1301- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: اشتكى ابن لأبي طلحة، قال: فمات، وأبو طلحة خارج، فلما رأت امرأته أنه قد مات هيأت شيئا، ونحته في جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة قال: كيف الغلام، قالت: قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة، قال: فبات، فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما» قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن
أخرجه مسلم فب فضائل الصحابة باب من فضائل أبي طلحة الأنصاري رقم 2144
(اشتكى) مرض.
(هيأت شيئا) أعدت طعاما أصلحته أو أصلحت حالها وتزينت تعرضا للجماع.
(نحته) جعلته في جانب البيت بحيث لا يرى لأول وهلة.
(هدأت نفسه) سكنت وأرادت بالموت وظن هو بالنوم لوجود العافية.
(صادقة) بالنسبة لما فهمه.
(اغتسل) أي من الجنابة وهو كناية عن أنه جامع أهله تلك الليلة.
(رجل) عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج.
(لهما) من ولدهما عبد الله الذي حملت به تللك الليلة ودعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة فيها.
(قرأ القرآن) حفظه وختمه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا بِشْر بْن الْحَكَم ) هُوَ النَّيْسَابُورِيّ , قَالَ أَبُو نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَج : يُقَال إِنَّ هَذَا الْحَدِيث مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيّ عَنْ بِشْر بْن الْحَكَم اِنْتَهَى , يَعْنِي مِنْ هَذَا الْوَجْه مِنْ حَدِيث سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ وَلَمْ يُخَرِّجهُ أَبُو نُعَيْم وَلَا الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق إِلَّا مِنْ جِهَة الْبُخَارِيّ , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة وَهُوَ أَخُو إِسْحَاق الْمَذْكُور عَنْ أَنَس , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مِنْ طَرِيق أَنَس بْن سِيرِينَ وَمُحَمَّد بْن سَعْد مِنْ طَرِيق حُمَيْدٍ الطَّوِيل كِلَاهُمَا عَنْ أَنَس , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَابْن سَعْد أَيْضًا وَابْن حِبَّان وَالطَّيَالِسِيّ مِنْ طُرُق عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس أَيْضًا , وَفِي رِوَايَة بَعْضهمْ مَا لَيْسَ فِي رِوَايَة بَعْض , وَسَأَذْكُرُ مَا فِي كُلّ مِنْ فَائِدَة زَائِدَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( اِشْتَكَى اِبْن لِأَبِي طَلْحَة ) أَيْ مَرِضَ , وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ صَدَرَتْ مِنْهُ شَكْوَى , لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْأَصْل أَنَّ الْمَرِيض يَحْصُل مِنْهُ ذَلِكَ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلّ مَرَض لِكُلِّ مَرِيض.
وَالِابْن الْمَذْكُور هُوَ أَبُو عُمَيْر الَّذِي كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمَازِحهُ وَيَقُول لَهُ " يَا أَبَا عُمَيْر , مَا فَعَلَ النُّغَيْر " كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَاب الْأَدَب , بَيَّنَ ذَلِكَ اِبْن حِبَّان فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق عُمَارَة بْن زَاذَانَ عَنْ ثَابِت , وَزَادَ مِنْ طَرِيق جَعْفَر بْن سُلَيْمَان عَنْ ثَابِت فِي أَوَّله قِصَّة تَزْوِيج أُمّ سُلَيْمٍ بِأَبِي طَلْحَة بِشَرْطِ أَنْ يُسْلِم وَقَالَ فِيهِ " فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا صَبِيحًا فَكَانَ أَبُو طَلْحَة يُحِبّهُ حُبًّا شَدِيدًا , فَعَاشَ حَتَّى تَحَرَّكَ فَمَرِضَ , فَحَزِنَ أَبُو طَلْحَة عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا حَتَّى تَضَعْضَعَ , وَأَبُو طَلْحَة يَغْدُو وَيَرُوح عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَرَاحَ رَوْحَة فَمَاتَ الصَّبِيّ " فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة تَسْمِيَة اِمْرَأَة أَبِي طَلْحَة , وَمَعْنَى قَوْله : " وَأَبُو طَلْحَة خَارِج " أَيْ خَارِج الْبَيْت عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَاخِر النَّهَار , وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " كَانَ لِأَبِي طَلْحَة وَلَد فَتُوُفِّيَ , فَأَرْسَلَتْ أُمّ سُلَيْمٍ أَنَسًا يَدْعُو أَبَا طَلْحَة , وَأَمَرَتْهُ أَنْ لَا يُخْبِرهُ بِوَفَاةِ اِبْنه , وَكَانَ أَبُو طَلْحَة صَائِمًا ".
قَوْله : ( هَيَّأَتْ شَيْئًا ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : أَيْ أَعَدَّتْ طَعَامًا لِأَبِي طَلْحَة وَأَصْلَحَتْهُ , وَقِيلَ هَيَّأَتْ حَالهَا وَتَزَيَّنَتْ.
قُلْت : بَلْ الصَّوَاب أَنَّ الْمُرَاد أَنَّهَا هَيَّأَتْ أَمْر الصَّبِيّ بِأَنْ غَسَّلَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُقه صَرِيحًا , فَفِي رِوَايَة أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ عَنْ مَشَايِخه عَنْ ثَابِت " فَهَيَّأَتْ الصَّبَى " , وَفِي رِوَايَة حُمَيْدٍ عِنْد اِبْن سَعْد " فَتُوُفِّيَ الْغُلَام فَهَيَّأَتْ أُمّ سُلَيْمٍ أَمْره " , وَفِي رِوَايَة عُمَارَة بْن زَاذَانَ عَنْ ثَابِت " فَهَلَكَ الصَّبِيّ فَقَامَتْ أُمّ سُلَيْمٍ فَغَسَّلَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ وَحَنَّطَتْهُ وَسَجَّتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا ".
قَوْله : ( وَنَحَّتْهُ فِي جَانِب الْبَيْت ) أَيْ جَعَلَتْهُ فِي جَانِب الْبَيْت , وَفِي رِوَايَة جَعْفَر عَنْ ثَابِت " فَجَعَلَتْهُ فِي مَخْدَعهَا ".
قَوْله : ( هَدَأَتْ ) بِالْهَمْزِ أَيْ سَكَنَتْ وَ ( نَفْسه ) بِسُكُونِ الْفَاء كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّفْس كَانَتْ قَلِقَة مُنْزَعِجَة بِعَارِضِ الْمَرَض فَسَكَنَتْ بِالْمَوْتِ , وَظَنَّ أَبُو طَلْحَة أَنَّ مُرَادهَا أَنَّهَا سَكَنَتْ بِالنَّوْمِ لِوُجُودِ الْعَافِيَة , وَفِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ " هَدَأَ نَفَسه " بِفَتْحِ الْفَاء أَيْ سَكَنَ , لِأَنَّ الْمَرِيض يَكُون نَفَسُه عَالِيًا فَإِذَا زَالَ مَرَضه سَكَنَ , وَكَذَا إِذَا مَاتَ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَنَس بْن سِيرِينَ " هُوَ أَسْكَن مَا كَانَ " , وَنَحْوه فِي رِوَايَة جَعْفَر عَنْ ثَابِت , وَفِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ ثَابِت " أَمْسَى هَادِئًا " وَفِي رِوَايَة حُمَيْدٍ " بِخَيْرِ مَا كَانَ " , وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَة.
قَوْله : ( وَأَرْجُو أَنْ يَكُون قَدْ اِسْتَرَاحَ ) لَمْ تَجْزِم بِذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْأَدَب , وَيَحْتَمِل أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ أَنَّ الطِّفْل لَا عَذَاب عَلَيْهِ فَفَوَّضَتْ الْأَمْر إِلَى اللَّه تَعَالَى , مَعَ وُجُود رَجَائِهَا بِأَنَّهُ اِسْتَرَاحَ مِنْ نَكَد الدُّنْيَا.
قَوْله : ( وَظَنَّ أَبُو طَلْحَة أَنَّهَا صَادِقَة ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامهَا , وَإِلَّا فَهِيَ صَادِقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَرَادَتْ.
قَوْله : ( فَبَاتَ ) أَيْ مَعَهَا ( فَلَمَّا أَصْبَحَ اِغْتَسَلَ ) فِيهِ كِنَايَة عَنْ الْجِمَاع , لِأَنَّ الْغُسْل إِنَّمَا يَكُون فِي الْغَالِب مِنْهُ , وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ فِي غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة : فَفِي رِوَايَة أَنَس بْن سِيرِينَ " فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاء فَتَعَشَّى , ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا " , وَفِي رِوَايَة عَبْد اللَّه " ثُمَّ تَعَرَّضَتْ لَهُ فَأَصَابَ مِنْهَا " , وَفِي رِوَايَة حَمَّاد عَنْ ثَابِت " ثُمَّ تَطَيَّبَتْ " , زَادَ جَعْفَر عَنْ ثَابِت " فَتَعَرَّضَتْ لَهُ حَتَّى وَقَعَ بِهَا " وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان عَنْ ثَابِت " ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَن مَا كَانَتْ تَصَنَّع قَبْل ذَلِكَ فَوَقَعَ بِهَا ".
قَوْله : ( فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُج أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ) زَادَ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة عَنْ ثَابِت عِنْد مُسْلِم " فَقَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَة , أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا أَهْل بَيْت عَارِيَة فَطَلَبُوا عَارِيَتهمْ أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ ؟ قَالَ : لَا.
قَالَتْ : فَاحْتَسِبْ اِبْنك.
فَغَضِبَ وَقَالَ تَرَكْتنِي حَتَّى تَلَطَّخْت , ثُمَّ أَخْبَرْتنِي بِابْنِي " , وَفِي رِوَايَة عَبْد اللَّه " فَقَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَة , أَرَأَيْت قَوْمًا أَعَارُوا مَتَاعًا ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فِيهِ فَأَخَذُوهُ فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي أَنْفُسهمْ " زَادَ حَمَّاد فِي رِوَايَته عَنْ ثَابِت " فَأَبَوْا أَنْ يَرُدُّوهَا , فَقَالَ أَبُو طَلْحه : لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ , إِنَّ الْعَارِيَة مُؤَدَّاة إِلَى أَهْلهَا.
ثُمَّ اِتَّفَقَا , فَقَالَتْ : إِنَّ اللَّه أَعَارَنَا فُلَانًا ثُمَّ أَخَذَهُ مِنَّا " زَادَ حَمَّاد " فَاسْتَرْجَعَ ".
قَوْله : ( لَعَلَّ اللَّه أَنْ يُبَارِك لَكُمَا فِي لَيْلَتكُمَا ) فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ " لَهُمَا فِي لَيْلَتهمَا " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَنَس بْن سِيرِينَ " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا " وَلَا تَعَارُض بَيْنهمَا فَيُجْمَع بِأَنَّهُ دَعَا بِذَلِكَ وَرَجَا إِجَابَة دُعَائِهِ , وَلَمْ تَخْتَلِف الرُّوَاة عَنْ ثَابِت وَكَذَا عَنْ حُمَيْدٍ فِي أَنَّهُ قَالَ " بَارَكَ اللَّه لَكُمَا فِي لَيْلَتكُمَا " وَعُرِفَ مِنْ رِوَايَة أَنَس بْن سِيرِينَ أَنَّ الْمُرَاد الدُّعَاء وَإِنْ كَانَ لَفْظه لَفْظ الْخَبَر.
وَفِي رِوَايَة أَنَس بْن سِيرِينَ مِنْ الزِّيَادَة " فَوَلَدَتْ غُلَامًا " وَفِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه " فَجَاءَتْ بِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة " وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى قِصَّة تَحْنِيكه وَغَيْر ذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف فِي الْعَقِيقَة.
قَوْله : ( قَالَ سُفْيَان ) هُوَ اِبْن عُيَيْنَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله : ( فَقَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار إِلَخْ ) هُوَ عَبَايَة بْن رِفَاعَة , لِمَا أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور وَمُسَدَّد وَابْن سَعْد وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِل " كُلّهمْ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن مَسْرُوق عَنْ عَبَايَة بْن رِفَاعَة قَالَ " كَانَتْ أُمّ أَنَس تَحْت أَبِي طَلْحَة " فَذَكَرَ الْقِصَّة شَبِيهَة بِسِيَاقِ ثَابِت عَنْ أَنَس , وَقَالَ فِي آخِره " فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا , قَالَ عَبَايَة : فَلَقَدْ رَأَيْت لِذَلِكَ الْغُلَام سَبْع بَنِينَ كُلّهمْ قَدْ خَتَمَ الْقُرْآن " وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ فِي رِوَايَة سُفْيَان تَجَوُّزًا فِي " قَوْله " لَهُمَا " لِأَنَّ ظَاهِره أَنَّهُ مِنْ وَلَدهمَا بِغَيْرِ وَاسِطَة , وَإِنَّمَا الْمُرَاد مِنْ أَوْلَاد وَلَدهمَا الْمَدْعُوّ لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَهُوَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سُفْيَان " تِسْعَة " وَفِي هَذِهِ " سَبْعَة " فَلَعَلَّ فِي أَحَدهمَا تَصْحِيفًا , أَوْ الْمُرَاد بِالسَّبْعَةِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآن كُلّه وَبِالتِّسْعَةِ مَنْ قَرَأَ مُعْظَمه , وَلَهُ مِنْ الْوَلَد فِيمَا ذَكَرَ اِبْن سَعْد وَغَيْره مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالْأَنْسَابِ إِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل وَعَبْد اللَّه وَيَعْقُوب وَعُمَر وَالْقَاسِم وَعُمَارَة وَإِبْرَاهِيم وَعُمَيْر وَزَيْد وَمُحَمَّد , وَأَرْبَع مِنْ الْبَنَات.
وَفِي قِصَّة أُمّ سُلَيْمٍ هَذِهِ مِنْ الْفَوَائِد أَيْضًا جَوَاز الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ وَتَرْك الرُّخْصَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا , وَالتَّسْلِيَة عَنْ الْمَصَائِب , وَتَزَيُّن الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا , وَتَعَرُّضهَا لِطَلَبِ الْجِمَاع مِنْهُ , وَاجْتِهَادهَا فِي عَمَل مَصَالِحه , وَمَشْرُوعِيَّة الْمَعَارِيض الْمُوهِمَة إِذَا دَعَتْ الضَّرُورَة إِلَيْهَا.
وَشَرْط جَوَازهَا أَنْ لَا تُبْطِل حَقًّا لِمُسْلِمٍ.
وَكَانَ الْحَامِل لِأُمِّ سُلَيْمٍ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَة فِي الصَّبْر وَالتَّسْلِيم لِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى وَرَجَاء إِخْلَافه عَلَيْهَا مَا فَاتَ مِنْهَا , إِذْ لَوْ أَعْلَمَتْ أَبَا طَلْحَة بِالْأَمْرِ فِي أَوَّل الْحَال تَنَكَّدَ عَلَيْهِ وَقْته وَلَمْ تَبْلُغ الْغَرَض الَّذِي أَرَادَتْهُ , فَلَمَّا عَلِمَ اللَّه صِدْق نِيَّتهَا بَلَّغَهَا مُنَاهَا وَأَصْلَحَ لَهَا ذُرِّيَّتهَا.
وَفِيهِ إِجَابَة دَعْوَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا عَوَّضَهُ اللَّه خَيْرًا مِنْهُ , وَبَيَان حَال أُمّ سُلَيْمٍ مِنْ التَّجَلُّد وَجَوْدَة الرَّأْي وَقُوَّة الْعَزْم , وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَاد وَالْمَغَازِي أَنَّهَا كَانَتْ تَشْهَد الْقِتَال وَتَقُوم بِخِدْمَةِ الْمُجَاهِدِينَ إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا اِنْفَرَدَتْ بِهِ عَنْ مُعْظَم النِّسْوَة , وَسَيَأْتِي شَرْح حَدِيث أَبِي عُمَيْر مَا فَعَلَ النُّغَيْر مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِر كِتَاب الْأَدَب , وَفِيهِ بَيَان مَا كَانَ سُمِّيَ بِهِ غَيْر الْكُنْيَة الَّتِي اِشْتَهَرَ بِهَا.
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الْغُلَامُ قَالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ قَالَ فَبَاتَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ
عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصبر عند الصدمة الأولى»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، وكان ظئرا لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله صلى الله علي...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد...
عن عائشة رضي الله عنها، تقول: لما جاء قتل زيد بن حارثة، وجعفر، وعبد الله بن رواحة جلس النبي صلى الله عليه وسلم يعرف فيه الحزن، وأنا أطلع من شق الباب،...
عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: «أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح»، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة: أم سليم، وأم العلاء، وابنة...
عن عامر بن ربيعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الجنازة، فقوموا حتى تخلفكم» قال سفيان: قال الزهري: أخبرني سالم، عن أبيه، قال: أخبرنا عام...
عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأى أحدكم جنازة، فإن لم يكن ماشيا معها، فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع من قبل...
عن سعيد المقبري، عن أبيه، قال: كنا في جنازة، فأخذ أبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد رضي الله عنه فأخذ بيد مروان، فقال:...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الجنازة، فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع»