1316- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها أين يذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق "
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَة ) يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِالْجِنَازَةِ نَفْس الْمَيِّت وَبِوَضْعِهِ جَعْله فِي السَّرِير , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد السَّرِير وَالْمُرَاد وَضَعْهَا عَلَى الْكَتِف , وَالْأَوَّل أَوْلَى لِقَوْلِهِ بَعْد ذَلِكَ " فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَة قَالَتْ " فَإِنَّ الْمُرَاد بِهِ الْمَيِّت.
وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن مِهْرَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة الْمَذْكُور بِلَفْظِ " إِذَا وُضِعَ الْمُؤْمِن عَلَى سَرِيره يَقُول قَدِّمُونِي " الْحَدِيث.
وَظَاهِره أَنَّ قَائِل ذَلِكَ هُوَ الْجَسَد الْمَحْمُول عَلَى الْأَعْنَاق.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال : إِنَّمَا يَقُول ذَلِكَ الرُّوح , وَرَدَّهُ اِبْن الْمُنِير بِأَنَّهُ لَا مَانِع أَنْ يَرُدّ اللَّه الرُّوح إِلَى الْجَسَد فِي تِلْكَ الْحَال لِيَكُونَ ذَلِكَ زِيَادَة فِي بُشْرَى الْمُؤْمِن وَبُؤْس الْكَافِر , وَكَذَا قَالَ غَيْره وَزَادَ : وَيَكُون ذَلِكَ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُول إِلَيْهِ الْحَال بَعْد إِدْخَال الْقَبْر وَسُؤَال الْمَلَكَيْنِ.
قُلْت : وَهُوَ بَعِيد وَلَا حَاجَة إِلَى دَعْوَى إِعَادَة الرُّوح إِلَى الْجَسَد قَبْل الدَّفْن لِأَنَّهُ يَحْتَاج إِلَى دَلِيل , فَمِنْ الْجَائِز أَنْ يُحْدِث اللَّه النُّطْق فِي الْمَيِّت إِذَا شَاءَ.
وَكَلَام اِبْن بَطَّال فِيمَا يَظْهَر لِي أَصْوَب.
وَقَالَ اِبْن بَزِيزَة.
قَوْله فِي آخِر الْحَدِيث " يَسْمَع صَوْتهَا كُلّ شَيْء " دَالّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِلِسَانِ الْمَقَال لَا بِلِسَانِ الْحَال.
قَوْله : ( وَإِنْ كَانَتْ غَيْر ذَلِكَ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " غَيْر صَالِحَة ".
قَوْله : ( قَالَتْ لِأَهْلِهَا ) قَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ لِأَجْلِ أَهْلهَا إِظْهَارًا لِوُقُوعِهِ فِي الْهَلَكَة , وَكُلّ مَنْ وَقَعَ فِي الْهَلَكَة دَعَا بِالْوَيْلِ.
وَمَعْنَى النِّدَاء يَا حُزْنِي.
وَأَضَافَ الْوَيْل إِلَى ضَمِير الْغَائِب حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى كَرَاهِيَة أَنْ يُضِيف الْوَيْل إِلَى نَفْسه , أَوْ كَأَنَّهُ لَمَّا أَبْصَرَ نَفْسه غَيْر صَالِحَة نَفَرَ عَنْهَا وَجَعَلَهَا كَأَنَّهَا غَيْره.
وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الْمَذْكُورَة " قَالَ يَا وَيْلَتَاهُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِي " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّف الرُّوَاة.
قَوْله : ( لَصَعِقَ ) أَيْ لَغُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّة مَا يَسْمَعهُ , وَرُبَّمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْت , وَالضَّمِير فِي يَسْمَعهُ رَاجِع إِلَى دُعَائِهِ بِالْوَيْلِ أَيْ يَصِيح بِصَوْتٍ مُنْكَر لَوْ سَمِعَهُ الْإِنْسَان لَغُشِيَ عَلَيْهِ قَالَ اِبْن بَزِيزَة : هُوَ مُخْتَصّ بِالْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ غَيْر صَالِح , وَأَمَّا الصَّالِح فَمِنْ شَأْنه اللُّطْف وَالرِّفْق فِي كَلَامه فَلَا يُنَاسِب الصَّعْق مِنْ سَمَاع كَلَامه اِنْتَهَى : وَيَحْتَمِل أَنْ يَحْصُل الصَّعْق مِنْ سَمَاع كَلَام الصَّالِح لِكَوْنِهِ غَيْر مَأْلُوف , وَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِم بْن مَنْدَهْ هَذَا الْحَدِيث فِي " كِتَاب الْأَهْوَال " بِلَفْظِ " لَوْ سَمِعَهُ الْإِنْسَان لَصَعِقَ مِنْ الْمُحْسِن وَالْمُسِيء " فَإِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهِ الْمَفْعُول دَلَّ عَلَى وُجُود الصَّعْق عِنْد سَمَاع كَلَام الصَّالِح أَيْضًا , وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ هَذَا مَعَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيث السُّؤَال فِي الْقَبْر فَيَضْرِبهُ ضَرْبَة فَيُصْعَق صَعْقَة يَسْمَعهُ كُلّ شَيْء إِلَّا الثَّقَلَيْنِ , وَالْجَامِع بَيْنهمَا الْمَيِّت وَالصَّعْق , وَالْأَوَّل اُسْتُثْنِيَ فِيهِ الْإِنْس فَقَطْ , وَالثَّانِي اُسْتُثْنِيَ فِيهِ الْجِنّ وَالْإِنْس.
وَالْجَوَاب أَنَّ كَلَام الْمَيِّت بِمَا ذُكِرَ لَا يَقْتَضِي وُجُود الصَّعْق - وَهُوَ الْفَزَع - إِلَّا مِنْ الْآدَمِيّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَأْلَف سَمَاع كَلَام الْمَيِّت , بِخِلَافِ الْجِنّ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا الصَّيْحَة الَّتِي يَصِيحهَا الْمَضْرُوب فَإِنَّهَا غَيْر مَأْلُوفَة لِلْإِنْسِ وَالْجِنّ جَمِيعًا , لِكَوْنِ سَبَبهَا عَذَاب اللَّه وَلَا شَيْء أَشَدّ مِنْهُ عَلَى كُلّ مُكَلَّف فَاشْتَرَكَ فِيهِ الْجِنّ وَالْإِنْس وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ كَلَام الْمَيِّت يَسْمَعهُ كُلّ حَيَوَان نَاطِق وَغَيْر نَاطِق , لَكِنْ قَالَ اِبْن بَطَّال : هُوَ عَامّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوص , وَإِنَّ الْمَعْنَى يَسْمَعهُ مَنْ لَهُ عَقْل كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنّ وَالْإِنْس , لِأَنَّ الْمُتَكَلِّم رُوح وَإِنَّمَا يَسْمَع الرُّوح مَنْ هُوَ رُوح مِثْله.
وَتُعُقِّبَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَة إِذْ لَا ضَرُورَة إِلَى التَّخْصِيص , بَلْ لَا يُسْتَثْنَى إِلَّا الْإِنْسَان كَمَا هُوَ ظَاهِر الْخَبَر , وَإِنَّمَا اُخْتُصَّ الْإِنْسَان بِذَلِكَ إِبْقَاء عَلَيْهِ , وَبِأَنَّهُ لَا مَانِع مِنْ إِنْطَاق اللَّه الْجَسَد بِغَيْرِ رُوح كَمَا تَقَدَّمَ.
وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لِأَهْلِهَا يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَ الْإِنْسَانُ لَصَعِقَ
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي، فكنت في الصف الثاني أو الثالث»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي، ثم تقدم، فصفوا خلفه، فكبر أربعا»
عن الشعبي، قال: أخبرني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم «أتى على قبر منبوذ، فصفهم، وكبر أربعا» قلت: من حدثك، قال: ابن عباس رضي الله عنهما
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم، فصلوا عليه»، قال: فصففنا، فصلى النبي ص...
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مر بقبر قد دفن ليلا، فقال: «متى دفن هذا؟» قالوا: البارحة، قال: «أفلا آذنتموني؟» قالوا: دف...
عن الشعبي، قال: أخبرني من مر مع نبيكم صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ «فأمنا، فصففنا خلفه»، فقلنا: يا أبا عمرو، من حدثك؟ قال: ابن عباس رضي الله عنهما
عن ابن عمر أن أبا هريرة رضي الله عنهم يقول: «من تبع جنازة فله قيراط» فقال: أكثر أبو هريرة علينا، 1324 - فصدقت يعني عائشة أبا هريرة، وقالت: سمعت رسول...
عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه ، أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، ح حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، قال: حدثني أ...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرا، فقالوا: هذا دفن - أو دفنت - البارحة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «فصفنا خلفه،...