665- عن عبيد الله بن عبد الله، قال: قالت عائشة: «لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم، واشتد وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض، وكان بين العباس ورجل آخر» قال عبيد الله: فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة، فقال لي: وهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ قلت: لا، قال: هو علي بن أبي طالب
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( لَمَّا ثَقُلَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ) أَيْ اِشْتَدَّ بِهِ مَرَضه , يُقَال ثَقُلَ فِي مَرَضه إِذَا رَكَدَتْ أَعْضَاؤُهُ عَنْ خِفَّةِ الْحَرَكَة.
قَوْله : ( فَأَذِنَّ لَهُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد النُّون أَيْ الْأَزْوَاج , وَحَكَى الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَة وَكَسْر الذَّال وَتَخْفِيف النُّون عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيث الزُّهْرِيِّ هَذَا فِي " بَاب الْغُسْل وَالْوُضُوء مِنْ الْمُخَضَّب " وَفِيهِ زِيَادَة عَلَى الَّذِي هُنَا , وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي عَائِشَة عَنْ عُبَيْد اللَّه شَيْخ الزُّهْرِيِّ وَسِيَاقه أَتَمُّ مِنْ سِيَاق الزُّهْرِيِّ.
قَوْله : ( قَالَ هُوَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ " وَلَكِنَّ عَائِشَة لَا تَطِيبُ نَفْسًا لَهُ بِخَيْرٍ " وَلِابْنِ إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي عَنْ الزُّهْرِيّ " وَلَكِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَذْكُرَهُ بِخَيْرٍ " وَلَمْ يَقِف الْكَرْمَانِيُّ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَة فَعَبَّرَ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ شَنِيعَةٍ , وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ تَنَطَّعَ فَقَالَ لَا يَجُوز أَنْ يُظَنَّ ذَلِكَ بِعَائِشَةَ , وَرَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا أَبْهَمَتْ الثَّانِي لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّن فِي جَمِيع الْمَسَافَة إِذْ كَانَ تَارَةً يَتَوَكَّأ عَلَى الْفَضْل وَتَارَةً عَلَى أُسَامَة وَتَارَةً عَلَى عَلِيّ , وَفِي جَمِيع ذَلِكَ الرَّجُلُ الْآخَرُ هُوَ الْعَبَّاس , وَاخْتُصَّ بِذَلِكَ إِكْرَامًا لَهُ , وَهَذَا تَوَهُّمٌ مِمَّنْ قَالَهُ وَالْوَاقِع خِلَافه , لِأَنَّ اِبْن عَبَّاس فِي جَمِيع الرِّوَايَات الصَّحِيحَة جَازِم بِأَنَّ الْمُبْهَم عَلِيٌّ فَهُوَ الْمُعْتَمَد وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَدَعْوَى وُجُودِ الْعَبَّاس فِي كُلّ مَرَّة وَاَلَّذِي يَتَبَدَّل غَيْرُهُ مَرْدُودَةٌ بِدَلِيلِ رِوَايَة عَاصِم الَّتِي قَدَّمْت الْإِشَارَةَ إِلَيْهَا وَغَيْرهَا صَرِيح فِي أَنَّ الْعَبَّاس لَمْ يَكُنْ فِي مَرَّة وَلَا فِي مَرَّتَيْنِ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَفِي هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا مَضَى تَقْدِيم أَبِي بَكْر , وَتَرْجِيحه عَلَى جَمِيع الصَّحَابَة , وَفَضِيلَة عُمَر بَعْدَهُ , وَجَوَاز الثَّنَاء فِي الْوَجْه لِمَنْ أُمِنَ عَلَيْهِ الْإِعْجَاب , وَمُلَاطَفَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَزْوَاجِهِ وَخُصُوصًا لِعَائِشَةَ , وَجَوَاز مُرَاجَعَة الصَّغِير الْكَبِير , وَالْمُشَاوَرَة فِي الْأَمْر الْعَامِّ , وَالْأَدَب مَعَ الْكَبِير لِهَمِّ أَبِي بَكْر بِالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفّ , وَإِكْرَام الْفَاضِل لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَأَخَّر حَتَّى يَسْتَوِيَ مَعَ الصَّفّ فَلَمْ يَتْرُكهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَزَحْزَح عَنْ مَقَامِهِ.
فِيهِ أَنَّ الْبُكَاء وَلَوْ كَثُرَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاة لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ حَالَ أَبِي بَكْر فِي رِقَّة الْقَلْب وَكَثْرَة الْبُكَاء لَمْ يَعْدِل عَنْهُ , وَلَا نَهَاهُ عَنْ الْبُكَاء , وَأَنَّ الْإِيمَاء يَقُوم مَقَامَ النُّطْق , وَاقْتِصَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِشَارَة يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون لِضَعْفِ صَوْته , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ مُخَاطَبَة مَنْ يَكُون فِي الصَّلَاة بِالْإِيمَاءِ أَوْلَى مِنْ النُّطْق , وَفِيهِ تَأْكِيدُ أَمْر الْجَمَاعَة وَالْأَخْذ فِيهَا بِالْأَشَدِّ وَإِنْ كَانَ الْمَرَض يُرَخِّص فِي تَرْكهَا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ جَوَاز الْأَخْذ بِالْأَشَدِّ وَإِنْ كَانَتْ الرُّخْصَة أَوْلَى , وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَعْذُرَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّة بَعْدَهُ نَفْسَهُ بِأَدْنَى عُذْر فَيَتَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامَة , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون قَصَدَ إِفْهَام النَّاس أَنَّ تَقْدِيمه لِأَبِي بَكْر كَانَ لِأَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ حَتَّى إِنَّهُ صَلَّى خَلْفَهُ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز اِسْتِخْلَاف الْإِمَام لِغَيْرِ ضَرُورَة لِصَنِيعِ أَبِي بَكْر , وَعَلَى جَوَاز مُخَالَفَة مَوْقِف الْمَأْمُوم لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ قَصَدَ أَنْ يُبَلِّغَ عَنْهُ , وَيَلْتَحِق بِهِ مَنْ زَحَمَ عَنْ الصَّفّ , وَعَلَى جَوَاز اِئْتِمَام بَعْض الْمَأْمُومِينَ بِبَعْضٍ وَهُوَ قَوْل الشَّعْبِيِّ وَاخْتِيَار الطَّبَرِيِّ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيّ كَمَا سَيَأْتِي , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ أَبَا بَكْر إِنَّمَا كَانَ مُبَلِّغًا كَمَا سَيَأْتِي فِي " بَاب مَنْ أَسْمَعَ النَّاس التَّكْبِير " مِنْ رِوَايَة أُخْرَى عَنْ الْأَعْمَش , وَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِم عَلَى هَذَا , فَمَعْنَى الِاقْتِدَاء اِقْتِدَاؤُهُمْ بِصَوْتِهِ , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا وَكَانَ أَبُو بَكْر قَائِمًا فَكَانَ بَعْض أَفْعَاله يَخْفَى عَلَى بَعْض الْمَأْمُومِينَ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَبُو بَكْر كَالْإِمَامِ فِي حَقِّهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَفِيهِ اِتِّبَاع صَوْت الْمُكَبِّر , وَصِحَّة صَلَاة الْمُسْتَمِع وَالسَّامِع , وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ فِي صِحَّته تَقَدُّمَ إِذْن الْإِمَام , وَاسْتَدَلَّ بِهِ الطَّبَرِيُّ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ الِاقْتِدَاء بِهِ وَيَقْتَدِيَ هُوَ بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْر أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاة.
وَعَلَى جَوَاز إِنْشَاء الْقُدْوَة فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاة , وَعَلَى جَوَاز تَقَدُّمِ إِحْرَام الْمَأْمُوم عَلَى الْإِمَام بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ دَخَلَ فِي الصَّلَاة ثُمَّ قَطَعَ الْقُدْوَة وَائْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ ظَاهِر الرِّوَايَة.
وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا أَنَّ فِي رِوَايَة أَرْقَمَ بْن شُرَحْبِيلَ عَنْ اِبْن عَبَّاس " فَابْتَدَأَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِرَاءَة مِنْ حَيْثُ اِنْتَهَى أَبُو بَكْر , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّة صَلَاة الْقَادِر عَلَى الْقِيَام قَائِمًا خَلْفَ الْقَاعِد خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ مُطْلَقًا وَلِأَحْمَدَ حَيْثُ أَوْجَبَ الْقُعُودَ عَلَى مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ الْقَاعِد كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي " بَاب إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَام لِيُؤْتَمَّ بِهِ " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ لِي وَهَلْ تَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ قُلْتُ لَا قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
عن نافع، أن ابن عمر، أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت لي...
عن محمود بن الربيع الأنصاري، أن عتبان بن مالك، كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنها تكون الظلمة والسيل،...
عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ، فأمر المؤذن لما بلغ حي على الصلاة، قال: قل: «الصلاة في الرحال»، فنظر بعضهم إلى بعض، فكأنهم أنكر...
عن أبي سعيد الخدري، فقال: جاءت سحابة، فمطرت حتى سال السقف، وكان من جريد النخل، فأقيمت الصلاة، «فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين...
عن أنس بن مالك، يقول: قال رجل من الأنصار: إني لا أستطيع الصلاة معك، وكان رجلا ضخما، «فصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما، فدعاه إلى منزله، فبسط له حصي...
عن هشام، قال: حدثني أبي قال: سمعت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء»
عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قدم العشاء، فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم»
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه» وكان ابن عمر: «يوضع له ال...
عن ابن شهاب، قال: أخبرني جعفر بن عمرو بن أمية، أن أباه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل ذراعا يحتز منها، فدعي إلى الصلاة، فقام، فطرح السك...