2825- عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح ) أَيْ فَتْح مَكَّة , قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره : كَانَتْ الْهِجْرَة فَرْضًا فِي أَوَّل الْإِسْلَام عَلَى مَنْ أَسْلَمَ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ وَحَاجَتهمْ إِلَى الِاجْتِمَاع , فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه مَكَّة دَخَلَ النَّاس فِي دِين اللَّه أَفْوَاجًا فَسَقَطَ فَرْض الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة وَبَقِيَ فَرْض الْجِهَاد وَالنِّيَّة عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ أَوْ نَزَلَ بِهِ عَدُوّ اِنْتَهَى.
وَكَانَتْ الْحِكْمَة أَيْضًا فِي وُجُوب الْهِجْرَة عَلَى مَنْ أَسْلَمَ لِيَسْلَم مِنْ أَذَى ذَوِيهِ مِنْ الْكُفَّار فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُعَذِّبُونَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ يَرْجِع عَنْ دِينه , وَفِيهِمْ نَزَلَتْ ( إِنَّ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة ظَالِمِي أَنْفُسهمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض , قَالُوا أَلَم تَكُنْ أَرْض اللَّه وَاسِعَة فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) الْآيَة , وَهَذِهِ الْهِجْرَة بَاقِيَة الْحُكْم فِي حَقّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَار الْكُفْر وَقَدَرَ عَلَى الْخُرُوج مِنْهَا , وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق بَهْز بْن حَكِيم بْن مُعَاوِيَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه مَرْفُوعًا " لَا يَقْبَل اللَّه مِنْ مُشْرِك عَمَلًا بَعْدَمَا أَسْلَمَ أَوْ يُفَارِق الْمُشْرِكِينَ " وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث سَمُرَة مَرْفُوعًا " أَنَا بَرِيء مِنْ كُلّ مُسْلِم يُقِيم بَيْن أَظْهُر الْمُشْرِكِينَ " وَهَذَا مَحْمُول عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَن عَلَى دِينه , وَسَيَأْتِي مَزِيد لِذَلِكَ فِي أَبْوَاب الْهِجْرَة مِنْ أَوَّل كِتَاب الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( وَلَكِنْ جِهَاد وَنِيَّة ) قَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْره : هَذَا الِاسْتِدْرَاك يَقْتَضِي مُخَالَفَة حُكْم مَا بَعْده لِمَا قَبْله , وَالْمَعْنَى أَنَّ الْهِجْرَة الَّتِي هِيَ مُفَارَقَة الْوَطَن الَّتِي كَانَتْ مَطْلُوبَة عَلَى الْأَعْيَان إِلَى الْمَدِينَة اِنْقَطَعَتْ إِلَّا أَنَّ الْمُفَارَقَة بِسَبَبِ الْجِهَاد بَاقِيَة , وَكَذَلِكَ الْمُفَارَقَة بِسَبَبِ نِيَّة صَالِحَة كَالْفِرَارِ مِنْ دَار الْكُفْر وَالْخُرُوج فِي طَلَب الْعِلْم وَالْفِرَار بِالدِّينِ مِنْ الْفِتَن وَالنِّيَّة فِي جَمِيع ذَلِكَ.
قَوْله : ( وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا ) قَالَ النَّوَوِيّ : يُرِيد أَنَّ الْخَبَر الَّذِي اِنْقَطَعَ بِانْقِطَاعِ الْهِجْرَة يُمْكِن تَحْصِيله بِالْجِهَادِ وَالنِّيَّة الصَّالِحَة , وَإِذَا أَمَرَكُمْ الْإِمَام بِالْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَاد وَنَحْوه مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : قَوْله " وَلَكِنْ جِهَاد " مَعْطُوف عَلَى مَحَلّ مَدْخُول " لَا هِجْرَة " أَيْ الْهِجْرَة مِنْ الْوَطَن إِمَّا لِلْفِرَارِ مِنْ الْكُفَّار أَوْ إِلَى الْجِهَاد أَوْ إِلَى غَيْر ذَلِكَ كَطَلَبِ الْعِلْم , فَانْقَطَعَتْ الْأُولَى وَبَقِيَ الْأُخْرَيَانِ فَاغْتَنَمُوهُمَا وَلَا تَقَاعَدُوا عَنْهُمَا , بَلْ إِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.
قُلْت : وَلَيْسَ الْأَمْر فِي اِنْقِطَاع الْهِجْرَة مِنْ الْفِرَار مِنْ الْكُفَّار عَلَى مَا قَالَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْرِير ذَلِكَ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : الْهِجْرَة هِيَ الْخُرُوج مِنْ دَارَ الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام , كَانَتْ فَرْضًا فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَمَرَّتْ بَعْده لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسه , وَاَلَّتِي اِنْقَطَعَتْ أَصْلًا هِيَ الْقَصْد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَانَ.
وَفِي الْحَدِيث بِشَارَة بِأَنَّ مَكَّة تَبْقَى دَارَ إِسْلَام أَبَدًا.
وَفِيهِ وُجُوب تَعْيِين الْخُرُوج فِي الْغَزْو عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَام , وَأَنَّ الْأَعْمَال تُعْتَبَر بِالنِّيَّاتِ.
( تَكْمِلَة ) : قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة مَا مُحَصِّله : إِنَّ هَذَا الْحَدِيث يُمْكِن تَنْزِيله عَلَى أَحْوَال السَّالِك لِأَنَّهُ أَوَّلًا يُؤْمَر بِهِجْرَةٍ مَأْلُوفه حَتَّى يَحْصُل لَهُ الْفَتْح , فَإِذَا لَمْ يَحْصُل لَهُ أَمْر بِالْجِهَادِ وَهُوَ مُجَاهَدَة النَّفْس وَالشَّيْطَان مَعَ النِّيَّة الصَّالِحَة فِي ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة: يقاتل هذا في سبيل الله، فيقتل، ث...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعد ما افتتحوها، فقلت: يا رسول الله، أسهم لي، فقال بعض بني سعيد بن العاص:...
أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره مفطرا إلا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله "
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطاعون شهادة لكل مسلم»
عن البراء رضي الله عنه، يقول: لما نزلت: {لا يستوي القاعدون} من المؤمنين " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا، فجاء بكتف فكتبها، وشكا ابن أم مكتوم...
عن سهل بن سعد الساعدي، أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: " أن رسول الله صلى الله ع...
عن سالم أبي النضر، أن عبد الله بن أبي أوفى، كتب فقرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا لقيتموهم فاصبروا»
عن حميد، قال: سمعت أنسا رضي الله عنه، يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبي...