1481- عن أبي حميد الساعدي، قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فلما جاء وادي القرى إذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «اخرصوا»، وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق، فقال لها: «أحصي ما يخرج منها» فلما أتينا تبوك قال: «أما إنها ستهب الليلة ريح شديدة، فلا يقومن أحد، ومن كان معه بعير فليعقله» فعقلناها، وهبت ريح شديدة، فقام رجل، فألقته بجبل طيء، وأهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم، بغلة بيضاء، وكساه بردا وكتب له ببحرهم، فلما أتى وادي القرى قال للمرأة: «كم جاء حديقتك» قالت: عشرة أوسق، خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني متعجل إلى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجل معي، فليتعجل» فلما قال ابن بكار كلمة معناها: أشرف على المدينة قال: «هذه طابة» فلما رأى أحدا قال: «هذا جبيل يحبنا ونحبه، ألا أخبركم بخير دور الأنصار» قالوا: بلى، قال: «دور بني النجار، ثم دور بني عبد الأشهل، ثم دور بني ساعدة - أو دور بني الحارث بن الخزرج - وفي كل دور الأنصار - يعني - خيرا» 1482 - وقال سليمان بن بلال: حدثني عمرو، «ثم دار بني الحارث، ثم بني ساعدة» وقال سليمان: عن سعد بن سعيد، عن عمارة بن غزية، عن عباس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحد جبل يحبنا ونحبه» قال أبو عبد الله: «كل بستان عليه حائط فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة»
أخرجه مسلم في الحج باب أحد جبل يحبنا ونحبه.
وفي الفضائل باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم رقم 1392
(وادي القرى) مدينة قديمة بين المدينة والشام.
(اخرصوا) قدروا.
(أوسق) جمع وسق وهو مكيال معين كان لديهم.
(أحصي) عدي واحفظي قدر ما يخرج منها.
(فليعقله) يشده بالعقال وهو الحبل.
(طيء) اسم قبيلة والجبل منسوب إليها.
(أيلة) بلدة على ساحل البحر بين مصر ومكة.
(بردا) ثوبا مخططا.
(كتب له ببحرهم) أقره النبي صلى الله عليه وسلم ملكا عليهم مقابل ما التزمه من الجزية.
(كم جاءت حديقتك) كم بلغ ثمرها.
(طابة) من أسماء المدينة ومعناه الطيبة.
(خرص رسول) حسب تقديره.
(جبيل) تصغير جبل.
(جبيل يحبنا.
.
) قيل هو مجاز والمراد أهل الجبل وهم الأنصار لأنه لهم ولا مانع من حمله على الحقيقة فيكون حب النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لما فيه من قبور الشهداء ولأنهم التجؤوا إليه يوم أحد وامتنعوا به من أذى المشركين وأما حبه لهم فالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك.
(خيرا) في نسخة (خير)
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى ) هُوَ الْمَازِنِيّ , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرو بْن يَحْيَى.
قَوْله : ( عَنْ عَبَّاس السَّاعِدِيّ ) هُوَ اِبْن سَهْل بْن سَعْد , وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ سَهْل بْن بَكَّارٍ شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ عَنْ الْعَبَّاس السَّاعِدِيّ يَعْنِي اِبْن سَهْل بْن مُسْعِد , وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وُهَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرو بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن سَهْل السَّاعِدِيّ.
قَوْله : ( غَزْوَة تَبُوكَ ) سَيَأْتِي شَرْحهَا فِي الْمَغَازِي.
قَوْله : ( فَلَمَّا جَاءَ وَادِي الْقُرَى ) هِيَ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي الْبُيُوعِ , وَأَغْرَب اِبْن قُرْقُولٍ فَقَالَ : إِنَّهَا مِنْ أَعْمَالِ الْمَدِينَةِ.
قَوْله : ( إِذَا اِمْرَأَة فِي حَدِيقَةٍ لَهَا ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الِابْتِدَاء بِالنَّكِرَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِفَادَةِ , قَالَ اِبْن مَالِك : لَا يَمْتَنِعُ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ الْمَحْضَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ , بَلْ إِذَا لَمْ تَحْصُلْ فَائِدَة , فَلَوْ اِقْتَرَنَ بِالنَّكِرَةِ الْمَحْضَةِ قَرِينَة يَتَحَصَّلُ بِهَا الْفَائِدَة جَازَ الِابْتِدَاء بِهَا نَحْو اِنْطَلَقْت فَإِذَا سَبْعٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَخْ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى عِنْدَ مُسْلِم " فَأَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَة اِمْرَأَة " وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اِسْمِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ.
قَوْله : ( اُخْرُصُوا ) بِضَمِّ الرَّاءِ , زَادَ سُلَيْمَان " فَخَرَصْنَا " وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَاءِ مَنْ خَرَصَ مِنْهُمْ.
قَوْله : ( وَخَرَصَ ) فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ " وَخَرَصَهَا ".
) قَوْله : ( أَحْصِي ) أَيْ : اِحْفَظِي عَدَد كَيْلهَا , وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ " أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْك إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " وَأَصْلُ الْإِحْصَاءِ الْعَدَد بِالْحَصَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَحْسُنُونَ الْكِتَابَة فَكَانُوا يَضْبُطُونَ الْعَدَدَ بِالْحَصَى.
قَوْله : ( سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ ) زَادَ سُلَيْمَان " عَلَيْكُمْ ".
قَوْله : ( فَلَا يَقُومَنَّ أَحَد ) فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ " فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَد مِنْكُمْ ".
قَوْله : ( فَلْيَعْقِلْهُ ) أَيْ : يَشُدُّهُ بِالْعِقَالِ وَهُوَ الْحَبْلُ , وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ " فَلْيَشُدَّ عِقَاله " وَفِي رِوَايَةِ اِبْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن حَزْم عَنْ عَبَّاس بْن سَهْل " وَلَا يَخْرُجَنَّ أَحَد مِنْكُمْ اللَّيْلَةَ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ ".
قَوْله : ( فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّئٍ ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيّ " بِجَبَلَيْ طَيٍّ " وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق عَفَّانَ عَنْ وُهَيْبٍ " وَلَمْ يَقُمْ فِيهَا أَحَد غَيْر رَجُلَيْنِ أَلْقَتْهُمَا بِجَبَل طَيّ " وَفِيهِ نَظَرٌ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ اِبْن إِسْحَاق وَلَفْظه " فَفَعَلَ النَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَة خَرَجَ أَحَدهمَا لِحَاجَتِهِ وَخَرَجَ آخَر فِي طَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ , فَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ , وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ فِي طَلَبِ بَعِيرِهِ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيح حَتَّى طَرَحَتْهُ بِجَبَل طَيّ , فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ.
ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبه فَشُفِيَ , وَأَمَّا الْآخَر فَإِنَّهُ وَصَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ " وَالْمُرَاد بِجَبَلَيْ طَيّ الْمَكَانُ الَّذِي كَانَتْ الْقَبِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ تَنْزِلُهُ , وَاسْم الْجَبَلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ " أَجَأُ " بِهَمْزَةٍ وَجِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ بَعْدَهُمَا هَمْزَة بِوَزْن قَمَر وَقَدْ لَا تُهْمَزُ فَيَكُونُ بِوَزْنِ عَصَا وَ " سَلْمَى " وَهُمَا مَشْهُورَانِ , وَيُقَالُ إِنَّهُمَا سُمِّيَا بِاسْمِ رَجُلٍ وَاِمْرَأَةٍ مِنْ الْعَمَالِيق.
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اِسْمِ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَظُنُّ تَرْكُ ذِكْرِهِمَا وَقَعَ عَمْدًا , فَقَدْ وَقَعَ فِي آخِر حَدِيثِ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر حَدَّثَهُ أَنَّ الْعَبَّاس بْن سَهْل سَمَّى الرَّجُلَيْنِ وَلَكِنَّهُ اِسْتَكْتَمَنِي إِيَّاهُمَا قَالَ : وَأَبَى عَبْد اللَّه أَنْ يُسَمِّيَهُمَا لَنَا.
قَوْله : ( وَأَهْدَى مَلِك أَيْلَةَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدَهَا لَام مَفْتُوحَة بَلْدَة قَدِيمَة بِسَاحِلِ الْبَحْرِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي " بَابِ الْجُمْعَة فِي الْقُرَى وَالْمُدُنِ " , وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ عِنْدَ مُسْلِم " وَجَاءَ رَسُول اِبْن الْعَلْمَاءِ صَاحِب أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ " وَفِي مَغَازِي اِبْن إِسْحَاق " وَلَمَّا اِنْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ يُوحَنَّا بْن رُوبَة صَاحِب أَيْلَةَ فَصَالَحَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَة " وَكَذَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي الْهَدَايَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيّ , فَاسْتُفِيدَ مِنْ ذَلِكَ اِسْمه وَاسْم أَبِيهِ , فَلَعَلَّ الْعَلْمَاءَ اِسْم أُمِّهِ , وَيُوحَنَّا بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّة وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ , وَرُوبَة بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُون الْوَاوِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَة , وَاسْم الْبَغْلَة الْمَذْكُورَة دُلْدُل هَكَذَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيّ , وَنَقَلَ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ بَغْلَة سِوَاهَا , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ كِسْرَى أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَة فَرَكِبَهَا بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ ثُمَّ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ " الْحَدِيث , وَهَذِهِ غَيْر دُلْدُل.
وَيُقَالُ إِنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى لَهُ بَغْلَة , وَأَنَّ صَاحِبَ دَوْمَة الْجَنْدَل أَهْدَى لَهُ بَغْلَة , وَأَنَّ دُلْدُل إِنَّمَا أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِس.
وَذَكَرَ السُّهَيْلِيّ أَنَّ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ تُسَمَّى فِضَّة وَكَانَتْ شَهْبَاءَ , وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِم فِي هَذِهِ الْبَغْلَةِ أَنَّ فَرْوَةَ أَهْدَاهَا لَهُ.
قَوْله : ( وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ ) أَيْ : بِبَلَدِهِمْ , أَوْ الْمُرَاد بِأَهْلِ بَحْرهمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سُكَّانًا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ أَيْ أَنَّهُ أَقَرَّهُ عَلَيْهِمْ بِمَا اِلْتَزَمُوهُ مِنْ الْجِزْيَةِ , وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " بِبَحْرَتِهِمْ " أَيْ بَلْدَتِهِمْ , وَقِيلَ الْبَحْرَة الْأَرْض.
وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق الْكِتَاب , وَهُوَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ : " هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنْ اللَّهِ وَمُحَمَّد النَّبِيّ رَسُول اللَّهِ لِيُوحَنَّا بْن رُوبَة وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنهمْ وَسَيَّارَتهمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ , لَهُمْ ذِمَّة اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ " وَسَاقَ بَقِيَّة الْكِتَابِ.
قَوْله : ( كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُك ) أَيْ : تَمْر حَدِيقَتِك , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِم " فَسَأَلَ الْمَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا كَمَا بَلَغَ ثَمَرهَا " وَقَوْله " عَشْرَة " ) بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْع الْخَافِض أَوْ عَلَى الْحَالِ , وَقَوْله " خَرْصَ " ) بِالنَّصْبِ أَيْضًا إِمَّا بَدَلًا وَإِمَّا بَيَانًا , وَيَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا وَتَقْدِيرُهُ الْحَاصِلُ عَشْرَة أَوْسُق وَهُوَ خَرْص رَسُول اللَّهِ.
قَوْله : ( فَلَمَّا قَالَ اِبْن بَكَّار كَلِمَة مَعْنَاهَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ) اِبْن بَكَّارٍ هُوَ سَهْلٌ شَيْخُ الْبُخَارِيّ , فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ شَكَّ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَقَالَ هَذَا , وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَجِ " عَنْ فَارُوق عَنْ أَبِي مُسْلِم وَغَيْرِهِ عَنْ سَهْلٍ فَذَكَرَهَا بِهَذَا اللَّفْظِ سَوَاء , وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَدِينَةِ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ , وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَنْصَارِ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ , فَإِنَّهُ سَاقَ ذَلِكَ هُنَاكَ أَتَمَّ مِمَّا هُنَا.
وَقَوْلُهُ " طَابَة " ) هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ كَطَيْبَةَ.
قَوْله : ( وَقَالَ سُلَيْمَان بْن بِلَال حَدَّثَنِي عَمْرو ) يَعْنِي اِبْن يَحْيَى بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ , وَهَذِهِ الطَّرِيق مَوْصُولَة فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ.
قَوْله : ( وَقَالَ سُلَيْمَان ) هُوَ اِبْن بِلَال الْمَذْكُورُ , وَسَعْد بْن سَعِيد هُوَ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بْن سَعِيد , وَعَبَّاس هُوَ اِبْن سَهْل بْن سَعْد , وَهِيَ مَوْصُولَةٌ فِي " فَوَائِدِ عَلِيّ بْن خُزَيْمَة " قَالَ " حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ حَدَّثَنَا أَيُّوب بْن سُلَيْمَان أَيْ : اِبْن بِلَال حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي أُوَيْس عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال " فَذَكَرَهُ وَأَوَّلُهُ " أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ أَخَذَ طَرِيق غُرَاب لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى " فَسَاقَ الْحَدِيث وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّله , وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ بَيَان قَوْلِهِ " إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَمَنْ أَحَبَّ فَلْيَتَعَجَّلْ مَعِيَ " أَيْ إِنِّي سَالِكٌ الطَّرِيقَ الْقَرِيبَةَ فَمَنْ أَرَادَ فَلْيَأْتِ مَعِيَ يَعْنِي مِمَّنْ لَهُ اِقْتِدَار عَلَى ذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ.
وَظَهَرَ أَنَّ عُمَارَة بْن غَزِيَّةَ خَالَفَ عَمْرو بْن يَحْيَى فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ فَقَالَ عَمْرو " عَنْ عَبَّاس عَنْ أَبِي حُمَيْد " وَقَالَ عُمَارَة " عَنْ عَبَّاس عَنْ أَبِيهِ ".
فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْلُكَ طَرِيقَ الْجَمْعِ بِأَنْ يَكُونَ عَبَّاس أَخَذَ الْقَدْر الْمَذْكُور وَهُوَ " أُحُد جَبَل يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ " عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي حُمَيْد مَعًا , أَوْ حَمَلَ الْحَدِيث عَنْهُمَا مَعًا , أَوْ كُلّه عَنْ أَبِي حُمَيْد وَمُعْظَمه عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا , وَلِذَلِكَ كَانَ لَا يَجْمَعُهُمَا.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ اِبْن إِسْحَاق الْمَذْكُورَةِ " عَبَّاس بْن سَهْل بْن سَعْد أَوْ عَبَّاس عَنْ سَهْل " فَتَرَدَّدَ فِيهِ هَلْ هُوَ مُرْسَلٌ أَوْ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ فَيُوَافِقُ قَوْل عُمَارَة , لَكِنَّ سِيَاق عَمْرو بْن يَحْيَى أَتَمُّ مِنْ سِيَاقِ غَيْرِهِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّة الْخَرْص , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْر الْخِلَافِ فِيهِ أَوَّل الْبَابِ , وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ هَلْ هُوَ وَاجِب أَوْ مُسْتَحَبّ , فَحَكَى الصَّيْمَرِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا بِوُجُوبِهِ , وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُوَ مُسْتَحَبٌّ إِلَّا إِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِمَحْجُورٍ مَثَلًا أَوْ كَانَ شُرَكَاؤُهُ غَيْر مُؤْتَمَنِينَ فَيَجِبُ لِحِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ , وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَخْتَصُّ بِالنَّخْلِ أَوْ يُلْحَقُ بِهِ الْعِنَب أَوْ يَعُمُّ كُلّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ رَطِبًا وَجَافًّا ؟ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ شُرَيْح الْقَاضِي وَبَعْضُ أَهْل الظَّاهِر , وَالثَّانِي قَوْل الْجُمْهُورِ , وَإِلَى الثَّالِثِ نَحَا الْبُخَارِيّ.
وَهَلْ يَمْضِي قَوْل الْخَارِص أَوْ يَرْجِعُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ الْحَال بَعْدَ الْجَفَافِ ؟ الْأَوَّلُ قَوْل مَالِك وَطَائِفَة , وَالثَّانِي قَوْل الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ.
وَهَلْ يَكْفِي خَارِص وَاحِد عَارِف ثِقَة أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اِثْنَيْنِ ؟ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ , وَالْجُمْهُور عَلَى الْأَوَّلِ.
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ هُوَ اِعْتِبَارٌ أَوْ تَضْمِين ؟ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي , وَفَائِدَته جَوَاز التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثَّمَرَةَ بَعْدَ الْخَرْصِ أَخَذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةَ بِحِسَابٍ مَا خَرَصَ.
وَفِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة كَالْإِخْبَارِ عَنْ الرِّيحِ وَمَا ذَكَرَ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ , وَفِيهِ تَدْرِيبُ الْأَتْبَاع وَتَعْلِيمُهُمْ , وَأَخُدُّ الْحَذَر مِمَّا يَتَوَقَّعُ الْخَوْف مِنْهُ.
وَفَضْلُ الْمَدِينَة وَالْأَنْصَار , وَمَشْرُوعِيَّة الْمُفَاضَلَة بَيْنَ الْفُضَلَاءِ بِالْإِجْمَالِ وَالتَّعْيِينِ , وَمَشْرُوعِيَّة الْهَدِيَّة وَالْمُكَافَأَة عَلَيْهَا.
( تَكْمِيل ) : فِي السُّنَنِ وَصَحِيح اِبْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْن أَبِي حَثْمَة مَرْفُوعًا " إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ , فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُث فَدَعُوا الرُّبْع " , وَقَالَ بِظَاهِرِهِ اللَّيْث وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَغَيْرُهُمْ , وَفَهِمَ مِنْهُ أَبُو عُبَيْد فِي " كِتَاب الْأَمْوَال " أَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِحَسَبِ اِحْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ فَقَالَ : يُتْرَكُ قَدْر اِحْتِيَاجهمْ.
وَقَالَ مَالِك وَسُفْيَان : لَا يُتْرَكُ لَهُمْ شَيْء , وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ , قَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ : وَالْمُتَحَصَّلُ مِنْ صَحِيحِ النَّظَرِ أَنْ يُعْمَلَ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَدْر الْمَئُونَة , وَلَقَدْ جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ فِي الْأَغْلَبِ مِمَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا.
قَوْلُهُ : ( قَالَ أَبُو عُبَيْد هُوَ الْقَاسِم بْن سَلَّام الْإِمَام الْمَشْهُور صَاحِب " الْغَرِيبِ " وَكَلَامه هَذَا فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ , وَقَالَ صَاحِب " الْمُحْكَمِ " : هُوَ مِنْ الرِّيَاضِ كُلّ أَرْضٍ اِسْتَدَارَتْ , وَقِيلَ كُلّ أَرْضٍ ذَاتِ شَجَر مُثْمِر وَنَخْل , وَقِيلَ كُلّ حُفْرَةٍ تَكُونُ فِي الْوَادِي يُحْتَبَسُ فِيهَا الْمَاءُ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ فَهُوَ حَدِيقَة , وَيُقَالُ الْحَدِيقَة أَعْمَق مِنْ الْغَدِيرِ وَالْحَدِيقَةُ الْقِطْعَة مِنْ الزَّرْعِ يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ.
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِأَصْحَابِهِ اخْرُصُوا وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ فَلَمَّا قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ هَذِهِ طَابَةُ فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ قَالُوا بَلَى قَالَ دُورُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ثُمَّ دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ أَوْ دُورُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ يَعْنِي خَيْرًا وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي عَمْرٌو ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهُوَ حَدِيقَةٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يُقَلْ حَدِيقَةٌ
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر» قال...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا في أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا في أقل...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالتمر عند صرام النخل، فيجيء هذا بتمره، وهذا من تمره حتى يصير عنده كوما تمر، فجع...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وكان إذا سئل عن صلاحها قال: «حتى تذهب عاهته»
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الثمار حتى تزهي» قال: حتى تحمار
عن سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان يحدث: أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس في سبيل الله، فوجده يباع، فأراد أن يشتريه، ثم أتى النبي صلى الله عليه...
عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر رضي الله عنه، يقول: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسأل...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما، تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كخ كخ» ليطرحها، ثم...