2964- عن أبي وائل، قال: قال عبد الله رضي الله عنه: لقد أتاني اليوم رجل، فسألني عن أمر ما دريت ما أرد عليه، فقال: أرأيت رجلا مؤديا نشيطا، يخرج مع أمرائنا في المغازي، فيعزم علينا في أشياء لا نحصيها؟ فقلت له: والله ما أدري ما أقول لك، إلا أنا «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فعسى أن لا يعزم علينا في أمر إلا مرة حتى نفعله، وإن أحدكم لن يزال بخير ما اتقى الله، وإذا شك في نفسه شيء سأل رجلا، فشفاه منه، وأوشك أن لا تجدوه، والذي لا إله إلا هو ما أذكر ما غبر من الدنيا إلا كالثغب شرب، صفوه وبقي كدره»
(مؤديا) ذا أداة للحرب كاملة وقيل معناه قويا متمكنا.
(نشيطا) يخف ويسرع للأمر الذي يريد فعله.
(فيعزم علينا) يشدد علينا من العزم وهو الأمر الجازم الذي لا تردد فيه.
(لا نحصيها) لا نطيقها.
(شك في نفسه شيء) شكت نفسه في شيء وتردد فيه أجائز أم لا.
(فشفاه منه) أزال مرض تردده عنه بإجابته له بالحق.
(أوشك أن لا تجدوه) كاد أن لا تجدوا من يفتي بحق ويشفي القلوب من الشبه والشكوك.
(غبر) مضي أو بقي من الغبور وهو من الأضداد يستعمل في المضي والبقاء.
(كالثغب) الماء المستنقع في الموضع المنخفض.
(صفوه) الماء الصافي منه.
(كدره) المختلط منه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( قَالَ عَبْد اللَّه ) أَيْ اِبْن مَسْعُود , وَهَذَا الْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ.
قَوْله : ( أَتَانِي الْيَوْم رَجُل ) لَمْ أَقِف عَلَى اسْمِه.
قَوْله : ( مُؤْدِيًا ) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَة وَتَحْتَانِيَّة خَفِيفَة أَيْ كَامِل الْأَدَاء أَيْ أَدَاة الْحَرْب , وَلَا يَجُوز حَذْف الْهَمْزَة مِنْهُ لِئَلَّا يَصِير مِنْ أَوْدَى إِذَا هَلَكَ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : مَعْنَاهُ قَوِيًّا , وَكَأَنَّهُ فَسَرَّهُ بِاللَّازِمِ.
وَقَوْله " نَشِيطًا " بِنُونِ وَبِمُعْجَمَة مِنْ النَّشَاط.
قَوْله : ( نَخْرُج مَعَ أُمَرَائِنَا ) كَذَا فِي الرِّوَايَة بِالنُّونِ مِنْ قَوْله نَخْرُج , وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ رَجُلًا أَحَدنَا , أَوْ هُوَ مَحْذُوف الصِّفَة أَيْ رَجُلًا مِنَّا , وَعَلَى هَذَا عَوَّلَ الْكَرْمَانِيُّ لِأَنَّ السِّيَاق يَقْتَضِي أَنْ يَقُول مَعَ اِمْرَأَته , وَفِيهِ حِينَئِذٍ اِلْتِفَات.
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون بِالتَّحْتَانِيَّةِ بَدَل النُّون وَفِيهِ أَيْضًا اِلْتِفَات.
قَوْله : ( لَا نُحْصِيهَا ) أَيْ لَا نُطِيقهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) وَقِيلَ لَا نَدْرِي أَهِيَ طَاعَة أَمْ مَعْصِيَة , وَالْأَوَّل مُطَابِق لِمَا فَهِمَ الْبُخَارِيّ فَتَرْجَمَ بِهِ , وَالثَّانِي مُوَافِق لِقَوْلِ اِبْن مَسْعُود " وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسه شَيْء سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ " , أَيْ مِنْ تَقْوَى اللَّه أَنْ لَا يَقْدُم الْمَرْء عَلَى مَا يَشُكّ فِيهِ حَتَّى يَسْأَل مَنْ عِنْده عِلْم فَيَدُلّهُ عَلَى مَا فِيهِ شِفَاؤُهُ.
وَقَوْله " شَكَّ نَفْسه فِي شَيْء " مِنْ الْمَقْلُوب , إِذْ التَّقْدِير : وَإِذَا شَكَّ نَفْسه فِي شَيْء , أَوْ ضَمّنَ شَكَّ مَعْنَى لَصِقَ , وَالْمُرَاد بِالشَّيْءِ مَا يَتَرَدَّد فِي جَوَازه وَعَدَمه.
وَقَوْله " حَتَّى يَفْعَلهُ " غَايَة لِقَوْلِهِ " لَا يَعْزِم " أَوْ لِلْعَزْمِ الَّذِي يَتَعَلَّق بِهِ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ مَرَّة.
وَالْحَاصِل أَنَّ الرَّجُل سَأَلَ اِبْن مَسْعُود عَنْ حُكْم طَاعَة الْأَمِير فَأَجَابَهُ اِبْن مَسْعُود بِالْوُجُوبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُون الْمَأْمُور بِهِ مُوَافِقًا لِتَقْوَى اللَّه تَعَالَى.
قَوْله : ( مَا غَبَرَ ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَة مَفْتُوحَتَيْنِ أَيْ مَضَى , وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَاد يُطْلَق عَلَى مَا مَضَى وَعَلَى مَا بَقِيَ , وَهُوَ هُنَا مُحْتَمَل لِلْأَمْرَيْنِ.
قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : هُوَ بِالْمَاضِي هُنَا أَشْبَهَ كَقَوْلِهِ " مَا أَذْكُر ".
وَالثَّغْب بِمُثَلَّثَةِ مَفْتُوحَة وَمُعْجَمَة سَاكِنَة وَيَجُوز فَتْحهَا.
قَالَ الْقَزَّاز : وَهُوَ أَكْثَر , وَهُوَ الْغَدِير يَكُون فِي ظِلّ فَيَبْرُد مَاؤُهُ وَيَرُوق , وَقِيلَ هُوَ مَا يَحْتَفِرهُ السَّيْل فِي الْأَرْض الْمُنْخَفِضَة فَيَصِير مِثْل الْأُخْدُود فَيَبْقَى الْمَاء فِيهِ فَتَصْفِقهُ الرِّيح فَيَصِير صَافِيًا بَارِدًا , وَقِيلَ هُوَ نَفْرُم فِي صَخْرَة يَبْقَى فِيهَا الْمَاء كَذَلِكَ ; فَشَبَّهَ مَا مَضَى مِنْ الدُّنْيَا بِمَا شُرِبَ مِنْ صَفْوه , وَمَا بَقِيَ مِنْهَا بِمَا تَأَخَّرَ مِنْ كَدَرِهِ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي زَمَان اِبْن مَسْعُود وَقَدْ مَاتَ هُوَ قَبْل مَقْتَل عُثْمَان وَوُجُود تِلْكَ الْفِتَن الْعَظِيمَة فَمَاذَا يَكُون اِعْتِقَاده فِيمَا جَاءَ بَعْد ذَلِكَ وَهَلُمَّ جَرَّا ؟ وَفِي الْحَدِيث أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ وُجُوب طَاعَة الْإِمَام , وَأَمَّا تَوَقُّف اِبْن مَسْعُود عَنْ خُصُوص جَوَابه وَعُدُوله إِلَى الْجَوَاب الْعَامّ فَلِلْإِشْكَالِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي بَقِيَّة حَدِيثه , وَيُسْتَفَاد مِنْهُ التَّوَقُّف فِي الْإِفْتَاء فِيمَا أُشْكِلَ مِنْ الْأَمْر كَمَا لَوْ أَنَّ بَعْض الْأَجْنَاد اِسْتَفْتَى أَنَّ السُّلْطَان عَيَّنَهُ فِي أَمْر مَخُوف بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَكَلَّفَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُطِيق , فَمَنْ أَجَابَهُ بِوُجُوبِ طَاعَة الْإِمَام أَشْكَلَ الْأَمْر لِمَا وَقَعَ مِنْ الْفَسَاد , وَإِنْ أَجَابَهُ بِجَوَازِ الِامْتِنَاع أَشْكَلَ الْأَمْر لِمَا قَدْ يُفْضِي بِهِ ذَلِكَ إِلَى الْفِتْنَة , فَالصَّوَاب التَّوَقُّف عَنْ الْجَوَاب فِي ذَلِكَ وَأَمْثَاله.
وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَاب.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقَدْ أَتَانِي الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نَشِيطًا يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ إِلَّا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِيَ كَدَرُهُ
عن سالم أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله، وكان كاتبا له، قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، فقرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فتلاحق بي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا على ناضح لنا، قد أعيا فلا...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان بالمدينة فزع، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة، فقال: «ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: فزع الناس، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة بطيئا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال: «...
عن سفيان، قال: سمعت مالك بن أنس، سأل زيد بن أسلم، فقال زيد: سمعت أبي يقول: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حملت على فرس في سبيل الله، فرأيته يباع، فسأ...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله، فوجده يباع، فأراد أن يبتاعه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ل...
عن ابي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولكن لا أجد حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه، و...
عن صفوان بن يعلى، عن أبيه رضي الله عنه، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فحملت على بكر، فهو أوثق أعمالي في نفسي، فاستأجرت أجيرا،...
حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثني الليث قال أخبرني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن قيس بن سعد الأنصاري رضي الله عنه وكان صاحب...