1131- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوما، ويفطر يوما»
أخرجه مسلم في الصيام باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا رقم 1159
(أحب الصلاة) الصلاة المحبوبة من النوافل.
(أحب الصيام) الصيام المحبوب من التطوع
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَنَّ عَمْرو بْن أَوْس أَخْبَرَهُ ) أَيْ اِبْن أَبِي أَوْس الثَّقَفِيّ الطَّائِفِيّ وَهُوَ تَابِعِيّ كَبِير , وَوَهَمَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَة وَإِنَّمَا الصُّحْبَة لِأَبِيهِ.
قَوْله : ( أَحَبّ الصَّلَاة إِلَى اللَّه صَلَاة دَاوُدَ ) قَالَ الْمُهَلَّب : كَانَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام يُجِمّ نَفْسه بِنَوْمٍ أَوَّل اللَّيْل ثُمَّ يَقُوم فِي الْوَقْت الَّذِي يُنَادِي اللَّه فِيهِ : هَلْ مِنْ سَائِل فَأُعْطِيَهُ سُؤْله , ثُمَّ يَسْتَدِرْك بِالنَّوْمِ مَا يَسْتَرِيح بِهِ مِنْ نَصَب الْقِيَام فِي بَقِيَّة اللَّيْل , وَهَذَا هُوَ النَّوْم عِنْد السَّحَر كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّف وَإِنَّمَا صَارَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَة أَحَبّ مِنْ أَجْل الْأَخْذ بِالرِّفْقِ لِلنَّفْسِ الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا السَّآمَة , وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه لَا يَمَلّ حَتَّى تَمَلُّوا " وَاَللَّه أَحَبَّ أَنْ يُدِيم فَضْله وَيُوَالِي إِحْسَانه , وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَرْفَق لِأَنَّ النَّوْم بَعْد الْقِيَام يُرِيح الْبَدَن وَيُذْهِب ضَرَر السَّهَر وَدُبُول الْجِسْم بِخِلَافِ السَّهَر إِلَى الصَّبَاح.
وَفِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَة أَيْضًا اِسْتِقْبَال صَلَاة الصُّبْح وَأَذْكَار النَّهَار بِنَشَاطٍ وَإِقْبَال , وَأَنَّهُ أَقْرَب إِلَى عَدَم الرِّيَاء لِأَنَّ مَنْ نَامَ السُّدُس الْأَخِير أَصْبَحَ ظَاهِر اللَّوْن سَلِيم الْقُوَى فَهُوَ أَقْرَب إِلَى أَنْ يُخْفِي عَمَله الْمَاضِي عَلَى مَنْ يَرَاهُ , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْن دَقِيق الْعِيد , وَحُكِيَ عَنْ قَوْم أَنَّ مَعْنَى قَوْله " أَحَبّ الصَّلَاة " هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ حَاله مِثْل حَال الْمُخَاطَب بِذَلِكَ وَهُوَ مَنْ يَشُقّ عَلَيْهِ قِيَام أَكْثَر اللَّيْل , قَالَ : وَعُمْدَة هَذَا الْقَائِل اِقْتِضَاء الْقَاعِدَة زِيَادَة الْأَجْر بِسَبَبِ زِيَادَة الْعَمَل لِكَيْ يُعَارِضهُ هُنَا اِقْتِضَاء الْعَادَة وَالْجِبِلَّة التَّقْصِير فِي حُقُوق يُعَارِضهَا طُول الْقِيَام , وَمِقْدَار ذَلِكَ الْفَائِت مَعَ مِقْدَار الْحَاصِل مِنْ الْقِيَام غَيْر مَعْلُوم لَنَا.
فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْرِي الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره وَعُمُومه , وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَة وَالْمَفْسَدَة فَمِقْدَار تَأْثِير كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِي الْحَثّ أَوْ الْمَنْع غَيْر مُحَقَّق لَنَا , فَالطَّرِيق أَنَّنَا نُفَوِّض الْأَمْر إِلَى صَاحِب الشَّرْع , وَنَجْرِي عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قُوَّة الظَّاهِر هُنَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
( تَنْبِيه ) : قَالَ اِبْن التِّين : هَذَا الْمَذْكُور إِذَا أَجْرَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِره فَهُوَ فِي حَقّ الْأُمَّة , وَأَمَّا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى بِقِيَامِ أَكْثَر اللَّيْل فَقَالَ ( يَا أَيّهَا الْمُزَّمِّل قُمْ اللَّيْل إِلَّا قَلِيلًا ) اِنْتَهَى , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ هَذَا الْأَمْر قَدْ نُسِخَ كَمَا سَيَأْتِي , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس " فَلَمَّا كَانَ نِصْف اللَّيْل أَوْ قَبْله بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْده بِقَلِيلٍ " وَهُوَ نَحْو الْمَذْكُور هُنَا.
نَعَمْ سَيَأْتِي بَعْد ثَلَاثَة أَبْوَاب أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُجْرِي الْأَمْر فِي ذَلِكَ عَلَى وَتِيرَة وَاحِدَة.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( وَأَحَبّ الصِّيَام إِلَى اللَّه صِيَام دَاوُدَ ) يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاة , وَسَتَأْتِي بَقِيَّة مَبَاحِثه فِي كِتَاب الصِّيَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( كَانَ يَنَام نِصْف اللَّيْل إِلَخْ ) فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عِنْد مُسْلِم , " كَانَ يَرْقُد شَطْر اللَّيْل , ثُمَّ يَقُوم ثُلُث اللَّيْل بَعْد شَطْره " قَالَ اِبْن جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَمْرِو بْن دِينَار عَمْرو بْن أَوْس هُوَ الَّذِي يَقُول يَقُوم ثُلُث اللَّيْل ؟ قَالَ : نَعَمْ اِنْتَهَى.
وَظَاهِره أَنَّ تَقْدِير الْقِيَام بِالثُّلُثِ مِنْ تَفْسِير الرَّاوِي فَيَكُون فِي الرِّوَايَة الْأُولَى إِدْرَاج , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون قَوْله " عَمْرو بْن أَوْس ذَكَرَهُ " أَيْ بِسَنَدِهِ فَلَا يَكُون مُدْرَجًا.
وَفِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ مِنْ الْفَائِدَة تَرْتِيب ذَلِكَ بِثُمَّ , فَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ أَجَازَ فِي حَدِيث الْبَاب أَنْ تَحْصُل السُّنَّة بِنَوْمِ السُّدُس الْأَوَّل مَثَلًا وَقِيَام الثُّلُث وَنَوْم النِّصْف الْأَخِير , وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَاو لَا تُرَتِّب.
( تَنْبِيه ) : قَالَ اِبْن رَشِيد : الظَّاهِر مِنْ سِيَاق حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو مُطَابَقَة مَا تَرْجَمَ لَهُ , إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِيهِ , فَبَيَّنَهُ بِالْحَدِيثِ الثَّالِث وَهُوَ قَوْل عَائِشَة " مَا أَلْفَاهُ السَّحَر عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا ".
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا
عن أشعث، سمعت أبي، قال: سمعت مسروقا، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، أي العمل كان أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «الدائم»، قلت: متى كان يقوم؟...
عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما ألفاه السحر عندي إلا نائما» تعني النبي صلى الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت رضي الله عنه تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إل...
عن عبد الله رضي الله عنه، قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء»، قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النبي...
عن حذيفة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه بالسواك»
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: إن رجلا قال: يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ قال: «مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح، فأوتر بواحدة»
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة» يعني بالليل
عن مسروق، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت: «سبع، وتسع، وإحدى عشرة، سوى ركعتي الفجر»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر، وركعتا الفجر»