال الساجي: صدوق منكر الحديث، وذكره العقيلي وابن الجوزي، والذهبي في جملة الضعفاء.
وبقية رجاله ثقات.
والصحيح أن هذا الحديث لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من قصص كعب الأحبار، نقله عن كتب بني إسرائيل، فقد أخرج عبد الرزاق في"تفسيره"١/٥٣ - وعنه ابن جرير (١٦٨٤) و (١٦٨٥) -، عن سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم .
الخ، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو أصح وأوثق من السند المرفوع.
وقد ذكره ابن كثير في "التفسير" نقله عن هذا الموضع، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات! من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري السلمي مولاهم .
وقد تفرد به عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر ابن كثير متابعين له من طريقين آخرين عن نافع، أحدهما: من رواية ابن مردويه بإسناده إلى عبد الله بن رجاء، عن سعيد بن سلمة، عن موسى بن سرجس، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيهما: من تفسير الطبري بإسناده من طريق الفرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال ابن كثير: وهذان أيضا غريبان جدا، وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار، لا عن النبي صلى الله علية وسلم.
وبعد أن أورد ابن كثير حديث عبد الرزاق الصحيح في التفسير، قال: فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في إبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار، عن كتب بني إسرائيل.
وذكر ابن كثير نحوا من ذلك في تاريخه"البداية والنهاية"، ١/٣٧-٣٨، ثم قال: هذا من أخبار بني إسرائيل كما تقدم من رواية ابن عمر عن كعب الأحبار، ويكون من خرافاتهم التي لا يعول عليها.
وحديث أحمد هذا أخرجه عبد بن حميد (٧٨٧) ، وابن حبان (٦١٨.
٦) ، والبزار (٢٩٣٨) (زوائد) ، والبيهقي في"السنن"٤/١٠- هـ، وابن السني في"عمل اليوم والليلة" (٦٦٢) من طرق، عن يحيى بن أبي بكير، بهذا الإسناد.
قال البزار: رواه بعضهم عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا، وإنما إتي رفع هذا عندي من زهير، لأنه لم يكن بالحافظ.
وقال البيهقي: رواه موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن كعب، قال .
، وهذا أشبه.
وأورده الهيثمي في"المجمع"٥/٦٨، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير، وهو ثقة!!
وأخرجه بسياق آخر موقوفا الحاكم في"المستدرك"٤/٦٠٧-٦٠٨ من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة، عن أبيه، من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه.
فتعقبه الذهبي بتضعيف يحيى بن سلمة هذا بقوله:
قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث.
قلنا: وضعفه أيضا يحيى بن معين، وقال: ليس بشيء، وقال البخاري: في حديثه مناكير، وقال الترمذي: يضعف في الحديث، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، يروي عن أبيه أشياء لا تشبه حديث الثقات، كأنه ليس من حديث أبيه، فلما أكثر عن أبيه مما خالف الأثبات، بطل الاحتجاج به فيما وافق الثقات.
وقال ابن نمير: ليس ممن يكتب حديثه، وكان يحدث عن أبيه أحاديث ليس لها أصول، وقال ابن سعد: كان ضعيفا جدا.
وقال أبو داود: ليس بشيء.
وقد أورد الحافظ حديث أحمد هذا في"القول المسدد"ص ٣٨-٣٩، وقال: أورده ابن الجوزي من طريق الفرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن نافع، وقال: لا يصح، والفرج بن فضالة ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، ثم دافع الحافظ- ولم يصنع شيئا- عن رواية أحمد، فقال: وبين سياق معاوية بن صالح وسياق زهير تفاوت، وقد أخرجه من طريق زهير بن محمد أيضا أبو حاتم بن حبان في"صحيحه"، وله طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة الطرق الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم.
قلنا: قد تقدم أن ابن كثير قد أشار إلى رواية معاوية بن صالح هذه، وأنه لا يعول عليها، والفرج بن فضالة الراوي عن معاوية بن صالح: ضعيف.
ومهما كثرت الطرق الواردة في هذه الرواية، فإنها كلها ضعيفة، فلا تقوى بمجموعها في مثل هذا المطلب.
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على"المسند": أما هذا الذي جزم به الحافظ بصحة وقوع هذه القصة لكثرة طرقها وقوة مخارج أكثرها، فلا، فإنها كلها طرق معلولة أو واهية، إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي تراه صغيرا في عين الناظر قد يكون حجمه إضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأتى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة.
قلنا: لم يرد في هذا الخبر عند من خرجه أن المراة التي تسمى الزهرة قد مسخت نجما، قال ابن حبان بعد أن أورد الحديث: الزهرة هذه: امراة كانت في ذلك الزمان، لا أنها الزهرة التي هي في السماء التي هي من الخنس.
حاشية السندي على مسند الإمام أحمد بن حنبل: أبي الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي
قوله: "قالوا: ربنا! هاروت وماروت": أي: هما هاروت وماروت.
"ومثلت" : من التمثيل.
"الزهرة": - بضم زاي - : نجم معلوم؛ أي: صورت هذا النجم لهما بصورة امرأة حسناء بعد خلق الشهوات التي هي في نوع الإنسان فيهما ابتلاء.
"فسكرا": سكر؛ كفرح.
"قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا.
.
.
إلخ": يدل على أنهما تكلما بكلمة الإشراك أيضا، وترك ذكرها إنما هو من الرواة، والله تعالى أعلم.
وفي "المجمع": رجاله رجال الصحيح غير موسى بن جبير، وهو ثقة، انتهى.
وقد عده ابن الجوزي في "الموضوعات " بسند فيه الفرج بن فضالة، وهو ضعيف، وقال السيوطي في "التعقبات": قال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد": للقصة طرق كثيرة، جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه يقطع بوقوعها؛ لكثرة الطرق الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، انتهى.
ولم أقف على الجزء المذكور، لكني تتبعت طرقها في التفسير المسند، وقد أخرجه أحمد في "مسنده" عن ابن عمر من وجه آخر، ليس فيه الفرج بن فضالة، وابن حبان في "صحيحه" والبيهقي في "شعب الإيمان" وله طريق ثالث عن ابن عمر موقوف، أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" وطريق رابع عنه موقوف أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" وأخرجه إسحاق بن راهويه، وابن جرير، والحاكم، وصححه عن علي موقوفا، وأخرجه ابن راهويه، وابن مردويه من وجه آخر عن علي مرفوعا، وأخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وصححه من طرق عدة عن ابن عباس موقوفا، وأخرجه ابن جرير عن ابن مسعود موقوفا، وله شاهد مختصر من حديث أبي الدرداء مرفوعا، أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا".
وأما عن التابعين، فطرق كثيرة، وقد سبقت جميع الطرق المذكورة في "التفسير المأثور" فلينظر فيه.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْأَرْضِ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ أَيْ رَبِّ { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } قَالُوا رَبَّنَا نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى يُهْبَطَ بِهِمَا إِلَى الْأَرْضِ فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلَانِ قَالُوا رَبَّنَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ فَأُهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ وَمُثِّلَتْ لَهُمَا الزُّهَرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْإِشْرَاكِ فَقَالَا وَاللَّهِ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ أَبَدًا فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَقْتُلَا هَذَا الصَّبِيَّ فَقَالَا وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ أَبَدًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا قَالَتْ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ فَشَرِبَا فَسَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلَا الصَّبِيَّ فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ عَلَيَّ إِلَّا قَدْ فَعَلْتُمَا حِينَ سَكِرْتُمَا فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا
عن عبد الله بن عمر، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر "
عن عبد الله بن يسار، مولى ابن عمر قال: أشهد لقد سمعت سالما يقول: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله...
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أمامكم حوضا كما بين جرباء وأذرح، فيه أباريق كنجوم السماء، من ورده فشرب منه، لم يظمأ بعدها أبدا...
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الميت يعذب ببكاء الحي "
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الحمى شيء من لفح جهنم فأبردوها بالماء "
عن عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بها "
عن محمد بن زيد يعني أبا عمر بن محمد قال: قال عبد الله بن عمر: كنا نحدث بحجة الوداع، ولا ندري أنه الوداع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان في ح...
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقاتلكم يهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله "
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة، فليتحول منه إلى غيره "