1839- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: وقصت برجل محرم ناقته، فقتلته، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « اغسلوه، وكفنوه، ولا تغطوا رأسه، ولا تقربوه طيبا، فإنه يبعث يهل»
(وقصت) كسرت رقبته.
(يهل) يرفع صوته بالتلبية على الحالة التي مات عليها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ مَنْصُور ) هُوَ اِبْن الْمُعْتَمِر , وَالْحَكَم هُوَ اِبْن عُتَيْبَة.
قَوْله ( وَقَصَتْ ) بِفَتْحِ الْقَاف وَالصَّاد الْمُهْمَلَة تَقَدَّمَ تَفْسِيره فِي " بَاب كَفَن الْمُحْرِم " وَيَأْتِي فِي " بَاب الْمُحْرِم يَمُوت بِعَرَفَة " بَيَان اِخْتِلَاف فِي هَذِهِ اللَّفْظَة , وَالْمُرَاد هُنَا قَوْله " وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا " وَهِيَ بِتَشْدِيدِ الرَّاء , وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بِلَفْظِ " وَلَا تُحَنِّطُوهُ " وَهُوَ مِنْ الْحَنُوط بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون وَهُوَ الطِّيب الَّذِي يُصْنَع لِلْمَيِّتِ.
وَقَوْله ( يُبْعَث مُلَبِّيًا ) أَيْ عَلَى هَيْئَته الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا.
وَاسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى بَقَاء إِحْرَامه خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّة , وَقَدْ تَمَسَّكُوا مِنْ هَذَا الْحَدِيث بِلَفْظَةٍ اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتهَا وَهِيَ قَوْله " وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهه " فَقَالُوا : لَا يَجُوز لِلْمُحْرِمِ تَغْطِيَة وَجْهه , مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث فِيمَنْ مَاتَ مُحْرِمًا , وَأَمَّا الْجُمْهُور فَأَخَذُوا بِظَاهِرِ الْحَدِيث وَقَالُوا : إِنَّ فِي ثُبُوت ذِكْر الْوَجْه مَقَالًا , وَتَرَدَّدَ اِبْن الْمُنْذِر فِي صِحَّتِه.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : ذِكْر الْوَجْه غَرِيب وَهُوَ وَهْم مِنْ بَعْض رُوَاته , وَفِي كُلّ ذَلِكَ نَظَر فَإِنَّ الْحَدِيث ظَاهِره الصِّحَّة وَلَفْظه عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل عَنْ مَنْصُور وَأَبِي الزُّبَيْر كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فَذَكَر الْحَدِيث.
قَالَ مَنْصُور " وَلَا تُغَطُّوا وَجْهه " وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْر " وَلَا تَكْشِفُوا وَجْهه " وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن دِينَار عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر بِلَفْظِ " وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهه وَلَا رَأْسه " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم أَيْضًا مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر بِلَفْظِ " وَلَا يُمَسّ طِيبًا خَارِج رَأْسه " قَالَ شُعْبَة : ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ بَعْد ذَلِكَ فَقَالَ " خَارِج رَأْسه وَوَجْهه " اِنْتَهَى.
وَهَذِهِ الرِّوَايَة تَتَعَلَّق بِالتَّطَيُّبِ لَا بِالْكَشْفِ وَالتَّغْطِيَة , وَشُعْبَة أَحْفَظ مِنْ كُلّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيث , فَلَعَلَّ بَعْض رُوَاته اِنْتَقَلَ ذِهْنه مِنْ التَّطَيُّب إِلَى التَّغْطِيَة.
وَقَالَ أَهْل الظَّاهِر : يَجُوز لِلْمُحْرِمِ الْحَيّ تَغْطِيَة وَجْهه وَلَا يَجُوز لِلْمُحْرِمِ الَّذِي يَمُوت عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ وَاقِعَة عَيْن لَا عُمُوم فِيهَا لِأَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " لِأَنَّهُ يُبْعَث يَوْم الْقِيَامَة مُلَبِّيًا " وَهَذَا الْأَمْر لَا يَتَحَقَّق وَجُوده فِي غَيْره فَيَكُون خَاصًّا بِذَلِكَ الرَّجُل ; وَلَوْ اِسْتَمَرَّ بَقَاؤُهُ عَلَى إِحْرَامه لَأُمِرَ بِقَضَاءِ مَنَاسِكه , وَسَيَأْتِي تَرْجَمَة الْمُصَنِّف بِنَفْيِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَن بْن الْقَصَّار : لَوْ أُرِيدَ تَعْمِيم الْحُكْم فِي كُلّ مُحْرِم لَقَالَ " فَإِنَّ الْمُحْرِم " كَمَا جَاءَ " أَنَّ الشَّهِيد يُبْعَث وَجُرْحه يَثْعَب دَمًا " , وَأُجِيب بِأَنَّ الْحَدِيث ظَاهِر فِي أَنَّ الْعِلَّة فِي الْأَمْر الْمَذْكُور كَوْنه كَانَ فِي النُّسُك وَهِيَ عَامَّة فِي كُلّ مُحْرِم , وَالْأَصْل أَنَّ كُلّ مَا ثَبَتَ لِوَاحِدٍ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَتَّضِح التَّخْصِيص.
وَاخْتُلِفَ فِي الصَّائِم يَمُوت هَلْ يَبْطُل صَوْمه بِالْمَوْتِ حَتَّى يَجِب قَضَاء صَوْم ذَلِكَ الْيَوْم عَنْهُ أَوْ لَا يَبْطُل ؟ وَقَالَ النَّوَوِيّ : يُتَأَوَّل هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ النَّهْي عَنْ تَغْطِيَة وَجْهه لَيْسَ لِكَوْنِ الْمُحْرِم لَا يَجُوز تَغْطِيَة وَجْهه بَلْ هُوَ صِيَانَة لِلرَّأْسِ , فَإِنَّهُمْ لَوْ غَطَّوْا وَجْهه لَمْ يُؤْمَن أَنْ يُغَطِّي رَأْسه ا ه.
وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق عَطَاء قَالَ : يُغَطِّي الْمُحْرِم مِنْ وَجْهه مَا دُون الْحَاجِبَيْنِ أَيْ مِنْ أَعْلَى.
وَفِي رِوَايَة : مَا دُون عَيْنَيْهِ.
وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَزِيد الِاحْتِيَاط لِكَشْفِ الرَّأْس , وَاللَّه أَعْلَم.
( تَكْمِلَة ) : كَانَ وُقُوع الْمُحْرِم الْمَذْكُور عِنْد الصَّخَرَات مِنْ عَرَفَة.
وَفِي الْحَدِيث إِطْلَاق الْوَاقِف عَلَى الرَّاكِب , وَاسْتِحْبَاب دَوَام التَّلْبِيَة فِي الْإِحْرَام , وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِع بِالتَّوَجُّهِ لِعَرَفَة , وَجَوَاز غَسْل الْمُحْرِم بِالسِّدْرِ وَنَحْوه مِمَّا لَا يُعَدّ طِيبًا.
وَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ اِسْتَدَلَّ عَلَى جَوَاز قَطْع سِدْر الْحَرَم بِهَذَا الْحَدِيث لِقَوْلِهِ فِيهِ " وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْر " وَاللَّه أَعْلَم.
( تَنْبِيه ) : لَمْ أَقِف فِي شَيْء مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث عَلَى تَسْمِيَة الْمُحْرِم الْمَذْكُور , وَقَدْ وَهَمَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ فَزَعَمَ أَنَّ اِسْمه وَاقِد بْن عَبْد اللَّه وَعَزَاهُ لَابْن قُتَيْبَة فِي تَرْجَمَة عُمَر مِنْ كِتَاب الْمَغَازِي , وَسَبَب الْوَهْم أَنَّ اِبْن قُتَيْبَة لَمَّا ذَكَرَ تَرْجَمَة عُمَر ذَكَرَ أَوْلَاده وَمِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , ثُمَّ ذَكَرَ أَوْلَاد عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَذَكَر فِيهِمْ وَاقِد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَقَالَ : وَقَعَ عَنْ بَعِيره وَهُوَ مُحْرِم فَهَلَكَ , فَظَنَّ هَذَا الْمُتَأَخِّر أَنَّ لِوَاقِدِ بْن عَبْد اللَّه اِبْن عُمَر صُحْبَة وَأَنَّهُ صَاحِب الْقِصَّة الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ فَإِنَّ وَاقِدًا الْمَذْكُور لَا صُحْبَة لَهُ فَإِنَّ أُمّه صَفِيَّة بِنْت أَبِي عُبَيْد إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فِي خِلَافَة أَبِيهِ عُمَر وَاخْتُلِفَ فِي صُحْبَتهَا , وَذَكَرهَا الْعِجْلِيُّ وَغَيْره فِي التَّابِعِينَ , وَوَجَدْت فِي الصَّحَابَة وَاقِد بْن عَبْد اللَّه آخَر لَكِنْ لَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ الْأَخْبَار أَنَّهُ وَقَعَ عَنْ بَعِيره فَهَلَكَ , بَلْ ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْهُمْ اِبْن سَعْد أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَة عُمَر , فَبَطَل تَفْسِير الْمُبْهَم بِأَنَّهُ وَاقِد بْن عَبْد اللَّه مِنْ كُلّ وَجْه.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ فَقَتَلَتْهُ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوهُ وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ
عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، أن عبد الله بن العباس، والمسور بن مخرمة، اختلفا بالأبواء فقال: عبد الله بن عباس يغسل المحرم رأسه، وقال المسو...
عن جابر بن زيد، سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلب...
عن سالم، عن عبد الله رضي الله عنه، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: «لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، فقال: «من لم يجد الإزار فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين»
عن البراء رضي الله عنه، " اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم: لا يدخل مكة سلاحا إلا في القراب "
عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولكل آت أتى ع...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة...
عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل عليه جبة فيه أثر صفرة أو نحوه، كان عمر يقول لي: تحب إذا نزل علي...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، إذ وقع عن راحلته، فوقصته أو قال: فأقعصته، فقال النبي صلى الله عليه و...