399- عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس، ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} ، فتوجه نحو الكعبة "، وقال السفهاء من الناس، وهم اليهود: {ما ولاهم} عن قبلتهم التي كانوا عليها، قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل، ثم خرج بعد ما صلى، فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرف القوم، حتى توجهوا نحو الكعبة
(نحو بيت المقدس) جهته.
(يحب أن يوجه) أو يؤمر بالتوجه.
(تقلب وجهك في السماء) تردده نحو السماء تطلعا لنزول الوحي بتحويل القبلة.
والآية / البقرة 144 /.
(السفهاء) جمع سفيه وهو الجاهل ومن كان عنده نقص في عقله أو خفة وطيش في فعله.
(ما ولاهم) ما صرفهم.
(لله المشرق والمغرب) ملكا وخلقا فلا يختص به مكان دون مكان فيوجه إليهما تكليفا حسبما يريد وحسبما تقتضي حكمته.
(يهدي من يشاء) يوجه من كان أهلا للهداية حسب إرادته وقضائه.
(صراط مستقيم) طريقة في العبادة قويمة حسبما تقتضيه حكمته تعالى.
والآية / البقرة 142 /.
(رجل) هو عباد بن بشر رضي الله عنه.
(هو يشهد) يريد نفسه.
(فتحرف القوم) عدلوا عن جهتهم ومالوا
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ الْبَرَاء ) تَقَدَّمَ فِي " بَاب الصَّلَاة مِنْ الْإِيمَان " مِنْ كِتَاب الْإِيمَان بَيَان مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاق مُصَرِّحًا بِتَحْدِيثِ الْبَرَاء لَهُ.
قَوْله : ( وَكَانَ يُحِبّ أَنْ يُوَجَّه إِلَى الْكَعْبَة ) جَاءَ بَيَان ذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْره مِنْ طَرِيق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا هَاجَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة - وَالْيَهُود أَكْثَر أَهْلهَا - يَسْتَقْبِلُونَ بَيْت الْمَقْدِس أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِل بَيْت الْمَقْدِس , فَفَرِحَتْ الْيَهُود , فَاسْتَقْبَلَهَا سَبْعَة عَشَر شَهْرًا , وَكَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ أَنْ يَسْتَقْبِل قِبْلَة إِبْرَاهِيم , فَكَانَ يَدْعُو وَيَنْظُر إِلَى السَّمَاء , فَنَزَلَتْ.
وَمِنْ طَرِيق مُجَاهِد قَالَ : إِنَّمَا كَانَ يُحِبّ أَنْ يَتَحَوَّل إِلَى الْكَعْبَة ; لِأَنَّ الْيَهُود قَالُوا : يُخَالِفنَا مُحَمَّد وَيَتْبَع قِبْلَتنَا , فَنَزَلَتْ.
وَظَاهِر حَدِيث اِبْن عَبَّاس هَذَا أَنَّ اِسْتِقْبَال بَيْت الْمَقْدِس إِنَّمَا وَقَعَ بَعْد الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة , لَكِنْ أَخْرَجَ أَحْمَد مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمَكَّة نَحْو بَيْت الْمَقْدِس وَالْكَعْبَة بَيْن يَدَيْهِ " وَالْجَمْع بَيْنهمَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُون أُمِرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ أَنْ يَسْتَمِرّ عَلَى الصَّلَاة لِبَيْتِ الْمَقْدِس , وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ : صَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّل مَا صَلَّى إِلَى الْكَعْبَة , ثُمَّ صُرِفَ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَهُوَ بِمَكَّة فَصَلَّى ثَلَاث حِجَج , ثُمَّ هَاجَرَ فَصَلَّى إِلَيْهِ بَعْد قُدُومه الْمَدِينَة سِتَّة عَشَر شَهْرًا , ثُمَّ وَجَّهَهُ اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَة.
فَقَوْله فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس الْأَوَّل " أَمَرَهُ اللَّه " يَرُدُّ قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهُ صَلَّى إِلَى بَيْت الْمَقْدِس بِاجْتِهَادٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ , وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَيْت الْمَقْدِس يَتَأَلَّف أَهْل الْكِتَاب , وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُون بِتَوْقِيفٍ.
قَوْله : ( نَحْو بَيْت الْمَقْدِس ) أَيْ بِالْمَدِينَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي " بَاب الصَّلَاة مِنْ الْإِيمَان " فِي كِتَاب الْإِيمَان تَحْرِيرُ الْمُدَّة الْمَذْكُورَة وَأَنَّهَا سِتَّة عَشَر شَهْرًا وَأَيَّام.
قَوْله : ( يُوَجَّهُ ) بِفَتْحِ الْجِيم أَيْ يُؤْمَرُ بِالتَّوَجُّهِ.
قَوْله : ( فَصَلَّى مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَال ) كَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيّ , وَفِي رِوَايَة غَيْرهمَا " رَجُل " وَهُوَ الْمَشْهُور , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَان أَنَّ اِسْمه عَبَّاد بْن بِشْر , وَتَحْتَاج رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي إِلَى تَقْدِير مَحْذُوف فِي قَوْله " ثُمَّ خَرَجَ " أَيْ بَعْض أُولَئِكَ الرِّجَال.
قَوْله : ( فِي صَلَاة الْعَصْر نَحْو بَيْت الْمَقْدِس ) ولِلْكُشْمِيهَنِيّ " فِي صَلَاة الْعَصْر يُصَلُّونَ نَحْو بَيْت الْمَقْدِس " وَفِيهِ إِفْصَاحٌ بِالْمُرَادِ.
وَوَقَعَ فِي تَفْسِير اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق ثُوَيْلَة بِنْت أَسْلَمَ " صَلَّيْت الظُّهْر - أَوْ الْعَصْر - فِي مَسْجِد بَنِي حَارِثَة فَاسْتَقْبَلْنَا مَسْجِد إِيلْيَاءَ فَصَلَّيْنَا سَجْدَتَيْنِ - أَيْ رَكْعَتَيْنِ - ثُمَّ جَاءَنَا مَنْ يُخْبِرُنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اِسْتَقْبَلَ الْبَيْت الْحَرَام ".
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة فِي الصَّلَاة الَّتِي تَحَوَّلَتْ الْقِبْلَة عِنْدهَا , وَكَذَا فِي الْمَسْجِد فَظَاهِر حَدِيث الْبَرَاء هَذَا أَنَّهَا الظُّهْر , وَذَكَرَ مُحَمَّد بْن سَعْد فِي الطَّبَقَات قَالَ : يُقَال إِنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْر فِي مَسْجِده بِالْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يَتَوَجَّه إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام , فَاسْتَدَارَ إِلَيْهِ وَدَار مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ.
وَيُقَال زَارَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمّ بِشْر بْن الْبَرَاء بْن مَعْرُور فِي بَنِي سَلَمَة فَصَنَعَتْ لَهُ طَعَامًا وَحَانَتْ الطُّهْر فَصَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ أُمِرَ فَاسْتَدَارَ إِلَى الْكَعْبَة وَاسْتَقْبَلَ الْمِيزَاب فَسُمِّيَ " مَسْجِد الْقِبْلَتَيْنِ " , قَالَ اِبْن سَعْد قَالَ الْوَاقِدِيُّ : هَذَا أَثْبَتُ عِنْدنَا.
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عُمَارَة بْن رُوَيْبَةَ قَالَ " كُنَّا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيّ حِين صُرِفَتْ الْقِبْلَة , فَدَار وَدُرْنَا مَعَهُ فِي رَكْعَتَيْنِ " , وَأَخْرَجَ الْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَنَس " اِنْصَرَفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْت الْمَقْدِس وَهُوَ يُصَلِّي الظُّهْر بِوَجْهِهِ إِلَى الْكَعْبَة " , ولِلطَّبَرَانِيّ نَحْوه مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس , وَفِي كُلّ مِنْهُمَا ضَعْفٌ.
قَوْله : ( فَقَالَ ) أَيْ الرَّجُل ( هُوَ يَشْهَدُ ) يَعْنِي بِذَلِكَ نَفْسَهُ , وَهُوَ عَلَى سَبِيل التَّجْرِيد , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الرَّاوِي نَقَلَ كَلَامه بِالْمَعْنَى , وَيُؤَيِّدهُ الرِّوَايَة الْمُتَقَدِّمَة فِي الْإِيمَان بِلَفْظِ " أَشْهَدُ " وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثه هُنَاكَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْيَهُودُ { مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ
عن جابر بن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته، حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة»
عن علقمة، قال: قال عبد الله صلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص - فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: «...
عن أنس بن مالك، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، " وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {واتخذوا من مقام إ...
عن عبد الله بن عمر، قال: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستق...
عن عبد الله، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم: الظهر خمسا، فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: «وما ذاك» قالوا: صليت خمسا ، فثنى رجليه وسجد سجدتين
عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه حتى رئي في وجهه، فقام فحكه بيده، فقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه ي...
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في جدار القبلة، فحكه، ثم أقبل على الناس، فقال: «إذا كان أحدكم يصلي، فلا يبصق قبل وجهه، ف...
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأى في جدار القبلة مخاطا أو بصاقا أو نخامة، فحكه»
عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، وأبا سعيد حدثاه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في جدار المسجد، فتناول حصاة فحكها، فقال: «إذا تنخم أحد...