1888- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( بَاب ) كَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ بِلَا تَرْجَمَة , وَهُوَ مُشْتَمِل عَلَى حَدِيثَيْنِ وَأَثَر , وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَعَلُّق بِالتَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْله : فَحَدِيث " مَا بَيْن بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَة مِنْ رِيَاض الْجَنَّة " فِيهِ إِشَارَة إِلَى التَّرْغِيب فِي سُكْنَى الْمَدِينَة , وَحَدِيث عَائِشَة فِي قِصَّة وَعْك أَبِي بَكْر وَبِلَال فِيهِ دُعَاؤُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَدِينَةِ بِقَوْلِهِ " اللَّهُمَّ صَحِّحْهَا " وَفِي ذَلِكَ إِشَارَة إِلَى التَّرْغِيب فِي سُكْنَاهَا أَيْضًا , وَأَثَر عُمَر فِي دُعَائِهِ بِأَنْ تَكُون وَفَاته بِهَا ظَاهِر فِي ذَلِكَ , وَفِي كُلّ ذَلِكَ مُنَاسَبَة لِكَرَاهَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَة , أَيْ تَصِير خَالِيَة.
فَأَمَّا الْحَدِيث الْأَوَّل فِي الْمِنْبَر فَقَوْله " مَا بَيْن بَيْتِي وَمِنْبَرِي " كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن عَسَاكِر وَحْده قَبْرِي بَدَل " بَيْتِي " وَهُوَ خَطَأ , فَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الصَّلَاة قُبَيْل الْجَنَائِز بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظِ " بَيْتِي " وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُسْنَد مُسَدَّد شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ , نَعَمْ وَقَعَ فِي حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عِنْد الْبَزَّار بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَات وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر بِلَفْظِ الْقَبْر , فَعَلَى هَذَا الْمُرَاد بِالْبَيْتِ فِي قَوْله بَيْتِي أَحَد بُيُوته لَا كُلّهَا وَهُوَ بَيْت عَائِشَة الَّذِي صَارَ فِيهِ قَبْره , وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيث بِلَفْظِ " مَا بَيْن الْمِنْبَر وَبَيْت عَائِشَة رَوْضَة مِنْ رِيَاض الْجَنَّة " أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط.
قَوْله : ( رَوْضَة مِنْ رِيَاض الْجَنَّة ) أَيْ كَرَوْضَةٍ مِنْ رِيَاض الْجَنَّة فِي نُزُول الرَّحْمَة وَحُصُول السَّعَادَة بِمَا يَحْصُل مِنْ مُلَازَمَة حِلَق الذِّكْر لَا سِيَّمَا فِي عَهْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُون تَشْبِيهًا بِغَيْرِ أَدَاة , أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَة فِيهَا تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّة فَيَكُون مَجَازًا , أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِره وَأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ رَوْضَة حَقِيقَة بِأَنْ يَنْتَقِل ذَلِكَ الْمَوْضِع بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَة إِلَى الْجَنَّة.
هَذَا مُحَصَّل مَا أَوَّله الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث , وَهِيَ عَلَى تَرْتِيبهَا هَذَا فِي الْقُوَّة , وَأَمَّا قَوْله " وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي " أَيْ يُنْقَل يَوْم الْقِيَامَة فَيُنْصَب عَلَى الْحَوْض , وَقَالَ الْأَكْثَر الْمُرَاد مِنْبَره بِعَيْنِهِ الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة وَهُوَ فَوْقه , وَقِيلَ الْمُرَاد الْمِنْبَر الَّذِي يُوضَع لَهُ يَوْم الْقِيَامَة , وَالْأَوَّل أَظْهَر.
وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْمُتَقَدِّم وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْكَبِير " مِنْ حَدِيث أَبِي وَاقِد اللَّيْثِيّ رَفَعَهُ " إِنَّ قَوَائِم مِنْبَرِي رَوَاتِب فِي الْجَنَّة " وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ قَصْد مِنْبَره وَالْحُضُور عِنْده لِمُلَازَمَةِ الْأَعْمَال الصَّالِحَة يُورِد صَاحِبه إِلَى الْحَوْض وَيَقْتَضِي شُرْبه مِنْهُ , وَاللَّه أَعْلَم.
وَنَقَلَ اِبْن زَبَالَة أَنَّ ذَرْع مَا بَيْن الْمِنْبَر وَالْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْقَبْر الْآن ثَلَاث وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَقِيلَ أَرْبَع وَخَمْسُونَ وَسُدُس وَقِيلَ خَمْسُونَ إِلَّا ثُلُثَيْ ذِرَاع وَهُوَ الْآن كَذَلِكَ فَكَأَنَّهُ نَقَصَ لَمَّا أُدْخِل مِنْ الْحُجْرَة فِي الْجِدَار , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَة أَفْضَل مِنْ مَكَّة لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الَّتِي بَيْن الْبَيْت وَالْمِنْبَر مِنْ الْجَنَّة , وَقَدْ قَالَ الْحَدِيث الْآخِر " لَقَاب قَوْس أَحَدكُمْ فِي الْجَنَّة خَيْر مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " وَتَعَقَّبَهُ اِبْن حَزْم بِأَنَّ قَوْله أَنَّهَا مِنْ الْجَنَّة مَجَاز إِذْ لَوْ كَانَتْ حَقِيقَة لَكَانَتْ كَمَا وَصَفَ اللَّه الْجَنَّة ( إِنَّ لَك أَلَّا تَجُوع فِيهَا وَلَا تَعْرَى ) وَإِنَّمَا الْمُرَاد أَنَّ الصَّلَاة فِيهَا تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّة كَمَا يُقَال فِي الْيَوْم الطَّيِّب هَذَا مِنْ أَيَّام الْجَنَّة , وَكَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ " الْجَنَّة تَحْت ظِلَال السُّيُوف " قَالَ : ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَة لَمَا كَانَ الْفَضْل إِلَّا لِتِلْكَ الْبُقْعَة خَاصَّة , فَإِنْ قِيلَ إِنَّ مَا قَرُبَ مِنْهَا أَفْضَل مِمَّا بَعُدَ لَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِنَّ الْجُحْفَة أَفْضَل مِنْ مَكَّة وَلَا قَائِل بِهِ.
وَأَمَّا حَدِيث عَائِشَة فَقَوْله " وُعِكَ " بِضَمِّ أَوَّله أَيْ أَصَابَهُ الْوَعْك وَهُوَ الْحُمَّى , وَقِيلَ مَغْث الْحُمَّى , وَسَيَأْتِي شَرْح هَذَا الْحَدِيث مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْمَغَازِي أَوَّل الْهِجْرَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
بَاب حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وعك أبو بكر، وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول: كل امرئ مصبح في أه...
عن عمر رضي الله عنه، قال: «اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم»، وقال ابن زريع، عن روح بن القاسم، عن زيد بن أسلم،...
عن طلحة بن عبيد الله، أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: «الصلوا...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء، وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك»، وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه
عن عائشة رضي الله عنها،: أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان، وقال رسول الله صلى الله...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين " «وال...
عن حذيفة، قال: قال عمر رضي الله عنه، من يحفظ حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة أنا سمعته يقول: «فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، ت...
عن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال:...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أه...