حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشأم الجحفة - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الحج باب مهل أهل مكة للحج والعمرة (حديث رقم: 1524 )


1524- عن ابن عباس، قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك، فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة»

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في الحج باب مواقيت الحج والعمرة رقم 1181 (وقت) عين وحدد.
(يلملم) اسم جبل على ميلين من مكة.
(هن لهن) هذه الأماكن مواقيت لأهل هذه البلاد.
(ولمن أتى عليهن) لمن مر على هذه المواقيت من غير أهل هذه البلاد.
(دون ذلك) بين مكة والميقات.
(فمن حيث أنشأ) فميقاته من الموضع الذي يقصد فيه الذهاب إلى مكة لأداء الحج.
(أهل مكة من مكة) يحرمون بالحج من نفس مكة

شرح حديث ( وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشأم الجحفة)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( وَقَّتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة ) ‏ ‏أَيْ مَدِينَته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
‏ ‏قَوْله : ( ذَا الْحُلَيْفَة ) ‏ ‏بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاء مُصَغَّرًا مَكَان مَعْرُوف بَيْنه وَبَيْنَ مَكَّة مِائَتَا مِيل غَيْر مِيلَيْنِ قَالَهُ اِبْن حَزْم , وَقَالَ غَيْره : بَيْنهمَا عَشْر مَرَاحِل.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : بَيْنهَا وَبَيْن الْمَدِينَة سِتَّة أَمْيَال , وَوَهِمَ مَنْ قَالَ بَيْنهمَا مِيل وَاحِد وَهُوَ اِبْن الصَّبَّاغ.
وَبِهَا مَسْجِد يُعْرَف بِمَسْجِدِ الشَّجَرَة خَرَاب , وَبِهَا بِئْر يُقَال لَهَا بِئْر عَلِيّ.
‏ ‏قَوْله : ( الْجُحْفَة ) ‏ ‏بِضَمِّ الْجِيم وَسُكُون الْمُهْمَلَة , وَهِيَ قَرْيَة خَرِبَة بَيْنهَا وَبَيْنَ مَكَّة خَمْس مَرَاحِل أَوْ سِتَّة , وَفِي قَوْل النَّوَوِيّ فِي " شَرْح الْمُهَذَّب " ثَلَاث مَرَاحِل نَظَرٌ , وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهَا مَهْيَعَة بِوَزْنِ عَلْقَمَة وَقِيلَ بِوَزْنِ لَطِيفَة , وَسُمِّيَتْ الْجُحْفَة لِأَنَّ السَّيْل أَجْحَفَ بِهَا , قَالَ اِبْن الْكَلْبِيّ : كَانَ الْعَمَالِيق يَسْكُنُونَ يَثْرِب , فَوَقَعَ بَيْنهمْ وَبَيْنَ بَنِي عَبِيل - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَكَسْر الْمُوَحَّدَة وَهُمْ إِخْوَة عَاد - حَرْب فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ يَثْرِب فَنَزَلُوا مَهْيَعَة فَجَاءَ سَيْل فَاجْتَحَفَهُمْ أَيْ اِسْتَأْصَلَهُمْ فَسُمِّيَتْ الْجُحْفَة.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَائِشَة عِنْدَ النَّسَائِيِّ " وَلِأَهْلِ الشَّام وَمِصْر الْجُحْفَة " وَالْمَكَان الَّذِي يُحْرِم مِنْهُ الْمِصْرِيُّونَ الْآن رَابِغ بِوَزْنِ فَاعِل بِرَاءٍ وَمُوَحَّدَة وَغَيْن مُعْجَمَة قَرِيب مِنْ الْجُحْفَة , وَاخْتَصَّتْ الْجُحْفَة بِالْحُمَّى فَلَا يَنْزِلهَا أَحَد إِلَّا حُمَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَضَائِل الْمَدِينَة.
‏ ‏قَوْله : ( وَلِأَهْلِ نَجْد قَرْن الْمَنَازِل ) ‏ ‏أَمَّا نَجْد فَهُوَ كُلّ مَكَان مُرْتَفِع وَهُوَ اِسْم لِعَشْرَةِ مَوَاضِع , وَالْمُرَاد مِنْهَا هُنَا الَّتِي أَعْلَاهَا تِهَامَة وَالْيَمَن وَأَسْفَلهَا الشَّام وَالْعِرَاق.
وَالْمَنَازِل بِلَفْظِ جَمْع الْمَنْزِل , وَالْمَرْكَب الْإِضَافِيّ هُوَ اِسْم الْمَكَان , وَيُقَال لَهُ قَرْن أَيْضًا بِلَا إِضَافَة , وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الرَّاء بَعْدهَا نُون , وَضَبَطَهُ صَاحِب " الصِّحَاح " بِفَتْحِ الرَّاء وَغَلَّطُوهُ , وَبَالَغَ النَّوَوِيّ فَحَكَى الِاتِّفَاق عَلَى تَخْطِئَته فِي ذَلِكَ , لَكِنْ حَكَى عِيَاض تَعْلِيق الْقَابِسِيّ أَنَّ مَنْ قَالَهُ بِالْإِسْكَانِ أَرَادَ الْجَبَل وَمَنْ قَالَهُ بِالْفَتْحِ أَرَادَ الطَّرِيق , وَالْجَبَل الْمَذْكُور بَيْنه وَبَيْنَ مَكَّة مِنْ جِهَة الْمَشْرِق مَرْحَلَتَانِ.
وَحَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ بَعْض قُدَمَاء الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْمَكَان الَّذِي يُقَال لَهُ قَرْن مَوْضِعَانِ : أَحَدهمَا فِي هُبُوط وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ قَرْن الْمَنَازِل , وَالْآخَر فِي صُعُود وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ قَرْن الثَّعَالِب وَالْمَعْرُوف الْأَوَّل.
وَفِي " أَخْبَار مَكَّة " لِلْفَاكِهِيِّ أَنَّ قَرْن الثَّعَالِب جَبَل مُشْرِف عَلَى أَسْفَل مِنًى بَيْنه وَبَيْنَ مَسْجِد مِنًى أَلْف وَخَمْسمِائَةِ ذِرَاع , وَقِيلَ لَهُ قَرْن الثَّعَالِب لِكَثْرَةِ مَا كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ مِنْ الثَّعَالِب , فَظَهَرَ أَنَّ قَرْن الثَّعَالِب لَيْسَ مِنْ الْمَوَاقِيت , وَقَدْ وَقَعَ ذِكْره فِي حَدِيث عَائِشَة فِي إِتْيَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِف يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام وَرَدِّهُمْ عَلَيْهِ قَالَ " فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِب " الْحَدِيث ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة , وَوَقَعَ فِي مُرْسَل عَطَاء عِنْدَ الشَّافِعِيّ " وَلِأَهْلِ نَجْد قَرْن , وَلِمَنْ سَلَكَ نَجْدًا مِنْ أَهْل الْيَمَن وَغَيْرهمْ قَرْن الْمَنَازِل ".
وَوَقَعَ فِي عِبَارَة الْقَاضِي حُسَيْن فِي سِيَاقه لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس هَذَا " وَلِأَهْلِ نَجْد الْيَمَن وَنَجْد الْحِجَاز قَرْن " وَهَذَا لَا يُوجَد فِي شَيْء مِنْ طُرُق حَدِيث اِبْن عَبَّاس , وَإِنَّمَا يُوجَد ذَلِكَ مِنْ مُرْسَل عَطَاء , وَهُوَ الْمُعْتَمَد فَإِنَّ لِأَهْلِ الْيَمَن إِذَا قَصَدُوا مَكَّة طَرِيقَيْنِ : إِحْدَاهُمَا طَرِيق أَهْل الْجِبَال وَهُمْ يَصِلُونَ إِلَى قَرْن أَوْ يُحَاذُونَهُ فَهُوَ مِيقَاتهمْ كَمَا هُوَ مِيقَات أَهْل الْمَشْرِق , وَالْأُخْرَى طَرِيق أَهْل تِهَامَة فَيَمُرُّونَ بِيَلْمَلَمَ أَوْ يُحَاذُونَهُ وَهُوَ مِيقَاتهمْ لَا يُشَارِكهُمْ فِيهِ إِلَّا مَنْ أَتَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرهمْ.
‏ ‏قَوْله : ( وَلِأَهْلِ الْيَمَن يَلَمْلَمَ ) ‏ ‏بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّة وَاللَّام وَسُكُون الْمِيم وَبَعْدهَا لَام مَفْتُوحَة ثُمَّ مِيم مَكَان عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّة بَيْنهمَا ثَلَاثُونَ مِيلًا وَيُقَال لَهَا أَلَمْلَم بِالْهَمْزَةِ وَهُوَ الْأَصْل وَالْيَاء تَسْهِيل لَهَا , وَحَكَى اِبْن السَّيِّد فِيهِ يَرَمْرَمَ بِرَاءَيْنِ بَدَلَ اللَّامَيْنِ.
‏ ‏( تَنْبِيه ) ‏ ‏أَبْعَد الْمَوَاقِيت مِنْ مَكَّة ذُو الْحُلَيْفَة مِيقَات أَهْل الْمَدِينَة , فَقِيلَ الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنْ تَعْظُم أُجُور أَهْل الْمَدِينَة , وَقِيلَ رِفْقًا بِأَهْلِ الْآفَاق لِأَنَّ أَهْل الْمَدِينَة أَقْرَب الْآفَاق إِلَى مَكَّة أَيْ مِمَّنْ لَهُ مِيقَات مُعَيَّن.
‏ ‏قَوْله : ( مَنْ لَهُمْ ) ‏ ‏أَيْ الْمَوَاقِيت الْمَذْكُورَة لِأَهْلِ الْبِلَاد الْمَذْكُورَة.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أُخْرَى كَمَا يَأْتِي فِي " بَاب دُخُول مَكَّة بِغَيْرِ إِحْرَام " بِلَفْظِ " هُنَّ لَهُنَّ " أَيْ الْمَوَاقِيت لِلْجَمَاعَاتِ الْمَذْكُورَة أَوْ لِأَهْلِهِنَّ عَلَى حَذْف الْمُضَاف وَالْأَوَّل هُوَ الْأَصْل , وَوَقَعَ فِي " بَاب مُهَلّ أَهْل الْيَمَن " بِلَفْظِ " هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ " كَمَا شَرَحْتُهُ.
وَقَوْله هُنَّ ضَمِير جَمَاعَة الْمُؤَنَّث وَأَصْله لِمَنْ يَعْقِل , وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا لَا يَعْقِل لَكِنْ فِيمَا دُون الْعَشَرَة , وَقَوْله " وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ " أَيْ عَلَى الْمَوَاقِيت مِنْ غَيْر أَهْل الْبِلَاد الْمَذْكُورَة , وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ مَنْ دَخَلَ بَلَدًا ذَات مِيقَات وَمَنْ لَمْ يَدْخُل , فَاَلَّذِي لَا يَدْخُل لَا إِشْكَال فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِيقَات مُعَيَّن , وَاَلَّذِي يَدْخُل فِيهِ خِلَاف كَالشَّامِيِّ إِذَا أَرَادَ الْحَجّ فَدَخَلَ الْمَدِينَة فَمِيقَاته ذُو الْحُلَيْفَة لِاجْتِيَازِهِ عَلَيْهَا وَلَا يُؤَخِّر حَتَّى يَأْتِي الْجُحْفَة الَّتِي هِيَ مِيقَاته الْأَصْلِيّ , فَإِنْ أَخَّرَ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَم عِنْدَ الْجُمْهُور , وَأَطْلَقَ النَّوَوِيّ الِاتِّفَاق وَنَفَى الْخِلَاف فِي شَرْحَيْهِ لِمُسْلِمٍ وَالْمُهَذَّب فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فَلَعَلَّهُ أَرَادَ فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَإِلَّا فَالْمَعْرُوف عِنْدَ الْمَالِكِيَّة أَنَّ لِلشَّامِيِّ مَثَلًا إِذَا جَاوَزَ ذَا الْحُلَيْفَة بِغَيْرِ إِحْرَام إِلَى مِيقَاته الْأَصْلِيّ وَهُوَ الْجُحْفَة جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَل خِلَافه وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّة وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْمُنْذِر مِنْ الشَّافِعِيَّة , قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : قَوْله " وَلِأَهْلِ الشَّام الْجُحْفَة " يَشْمَل مَنْ مَرَّ مِنْ أَهْل الشَّام بِذِي الْحُلَيْفَة وَمَنْ لَمْ يَمُرّ , وَقَوْله " وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْر أَهْلهنَّ " يَشْمَل الشَّامِيّ إِذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَة وَغَيْره , فَهُنَا عُمُومَانِ قَدْ تَعَارَضَا اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَيَحْصُل الِانْفِكَاك عَنْهُ بِأَنَّ قَوْله " هُنَّ لَهُنَّ " مُفَسِّر لِقَوْلِهِ مَثَلًا وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة ذَا الْحُلَيْفَة , وَأَنَّ الْمُرَاد بِأَهْلِ الْمَدِينَة سَاكِنُوهَا وَمَنّ سَلَكَ طَرِيق سَفَرِهِمْ فَمَرَّ عَلَى مِيقَاتهمْ , وَيُؤَيِّدهُ عِرَاقِيّ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَة فَلَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَة مِيقَات الْمَدِينَة غَيْر مُحْرِم , وَيَتَرَجَّح بِهَذَا قَوْل الْجُمْهُور وَيَنْتَفِي التَّعَارُض.
‏ ‏قَوْله : ( مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجّ وَالْعُمْرَة ) ‏ ‏فِيهِ دَلَالَة عَلَى جَوَاز دُخُول مَكَّة بِغَيْرِ إِحْرَام , وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة مُفْرَدَة.
‏ ‏قَوْله : ( وَمَنْ كَانَ دُون ذَلِكَ ) ‏ ‏أَيْ بَيْنَ الْمِيقَات وَمَكَّة.
‏ ‏قَوْله : ( فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ) ‏ ‏أَيْ فَمِيقَاته مِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ الْإِحْرَام إِذْ السَّفَر مِنْ مَكَانه إِلَى مَكَّة وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ : مِيقَات هَؤُلَاءِ نَفْس مَكَّة , وَاسْتُدِلَّ بِهِ اِبْن حَزْم عَلَى أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِيقَات فَمِيقَاته مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا دَلَالَة فِيهِ لِأَنَّهُ يَخْتَصّ بِمَنْ كَانَ دُون الْمِيقَات أَيْ إِلَى جِهَة مَكَّة كَمَا تَقَدَّمَ , وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ مَنْ سَافَرَ غَيْر قَاصِد لِلنُّسُكِ فَجَاوَزَ الْمِيقَات ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ النُّسُك أَنَّهُ مُحْرِم مِنْ حَيْثُ تَجَدَّدَ لَهُ الْقَصْد وَلَا يَجِب عَلَيْهِ الرُّجُوع إِلَى الْمِيقَات لِقَوْلِهِ " فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ".
‏ ‏قَوْله : ( حَتَّى أَهْل مَكَّة ) ‏ ‏يَجُوز فِيهِ الرَّفْع وَالْكَسْر.
‏ ‏قَوْله : ( مِنْ مَكَّة ) ‏ ‏أَيْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الْخُرُوج إِلَى الْمِيقَات لِلْإِحْرَامِ مِنْهُ بَلْ يُحْرِمُونَ مِنْ مَكَّة كَالْآفَاقِيِّ الَّذِي بَيْنَ الْمِيقَات وَمَكَّة فَإِنَّهُ يُحْرِم مِنْ مَكَانه وَلَا يَحْتَاج إِلَى الرُّجُوع إِلَى الْمِيقَات لِيُحْرِم مِنْهُ , وَهَذَا خَاصّ بِالْحَاجِّ , وَاخْتُلِفَ فِي أَفْضَل الْأَمَاكِن الَّتِي يُحْرِم مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة مُفْرَدَة.
وَأَمَّا الْمُعْتَمِر فَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُج إِلَى أَدْنَى الْحِلّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي أَبْوَاب الْعُمْرَة.
قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : لَا أَعْلَم أَحَدًا جَعَلَ مَكَّة مِيقَاتًا لِلْعُمْرَةِ , فَتَعَيَّنَ حَمْله عَلَى الْقَارِن , وَاخْتُلِفَ فِي الْقَارِن فَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ حُكْمه حُكْم الْحَاجّ فِي الْإِهْلَال مِنْ مَكَّة , وَقَالَ اِبْن الْمَاجِشُونِ : يَجِب عَلَيْهِ الْخُرُوج إِلَى أَدْنَى الْحِلّ , وَوَجْهه أَنَّ الْعُمْرَة إِنَّمَا تَنْدَرِج فِي الْحَجّ فِيمَا مَحِلّه وَاحِد كَالطَّوَافِ وَالسَّعْي عِنْدَ مَنْ يَقُول بِذَلِكَ , وَأَمَّا الْإِحْرَام فَمَحِلّه فِيهِمَا مُخْتَلِف , وَجَوَاب هَذَا الْإِشْكَال أَنَّ الْمَقْصُود مِنْ الْخُرُوج إِلَى الْحِلّ فِي حَقّ الْمُعْتَمِر أَنْ يَرِد عَلَى الْبَيْت الْحَرَام مِنْ الْحِلّ فَيَصِحّ كَوْنه وَافِدًا عَلَيْهِ , وَهَذَا يَحْصُل لِلْقَارِنِ لِخُرُوجِهِ إِلَى عَرَفَة وَهِيَ مِنْ الْحِلّ وَرُجُوعه إِلَى الْبَيْت لِطَوَافِ الْإِفَاضَة فَحَصَلَ الْمَقْصُود بِذَلِكَ أَيْضًا.
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَات مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَلَمْ يُحْرِم , فَقَالَ الْجُمْهُور : يَأْثَم وَيَلْزَمهُ دَم , فَأَمَّا لُزُوم الدَّم فَبِدَلِيلٍ غَيْرِ هَذَا , وَأَمَّا الْإِثْم فَلِتَرْكِ الْوَاجِب.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيث مِنْ طَرِيق اِبْن عُمَر بِلَفْظِ " فَرَضَهَا " وَسَيَأْتِي بِلَفْظِ " يُهِلّ " وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الْأَمْر وَالْأَمْر لَا يَرِد بِلَفْظِ الْخَبَر إِلَّا إِذَا أُرِيدَ تَأْكِيده , وَتَأْكِيد الْأَمْر لِلْوُجُوبِ , وَسَبَقَ فِي الْعِلْم بِلَفْظِ " مِنْ أَيْنَ تَأْمُرنَا أَنْ نُهِلّ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر " أَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل الْمَدِينَة ".
وَذَهَبَ عَطَاء وَالنَّخَعِيُّ إِلَى عَدَم الْوُجُوب , وَمُقَابِله قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر لَا يَصِحّ حَجّه وَبِهِ قَالَ اِبْن حَزْم , وَقَالَ الْجُمْهُور : لَوْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَات قَبْلَ التَّلَبُّس بِالنُّسُكِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّم , قَالَ أَبُو حَنِيفَة بِشَرْطِ أَنْ يَعُود مُلَبِّيًا , وَمَالِك بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْعُد , وَأَحْمَد لَا يَسْقُط بِشَيْءٍ.
‏ ‏( تَنْبِيه ) : ‏ ‏الْأَفْضَل فِي كُلّ مِيقَات أَنْ يُحْرِم مِنْ طَرَفه الْأَبْعَد مِنْ مَكَّة , فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ طَرَفه الْأَقْرَب جَازَ.


حديث إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشأم الجحفة ولأهل

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏وُهَيْبٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ طَاوُسٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَقَّتَ ‏ ‏لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ‏ ‏ذَا الْحُلَيْفَةِ ‏ ‏وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ ‏ ‏الْجُحْفَةَ ‏ ‏وَلِأَهْلِ نَجْدٍ ‏ ‏قَرْنَ الْمَنَازِلِ ‏ ‏وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ ‏ ‏يَلَمْلَمَ ‏ ‏هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى ‏ ‏أَهْلُ مَكَّةَ ‏ ‏مِنْ ‏ ‏مَكَّةَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشأم من ال...

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشأم من الجحفة، وأهل نجد من قرن»، قا...

وقت رسول الله ﷺ لأهل المدينة ذا الحليفة

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلم...

مهل أهل المدينة ذو الحليفة ومهل أهل الشأم مهيعة و...

عن سالم، عن أبيه، وقت النبي صلى الله عليه وسلم، 1528 - حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه...

أن النبي ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشأم...

عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرنا، فهن لهن...

أن النبي ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشأم...

عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن...

إن رسول الله ﷺ حد لأهل نجد قرنا

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما فتح هذان المصران أتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين، «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا»، وهو جور ع...

أن رسول الله ﷺ أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلى بها

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحليفة، فصلى بها» وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك...

أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طر...

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرس، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ك...

أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبا...

عن ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: إنه سمع عمر رضي الله عنه، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: " أتاني الليلة آت من ربي، فقال: صل...