1253- عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، فقال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنني»، فلما فرغنا آذناه ، فأعطانا حقوه، فقال: «أشعرنها إياه» تعني إزاره
أخرجه مسلم في الجنائز باب في غسل الميت رقم 939
(ابنته) زينب زوج أبي العاص بن الربيع رضي الله عنهما.
(سدر) ورق الشجر السدر يطحن ويستعمل في التنظيف.
(كافورا) كم النخل وهو زهره.
(فآذنني) فأعلمني.
(حقوه) إزاره والحقو في الأصل معقد الإزار فأطلق على ما يشد عليه.
(أشعرنها) من الإشعار وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان ويسمى شعارا لأنه يلامس شعر الجسد
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَنْ أَيُّوب عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ ) فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوب سَمِعْت اِبْن سِيرِينَ , وَسَيَأْتِي فِي " بَاب كَيْفَ الْإِشْعَار " وَقَدْ رَوَاهُ أَيُّوب أَيْضًا عَنْ حَفْصَة بِنْت سِيرِينَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْد أَبْوَاب , وَمَدَار حَدِيث أُمّ عَطِيَّة عَلَى مُحَمَّد وَحَفْصَة اِبْنَيْ سِيرِينَ , وَحَفِظَتْ مِنْهُ حَفْصَة مَا لَمْ يَحْفَظهُ مُحَمَّد كَمَا سَيَأْتِي مُبَيَّنًا.
قَالَ اِبْن الْمُنْذِر لَيْسَ فِي أَحَادِيث الْغُسْل لِلْمَيِّتِ أَعْلَى مِنْ حَدِيث أُمّ عَطِيَّة وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْأَئِمَّة.
قَوْله : ( عَنْ أُمّ عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة ) فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ الْمَذْكُورَة " جَاءَتْ أُمّ عَطِيَّة اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَتْ الْبَصْرَة تُبَادِر اِبْنًا لَهَا فَلَمْ تُدْرِكهُ " وَهَذَا الِابْن مَا عَرَفْت اِسْمه وَكَأَنَّهُ كَانَ غَازِيًا , فَقَدِمَ الْبَصْرَة فَبَلَعَ أُمّ عَطِيَّة وَهِيَ بِالْمَدِينَةِ قُدُومه وَهُوَ مَرِيض فَرَحَلَتْ إِلَيْهِ فَمَاتَ قَبْل أَنْ تَلْقَاهُ وَسَيَأْتِي فِي الْإِحْدَاد مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ قُدُومهَا كَانَ بَعْد مَوْته بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَة أَنَّ اِسْمهَا نُسَيْبَة بِنُونٍ وَمُهْمَلَة وَمُوَحَّدَة.
وَالْمَشْهُور فِيهَا التَّصْغِير.
وَقِيلَ بِفَتْحِ أَوَّله وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ عَنْ السَّرَخْسِيّ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْأَصِيلِيّ عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين وَطَاهِر بْن عَبْد الْعَزِيز فِي السِّيرَة الْهِشَامِيَّة.
قَوْله : ( حِين تُوُفِّيَتْ اِبْنَته ) فِي رِوَايَة الثَّقَفِيّ عَنْ أَيُّوب وَهِيَ الَّتِي تَلِي هَذِهِ وَكَذَا فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ " دَخَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُغَسِّل بِنْته " وَيُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ دَخَلَ حِين شَرَعَ النِّسْوَة فِي الْغُسْل , وَعِنْد النَّسَائِيِّ أَنَّ مَجِيئَهُنَّ إِلَيْهَا كَانَ بِأَمْرِهِ , وَلَفْظه مِنْ رِوَايَة هِشَام بْن حَسَّان عَنْ حَفْصَة " مَاتَتْ إِحْدَى بَنَات رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ اِغْسِلْنَهَا ".
قَوْله : ( اِبْنَته ) لَمْ تَقَع فِي شَيْء مِنْ رِوَايَة الْبُخَارِيّ مُسَمَّاة , وَالْمَشْهُور أَنَّهَا زَيْنَب زَوْج أَبِي الْعَاصِ بْن الرَّبِيع وَالِدَة أُمَامَةَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرهَا فِي الصَّلَاة , وَهِيَ أَكْبَر بَنَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتْ وَفَاتهَا فِيمَا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ فِي الذَّيْل فِي أَوَّل سَنَة ثَمَان , وَقَدْ وَرَدَتْ مُسَمَّاة فِي هَذَا عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ حَفْصَة عَنْ أُمّ عَطِيَّة قَالَتْ " لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُول اللَّه : اِغْسِلْنَهَا " فَذَكَرَ الْحَدِيث , وَلَمْ أَرَهَا فِي شَيْء مِنْ الطُّرُق عَنْ حَفْصَة وَلَا عَنْ مُحَمَّد مُسَمَّاة إِلَّا فِي رِوَايَة عَاصِم هَذِهِ , وَقَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ فَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيّ الشَّارِح أَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ الْبِنْت الْمَذْكُورَة أُمّ كُلْثُوم زَوْج عُثْمَان وَلَمْ يَذْكُر مُسْتَنَده , وَتَعَقَّبَهُ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ أُمّ كُلْثُوم تُوُفِّيَتْ وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدهَا , وَهُوَ غَلَط مِنْهُ فَإِنَّ الَّتِي تُوُفِّيَتْ حِينَئِذٍ رُقَيَّة , وَعَزَاهُ النَّوَوِيّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ لِبَعْضِ أَهْل السِّيَر , وَهُوَ قُصُور شَدِيد فَقَدْ أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَنْ أَيُّوب وَلَفْظه " دَخَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُغَسِّل اِبْنَته أُمّ كُلْثُوم " وَهَذَا الْإِسْنَاد عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ , وَفِيهِ نَظَر سَيَأْتِي فِي " بَاب كَيْفَ الْإِشْعَار " وَكَذَا وَقَعَ فِي " الْمُبْهَمَات " لِابْنِ بَشْكُوَال مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ أُمّ عَطِيَّة قَالَتْ " كُنْت فِيمَنْ غَسَّلَ أُمّ كُلْثُوم " الْحَدِيث , وَقَرَأْت بِخَطِّ مُغَلْطَايْ : زَعَمَ التِّرْمِذِيّ أَنَّهَا أُمّ كُلْثُوم وَفِيهِ نَظَر.
كَذَا قَالَ , وَلَمْ أَرَ فِي التِّرْمِذِيّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ رَوَى الدُّولَابَيَّ فِي الذُّرِّيَّة الطَّاهِرَة مِنْ طَرِيق أَبِي الرِّجَال عَنْ عَمْرَة أَنَّ أُمّ عَطِيَّة كَانَتْ مِمَّنْ غَسَّلَ أُمّ كُلْثُوم اِبْنَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيث فَيُمْكِن دَعْوَى تَرْجِيح ذَلِكَ لِمَجِيئِهِ مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ تَكُون حَضَرَتْهُمَا جَمِيعًا , فَقَدْ جَزَمَ اِبْن عَبْد الْبَرّ رَحِمَهُ اللَّه فِي تَرْجَمَتهَا بِأَنَّهَا كَانَتْ غَاسِلَة الْمَيِّتَات , وَوَقَعَ لِي مِنْ تَسْمِيَة النِّسْوَة اللَّاتِي حَضَرْنَ مَعَهَا ثَلَاث غَيْرهَا , فَفِي الذُّرِّيَّة الطَّاهِرَة أَيْضًا مِنْ طَرِيق أَسْمَاء بِنْت عُمَيْس أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ غَسَّلَهَا قَالَتْ : وَمَعَنَا صَفِيَّة بِنْت عَبْد الْمُطَّلِب.
وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث لَيْلَى بِنْت قَانِف بِقَافٍ وَنُون وَفَاء الثَّقَفِيَّة قَالَتْ : كُنْت فِيمَنْ غَسَّلَهَا.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث أُمّ سُلَيْمٍ شَيْئًا يُومِئ إِلَى أَنَّهَا حَضَرَتْ ذَلِكَ أَيْضًا , وَسَيَأْتِي بَعْد خَمْسَة أَبْوَاب قَوْل اِبْن سِيرِينَ : وَلَا أَدْرِي أَيّ بَنَاته.
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ تَسْمِيَتهَا فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ وَغَيْره مِمَّنْ دُون اِبْن سِيرِينَ وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( اِغْسِلْنَهَا ) قَالَ اِبْن بَزِيزَة : اِسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوب غُسْل الْمَيِّت , وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ قَوْله فِيمَا بَعْد " إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ " هَلْ يَرْجِع إِلَى الْغُسْل أَوْ الْعَدَد , وَالثَّانِي أَرْجَح , فَثَبَتَ الْمُدَّعَى.
قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : لَكِنْ قَوْله ثَلَاثًا لَيْسَ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمَشْهُور مِنْ مَذَاهِب الْعُلَمَاء , فَيَتَوَقَّف الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى تَجْوِيز إِرَادَة الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِد لِأَنَّ قَوْله " ثَلَاثًا " غَيْر مُسْتَقِلّ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدّ أَنْ يَكُون دَاخِلًا تَحْت صِيغَة الْأَمْر فَيُرَاد بِلَفْظِ الْأَمْر الْوُجُوب بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَصْل الْغُسْل , وَالنَّدْب بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِيتَار اِنْتَهَى.
وَقَوَاعِد الشَّافِعِيَّة لَا تَأْبَى ذَلِكَ.
وَمِنْ ثَمَّ ذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ وَأَهْل الظَّاهِر وَالْمُزَنِيّ إِلَى إِيجَاب الثَّلَاث وَقَالُوا : إِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْء بَعْد ذَلِكَ يُغْسَل مَوْضِعه وَلَا يُعَاد غُسْل الْمَيِّت , وَهُوَ مُخَالِف لِظَاهِرِ الْحَدِيث.
وَجَاءَ عَنْ الْحَسَن مِثْله أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ هِشَام بْن حَسَّان عَنْ اِبْن سِيرِينَ قَالَ " يُغَسَّل ثَلَاثًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْء بَعْد فَخَمْسًا , فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْء غُسِّلَ سَبْعًا " قَالَ هِشَام وَقَالَ الْحَسَن " يُغَسَّل ثَلَاثًا , فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْء غُسِلَ مَا خَرَجَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاث ".
قَوْله : ( ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا ) فِي رِوَايَة هِشَام بْن حَسَّان عَنْ حَفْصَة " اِغْسِلْنَهَا وِتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا " وَ " أَوْ " هُنَا لِلتَّرْتِيبِ لَا لِلتَّخْيِيرِ , قَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد اِغْسِلْنَهَا وِتْرًا وَلْيَكُنْ ثَلَاثًا فَإِنْ اِحْتَجْنَ إِلَى زِيَادَة فَخَمْسًا , وَحَاصِله أَنَّ الْإِيتَار مَطْلُوب وَالثَّلَاث مُسْتَحَبَّة , فَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاء بِهَا لَمْ يُشْرَع مَا فَوْقهَا وَإِلَّا زِيدَ وِتْرًا حَتَّى يَحْصُل الْإِنْقَاء , وَالْوَاجِب مِنْ ذَلِكَ مَرَّة وَاحِدَة عَامَّة لِلْبَدَنِ اِنْتَهَى.
وَقَدْ سَبَقَ بَحْث اِبْن دَقِيق الْعِيد فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : فِي قَوْله " أَوْ خَمْسًا " إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمَشْرُوع هُوَ الْإِيتَار لِأَنَّهُ نَقَلَهُنَّ مِنْ الثَّلَاث إِلَى الْخَمْس وَسَكَتَ عَنْ الْأَرْبَع.
قَوْله : ( أَوْ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ ) بِكَسْرِ الْكَاف لِأَنَّهُ خِطَاب لِلْمُؤَنَّثِ , فِي رِوَايَة أَيُّوب عَنْ حَفْصَة كَمَا فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه " ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا " وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ الرِّوَايَات بَعْد قَوْله سَبْعًا التَّعْبِير بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا فِي رِوَايَة لِأَبِي دَاوُدَ , وَأَمَّا مَا سِوَاهَا فَإِمَّا " أَوْ سَبْعًا " وَإِمَّا " أَوْ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ " فَيَحْتَمِل تَفْسِير قَوْله أَوْ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ بِالسَّبْعِ , وَبِهِ قَالَ أَحْمَد , فَكَرِهَ الزِّيَادَة عَلَى السَّبْع.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا أَعْلَم أَحَدًا قَالَ بِمُجَاوَزَةِ السَّبْع , وَسَاقَ مِنْ طَرِيق قَتَادَة أَنَّ اِبْن سِيرِينَ كَانَ يَأْخُذ الْغُسْل عَنْ أُمّ عَطِيَّة ثَلَاثًا وَإِلَّا فَخَمْسًا وَإِلَّا فَأَكْثَر , قَالَ : فَرَأَيْنَا أَنَّ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ سَبْع.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ : الزِّيَادَة عَلَى السَّبْع سَرَف.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : بَلَغَنِي أَنَّ جَسَد الْمَيِّت يَسْتَرْخِي بِالْمَاءِ فَلَا أُحِبّ الزِّيَادَة عَلَى ذَلِكَ.
قَوْله : ( إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ ) مَعْنَاهُ التَّفْوِيض إِلَى اِجْتِهَادهنَّ بِحَسَبِ الْحَاجَة لَا التَّشَهِّي.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : إِنَّمَا فَوَّضَ الرَّأْي إِلَيْهِنَّ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُور وَهُوَ الْإِيتَار , وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ بَعْضهمْ قَالَ : يَحْتَمِل قَوْله " إِنْ رَأَيْتُنَّ " أَنْ يَرْجِع إِلَى الْأَعْدَاد الْمَذْكُورَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ إِنْ رَأَيْتُنَّ أَنْ تَفْعَلْنَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْإِنْقَاء يَكْفِي.
قَوْله.
( بِمَاءٍ وَسِدْر ) قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : هَذَا أَصْل فِي جَوَاز التَّطَهُّر بِالْمَاءِ الْمُضَاف إِذَا لَمْ يُسْلَب الْمَاء الْإِطْلَاق اِنْتَهَى.
وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى الصَّحِيح أَنَّ غُسْل الْمَيِّت لِلتَّطْهِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْله : ( وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَة كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُور ) هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي أَيْ اللَّفْظَتَيْنِ قَالَ : وَالْأَوَّل مَحْمُول عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ نَكِرَة فِي سِيَاق الْإِثْبَات فَيَصْدُق بِكُلِّ شَيْء مِنْهُ , وَجَزَمَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي تَلِي هَذِهِ بِالشِّقِّ الْأَوَّل , وَكَذَا فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ , وَظَاهِره جَعْل الْكَافُور فِي الْمَاء وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور , وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ : إِنَّمَا يُجْعَل فِي الْحَنُوط أَيْ بَعْد إِنْهَاء الْغُسْل وَالتَّجْفِيف , قِيلَ الْحِكْمَة فِي الْكَافُور مَعَ كَوْنه يُطَيِّب رَائِحَة الْمَوْضِع لِأَجْلِ مَنْ يَحْضُر مِنْ الْمَلَائِكَة وَغَيْرهمْ أَنَّ فِيهِ تَجْفِيفًا وَتَبْرِيدًا وَقُوَّة نُفُوذ وَخَاصِّيَّة فِي تَصْلِيب بَدَن الْمَيِّت وَطَرْد الْهَوَامّ عَنْهُ وَرَدْع مَا يَتَحَلَّل مِنْ الْفَضَلَات وَمَنْع إِسْرَاع الْفَسَاد إِلَيْهِ , وَهُوَ أَقْوَى الْأَرَايِيح الطَّيِّبَة فِي ذَلِكَ , وَهَذَا هُوَ السِّرّ فِي جَعْله فِي الْأَخِيرَة إِذْ لَوْ كَانَ فِي الْأُولَى مَثَلًا لَأَذْهَبَهُ الْمَاء , وَهَلْ يَقُوم الْمِسْك مَثَلًا مَقَام الْكَافُور ؟ إِنْ نُظِرَ إِلَى مُجَرَّد التَّطَيُّب فَنَعَمْ , وَإِلَّا فَلَا , وَقَدْ يُقَال إِذَا عُدِمَ الْكَافُور قَامَ غَيْره مَقَامه وَلَوْ بِخَاصِّيَّةٍ وَاحِدَة مَثَلًا.
قَوْله : ( فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي ) أَيْ أَعْلِمْنَنِي.
قَوْله.
( فَلَمَّا فَرَغْنَا ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الْخِطَاب مِنْ الْحَاضِر , وَلَلْأَصِيلِيّ " فَلَمَّا فَرَغْنَ " بِصِيغَةِ الْغَائِب.
قَوْله ( حَقْوه ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة - وَيَجُوز كَسْرهَا وَهِيَ لُغَة هُذَيْل - بَعْدهَا قَاف سَاكِنَة , وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْإِزَار كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي آخِر هَذِهِ الرِّوَايَة , وَالْحَقْو فِي الْأَصْل مَعْقِد الْإِزَار , وَأُطْلِقَ عَلَى الْإِزَار مَجَازًا , وَسَيَأْتِي بَعْد ثَلَاثَة أَبْوَاب مِنْ رِوَايَة اِبْن عَوْن عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ بِلَفْظِ " فَنَزَعَ مِنْ حَقْوِهِ إِزَاره " وَالْحَقْو فِي هَذَا عَلَى حَقِيقَته.
قَوْله : ( أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ ) أَيْ اِجْعَلْنَهُ شِعَارهَا أَيْ الثَّوْب الَّذِي يَلِي جَسَدهَا , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى صِفَته فِي بَاب مُفْرَد , قِيلَ الْحِكْمَة فِي تَأْخِير الْإِزَار مَعَهُ إِلَى أَنْ يَفْرُغْنَ مِنْ الْغُسْل وَلَمْ يُنَاوِلهُنَّ إِيَّاهُ أَوَّلًا لِيَكُونَ قَرِيب الْعَهْد مِنْ جَسَده الْكَرِيم حَتَّى لَا يَكُون بَيْن اِنْتِقَاله مِنْ جَسَده إِلَى جَسَدهَا فَاصِل , وَهُوَ أَصْل فِي التَّبَرُّك بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَفِيهِ جَوَاز تَكْفِين الْمَرْأَة فِي ثَوْب الرَّجُل , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي بَاب مُفْرَد.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ تَعْنِي إِزَارَهُ
عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته، فقال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك، بماء وسدر، واجع...
عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل ابنته: «ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها»
عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: لما غسلنا بنت النبي صلى الله عليه وسلم، قال لنا ونحن نغسلها: «ابدءوا بميامنها، ومواضع الوضوء منها»
عن أم عطية، قالت: توفيت بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لنا: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا أو أكثر من ذلك، إن رأيتن، فإذا فرغتن فآذنني»، فلما فرغنا آذناه...
عن أم عطية، قالت: توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا أو أكثر من ذلك، إن رأيتن بماء...
عن أم عطية رضي الله عنها: «أنهن جعلن رأس بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثة قرون نقضنه، ثم غسلنه، ثم جعلنه ثلاثة قرون»
عن ابن سيرين، يقول: جاءت أم عطية رضي الله عنها، امرأة من الأنصار من اللاتي بايعن النبي صلى الله عليه وسلم، قدمت البصرة تبادر ابنا لها، فلم تدركه، فحدث...
عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: «ضفرنا شعر بنت النبي صلى الله عليه وسلم» تعني ثلاثة قرون، وقال وكيع: قال سفيان: ناصيتها وقرنيها
عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اغسلنها بالسدر وترا ثلاثا، أو خمسا، أ...