1605- عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للركن: «أما والله، إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك»، فاستلمه ثم قال: «فما لنا وللرمل إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله»، ثم قال: «شيء صنعه النبي صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه»
(للركن) أي الحجر الأسود.
(استلمك) مسك بيده وقبلك.
(راءينا) من المراءاة وهي إظهار الأمر على خلاف ما هو عليه أي أظهرنا لهم به القوة ونحن في حال ضعف
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ لِلرُّكْنِ ) أَيْ لِلْأَسْوَدِ , وَظَاهِره أَنَّهُ خَاطَبَهُ بِذَلِكَ , وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُسْمِع الْحَاضِرِينَ.
قَوْله : ( ثُمَّ قَالَ ) أَيْ بَعْدَ اِسْتِلَامه.
قَوْله : ( مَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ ) فِي رِوَايَة بَعْضهمْ " وَالرَّمَل " بِغَيْرِ لَام , وَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْأَفْصَح , وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق هِشَام بْن سَعْد عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ " فِيمَ الرَّمَل وَالْكَشْف عَنْ الْمَنَاكِب " الْحَدِيث , وَالْمُرَاد بِهِ الِاضْطِبَاع , وَهِيَ هَيْئَة تُعِين عَلَى إِسْرَاع الْمَشْي بِأَنْ يُدْخِل رِدَاءَهُ تَحْت إِبْطه الْأَيْمَن وَيَرُدّ طَرَفه عَلَى مَنْكِبه الْأَيْسَر فَيُبْدِي مَنْكِبه الْأَيْمَن وَيَسْتُر الْأَيْسَر , وَهُوَ مُسْتَحَبّ عِنْدَ الْجُمْهُور سِوَى مَالِك قَالَهُ اِبْن الْمُنْذِر.
قَوْله : ( إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا ) بِوَزْنِ فَاعَلْنَا مِنْ الرُّؤْيَة , أَيْ أَرَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ أَنَّا أَقْوِيَاء قَالَهُ عِيَاض , وَقَالَ اِبْن مَالِك : مِنْ الرِّيَاء أَيْ أَظْهَرْنَا لَهُ الْقُوَّة وَنَحْنُ ضُعَفَاء , وَلِهَذَا رُوِيَ رَايَيْنَا بِيَاءَيْنِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الرِّيَاء وَإِنْ كَانَ أَصْله الرِّئَاء بِهَمْزَتَيْنِ , وَمُحَصَّله أَنَّ عُمَر كَانَ هَمَّ بِتَرْكِ الرَّمَل فِي الطَّوَاف لِأَنَّهُ عَرَفَ سَبَبه وَقَدْ اِنْقَضَى فَهَمَّ أَنْ يَتْرُكهُ لِفَقْدِ سَبَبه , ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُون لَهُ حِكْمَة مَا اِطَّلَعَ عَلَيْهَا فَرَأَى أَنَّ الِاتِّبَاع أَوْلَى مِنْ طَرِيق الْمَعْنَى , وَأَيْضًا إِنَّ فَاعِل ذَلِكَ إِذَا فَعَلَهُ تَذَكَّرَ السَّبَب الْبَاعِث عَلَى ذَلِكَ فَيَتَذَكَّر نِعْمَة اللَّه عَلَى إِعْزَاز الْإِسْلَام وَأَهْله.
قَوْله : ( فَلَا نُحِبّ أَنْ نَتْرُكهُ ) زَادَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان عَنْ سَعِيد شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ فِي آخِره " ثُمَّ رَمَلَ " أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيقه , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُمْ اِقْتَصَرُوا عِنْدَ مُرَاءَاة الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْإِسْرَاع إِذَا مَرُّوا مِنْ جِهَة الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا بِإِزَاءِ تِلْكَ النَّاحِيَة , فَإِذَا مَرُّوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ مَشَوْا عَلَى هَيْئَتهمْ كَمَا هُوَ بَيِّن فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس , وَلَمَّا رَمَلُوا فِي حَجَّة الْوَدَاع أَسْرَعُوا فِي جَمِيع كُلّ طَوْفَة فَكَانَتْ سُنَّة مُسْتَقِلَّة , وَلِهَذِهِ النُّكْتَة سَأَلَ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر نَافِعًا كَمَا فِي الْحَدِيث الَّذِي بَعْده عَنْ مَشْي عَبْد اللَّه بْن عُمَر بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَفْعَلهُ لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ فِي اِسْتِلَام الرُّكْن , أَيْ كَانَ يَرْفُقُ بِنَفْسِهِ لِيَتَمَكَّن مِنْ اِسْتِلَام الرُّكْن عِنْدَ الِازْدِحَام.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ نَافِع إِنْ كَانَ اِسْتَنَدَ فِيهِ إِلَى فَهْمه فَلَا يَدْفَع اِحْتِمَال أَنْ يَكُون اِبْن عُمَر فَعَلَ ذَلِكَ اِتِّبَاعًا لِلصِّفَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّمَل لِمَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبه فِي الِاتِّبَاع.
( تَكْمِيل ) : لَا يُشْرَع تَدَارُك الرَّمَل , فَلَوْ تَرَكَهُ فِي الثَّلَاث لَمْ يَقْضِهِ فِي الْأَرْبَع , لِأَنَّ هَيْئَتهَا السَّكِينَة فَلَا تُغَيَّر , وَيَخْتَصّ بِالرِّجَالِ فَلَا رَمَلَ عَلَى النِّسَاء , وَيَخْتَصّ بِطَوَافٍ يَعْقُبهُ سَعْي عَلَى الْمَشْهُور , وَلَا فَرْق فِي اِسْتِحْبَابه بَيْنَ مَاشٍ وَرَاكِب , وَلَا دَم بِتَرْكِهِ عِنْدَ الْجُمْهُور.
وَاخْتُلِفَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّة.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الشَّارِع رَمَلَ وَلَا مُشْرِك يَوْمَئِذٍ بِمَكَّة يَعْنِي فِي حَجَّة الْوَدَاع , فَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ مَنَاسِك الْحَجّ إِلَّا أَنَّ تَارِكه لَيْسَ تَارِكًا لِعَمَلٍ بَلْ لِهَيْئَةٍ مَخْصُوصَة فَكَانَ كَرَفْعِ الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ فَمَنْ لَبَّى خَافِضًا صَوْته لَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِلتَّلْبِيَةِ بَلْ لِصِفَتِهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
( تَنْبِيه ) : قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ بَعْدَ أَنْ خَرَّجَ الْحَدِيث الثَّالِث مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَرْفُوع مِنْهُ وَزَادَ فِيهِ " قَالَ نَافِع وَرَأَيْت عَبْد اللَّه - يَعْنِي اِبْن عُمَر - يُزَاحِم عَلَى الْحَجَر حَتَّى يُدْمَى " قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : لَيْسَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ هَذَا الْبَاب فِي شَيْء يَعْنِي بَاب الرَّمَل , وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَدْر الْمُتَعَلِّق بِهَذِهِ التَّرْجَمَة مِنْهُ ثَابِت عِنْدَ الْبُخَارِيّ , وَوَجْهه أَنَّ مَعْنَى قَوْله " كَانَ اِبْن عُمَر يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ " أَيْ دُون غَيْرهمَا , وَكَانَ يَرْمُل , وَمِنْ ثَمَّ سَأَلَ الرَّاوِي نَافِعًا عَنْ السَّبَب فِي كَوْنه كَانَ يَمْشِي فِي بَعْض دُون بَعْض وَاَللَّه أَعْلَم.
( تَنْبِيه آخَر ) : اُسْتُشْكِلَ قَوْل عُمَر " رَاءَيْنَا " مَعَ أَنَّ الرِّيَاء بِالْعَمَلِ مَذْمُوم , وَالْجَوَاب أَنَّ صُورَته وَإِنْ كَانَتْ صُورَة الرِّيَاء لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مَذْمُومَة , لِأَنَّ الْمَذْمُوم أَنْ يُظْهِر الْعَمَل لِيُقَالَ إِنَّهُ عَامِل وَلَا يَعْمَلهُ بِغَيْبَةٍ إِذَا لَمْ يَرَهُ أَحَد , وَأَمَّا الَّذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ الْقِصَّة فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيل الْمُخَادَعَة فِي الْحَرْب , لِأَنَّهُمْ أَوْهَمُوا الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ أَقْوِيَاء لِئَلَّا يَطْمَعُوا فِيهِمْ , وَثَبَتَ أَنَّ الْحَرْب خُدْعَة.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلرُّكْنِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ قَالَ فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ
عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء، منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمهما»، قلت لنافع: أكان ابن...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن»، تابعه الدراوردي، عن ابن أخي الزهري، عن عمه...
عن أبيه رضي الله عنهما قال: «لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين»
عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الحجر، وقال: «لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك»
عن الزبير بن عربي، قال: سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن استلام الحجر، فقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله» قال: قلت: أرأيت إن زحم...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه»
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير، كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر»، تابعه إبراهيم بن طهمان،...
فأخبرتني عائشة رضي الله عنها: « أن أول شيء بدأ به - حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ، ثم طاف»، ثم لم تكن عمرة.<br> ثم حج أبو بكر، وعمر رضي...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج أو العمرة، أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف، ومشى أربعة، ثم سجد سجد...