876- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا، والنصارى بعد غد»
أخرجه مسلم في الجمعة باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة رقم 855
(الآخرون) زمانا.
(السابقون) منزلة وفضلا.
(بيد) غير.
(يومهم) الذي فرض عليهم تعظيمه والاجتماع فيه.
(لنا فيه تبع) يأتون من ورائنا كالخدم
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ ) فِي رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَاد عِنْد مُسْلِم " نَحْنُ الْآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ " أَيْ الْآخِرُونَ زَمَانًا الْأَوَّلُونَ مَنْزِلَة , وَالْمُرَاد أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّة وَإِنْ تَأَخَّرَ وُجُودهَا فِي الدُّنْيَا عَنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة فَهِيَ سَابِقَة لَهُمْ فِي الْآخِرَة بِأَنَّهُمْ أَوَّل مَنْ يُحْشَر وَأَوَّل مَنْ يُحَاسَب وَأَوَّل مَنْ يُقْضَى بَيْنهمْ وَأَوَّل مَنْ يَدْخُل الْجَنَّة.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة عِنْد مُسْلِم " نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْل الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْم الْقِيَامَة الْمَقْضِيّ لَهُمْ قَبْل الْخَلَائِق ".
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالسَّبْقِ هُنَا إِحْرَاز فَضِيلَة الْيَوْم السَّابِق بِالْفَضْلِ , وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة , وَيَوْم الْجُمُعَة وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِسَبْتٍ قَبْله أَوْ أَحَدٍ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّر اِجْتِمَاع الْأَيَّام الثَّلَاثَة مُتَوَالِيَة إِلَّا وَيَكُون يَوْم الْجُمُعَة سَابِقًا.
وَقِيلَ الْمُرَاد بِالسَّبْقِ أَيْ إِلَى الْقَبُول وَالطَّاعَة الَّتِي حُرِمَهَا أَهْل الْكِتَاب فَقَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا , وَالْأَوَّل أَقْوَى , قَوْلُهُ : ( بَيْد ) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة مِثْل غَيْر وَزْنًا وَمَعْنًى , وَبِهِ جَزَمَ الْخَلِيل وَالْكِسَائِيّ وَرَجَّحَهُ اِبْن سِيدَهْ , وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ عَنْ الرَّبِيع عَنْهُ أَنَّ مَعْنَى " بَيْد " مِنْ أَجْل , وَكَذَا ذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْمُزَنِيِّ عَنْ الشَّافِعِيّ.
وَقَدْ اِسْتَبْعَدَهُ عِيَاض وَلَا بُعْد فِيهِ , بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّا سَبَقْنَا بِالْفَضْلِ هُدِينَا لِلْجُمُعَةِ مَعَ تَأَخُّرنَا فِي الزَّمَان , بِسَبَبِ أَنَّهُمْ ضَلُّوا عَنْهَا مَعَ تَقَدُّمهمْ , وَيَشْهَد لَهُ مَا وَقَعَ فِي فَوَائِد اِبْن الْمُقْرِي مِنْ طَرِيق أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " نَحْنُ الْآخِرُونَ فِي الدُّنْيَا وَنَحْنُ السَّابِقُونَ أَوَّل مَنْ يَدْخُل الْجَنَّة لِأَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلنَا " وَفِي مُوَطَّأ سَعِيد بْن عُفَيْر عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَاد بِلَفْظِ " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَاب " وَقَالَ الدَّاوُدِيّ : هِيَ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ مَعَ , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : إِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى غَيْر فَنُصِبَ عَلَى الِاسْتِثْنَاء , وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى مَعَ فَنُصِبَ عَلَى الظَّرْف.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : هِيَ لِلِاسْتِثْنَاءِ , وَهُوَ مِنْ بَاب تَأْكِيد الْمَدْح بِمَا يُشْبِه الذَّمّ , وَالْمَعْنَى نَحْنُ السَّابِقُونَ لِلْفَضْلِ غَيْر أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلنَا , وَوَجْه التَّأْكِيد فِيهِ مَا أُدْمِجَ فِيهِ مِنْ مَعْنَى النَّسْخ , لِأَنَّ النَّاسِخ هُوَ السَّابِق فِي الْفَضْل وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُود , وَبِهَذَا التَّقْرِير يَظْهَر مَوْقِع قَوْلُهُ " نَحْنُ الْآخِرُونَ " مَعَ كَوْنه أَمْرًا وَاضِحًا.
قَوْلُهُ : ( أُوتُوا الْكِتَاب ) اللَّام لِلْجِنْسِ , وَالْمُرَاد التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَالضَّمِير فِي " أُوتِينَاهُ " لِلْقُرْآنِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد بِالْكِتَابِ التَّوْرَاة , وَفِيهِ نَظَر لِقَوْلِهِ " وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدهمْ " فَأَعَادَ الضَّمِير عَلَى الْكِتَاب , فَلَوْ كَانَ الْمُرَاد التَّوْرَاة لَمَا صَحَّ الْإِخْبَار , لِأَنَّا إِنَّمَا أُوتِينَا الْقُرْآن.
وَسَقَطَ مِنْ الْأَصْل قَوْلُهُ " وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدهمْ " وَهِيَ ثَابِتَة فِي رِوَايَة أَبِي زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ عَنْ أَبِي الْيَمَان شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ , أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَد الشَّامِيِّينَ عَنْهُ , وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَاد , وَسَيَأْتِي تَامًّا عِنْد الْمُصَنِّف بَعْد أَبْوَاب مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ هَذَا يَوْمهمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْحَمَوِيّ " الَّذِي فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمْ " وَالْمُرَاد بِالْيَوْمِ يَوْم الْجُمُعَة , وَالْمُرَاد بِالْيَوْمِ بِفَرْضِهِ فَرْض تَعْظِيمه , وَأُشِيرَ إِلَيْهِ بِهَذَا لِكَوْنِهِ ذُكِرَ فِي أَوَّل الْكَلَام كَمَا عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَمِنْ حَدِيث حُذَيْفَة قَالَا : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَضَلَّ اللَّه عَنْ الْجُمُعَة مَنْ كَانَ قَبْلنَا " الْحَدِيث.
قَالَ اِبْن بَطَّال : لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ يَوْم الْجُمُعَة فَرْض عَلَيْهِمْ بِعَيْنِهِ فَتَرَكُوهُ , لِأَنَّهُ لَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُك مَا فَرَضَ اللَّه عَلَيْهِ وَهُوَ مُؤْمِن , وَإِنَّمَا يَدُلّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ فُرِضَ عَلَيْهِمْ يَوْم مِنْ الْجُمُعَة وُكِّلَ إِلَى اِخْتِيَارهمْ لِيُقِيمُوا فِيهِ شَرِيعَتهمْ , فَاخْتَلَفُوا فِي أَيّ الْأَيَّام هُوَ وَلَمْ يَهْتَدُوا لِيَوْمِ الْجُمُعَة , وَمَالَ عِيَاض إِلَى هَذَا وَرَشَّحَهُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ بِعَيْنِهِ لَقِيلَ فَخَالَفُوا بَدَل فَاخْتَلَفُوا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : يُمْكِن أَنْ يَكُونُوا أُمِرُوا بِهِ صَرِيحًا فَاخْتَلَفُوا هَلْ يَلْزَم تَعَيُّنه أَمْ يَسُوغ إِبْدَاله بِيَوْمٍ آخَر فَاجْتَهَدُوا فِي ذَلِكَ فَأَخْطَئُوا.
اِنْتَهَى.
وَيَشْهَد لَهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْلُهُ تَعَالَى ( إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ ) قَالَ : أَرَادُوا الْجُمُعَة فَأَخْطَئُوا وَأَخَذُوا السَّبْت مَكَانه.
وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِالِاخْتِلَافِ اِخْتِلَاف الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي ذَلِكَ , وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق أَسْبَاط بْن نَصْر عَنْ السُّدِّيّ التَّصْرِيح بِأَنَّهُمْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ يَوْم الْجُمُعَة بِعَيْنِهِ فَأَبَوْا , وَلَفْظه " إِنَّ اللَّه فَرَضَ عَلَى الْيَهُود الْجُمُعَة فَأَبَوْا وَقَالُوا : يَا مُوسَى إِنَّ اللَّه لَمْ يَخْلُق يَوْم السَّبْت شَيْئًا فَاجْعَلْهُ لَنَا , فَجُعِلَ عَلَيْهِمْ " وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَجِيبٍ مِنْ مُخَالَفَتهمْ كَمَا وَقَعَ لَهُمْ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى ( اُدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ ) وَغَيْر ذَلِكَ , وَكَيْف لَا وَهُمْ الْقَائِلُونَ ( سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ).
قَوْلُهُ : ( فَهَدَانَا اللَّه لَهُ ) يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِأَنْ نَصَّ لَنَا عَلَيْهِ , وَأَنْ يُرَاد الْهِدَايَة إِلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ , وَيَشْهَد لِلثَّانِي مَا رَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِبنَ قَالَ " جَمَعَ أَهْل الْمَدِينَة قَبْل أَنْ يَقْدَمهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْل أَنْ تَنْزِل الْجُمُعَة , فَقَالَتْ الْأَنْصَار : إِنَّ لِلْيَهُودِ يَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلّ سَبْعَة أَيَّام , وَلِلنَّصَارَى كَذَلِكَ , فَهَلُمَّ فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نَجْتَمِع فِيهِ فَنَذْكُر اللَّه تَعَالَى وَنُصَلِّي وَنَشْكُرهُ.
فَجَعَلُوهُ يَوْم الْعَرُوبَة , وَاجْتَمَعُوا إِلَى أَسْعَد بْن زُرَارَةَ فَصَلَّى بِهِمْ يَوْمَئِذٍ , وَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى بَعْد ذَلِكَ ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) الْآيَة , وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَلَهُ شَاهِد بِإِسْنَادٍ حَسَن أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَغَيْر وَاحِد مِنْ حَدِيث كَعْب بْن مَالِك قَالَ " كَانَ أَوَّل مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَة قَبْل مَقْدَم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة أَسْعَد بْن زُرَارَةَ " الْحَدِيث.
فَمُرْسَل اِبْن سِيرِينَ يَدُلّ عَلَى أَنَّ أُولَئِكَ الصَّحَابَة اِخْتَارُوا يَوْم الْجُمُعَة بِالِاجْتِهَادِ , وَلَا يَمْنَع ذَلِكَ أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَهُ بِالْوَحْيِ وَهُوَ بِمَكَّة فَلَمْ يَتَمَكَّن مِنْ إِقَامَتهَا , ثُمَّ فَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيث عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ , وَلِذَلِكَ جَمَعَ بِهِمْ أَوَّل مَا قَدِمَ الْمَدِينَة كَمَا حَكَاهُ اِبْن إِسْحَاق وَغَيْره , وَعَلَى هَذَا فَقَدْ حَصَلَتْ الْهِدَايَة لِلْجُمُعَةِ بِجِهَتَيْ الْبَيَان وَالتَّوْفِيق.
وَقِيلَ فِي الْحِكْمَة فِي اِخْتِيَارهمْ الْجُمُعَة وُقُوع خَلْق آدَم فِيهِ , وَالْإِنْسَان إِنَّمَا خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ فَنَاسَبَ أَنْ يَشْتَغِل بِالْعِبَادَةِ فِيهِ , وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَكْمَلَ فِيهِ الْمَوْجُودَات وَأَوْجَدَ فِيهِ الْإِنْسَان الَّذِي يَنْتَفِع بِهَا فَنَاسَبَ أَنْ يَشْكُر عَلَى ذَلِكَ بِالْعِبَادَةِ فِيهِ.
قَوْلُهُ : ( الْيَهُود غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْد غَد ) فِي رِوَايَة أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ " فَهُوَ لَنَا , وَلِلْيَهُودِ يَوْم السَّبْت وَالنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَنَا بِهِدَايَةِ اللَّه تَعَالَى وَلَهُمْ بِاعْتِبَارِ اِخْتِيَارهمْ وَخَطَئِهِمْ فِي اِجْتِهَادهمْ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : غَدًا هُنَا مَنْصُوب عَلَى الظَّرْف , وَهُوَ مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ وَتَقْدِيره الْيَهُود يُعَظِّمُونَ غَدًا , وَكَذَا قَوْلُهُ " بَعْد غَد " وَلَا بُدّ مِنْ هَذَا التَّقْدِير لِأَنَّ ظَرْف الزَّمَان لَا يَكُون خَبَرًا عَنْ الْجُثَّة.
اِنْتَهَى.
وَقَالَ اِبْن مَالِك : الْأَصْل أَنْ يَكُون الْمُخْبَر عَنْهُ بِظَرْفِ الزَّمَان مِنْ أَسْمَاء الْمَعَانِي كَقَوْلِك غَدًا لِلتَّأَهُّبِ وَبَعْد غَد لِلرَّحِيلِ فَيُقَدَّر هُنَا مُضَافَانِ يَكُون ظَرْفَا الزَّمَان خَبَرَيْنِ عَنْهُمَا , أَيْ تَعْيِيد الْيَهُود غَدًا وَتَعْيِيد النَّصَارَى بَعْد غَد ا ه.
وَسَبَقَهُ إِلَى نَحْو ذَلِكَ عِيَاض , وَهُوَ أَوْجَه مِنْ كَلَام الْقُرْطُبِيّ.
وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى فَرْضِيَّة الْجُمُعَة كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ , لِقَوْلِهِ " فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَهَدَانَا اللَّه لَهُ " فَإِنَّ التَّقْدِير فُرِضَ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْنَا فَضَلُّوا وَهُدِينَا , وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة سُفْيَان عَنْ أَبِي الزِّنَاد عِنْد مُسْلِم بِلَفْظِ " كُتِبَ عَلَيْنَا ".
وَفِيهِ أَنَّ الْهِدَايَة وَالْإِضْلَال مِنْ اللَّه تَعَالَى كَمَا هُوَ قَوْل أَهْل السُّنَّة , وَأَنَّ سَلَامَة الْإِجْمَاع مِنْ الْخَطَأ مَخْصُوص بِهَذِهِ الْأُمَّة , وَأَنَّ اِسْتِنْبَاط مَعْنًى مِنْ الْأَصْل يَعُود عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ بَاطِلٌ , وَأَنَّ الْقِيَاس مَعَ وُجُود النَّصّ فَاسِد , وَأَنَّ الِاجْتِهَاد فِي زَمَن نُزُول الْوَحْي جَائِز , وَأَنَّ الْجُمُعَة أَوَّل الْأُسْبُوع شَرْعًا , وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ تَسْمِيَة الْأُسْبُوع كُلّه جُمُعَة وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْأُسْبُوع سَبْتًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاء فِي حَدِيث أَنَس , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ لِلْيَهُودِ فَتَبِعُوهُمْ فِي ذَلِكَ , وَفِيهِ بَيَان وَاضِح لِمَزِيدِ فَضْل هَذِهِ الْأُمَّة عَلَى الْأُمَم السَّابِقَة زَادَهَا اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الْأَعْرَجَ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء أحدكم الجمعة، فليغتسل»
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب، بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فن...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم»
عن عمرو بن سليم الأنصاري، قال: أشهد على أبي سعيد قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يم...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، ف...
عن أبي هريرة، أن عمر رضي الله عنه، بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لم تحتبسون عن الصلاة؟ فقال الرجل: ما هو إلا أ...
عن سلمان الفارسي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا...
عن الزهري، قال طاوس: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رءوسكم، وإن لم تكونوا جنبا وأصيبوا من الطيب» قا...
عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنه ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل يوم الجمعة»، فقلت لابن عباس: أيمس طيبا أو دهنا إن كان عند أهله؟ فق...