1040- عن أبي بكرة، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد، فدخلنا، فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموهما، فصلوا، وادعوا حتى يكشف ما بكم»
(فانكسفت الشمس) تغير ضوؤها ونقص.
(يجر رداءه) من العجلة.
(انجلت) صفت وعاد ضوؤها.
(رأيتموها) رأيتم تغيرها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا خَالِد ) هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الطَّحَّان , وَيُونُس هُوَ اِبْن عُبَيْد , وَالْإِسْنَاد كُلّه بَصْرِيُّونَ , وَتَرْجَمَة الْحَسَن عَنْ أَبِي بَكْرَة مُتَّصِلَة عِنْد الْبُخَارِيّ مُنْقَطِعَة عِنْد أَبِي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ , وَسَيَأْتِي التَّصْرِيح بِالْإِخْبَارِ فِيهِ بَعْد أَرْبَعَة أَبْوَاب وَهُوَ يُؤَيِّد صَنِيع الْبُخَارِيّ.
قَوْله : ( فَانْكَسَفَتْ ) يُقَال كَسَفَتْ الشَّمْس بِفَتْحِ الْكَاف وَانْكَسَفَتْ بِمَعْنًى , وَأَنْكَرَ الْقَزَّاز اِنْكَسَفَتْ وَكَذَا الْجَوْهَرِيّ حَيْثُ نَسَبَهُ لِلْعَامَّةِ وَالْحَدِيث يَرُدّ عَلَيْهِ , وَحُكِيَ كُسِفَتْ بِضَمِّ الْكَاف وَهُوَ نَادِر.
قَوْله : ( فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرّ رِدَاءَهُ ) زَادَ فِي اللِّبَاس مِنْ وَجْه آخَر عَنْ يُونُس " مُسْتَعْجِلًا " وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَة يَزِيد بْن زُرَيْع عَنْ يُونُس " مِنْ الْعَجَلَة " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث أَسْمَاء " كَسَفَتْ الشَّمْس عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَزِعَ فَأَخْطَأَ بِدِرْعٍ حَتَّى أَدْرَكَ بِرِدَائِهِ " يَعْنِي أَنَّهُ أَرَادَ لُبْس رِدَائِهِ فَلَبِسَ الدِّرْع مِنْ شُغْل خَاطِره بِذَلِكَ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ جَرّ الثَّوْب لَا يُذَمّ إِلَّا مِمَّنْ قَصَدَ بِهِ الْخُيَلَاء وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي مُوسَى بَيَان السَّبَب فِي الْفَزَع كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْله : ( فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ) زَادَ النَّسَائِيُّ " كَمَا تُصَلُّونَ " وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاة الْكُسُوف كَصَلَاةِ النَّافِلَة , وَحَمَلَهُ اِبْن حِبَّان وَالْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى كَمَا تُصَلُّونَ فِي الْكُسُوف , لِأَنَّ أَبَا بَكْرَة خَاطَبَ بِذَلِكَ أَهْل الْبَصْرَة , وَقَدْ كَانَ اِبْن عَبَّاس عَلَّمَهُمْ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلّ رَكْعَة رُكُوعَانِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ الشَّافِعِيّ وَابْن أَبِي شَيْبَة وَغَيْرهمَا , وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَة عَبْد الْوَارِث عَنْ يُونُس الْآتِيَة فِي أَوَاخِر الْكُسُوف أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم بْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم مِثْله وَقَالَ فِيهِ " إِنَّ فِي كُلّ رَكْعَة رُكُوعَيْنِ " فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اِتِّحَاد الْقِصَّة , وَظَهَرَ أَنَّ رِوَايَة أَبِي بَكْرَة مُطْلَقَة.
وَفِي رِوَايَة جَابِر زِيَادَة بَيَان فِي صِفَة الرُّكُوع , وَالْأَخْذ بِهَا أَوْلَى.
وَوَقَعَ فِي أَكْثَر الطُّرُق عَنْ عَائِشَة أَيْضًا أَنَّ فِي كُلّ رَكْعَة رُكُوعَيْنِ " وَعِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثهَا أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله : ( حَتَّى اِنْجَلَتْ ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إِطَالَة الصَّلَاة حَتَّى يَقَع الِانْجِلَاء , وَأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ " فَصَلُّوا وَادْعُوا " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاة قَبْل الِانْجِلَاء يَتَشَاغَل بِالدُّعَاءِ حَتَّى تَنْجَلِي , وَقَرَّرَهُ اِبْن دَقِيق الْعِيد بِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَايَة لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُون غَايَة لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى اِنْفِرَاده فَجَازَ أَنْ يَكُون الدُّعَاء مُمْتَدًّا إِلَى غَايَة الِانْجِلَاء بَعْد الصَّلَاة , فَيَصِير غَايَة لِلْمَجْمُوعِ , وَلَا يَلْزَم مِنْهُ تَطْوِيل الصَّلَاة وَلَا تَكْرِيرهَا.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيث النُّعْمَان بْن بَشِير قَالَ " كَسَفَتْ الشَّمْس عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَل عَنْهَا حَتَّى اِنْجَلَتْ " فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُون مَعْنَى قَوْله رَكْعَتَيْنِ أَيْ رُكُوعَيْنِ , وَقَدْ وَقَعَ التَّعْبِير عَنْ الرُّكُوع بِالرَّكْعَةِ فِي حَدِيث الْحَسَن " خَسَفَ الْقَمَر وَابْن عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلّ رَكْعَة رَكْعَتَانِ " الْحَدِيث أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيّ , وَأَنْ يَكُون السُّؤَال وَقَعَ بِالْإِشَارَةِ فَلَا يَلْزَم التَّكْرَار , وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ أَبِي قِلَابَةَ " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلَّمَا رَكَعَ رَكْعَة أَرْسَلَ رَجُلًا يَنْظُر هَلْ اِنْجَلَتْ " فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَال الْمَذْكُور , وَإِنْ ثَبَتَ تَعَدُّد الْقِصَّة زَالَ الْإِشْكَال أَصْلًا.
قَوْله : ( فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْس ) زَادَ فِي رِوَايَة اِبْن خُزَيْمَةَ " فَلَمَّا كَشَفَ عَنَّا خَطَبَنَا فَقَالَ " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الِانْجِلَاء لَا يُسْقِط الْخُطْبَة كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْله : ( لِمَوْتِ أَحَد ) فِي رِوَايَة عَبْد الْوَارِث الْآتِيَة بَيَان سَبَب هَذَا الْقَوْل وَلَفْظه " وَذَلِكَ أَنَّ اِبْنًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم مَاتَ فَقَالَ النَّاس فِي ذَلِكَ " وَفِي رِوَايَة مُبَارَك بْن فَضَالَة عِنْد اِبْن حِبَّان " فَقَالَ النَّاس : إِنَّمَا كَسَفَتْ الشَّمْس لِمَوْتِ إِبْرَاهِيم " , وَلِأَحْمَد وَالنَّسَائِيِّ وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان مِنْ رِوَايَة أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير قَالَ " اِنْكَسَفَتْ الشَّمْس عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرّ ثَوْبه حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد , فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى اِنْجَلَتْ , فَلَمَّا اِنْجَلَتْ قَالَ : إِنَّ النَّاس يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيم مِنْ الْعُظَمَاء , وَلَيْسَ كَذَلِكَ " الْحَدِيث.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث إِبْطَال مَا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ تَأْثِير الْكَوَاكِب فِي الْأَرْض , وَهُوَ نَحْو قَوْله فِي الْحَدِيث الْمَاضِي فِي الِاسْتِسْقَاء " يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا " قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْكُسُوف يُوجِب حُدُوث تَغَيُّر فِي الْأَرْض مِنْ مَوْت أَوْ ضَرَر , فَأَعْلَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اِعْتِقَاد بَاطِل , وَأَنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر خَلْقَانِ مُسَخَّرَانِ لِلَّهِ لَيْسَ لَهُمَا سُلْطَان فِي غَيْرهمَا وَلَا قُدْرَة عَلَى الدَّفْع عَنْ أَنْفُسهمَا.
وَفِيهِ مَا كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّفَقَة عَلَى أُمَّته وَشِدَّة الْخَوْف مِنْ رَبّه , وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيد بَيَان.
قَوْله : ( فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا ) فِي رِوَايَة كَرِيمَة " رَأَيْتُمُوهُمَا " بِالتَّثْنِيَةِ , وَسَيَأْتِي الْقَوْل فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ
عن أبي مسعود، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما، فقوموا، ف...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا...
عن المغيرة بن شعبة، قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله...
عن عائشة، أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقام، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركو...
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: «لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي إن الصلاة جامعة»
عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد، فصف الناس وراءه، فكبر فاقترأ رسول الله صلى...
عن عروة بن الزبير، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم خسفت الشمس، فقام، فكبر، فقرأ قراءة طويلة، ثم...
عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بها عباد...
عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن يهودية جاءت تسألها، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه...