765- عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قرأ في المغرب بالطور»
أخرجه مسلم في الصلاة باب القراءة في الصبح رقم 463 (بالطور) أي بسورة الطور والطور قيل هو اسم للجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام في سيناء وقيل الطور كل جبل ينبت الشجر المثمر وما لا ينبت الشجر المثمر فليس بطور
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( عَنْ مُحَمَّد بْن جُبَيْر ) فِي رِوَايَةِ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَان عَنْ الزُّهْرِيِّ " حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن جُبَيْر ".
قَوْلُهُ : ( قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ ) فِي رِوَايَةِ اِبْن عَسَاكِر " يَقْرَأُ " وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَعِنْدَ مُسْلِم , زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ الزُّهْرِيِّ " وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بَدْر " وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ الزُّهْرِيّ " فِي فِدَاءِ أَهْلِ بَدْر " وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَر " وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِك " وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ مَعْمَر أَيْضًا فِي آخِرِهِ قَالَ " وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الْإِيمَان فِي قَلْبِي " وَلِلطَّبَرَانِيّ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ اَلزُّهْرِيِّ نَحْوُهُ وَزَادَ " فَأَخَذَنِي مِنْ قِرَاءَتِهِ الْكَرْب " وَلِسَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ " فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْت الْقُرْآن " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ أَدَاءِ مَا تَحَمَّلَهُ الرَّاوِي فِي حَالِ الْكُفْرِ , وَكَذَا الْفِسْق إِذَا أَدَّاهُ فِي حَال الْعَدَالَة.
وَسَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَى زَوَائِدَ أُخْرَى فِيهِ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ قَوْلُهُ : ( بِالطُّورِ ) أَيْ بِسُورَةِ الطُّورِ , وَقَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ : يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ) وَسَنَذْكُرُ مَا فِيهِ قَرِيبًا.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : ذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالسُّوَرِ الطِّوَالِ نَحْوِ الطُّورِ وَالْمُرْسَلَاتِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا أَكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ أَسْتَحِبُّهُ.
وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ , وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا كَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا اِسْتِحْبَابَ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَاعْتَمَدَ الْعَمَلَ بِالْمَدِينَةِ بَلْ وَبِغَيْرِهَا.
قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : اِسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَتَقْصِيرِهَا فِي الْمَغْرِبِ , وَالْحَقُّ عِنْدَنَا أَنَّ مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَثَبَتَتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ , وَمَا لَمْ تَثْبُتْ مُوَاظَبَتُهُ عَلَيْهِ فَلَا كَرَاهَةَ قِيهِ.
قُلْتُ : الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ هُنَا ثَلَاثَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْمَقَادِيرِ لِأَنَّ الْأَعْرَافَ مِنْ السَّبْعِ الطِّوَالِ , وَالطُّورَ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ , وَالْمُرْسَلَاتِ مِنْ أَوْسَاطِهِ.
وَفِي اِبْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ بِاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ , وَلَمْ أَرَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ إِلَّا حَدِيثًا فِي اِبْنِ مَاجَهْ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ , وَمِثْلُهُ لِابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ.
فَأَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ فَظَاهِرُ إِسْنَادِهِ الصِّحَّةُ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ , قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : أَخْطَأَ فِيهِ بَعْضُ رُوَاتِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ سِمَاكٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ , وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ " مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَه صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فُلَانٍ , قَالَ سُلَيْمَانُ : فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ " الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.
وَهَذَا يُشْعِرُ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ , لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي " بَابِ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ " بَعْدَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَابًا.
نَعَمْ حَدِيثُ رَافِعٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَضِلُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ يَدُلُّ عَلَى تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا , وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْيَانًا يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِمَّا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ , وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُ , وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَانَ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ , وَلَوْ كَانَ مَرْوَانُ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى زَيْدٍ , لَكِنْ لَمْ يُرِدْ زَيْدٌ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالطِّوَالِ , وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ ذَلِكَ كَمَا رَآهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصِّحَّةِ بِأَطْوَلَ مِنْ الْمُرْسَلَاتِ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي حَالِ شِدَّةِ مَرَضِهِ وَهُوَ مَظِنَّةُ التَّخْفِيفِ , وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى أَبِي دَاوُدَ اِدِّعَاءَ نَسْخِ التَّطْوِيلِ لِأَنَّهُ رَوَى عَقِبَ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْقِصَارِ , قَالَ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ زَيْدٍ , وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ , وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى عُرْوَةَ رَاوِيَ الْخَبَرِ عَمِلَ بِخِلَافِهِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ اِطَّلَعَ عَلَى نَاسِخِهِ , وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْحَمْلِ , وَكَيْفَ تَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ وَأُمُّ الْفَضْلِ تَقُولُ : إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِهِمْ قَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ.
قَالَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ : هَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ , فَجَائِزٌ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْمَغْرِبِ وَفِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِمَا أَحَبَّ , إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ إِمَامًا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُخَفِّفَ فِي الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ا ه.
وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقُرْطُبِيِّ : مَا وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ التَّقْصِيرُ أَوْ عَكْسُهُ فَهُوَ مَتْرُوكٌ , وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ عَلَى تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ , لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ.
ثُمَّ اِسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بِلَفْظِ : فَسَمِعْته يَقُولُ ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّك لَوَاقِعٌ ) قَالَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ هِيَ هَذِهِ الْآيَةُ خَاصَّةً ا ه.
وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي قَوْلَهُ " خَاصَّةً " مَعَ كَوْنِ رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِخُصُوصِهَا مُضَعَّفَةً , بَلْ جَاءَ فِي رِوَايَاتِ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا , فَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ " سَمِعْته يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ , فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ ) الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ : ( الْمُسَيْطِرُونَ ) كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ " وَنَحْوُهُ لِقَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ , وَفِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ " سَمِعْته يَقْرَأُ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ " وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَعْدٍ , وَزَادَ فِي أُخْرَى فَاسْتَمَعْت قِرَاءَتَهُ حَتَّى خَرَجْت مِنْ الْمَسْجِدِ.
ثُمَّ اِدَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ يَأْتِي فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , وَكَذَا أَبْدَاهُ الْخَطَّابِيُّ اِحْتِمَالًا , وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَرَأَ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَكُونُ قَدْرَ سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ لَمَا كَانَ لِإِنْكَارِ زَيْدٍ مَعْنًى.
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ زَيْدٍ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِمَرْوَانَ " إِنَّك لَتُخِفُّ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ فَوَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِيهَا بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا " أَخْرَجَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ.
وَاخْتُلِفَ عَلَى هِشَام فِي صَحَابِيِّهِ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ , وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ : عَنْ هِشَام عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَوْ أَبِي أَيُّوبَ , وَقِيلَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَتْنِ دُونَ الْقِصَّةِ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى اِمْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ , وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّ لَهَا وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَحُدَّهُ بِقِرَاءَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ قَالُوا : لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ أَوَّلِ غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَلَهُ أَنْ يَمُدَّ الْقِرَاءَةَ فِيهَا وَلَوْ غَابَ الشَّفَقُ.
وَاسْتَشْكَلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إِطْلَاقَ هَذَا , وَحَمَلَهُ الْخَطَّابِيُّ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ يُوقِعُ رَكْعَةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُدِيمُ الْبَاقِيَ وَلَوْ غَابَ الشَّفَقُ , وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ , لِأَنَّ تَعَمُّدَ إِخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ مَمْنُوعٌ , وَلَوْ أَجْزَأَتْ فَلَا يُحْمَلُ مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْمُفَصَّلِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مُنْتَهَاهُ آخِرُ الْقُرْآنِ هَلْ هُوَ مِنْ أَوَّلِ الصَّافَّاتِ أَوْ الْجَاثِيَةِ أَوْ الْقِتَالِ أَوْ الْفَتْحِ أَوْ الْحُجُرَاتِ أَوْ ق أَوْ الصَّفِّ أَوْ تَبَارَكَ أَوْ سَبِّحْ أَوْ الضُّحَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ أَقْوَالٌ أَكْثَرُهَا مُسْتَغْرَبٌ اِقْتَصَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ الْأَوَائِلِ سِوَى الْأَوَّلِ وَالرَّابِعِ , وَحَكَى الْأَوَّلَ وَالسَّابِعَ وَالثَّامِنَ اِبْنُ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيُّ , وَحَكَى الرَّابِعَ وَالثَّامِنَ الدِّزَّمَارِيُّ فِي " شَرْحِ التَّنْبِيهِ " وَحَكَى التَّاسِعَ الْمَرْزُوقِيُّ فِي شَرْحِهِ , وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ الْعَاشِرَ , وَالرَّاجِحُ الْحُجُرَاتُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ.
وَنَقَلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَوْلًا شَاذًّا أَنَّ الْمُفَصَّلَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ , وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ : أَقْرَأَنِي أَبُو مُوسَى كِتَابَ عُمَرَ إِلَيْهِ : اِقْرَأْ فِي الْمَغْرِبِ آخِرَ الْمُفَصَّلِ.
وَآخِرُ الْمُفَصَّلِ مِنْ ( لَمْ يَكُنْ ) إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْمُفَصَّلِ بَلْ لِآخِرِهِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ
عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ: إذا السماء انشقت، فسجد، فقلت له: قال: «سجدت خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى...
عن البراء: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين: بالتين والزيتون "
عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ: إذا السماء انشقت، فسجد، فقلت: ما هذه؟ قال: «سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد...
عن البراء رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم " يقرأ: والتين والزيتون في العشاء، وما سمعت أحدا أحسن صوتا منه أو قراءة "
عن جابر بن سمرة، قال: قال عمر لسعد: لقد شكوك في كل شيء حتى الصلاة، قال: «أما أنا، فأمد في الأوليين وأحذف في الأخريين، ولا آلو ما اقتديت به من صلاة رسو...
عن سيار بن سلامة، قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي، فسألناه عن وقت الصلوات، فقال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس، والع...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول: « في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القر...
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: " انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء...
عن ابن عباس، قال: " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر، {وما كان ربك نسيا} {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}