856- عن عبد العزيز، قال: سأل رجل أنس بن مالك: ما سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول في الثوم؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا - أو: لا يصلين معنا - "
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا.
.
رقم 563
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْد الْعَزِيز ) هُوَ اِبْن صهيب.
قَوْلُهُ : ( سَأَلَ رَجُل ) لَمْ أَقِف عَلَى تَسْمِيَته , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى إِطْلَاق الشَّجَرَة عَلَى الثُّوم , وَقَوْلُهُ " فَلَا يَقْرَبَنَّ " بِفَتْحِ الرَّاء وَالْمُوَحَّدَة وَتَشْدِيد النُّون , وَلَيْسَ فِي هَذَا تَقْيِيد النَّهْي بِالْمَسْجِدِ فَيُسْتَدَلّ بِعُمُومِهِ عَلَى إِلْحَاق الْمَجَامِع بِالْمَسَاجِدِ كَمُصَلَّى الْعِيد وَالْجِنَازَة وَمَكَان الْوَلِيمَة , وَقَدْ أَلْحَقَهَا بَعْضهمْ بِالْقِيَاسِ وَالتَّمَسُّك بِهَذَا الْعُمُوم أَوْلَى , وَنَظِيره قَوْلُهُ " وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْته " كَمَا تَقَدَّمَ , لَكِنْ قَدْ عُلِّلَ الْمَنْع فِي الْحَدِيث بِتَرْكِ أَذَى الْمَلَائِكَة وَتَرْك أَذَى الْمُسْلِمِينَ , فَإِنْ كَانَ كُلّ مِنْهُمَا جُزْء عِلَّة اِخْتَصَّ النَّهْي بِالْمَسَاجِدِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا , وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَر , وَإِلَّا لَعَمَّ النَّهْي كُلّ مَجْمَع كَالْأَسْوَاقِ , وَيُؤَيِّد هَذَا الْبَحْث قَوْلُهُ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد مُسْلِم " مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَة شَيْئًا فَلَا يَقْرَبنَا فِي الْمَسْجِد " قَالَ الْقَاضِي اِبْن الْعَرَبِيّ : ذِكْر الصِّفَة فِي الْحُكْم يَدُلّ عَلَى التَّعْلِيل بِهَا , وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ عَلَى الْمَازِرِيّ حَيْثُ قَالَ : لَوْ أَنَّ جَمَاعَة مَسْجِد أَكَلُوا كُلّهمْ مَا لَهُ رَائِحَة كَرِيهَة لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ , بِخِلَافِ مَا إِذَا أَكَلَ بَعْضهمْ , لِأَنَّ الْمَنْع لَمْ يَخْتَصّ بِهِمْ بَلْ بِهِمْ وَبِالْمَلَائِكَةِ , وَعَلَى هَذَا يَتَنَاوَل الْمَنْع مَنْ تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَدَخَلَ الْمَسْجِد مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ وَحْده.
وَاسْتُدِلَّ بِأَحَادِيث الْبَاب عَلَى أَنَّ صَلَاة الْجَمَاعَة لَيْسَتْ فَرْض عَيْن.
قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد لِأَنَّ اللَّازِم مِنْ مَنْعه أَحَد أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُون أَكْل هَذِهِ الْأُمُور مُبَاحًا فَتَكُون صَلَاة الْجَمَاعَة لَيْسَتْ فَرْض عَيْن , أَوْ حَرَامًا فَتَكُون صَلَاة الْجَمَاعَة فَرْضًا.
وَجُمْهُور الْأُمَّة عَلَى إِبَاحَة أَكْلهَا فَيَلْزَم أَنْ لَا تَكُون الْجَمَاعَة فَرْض عَيْن.
وَتَقْرِيره أَنْ يُقَال : أَكْل هَذِهِ الْأُمُور جَائِز , وَمِنْ لَوَازِمه تَرْك صَلَاة الْجَمَاعَة , وَتَرْك الْجَمَاعَة فِي حَقّ آكِلهَا جَائِز , وَلَازِم الْجَائِز جَائِز وَذَلِكَ يُنَافِي الْوُجُوب.
وَنُقِلَ عَنْ أَهْل الظَّاهِر أَوْ بَعْضهمْ تَحْرِيمُهَا بِنَاء عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَة فَرْض عَيْن , وَتَقْرِيره أَنْ يُقَال : صَلَاة الْجَمَاعَة فَرْض عَيْن , وَلَا تَتِمّ إِلَّا بِتَرْكِ أَكْلهَا , وَمَا لَا يَتِمّ الْوَاجِب إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِب , فَتَرْك أَكْل هَذَا وَاجِب فَيَكُون حَرَامًا ا ه.
وَكَذَا نَقَلَهُ غَيْره عَنْ أَهْل الظَّاهِر , لَكِنْ صَرَّحَ اِبْن حَزْم مِنْهُمْ بِأَنَّ أَكْلهَا حَلَال مَعَ قَوْلُهُ بِأَنَّ الْجَمَاعَة فَرْض عَيْن , وَانْفَصَلَ عَنْ اللُّزُوم الْمَذْكُور بِأَنَّ الْمَنْع مِنْ أَكْلهَا مُخْتَصّ بِمَنْ عَلِمَ بِخُرُوجِ الْوَقْت قَبْل زَوَال الرَّائِحَة.
وَنَظِيره أَنَّ صَلَاة الْجُمُعَة فَرْض عَيْن بِشُرُوطِهَا , وَمَعَ ذَلِكَ تَسْقُط بِالسَّفَرِ.
وَهُوَ فِي أَصْله مُبَاح , لَكِنْ يَحْرُم عَلَى مَنْ أَنْشَأَهُ بَعْد سَمَاع النِّدَاء.
وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد أَيْضًا : قَدْ يُسْتَدَلّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ أَكْل هَذِهِ الْأُمُور مِنْ الْأَعْذَار الْمُرَخِّصَة فِي تَرْك حُضُور الْجَمَاعَة , وَقَدْ يُقَال : إِنَّ هَذَا الْكَلَام خَرَجَ مَخْرَج الزَّجْر عَنْهَا فَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنْ يَكُون عُذْرًا فِي تَرْكهَا إِلَّا أَنْ تَدْعُو إِلَى أَكْلهَا ضَرُورَة.
قَالَ : وَيَبْعُد هَذَا مِنْ وَجْه تَقْرِيبه إِلَى بَعْض أَصْحَابه , فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفِي الزَّجْر ا ه.
وَيُمْكِن حَمْله عَلَى حَالَتَيْنِ , وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ الزَّجْر وَقَعَ فِي حَقّ مَنْ أَرَادَ إِتْيَان الْمَسْجِد , وَالْإِذْن فِي التَّقْرِيب وَقَعَ فِي حَالَة لَمْ يَكُنْ فِيهَا ذَلِكَ , بَلْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِد النَّبَوِيّ إِذْ ذَاكَ بُنِيَ , فَقَدْ قَدَّمْت أَنَّ الزَّجْر مُتَأَخِّر عَنْ قِصَّة التَّقْرِيب بِسِتِّ سِنِينَ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَوَهَّمَ بَعْضهمْ أَنَّ أَكْل الثُّوم عُذْر فِي التَّخَلُّف عَنْ الْجَمَاعَة , وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَة لِآكِلِهِ عَلَى فِعْله إِذْ حُرِمَ فَضْل الْجَمَاعَة ا ه.
وَكَأَنَّهُ يَخُصّ الرُّخْصَة بِمَا لَا سَبَب لِلْمَرْءِ فِيهِ كَالْمَطَرِ مَثَلًا , لَكِنْ لَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُون أَكْلهَا حَرَامًا , وَلَا أَنَّ الْجَمَاعَة فَرْض عَيْن.
وَاسْتَدَلَّ الْمُهَلَّب بِقَوْلِهِ " فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي " عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَة أَفْضَل مِنْ الْآدَمِيِّينَ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ تَفْضِيل بَعْض الْأَفْرَاد عَلَى بَعْض تَفْضِيلُ الْجِنْس عَلَى الْجِنْس , وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ أَكْل ذَلِكَ حَرَامًا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لَا ؟ وَالرَّاجِح الْحِلّ لِعُمُومِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ " كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيث أَبِي أَيُّوب عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ.
وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ مَالِكٍ قَالَ : الْفُجْل إِنْ كَانَ يَظْهَر رِيحُهُ فَهُوَ كَالثُّومِ.
وَقَيَّدَهُ عِيَاضٌ بِالْجُشَاءِ.
قُلْتُ : وَفِي الطَّبَرَانِيِّ الصَّغِير مِنْ حَدِيث أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر التَّنْصِيص عَلَى ذِكْر الْفُجْل فِي الْحَدِيث , لَكِنْ فِي إِسْنَاده يَحْيَى بْن رَاشِد وَهُوَ ضَعِيف.
وَأَلْحَقَ بَعْضهمْ بِذَلِكَ مَنْ بِفِيهِ بَخْرٌ أَوْ بِهِ جُرْح لَهُ رَائِحَة.
وَزَادَ بَعْضهمْ فَأَلْحَقَ أَصْحَاب الصَّنَائِع كَالسَّمَّاكِ , وَالْعَاهَات كَالْمَجْذُومِ , وَمَنْ يُؤْذِي النَّاس بِلِسَانِهِ , وَأَشَارَ اِبْن دَقِيق الْعِيد إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلّه تَوَسُّع غَيْر مَرْضِيّ.
( فَائِدَة ) : حُكْم رَحْبَة الْمَسْجِد وَمَا قَرُبَ مِنْهَا حُكْمه , وَلِذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ رِيحهَا فِي الْمَسْجِد أَمَرَ بِإِخْرَاجِ مَنْ وُجِدَتْ مِنْهُ إِلَى الْبَقِيع كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِم عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
( تَنْبِيهٌ ) : وَقَعَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ " مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَة الْخَبِيثَة فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدنَا , ثَلَاثًا ".
وَبَوَّبَ عَلَيْهِ " تَوْقِيت النَّهْي عَنْ إِتْيَان الْجَمَاعَة لِآكِلِ الثُّوم " وَفِيهِ نَظَر , لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون قَوْلُهُ " ثَلَاثًا " يَتَعَلَّق بِالْقَوْلِ , أَيْ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا , بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِر , لِأَنَّ عِلَّة الْمَنْع وُجُود الرَّائِحَة وَهِيَ لَا تَسْتَمِرّ هَذِهِ الْمُدَّة.
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَا سَمِعْتَ نَبِيَّ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا أَوْ لَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا
عن الشعبي، قال: أخبرني من «مر مع النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمهم وصفوا عليه»، فقلت: يا أبا عمرو من حدثك، فقال ابن عباس
عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم»
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بت عند خالتي ميمونة ليلة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان في بعض الليل، «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتو...
عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه فقال: «قوموا فلأصلي بكم»، فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: أقبلت راكبا على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، «ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير...
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشاء حتى ناداه عمر: قد نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقا...
ابن عباس رضي الله عنهما، قال له رجل: شهدت الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته - يعني من صغره - «أتى العلم الذي...
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتمة، حتى ناداه عمر: نام النساء والصبيان، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما ي...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد، فأذنوا لهن» تابعه شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن اب...