691- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أما يخشى أحدكم - أو: لا يخشى أحدكم - إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار "
أخرجه مسلم في الصلاة باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما رقم 427
(يخشى) يخاف.
(يجعل) يصير حقيقة وهو أمرممكن أو مجازا فيكون تشبيها له بالحمار من حيث البلادة والغباء لقلة فقهه في الدين
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد ) هُوَ الْجُمَحِيُّ مَدَنِيٌّ سَكَنَ الْبَصْرَة وَلَهُ فِي الْبُخَارِيّ أَحَادِيث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَفِي التَّابِعِينَ أَيْضًا مُحَمَّد بْن زِيَاد الْأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ وَلَهُ عِنْدَهُ حَدِيث وَاحِد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ فِي الْمُزَارَعَة.
قَوْله : ( أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " أَوَلَا يَخْشَى " وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ حَفْص بْن عُمَر عَنْ شُعْبَة " أَمَا يَخْشَى أَوْ أَلَا يَخْشَى " بِالشَّكِّ.
وَ " أَمَا " بِتَخْفِيفِ الْمِيم حَرْف اِسْتِفْتَاح مِثْلُ أَلَا , وَأَصْلُهَا النَّافِيَة دَخَلَتْ عَلَيْهَا هَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَهُوَ هُنَا اِسْتِفْهَام تَوْبِيخٍ.
قَوْله : ( إِذَا رَفَعَ رَأْسه قَبْلَ الْإِمَام ) زَادَ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد " فِي صَلَاته " , وَفِي رِوَايَة حَفْص بْن عُمَر الْمَذْكُورَة " الَّذِي يَرْفَع رَأْسه وَالْإِمَام سَاجِد " فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَاد الرَّفْع مِنْ السُّجُود فَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْحَدِيث نَصٌّ فِي الْمَنْع مِنْ تَقَدُّمِ الْمَأْمُوم عَلَى الْإِمَام فِي الرَّفْع مِنْ الرُّكُوع وَالسُّجُود مَعًا , وَإِنَّمَا هُوَ نَصٌّ فِي السُّجُود , وَيَلْتَحِقُ بِهِ الرُّكُوع لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَاهُ , وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السُّجُود لَهُ مَزِيد مَزِيَّة لِأَنَّ الْعَبْد أَقْرَبُ مَا يَكُون فِيهِ مِنْ رَبّه لِأَنَّهُ غَايَةُ الْخُضُوع الْمَطْلُوب مِنْهُ , فَلِذَلِكَ خُصَّ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون مِنْ بَاب الِاكْتِفَاء , وَهُوَ ذِكْر أَحَد الشَّيْئَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ فِي الْحُكْم إِذَا كَانَ لِلْمَذْكُورِ مَزِيَّة , وَأَمَّا التَّقَدُّم عَلَى الْإِمَام فِي الْخَفْض فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فَقِيلَ يَلْتَحِق بِهِ مِنْ بَاب الْأَوْلَى , لِأَنَّ الِاعْتِدَال وَالْجُلُوس بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ الْوَسَائِل , وَالرُّكُوع وَالسُّجُود مِنْ الْمَقَاصِد , وَإِذَا دَلَّ الدَّلِيل عَلَى وُجُوب الْمُوَافَقَة فِيمَا هُوَ وَسِيلَة فَأَوْلَى أَنْ يَجِبَ فِيمَا هُوَ مَقْصِد , وَيُمْكِن أَنْ يُقَال لَيْسَ هَذَا بِوَاضِحٍ لِأَنَّ الرَّفْع مِنْ الرُّكُوع وَالسُّجُود يَسْتَلْزِم قَطْعه عَنْ غَايَة كَمَالِهِ , وَدُخُول النَّقْص فِي الْمَقَاصِد أَشَدُّ مِنْ دُخُوله فِي الْوَسَائِل , وَقَدْ وَرَدَ الزَّجْر عَنْ الْخَفْض وَالرَّفْع قَبْلَ الْإِمَام فِي حَدِيث آخَرَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّار مِنْ رِوَايَة مُلَيْح بْن عَبْد اللَّه السَّعْدِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " الَّذِي يَخْفِض وَيَرْفَع قَبْلَ الْإِمَام إِنَّمَا نَاصِيَته بِيَدِ شَيْطَان ".
وَأَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق مِنْ هَذَا الْوَجْه مَوْقُوفًا وَهُوَ الْمَحْفُوظ.
قَوْله : ( أَوْ يَجْعَل اللَّه صُورَته صُورَةَ حِمَار ) الشَّكّ مِنْ شُعْبَة , فَقَدْ رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَةَ وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد وَمُسْلِم مِنْ رِوَايَة يُونُس بْن عُبَيْدٍ وَالرَّبِيعُ بْن مُسْلِم كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد بِغَيْرِ تَرَدُّد , فَأَمَّا الْحَمَّادَانِ فَقَالَا " رَأْس " وَأَمَّا.
يُونُس فَقَالَ " صُورَة " وَأَمَّا الرَّبِيع فَقَالَ " وَجْه " , وَالظَّاهِر أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّف الرُّوَاة.
قَالَ عِيَاض : هَذِهِ الرِّوَايَات مُتَّفِقَة لِأَنَّ الْوَجْه فِي الرَّأْس وَمُعْظَم الصُّورَة فِيهِ.
قُلْت : لَفْظ الصُّورَة يُطْلَقُ عَلَى الْوَجْه أَيْضًا , وَأَمَّا الرَّأْس فَرُوَاتُهَا أَكْثَرُ وَهِيَ أَشْمَلُ فَهِيَ الْمُعْتَمَدَة , وَخُصَّ وُقُوع الْوَعِيد عَلَيْهَا لِأَنَّ بِهَا وَقَعَتْ الْجِنَايَة وَهِيَ أَشْمَلُ , وَظَاهِر الْحَدِيث يَقْتَضِي تَحْرِيم الرَّفْع قَبْلَ الْإِمَام لِكَوْنِهِ تَوَعَّدَ عَلَيْهِ بِالْمَسْخِ وَهُوَ أَشَدُّ الْعُقُوبَات , وَبِذَلِكَ جَزَمَ النَّوَوِيّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ , وَمَعَ الْقَوْل بِالتَّحْرِيمِ فَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ يَأْثَم وَتُجْزِئُ صَلَاته , وَعَنْ اِبْن عُمَرَ تَبْطُلُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَة وَأَهْلُ الظَّاهِر بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ , وَفِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ فِي رِسَالَته : لَيْسَ لِمَنْ سَبَقَ الْإِمَام صَلَاة لِهَذَا الْحَدِيث , قَالَ : وَلَوْ كَانَتْ لَهُ صَلَاة لَرُجِيَ لَهُ الثَّوَاب وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ الْعِقَاب.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْوَعِيد الْمَذْكُور فَقِيلَ : يَحْتَمِل أَنْ يَرْجِع ذَلِكَ إِلَى أَمْر مَعْنَوِيّ , فَإِنَّ الْحِمَار مَوْصُوف بِالْبَلَادَةِ فَاسْتُعِيرَ هَذَا الْمَعْنَى لِلْجَاهِلِ بِمَا يَجِب عَلَيْهِ مِنْ فَرْض الصَّلَاة وَمُتَابَعَة الْإِمَام , وَيُرَجِّحُ هَذَا الْمَجَازِيّ أَنَّ التَّحْوِيل لَمْ يَقَع مَعَ كَثْرَة الْفَاعِلِينَ , لَكِنْ لَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يَدُلّ أَنَّ ذَلِكَ يَقَع وَلَا بُدَّ , وَإِنَّمَا يَدُلّ عَلَى كَوْن فَاعِله مُتَعَرِّضًا لِذَلِكَ وَكَوْن فِعْله مُمْكِنًا لِأَنْ يَقَع عَنْهُ ذَلِكَ الْوَعِيد , وَلَا يَلْزَم مِنْ التَّعَرُّض لِلشَّيْءِ وُقُوع ذَلِكَ الشَّيْء , قَالَهُ اِبْن دَقِيق الْعِيد.
وَقَالَ اِبْن بَزِيزَةَ : يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِالتَّحْوِيلِ الْمَسْخ أَوْ تَحْوِيل الْهَيْئَة الْحِسِّيَّة أَوْ الْمَعْنَوِيَّة أَوْ هُمَا مَعًا.
وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى ظَاهِره إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ جَوَاز وُقُوع ذَلِكَ , وَسَيَأْتِي فِي كِتَاب الْأَشْرِبَة الدَّلِيل عَلَى جَوَاز وُقُوع الْمَسْخ فِي هَذِهِ الْأُمَّة , وَهُوَ حَدِيث أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ فِي الْمَغَازِي فَإِنَّ فِيهِ ذِكْر الْخَسْف وَفِي آخِرِهِ " وَيَمْسَخ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة " وَسَيَأْتِي مَزِيد لِذَلِكَ فِي تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَيُقَوِّي حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِره أَنَّ فِي رِوَايَة اِبْن حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد " أَنَّ يُحَوِّلَ اللَّه رَأْسَهُ رَأْسَ كَلْبٍ " فَهَذَا يُبْعِد الْمَجَاز لِانْتِقَاءِ الْمُنَاسَبَة الَّتِي ذَكَرُوهَا مِنْ بَلَادَة الْحِمَار.
وَمِمَّا يُبْعِدُهُ أَيْضًا إِيرَاد الْوَعِيد بِالْأَمْرِ الْمُسْتَقْبَل وَبِاللَّفْظِ الدَّالّ عَلَى تَغْيِير الْهَيْئَة الْحَاصِلَة , وَلَوْ أُرِيدَ تَشْبِيهه بِالْحِمَارِ لِأَجْلِ الْبَلَادَة لَقَالَ مَثَلًا فَرَأْسه رَأْس حِمَار , وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَة الْمَذْكُورَة وَهِيَ الْبَلَادَة حَاصِلَة فِي فَاعِل ذَلِكَ عِنْدَ فِعْله الْمَذْكُور فَلَا يَحْسُن أَنْ يُقَال لَهُ يُخْشَى إِذَا فَعَلْت ذَلِكَ أَنْ تَصِير بَلِيدًا , مَعَ أَنَّ فِعْله الْمَذْكُور إِنَّمَا نَشَأَ عَنْ الْبَلَادَة.
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ فِي الرِّوَايَة الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِالصُّورَةِ : هَذِهِ اللَّفْظَة تَمْنَع تَأْوِيل مَنْ قَالَ الْمُرَاد رَأْس حِمَار فِي الْبَلَادَة , وَلَمْ يُبَيِّن وَجْهَ الْمَنْع.
وَفِي الْحَدِيث كَمَالُ شَفَقَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ وَبَيَانه لَهُمْ الْأَحْكَام وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الثَّوَاب وَالْعِقَاب , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الْمُقَارَنَة , وَلَا دَلَالَة فِيهِ لِأَنَّهُ دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى مَنْع الْمُسَابَقَة , وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى طَلَب الْمُتَابَعَة , وَأَمَّا الْمُقَارَنَة فَمَسْكُوت عَنْهَا.
وَقَالَ اِبْن بَزِيزَةَ : اِسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ عَلَى جَوَاز التَّنَاسُخ.
قُلْت : وَهُوَ مَذْهَبٌ رَدِيءٌ مَبْنِيّ عَلَى دَعَاوَى بِغَيْرِ بُرْهَانٍ , وَاَلَّذِي اِسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ إِنَّمَا اِسْتَدَلَّ بِأَصْلِ النَّسْخ لَا بِخُصُوصِ هَذَا الْحَدِيث.
( لَطِيفَةٌ ) : قَالَ صَاحِب " الْقَبَس " : لَيْسَ لِلتَّقَدُّمِ قَبْلَ الْإِمَام سَبَب إِلَّا طَلَب الِاسْتِعْجَال , وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَسْتَحْضِر أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ قَبْلَ الْإِمَام فَلَا يَسْتَعْجِل فِي هَذِهِ الْأَفْعَال , وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ أَوْ لَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ
عن عبد الله بن عمر، قال: «لما قدم المهاجرون الأولون العصبة - موضع بقباء - قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أك...
عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة»
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:...
عن عبيد الله بن عدي بن خيار، أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه، - وهو محصور - فقال: إنك إمام عامة، ونزل بك ما نرى، ويصلي لنا إمام فتنة، ونتحرج؟ ف...
عن أنس بن مالك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: «اسمع وأطع ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة»
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بت في بيت خالتي ميمونة " فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، فجئت، فقم...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نمت عند ميمونة والنبي صلى الله عليه وسلم عندها تلك الليلة «فتوضأ، ثم قام يصلي، فقمت على يساره، فأخذني، فجعلني عن يمين...
عن ابن عباس، قال: بت عند خالتي «فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه»
عن جابر بن عبد الله: «أن معاذ بن جبل، كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع، فيؤم قومه»