حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب فرض الخمس باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين (حديث رقم: 3134 )


3134- عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا»

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب الأنفال رقم 1739.
(سرية قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة وفي الاصطلاح كل جيش لم يكن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(قبل نجد) ناحية نجد وجهتها.
(سهامهم) جمع سهم وهو النصيب.
(نفلوا) أي أعطاهم أمير السرية من الغنيمة قبل قسمتها وأقره على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من النفل وهو الزيادة

شرح حديث (بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْلُهُ : ( بَعَثَ سَرِيَّةً ) ‏ ‏ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْمَغَازِي بَعْدَ غَزْوَةِ الطَّائِفِ , وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَكَانِهِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( قِبَلَ نَجْدٍ ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَتَهَا.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً ) ‏ ‏فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ " فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا ".
‏ ‏قَوْلُهُ : ( فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ ) ‏ ‏أَيْ أَنْصِبَاؤُهُمْ , وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرَ , وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ جَمِيعُ الْأَنْصِبَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا ) ‏ ‏وَهَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِالشَّكِّ وَالِاخْتِصَارِ وَإِيهَامِ الَّذِي نَفَلَهُمْ , وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ إِسْحَاقَ مِنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظُهُ " فَخَرَجْت فِيهَا فَأَصَبْنَا نِعَمًا كَثِيرًا وَأَعْطَانَا أَمِيرُنَا بَعِيرًا بَعِيرًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ , ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَ بَيْنَنَا غَنِيمَتَنَا فَأَصَابَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا اِثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا بَعْدَ الْخُمُسِ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ نَافِعٍ وَلَفْظُهُ " بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ قِبَلَ نَجْدٍ وَأَتْبَعْت سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ , وَكَانَ سُهْمَانُ الْجَيْشِ اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا , وَنَفَلَ أَهْلَ السَّرِيَّةِ بَعِيرًا بَعِيرًا , فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا ".
وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ " إِنَّ ذَلِكَ الْجَيْشَ كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ " قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : اِتَّفَقَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَلَى رِوَايَتِهِ بِالشَّكِّ , إِلَّا الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ شُعَيْبٍ وَمَالِكٍ جَمِيعًا فَلَمْ يَشُكَّ , وَكَأَنَّهُ حَمَلَ رِوَايَةَ مَالِكٍ عَلَى رِوَايَةِ شُعَيْبٍ.
قُلْت : وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بِغَيْرِ شَكٍّ , فَكَأَنَّهُ أَيْضًا حَمَلَ رِوَايَةَ مَالِكٍ عَلَى رِوَايَةِ اللَّيْثِ.
قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِ نَافِعٍ " اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا " بِغَيْرِ شَكٍّ لَمْ يَقَعْ الشَّكُّ فِيهِ إِلَّا مِنْ مَالِكٍ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا ) ‏ ‏بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ مُسَمًّى , وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ يُزَادُهَا الْغَازِي عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ , وَمِنْهُ نَفْلُ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَا عَدَا الْفَرْضَ.
وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي الْقَسْمِ وَالتَّنْفِيلِ هَلْ كَانَا جَمِيعًا مِنْ أَمِيرِ ذَلِكَ الْجَيْشِ أَوْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَحَدِهِمَا , فَرِوَايَةُ اِبْنِ إِسْحَاقَ صَرِيحَةٌ أَنَّ التَّنْفِيلَ كَانَ مِنْ الْأَمِيرِ وَالْقَسْمَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَظَاهِرُ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْ أَمِيرِ الْجَيْشِ , وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُقَرِّرًا لِذَلِكَ.
مُجِيزًا لَهُ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ " وَلَمْ يُغَيِّرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَهُ أَيْضًا " وَنَفَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا بَعِيرًا " ; وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّقْرِيرِ فَتَجْتَمِعُ الرِّوَايَتَانِ , قَالَ النَّوَوِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ نَفَلَهُمْ فَأَجَازَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَازَتْ نِسْبَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْجَيْشَ إِذَا اِنْفَرَدَ مِنْهُ قِطْعَةٌ فَغَنِمُوا شَيْئًا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ لِلْجَمِيعِ , قَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ , أَيْ إِذَا خَرَجَ الْجَيْشُ جَمِيعُهُ ثُمَّ اِنْفَرَدَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ اِنْتَهَى.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْجَيْشَ الْقَاعِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْجَيْشَ الْخَارِجَ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ , بَلْ قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : إِنَّ الْحَدِيثَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِنْ الْجَيْشِ عَنْ الْجَيْشِ الَّذِي فِيهِ الْإِمَامُ يَنْفَرِدُ بِمَا يَغْنَمُهُ , قَالَ : وَإِنَّمَا قَالُوا بِمُشَارَكَةِ الْجَيْشِ لَهُمْ إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ يَلْحَقُهُمْ عَوْنُهُ وَغَوْثُهُ لَوْ اِحْتَاجُوا اِنْتَهَى.
وَهَذَا الْقَيْدُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ السَّرِيَّةَ جَمِيعَ مَا غَنِمَتْهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ مُطْلَقًا , وَقِيلَ إِنَّهُ اِنْفَرَدَ بِذَلِكَ.
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّنْفِيلِ , وَمَعْنَاهُ تَخْصِيصُ مَنْ لَهُ أَثَرٌ فِي الْحَرْبِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ , لَكِنَّهُ خَصَّهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ , نَعَمْ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ بِشَرْطٍ مِنْ أَمِيرِ الْجَيْشِ كَأَنْ يُحَرِّضَ عَلَى الْقِتَالِ وَيَعِدَ بِأَنْ يُنَفِّلَ الرُّبُعَ إِلَى الثُّلُثِ قَبْلَ الْقَسْمِ , وَاعْتُلَّ بِأَنَّ الْقِتَالَ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلدُّنْيَا , قَالَ فَلَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا اِنْتَهَى.
وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ مِمَّا عَدَا الْخُمُس عَلَى أَقْوَالٍ , وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ , وَنَقَلَهُ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ شَاذٌّ عِنْدَهُمْ.
قَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ : وَحَدِيثُ الْبَابِ يَرُدُّ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُمْ نُفِّلُوا نِصْفَ السُّدُسِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ وَهَذَا وَاضِحٌ , وَقَدْ زَادَهُ اِبْنُ الْمُنِيرِ إِيضَاحًا فَقَالَ : لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا مِائَةً لَكَانَ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ أَلْفٌ وَمِائَتَا بَعِيرٍ وَيَكُونُ الْخُمُسُ مِنْ الْأَصْلِ ثَلَاثَمِائَةِ بَعِيرٍ وَخُمُسُهَا سِتُّونَ , وَقَدْ نَطَقَ الْحَدِيثُ بِأَنَّهُمْ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا فَتَكُونُ جُمْلَةُ مَا نُفِّلُوا مِائَةَ بَعِيرٍ , وَإِذَا كَانَ خُمُسُ الْخُمُسِ سِتِّينَ لَمْ يَفِ كُلُّهُ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ لِكُلٍّ مِنْ الْمِائَةِ , وَهَكَذَا كَيْفَمَا فَرَضْت الْعَدَدَ.
قَالَ : وَقَدْ أَلْجَأَ هَذَا الْإِلْزَامُ بَعْضَهُمْ فَادَّعَى أَنَّ جَمِيعَ مَا حَصَلَ لِلْغَانِمِينَ كَانَ اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا فَقِيلَ لَهُ فَيَكُونُ خُمُسُهَا ثَلَاثَةَ أَبْعِرَةٍ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ السَّرِيَّةُ كُلُّهَا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ كَذَا قِيلَ , قَالَ اِبْنُ الْمُنِيرِ : وَهُوَ سَهْوٌ عَلَى التَّفْرِيغِ الْمَذْكُورِ , بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ.
وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ : قَدْ اِنْفَصَلَ مَنْ قَالَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ النَّفَلَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِأَوْجُهٍ : ‏ ‏مِنْهَا أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَمْ تَكُنْ كُلُّهَا أَبْعِرَةً بَلْ كَانَ فِيهَا أَصْنَافٌ أُخْرَى , فَيَكُونُ التَّنْفِيلُ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الْأَصْنَافِ دُونَ بَعْضٍ , ‏ ‏ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ نَفَلَهُمْ مِنْ سَهْمِهِ مِنْ هَذِهِ الْغُزَاةِ وَغَيْرِهَا فَضَمَّ هَذَا إِلَى هَذَا فَلِذَلِكَ زَادَتْ الْعَدَّةُ , ‏ ‏ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ نَفَلَ بَعْضَ الْجَيْشِ دُونَ بَعْضٍ.
قَالَ : وَظَاهِرُ السِّيَاقِ يَرُدُّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ.
قَالَ وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَشَرَةً , وَأَنَّهُمْ غَنِمُوا مِائَةً وَخَمْسِينَ بَعِيرًا فَخَرَجَ مِنْهَا الْخُمُسُ وَهُوَ ثَلَاثُونَ وَقَسَّمَ عَلَيْهِمْ الْبَقِيَّةَ فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اِثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا ثُمَّ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا فَعَلَى هَذَا فَقَدْ نُفِّلُوا ثُلُثَ الْخُمُسِ.
قُلْت : إِنْ ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَدٌّ لِلِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ نُفِّلُوا سِتَّةً مِنْ الْعَشَرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ : النَّفَلُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ لَا نَفَلَ إِلَّا مِنْ الْخُمُسِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَكْثَرُ مَا رُوِيَ مِنْ الْأَخْبَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.
وَالَّذِي يَقْرَبُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْخُمُسِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الِاثْنَيْ عَشَرَ إِلَى سُهْمَانِهِمْ , فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْ تَقَرَّرَ لَهُمْ اِسْتِحْقَاقُهُ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَيْهِمْ فَيَبْقَى لِلنَّفَلِ مِنْ الْخُمُسِ.
قُلْت : وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ " بَلَغَنِي عَنْ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : نَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً بَعَثَهَا قِبَلَ نَجْدٍ مِنْ إِبِلٍ جَاءُوا بِهَا نَفَلًا سِوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ الْمَغْنَمِ " لَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ الطَّحَاوِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَا لِيَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ , وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ " وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ حَسَنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الْخُمُسِ لِلْمُقَاتِلَةِ.
وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ " كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفَلَ مِنْ الْخُمُسِ.
قُلْت : وَظَاهِرُهُ اِتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : إِنْ أَرَادَ الْإِمَامُ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْجَيْشِ لِمَعْنًى فِيهِ فَذَلِكَ مِنْ الْخُمُسِ لَا مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ , وَإِنْ اِنْفَرَدَتْ قِطْعَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يُنَفِّلَهَا مِمَّا غَنِمَتْ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ فَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ اِنْتَهَى.
وَهَذَا الشَّرْطُ قَالَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَتَحَدَّدُ , بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ , وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) فَفَوَّضَ إِلَيْهِ أَمْرَهَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : لَا يُنَفِّلُ مِنْ أَوَّلِ الْغَنِيمَةِ , وَلَا يُنَفِّلُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً.
وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ.
وَحَدِيثُ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ اِبْنِ إِسْحَاقَ يَدُلُّ لِمَا قَالُوا وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى تَعَيُّنِ قِسْمَةِ أَعْيَانِ الْغَنِيمَةِ لَا أَثْمَانِهَا , وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذَلِكَ اِتِّفَاقًا أَوْ بَيَانًا لِلْجَوَازِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّخْيِيرُ , وَفِيهِ أَنَّ أَمِيرَ الْجَيْشِ إِذَا فَعَلَ مَصْلَحَةً لَمْ يَنْقُضْهَا الْإِمَامُ.


حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ‏ ‏قِبَلَ ‏ ‏نَجْدٍ ‏ ‏فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا ‏ ‏وَنُفِّلُوا ‏ ‏بَعِيرًا بَعِيرًا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم ع...

عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة، سوى قسم عامة الجيش»

وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلا لمن شهد...

عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر...

لما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مناديا فنادى

عن جابرا رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قد جاءني مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا»، فلم يجئ حتى قبض النبي صلى الله عل...

لقد شقيت إن لم أعدل

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنيمة بالجعرانة، إذ قال له رجل: اعدل، فقال له: «لقد شقيت إن لم أعدل»...

لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى...

عن محمد بن جبير، عن أبيه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له»

إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد

عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة...

قتل ابي جهل

عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار -...

من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه

عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين علا رجلا من ال...

المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه

عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، أن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: «يا حكي...