206-
عن عروة بن المغيرة، عن أبيه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين».
فمسح عليهما
(فأهويت) مددت يدي.
(أدخلتهما طاهرتين) أي من الحدث وذلك بلبسهما بعد تمام الوضوء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا ) هُوَ اِبْن أَبِي زَائِدَة.
( عَنْ عَامِر ) هُوَ الشَّعْبِيّ , وَزَكَرِيَّا مُدَلِّس وَلَمْ أَرَهُ مِنْ حَدِيثه إِلَّا بِالْعَنْعَنَةِ , لَكِنْ أَخْرَجَهُ أَحْمَد عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان عَنْ زَكَرِيَّا , وَالْقَطَّان لَا يَحْمِل مِنْ حَدِيث شُيُوخه الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا مَا كَانَ مَسْمُوعًا لَهُمْ , صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيّ.
قَوْله : ( فَأَهْوَيْت ) أَيْ : مَدَدْت يَدِي , قَالَ الْأَصْمَعِيّ : أَهْوَيْت بِالشَّيْءِ إِذَا أَوْمَأْت بِهِ , وَقَالَ غَيْره : أَهْوَيْت قَصَدْت الْهَوَاء مِنْ الْقِيَام إِلَى الْقُعُود.
وَقِيلَ الْإهْوَاء الْإِمَالَة , قَالَ اِبْن بَطَّال : فِيهِ خِدْمَة الْعَالِم , وَأَنَّ لِلْخَادِمِ أَنْ يَقْصِد إِلَى مَا يَعْرِف مِنْ عَادَة مَخْدُومه قَبْل أَنْ يَأْمُرهُ , وَفِيهِ الْفَهْم عَنْ الْإِشَارَة , وَرَدّ الْجَوَاب عَمَّا يُفْهَم عَنْهَا لِقَوْلِهِ " فَقَالَ دَعْهُمَا " قَوْله : ( فَإِنِّي أَدْخَلْتهمَا ) أَيْ : الْقَدَمَيْنِ ( طَاهِرَتَيْنِ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , ولِلْكُشْمِيهَنِيّ " وَهُمَا طَاهِرَتَانِ " وَلِأَبِي دَاوُدَ " فَإِنِّي أَدْخَلْت الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ " وَلِلْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَده " قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَيَمْسَحُ أَحَدنَا عَلَى خُفَّيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِذَا أَدْخَلَهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ " وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيث صَفْوَان بْن عَسَّال " أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَمْسَح عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهْر ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا , وَيَوْمًا وَلَيْلَة إِذَا أَقَمْنَا " قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ ذَكَرْته لِلْمُزَنِيِّ فَقَالَ لِي : حَدِّثْ بِهِ أَصْحَابنَا , فَإِنَّهُ أَقْوَى حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ.
اِنْتَهَى.
وَحَدِيث صَفْوَان وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ ; لَكِنَّ حَدِيث الْبَاب مُوَافِق لَهُ فِي الدَّلَالَة عَلَى اِشْتِرَاط الطَّهَارَة عِنْد اللُّبْس , وَأَشَارَ الْمُزَنِيّ بِمَا قَالَ إِلَى الْخِلَاف فِي الْمَسْأَلَة , وَمُحَصَّله أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُور حَمَلُوا الطَّهَارَة عَلَى الشَّرْعِيَّة فِي الْوُضُوء , وَخَالَفَهُمْ دَاوُد فَقَالَ : إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رِجْلَيْهِ نَجَاسَة عِنْد اللُّبْس جَازَ لَهُ الْمَسْح , وَلَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَهُمَا لَمْ يُبَحْ لَهُ عِنْدهمْ لِأَنَّ التَّيَمُّم مُبِيح لَا رَافِع , وَخَالَفَهُمْ أَصْبَغ.
وَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ بِنِيَّةِ الْوُضُوء ثُمَّ لَبِسَهُمَا ثُمَّ أَكْمَلَ بَاقِيَ الْأَعْضَاء لَمْ يَبُحْ الْمَسْح عِنْد الشَّافِعِيّ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى إِيجَاب التَّرْتِيب , وَكَذَا عِنْد مَنْ لَا يُوجِبهُ بِنَاء عَلَى أَنَّ الطَّهَارَة لَا تَتَبَعَّض , لَكِنْ قَالَ صَاحِب الْهِدَايَة مِنْ الْحَنَفِيَّة : شَرْط إِبَاحَة الْمَسْح لُبْسهمَا عَلَى طَهَارَة كَامِلَة , قَالَ : وَالْمُرَاد بِالْكَامِلَةِ وَقْت الْحَدَث لَا وَقْت اللُّبْس , فِي هَذِهِ الصُّورَة إِذَا كَمَّلَ الْوُضُوء ثُمَّ أَحْدَثَ جَازَ لَهُ الْمَسْح ; لِأَنَّهُ وَقْت الْحَدَث كَانَ عَلَى طَهَارَة كَامِلَة اِنْتَهَى.
وَالْحَدِيث حُجَّة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الطَّهَارَة قَبْل لُبْس الْخُفّ شَرْطًا لِجَوَازِ الْمَسْح , وَالْمُعَلَّق بِشَرْطٍ لَا يَصِحّ إِلَّا بِوُجُودِ ذَلِكَ الشَّرْط , وَقَدْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَاد بِالطَّهَارَةِ الْكَامِلَة , وَلَوْ تَوَضَّأَ مُرَتِّبًا وَبَقِيَ غَسْل إِحْدَى رِجْلَيْهِ فَلَبِسَ ثُمَّ غَسَلَ الثَّانِيَة وَلَبِسَ لَمْ يَبُحْ لَهُ الْمَسْح عِنْد الْأَكْثَر , وَأَجَازَهُ الثَّوْرِيّ وَالْكُوفِيُّونَ وَالْمُزَنِيّ صَاحِب الشَّافِعِيّ وَمُطَرِّف صَاحِب مَالِك وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ لِصِدْقِ أَنَّهُ أَدْخَلَ كُلًّا مِنْ رِجْلَيْهِ الْخُفَّيْنِ وَهِيَ طَاهِرَة , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحُكْم الْمُرَتَّب عَلَى التَّثْنِيَة غَيْر الْحُكْم الْمُرَتَّب عَلَى الْوَحْدَة , وَاسْتَضْعَفَهُ اِبْن دَقِيق الْعِيد لِأَنَّ الِاحْتِمَال بَاقٍ.
قَالَ : لَكِنْ إِنْ ضُمَّ إِلَيْهِ دَلِيل يَدُلّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَة لَا تَتَبَعَّض اِتَّجَهَ.
( فَائِدَة ) : الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ خَاصّ بِالْوُضُوءِ لَا مَدْخَل لِلْغُسْلِ فِيهِ بِإِجْمَاعٍ.
( فَائِدَة أُخْرَى ) : لَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بَعْد الْمَسْح قَبْل اِنْقِضَاء الْمُدَّة عِنْد مَنْ قَالَ بِالتَّوْقِيتِ أَعَادَ الْوُضُوء عِنْد أَحْمَد وَإِسْحَاق وَغَيْرهمَا وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ عِنْد الْكُوفِيِّينَ وَالْمُزَنِيّ وَأَبِي ثَوْر , وَكَذَا قَالَ مَالِك وَاللَّيْث إِلَّا إِنْ تَطَاوَلَ , وَقَالَ الْحَسَن وَابْن أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَة : لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْل قَدَمَيْهِ , وَقَاسُوهُ عَلَى مَنْ مَسَحَ رَأْسه ثُمَّ حَلَقَهُ أَنَّهُ لَا يَجِب عَلَيْهِ إِعَادَة الْمَسْح , وَفِيهِ نَظَر.
( فَائِدَة أُخْرَى ) : لَمْ يُخْرِج الْبُخَارِيّ مَا يَدُلّ عَلَى تَوْقِيت الْمَسْح , وَقَالَ بِهِ الْجُمْهُور.
وَخَالَفَ مَالِك فِي الْمَشْهُور عَنْهُ فَقَالَ : يَمْسَح مَا لَمْ يَخْلَع , وَرُوِيَ مِثْله عَنْ عُمَر.
وَأَخْرَجَ مُسْلِم التَّوْقِيت مِنْ حَدِيث عَلِيّ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيث صَفْوَان بْن عَسَّال , وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي بَكْرَة وَصَحَّحَهُ الشَّافِعِيّ وَغَيْره.
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا
عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ»
عن جعفر بن عمرو بن أمية، أن أباه أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحتز من كتف شاة، فدعي إلى الصلاة، فألقى السكين، فصلى ولم يتوضأ»
عن سويد بن النعمان أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء، وهي أدنى خيبر، «فصلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤ...
عن ميمونة، أن النبي صلى الله عليه وسلم «أكل عندها كتفا، ثم صلى ولم يتوضأ»
عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " شرب لبنا فمضمض، وقال: «إن له دسما» تابعه يونس ، وصالح بن كيسان، عن الزهري
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد، حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لا يدري لعله يستغفر فيسب...
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم، حتى يعلم ما يقرأ»
عن أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يتوضأ عند كل صلاة» قلت: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث
عن سويد بن النعمان، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، حتى إذا كنا بالصهباء، «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فلما صلى د...