3586- عن حذيفة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ كما قال، قال: هات، إنك لجريء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، تكفرها الصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر»، قال: ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: يا أمير المؤمنين، لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: يفتح الباب أو يكسر؟ قال: لا، بل يكسر، قال: ذاك أحرى أن لا يغلق، قلنا: علم عمر الباب؟ قال: نعم، كما أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله، وأمرنا مسروقا فسأله فقال: من الباب؟، قال: عمر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث حُذَيْفَة فِي ذِكْر الْفِتْنَة : قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد ) هُوَ اِبْن جَعْفَر الَّذِي يُقَال لَهُ غُنْدَر.
قَوْله : ( عَنْ سُلَيْمَان ) هُوَ الْأَعْمَش , وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَة أَصْل الْحَدِيث عَنْ أَبِي وَائِل - وَهُوَ شَقِيق بْن سَلَمَة - جَامِع بْن شَدَّاد أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف , فِي الصَّوْم , وَوَافَقَ شَقِيقًا عَلَى رِوَايَته عَنْ حُذَيْفَة رِبْعِيّ بْن حِرَاش أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَمُسْلِم.
قَوْله : ( أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظ ) ؟ فِي رِوَايَة يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ الْأَعْمَش فِي الصَّلَاة " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد عُمَر فَقَالَ : أَيّكُمْ " وَالْمُخَاطَب بِذَلِكَ الصَّحَابَة , فَفِي رِوَايَة رِبْعِيّ عَنْ حُذَيْفَة " أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ عِنْد عُمَر فَقَالَ سَأَلَ عُمَرُ أَمْسِ أَصْحَابَ مُحَمَّد أَيُّكُمْ سَمِعَ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَة ؟ قَالَ أَنَا أَحْفَظ كَمَا قَالَ " فِي رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي الزَّكَاة " أَنَا أَحْفَظهُ كَمَا قَالَهُ ".
قَوْله : ( قَالَ هَاتِ إِنَّك لَجَرِيءٌ ) فِي الزَّكَاة " إِنَّك عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ , فَكَيْف ".
قَوْله : ( فِتْنَة الرَّجُل فِي أَهْله وَمَاله وَجَاره ) زَادَ فِي الصَّلَاة " وَوَلَده ".
قَوْله : ( تُكَفِّرهَا الصَّلَاة وَالصَّدَقَة ) زَادَ فِي الصَّلَاة " وَالصَّوْم " قَالَ بَعْض الشُّرَّاح : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون كُلّ وَاحِدَة مِنْ الصَّلَاة وَمَا مَعَهَا مُكَفِّرَة لِلْمَذْكُورَاتِ كُلّهَا لَا لِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهَا , وَأَنْ يَكُون مِنْ بَاب اللَّفّ وَالنَّشْر بِأَنَّ الصَّلَاة مَثَلًا مُكَفِّرَة لِلْفِتْنَةِ فِي الْأَهْل وَالصَّوْم فِي الْوَلَد إِلَخْ , وَالْمُرَاد بِالْفِتْنَةِ مَا يَعْرِض لِلْإِنْسَانِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْبَشَر ; أَوْ الِالْتِهَاء بِهِمْ أَوْ أَنْ يَأْتِي لِأَجْلِهِمْ بِمَا لَا يَحِلّ لَهُ أَوْ يُخِلّ بِمَا يَجِب عَلَيْهِ.
وَاسْتَشْكَلَ اِبْن أَبِي حَمْزَة وُقُوع التَّفْكِير بِالْمَذْكُورَاتِ لِلْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَات وَالْإِخْلَال بِالْوَاجِبِ ; لِأَنَّ الطَّاعَات لَا تُسْقِط ذَلِكَ , فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوُقُوع فِي الْمَكْرُوه وَالْإِخْلَال بِالْمُسْتَحَبِّ لَمْ يُنَاسِب إِطْلَاق التَّكْفِير , وَالْجَوَاب اِلْتِزَام الْأَوَّل وَأَنَّ الْمُمْتَنِع مِنْ تَكْفِير الْحَرَام وَالْوَاجِب مَا كَانَ كَبِيرَة فَهِيَ الَّتِي فِيهَا النِّزَاع , وَأَمَّا الصَّغَائِر فَلَا نِزَاع أَنَّهَا تُكَفَّر لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ ) الْآيَة , وَقَدْ مَضَى شَيْء مِنْ الْبَحْث فِي هَذَا فِي كِتَاب الصَّلَاة.
وَقَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : الْفِتْنَة بِالْأَهْلِ تَقَع بِالْمَيْلِ إِلَيْهِنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ فِي الْقِسْمَة وَالْإِيثَار حَتَّى فِي أَوْلَادهنَّ , وَمِنْ جِهَة التَّفْرِيط فِي الْحُقُوق الْوَاجِبَة لَهُنَّ , وَبِالْمَالِ يَقَع الِاشْتِغَال بِهِ عَنْ الْعِبَادَة أَوْ بِحَبْسِهِ عَنْ إِخْرَاج حَقّ اللَّه , وَالْفِتْنَة بِالْأَوْلَادِ تَقَع بِالْمَيْلِ الطَّبِيعِيّ إِلَى الْوَلَد وَإِيثَاره عَلَى كُلّ أَحَد , وَالْفِتْنَة بِالْجَارِ تَقَع بِالْحَسَدِ وَالْمُفَاخَرَة وَالْمُزَاحَمَة فِي الْحُقُوق وَإِهْمَال التَّعَاهُد , ثُمَّ قَالَ : وَأَسْبَاب الْفِتْنَة بِمَنْ ذُكِرَ غَيْر مُنْحَصِرَة فِيمَا ذَكَرْت مِنْ الْأَمْثِلَة , وَأَمَّا تَخْصِيص الصَّلَاة وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا بِالتَّكْفِيرِ دُون سَائِر الْعِبَادَات فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى تَعْظِيم قَدْرهَا لَا نَفْي أَنَّ غَيْرهَا مِنْ الْحَسَنَات لَيْسَ فِيهَا صَلَاحِيَّة التَّكْفِير , ثُمَّ إِنَّ التَّكْفِير الْمَذْكُور يَحْتَمِل أَنْ يَقَع بِنَفْسِ فِعْل الْحَسَنَات الْمَذْكُورَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَقَع بِالْمُوَازَنَةِ , وَالْأَوَّل أَظْهَر , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : خُصَّ الرَّجُل بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِب صَاحِب الْحُكْم فِي دَاره وَأَهْله , وَإِلَّا فَالنِّسَاء شَقَائِق الرِّجَال فِي الْحُكْم.
ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّكْفِير لَا يَخْتَصّ بِالْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَات , بَلْ نَبَّهَ بِهَا عَلَى مَا عَدَاهَا , وَالضَّابِط أَنَّ كُلّ مَا يَشْغَل صَاحِبه عَنْ اللَّه فَهُوَ فِتْنَة لَهُ , وَكَذَلِكَ الْمُكَفِّرَات لَا تَخْتَصّ بِمَا ذُكِرَ بَلْ نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهَا , فَذَكَرَ مِنْ عِبَادَة الْأَفْعَال الصَّلَاة وَالصِّيَام , وَمِنْ عِبَادَة الْمَال الصَّدَقَة , وَمِنْ عِبَادَة الْأَقْوَال الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ.
قَوْله : ( وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوج ) أَيْ الْفِتْنَة , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي فِي الصَّلَاة , وَالْفِتْنَة بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ فِعْل أَيْ أُرِيدَ الْفِتْنَة , وَيَحْتَمِل الرَّفْع أَيْ مُرَادِي الْفِتْنَة.
تَمُوج قَوْله : ( كَمَوْجِ الْبَحْر ) أَيْ تَضْطَرِب اِضْطِرَاب الْبَحْر عِنْد هَيَجَانه , وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ شِدَّة الْمُخَاصَمَة وَكَثْرَة الْمُنَازَعَة وَمَا يَنْشَأ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْمُشَاتَمَة وَالْمُقَاتَلَة.
قَوْله : ( يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لَا بَأْس عَلَيْك مِنْهَا ) زَادَ فِي رِوَايَة رِبْعِيّ " تُعْرَض الْفِتَن عَلَى الْقُلُوب فَأَيّ قَلْب أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَة بَيْضَاء حَتَّى يَصِير أَبْيَض مِثْل الصَّفَاة لَا تَضُرّهُ فِتْنَة , وَأَيّ قَلْب أُشْرِبَهَا نَكَتَتْ فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء حَتَّى يَصِير أَسْوَد كَالْكُوزِ مَنْكُوسًا لَا يَعْرِف مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِر مُنْكَرًا , وَحَدَّثَتْهُ أَنَّ بَيْنهَا وَبَيْنه بَابًا مُغْلَقًا ".
قَوْله : ( إِنَّ بَيْنك وَبَيْنهَا بَابًا مُغْلَقًا ) أَيْ لَا يَخْرُج مِنْهَا شَيْء فِي حَيَاتك , قَالَ اِبْن الْمُنِير : آثَرَ حُذَيْفَة الْحِرْص عَلَى حِفْظ السِّرّ وَلَمْ يُصَرِّح لِعُمَر بِمَا سَأَلَ عَنْهُ , وَإِنَّمَا كَنَّى عَنْهُ كِنَايَة , وَكَأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي مِثْل ذَلِكَ.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون حُذَيْفَة عَلِمَ أَنَّ عُمَر يُقْتَل , وَلَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُخَاطِبهُ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ عُمَر كَانَ يَعْلَم أَنَّهُ الْبَاب فَأَتَى بِعِبَارَةٍ يَحْصُل بِهَا الْمَقْصُود بِغَيْرِ تَصْرِيح بِالْقَتْلِ اِنْتَهَى.
وَفِي لَفْظ طَرِيق رِبْعِيّ مَا يُعَكِّر عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا سَأَذْكُرُهُ , وَكَأَنَّهُ مَثَّلَ الْفِتَن بِدَارٍ , وَمَثَّلَ حَيَاة عُمَر بِبَابٍ لَهَا مُغْلَق , وَمَثَّلَ مَوْته بِفَتْحِ ذَلِكَ الْبَاب , فَمَا دَامَتْ حَيَاة عُمَر مَوْجُودَة فَهِيَ الْبَاب الْمُغْلَق لَا يَخْرُج مِمَّا هُوَ دَاخِل تِلْكَ الدَّار شَيْء , فَإِذَا مَاتَ فَقَدْ اِنْفَتَحَ ذَلِكَ الْبَاب فَخَرَجَ مَا فِي تِلْكَ الدَّار.
قَوْله : ( قَالَ يُفْتَح الْبَاب أَوْ يُكْسَر ؟ قَالَ : لَا بَلْ يُكْسَر , قَالَ : ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَق ) زَادَ فِي الصِّيَام " ذَاكَ أَجْدَر أَنْ لَا يُغْلَق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " , قَالَ اِبْن بَطَّال : إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَة أَنَّ الْغَلْق إِنَّمَا يَقَع فِي الصَّحِيح , فَأَمَّا إِذَا اِنْكَسَرَ فَلَا يُتَصَوَّر غَلْقه حَتَّى يُجْبَر اِنْتَهَى.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون كَنَّى عَنْ الْمَوْت بِالْفَتْحِ وَعَنْ الْقَتْل بِالْكَسْرِ وَلِهَذَا قَالَ فِي رِوَايَة رِبْعِيّ " فَقَالَ عُمَر كَسْرًا لَا أَبَا لَك " لَكِنْ بَقِيَّة رِوَايَة رِبْعِيّ تَدُلّ عَلَى مَا قَدَّمْته , فَإِنَّ فِيهِ " وَحَدَّثْته أَنَّ ذَلِكَ الْبَاب رَجُل يُقْتَل , أَوْ يَمُوت " وَإِنَّمَا قَالَ عُمَر ذَلِكَ اِعْتِمَادًا عَلَى مَا عِنْده مِنْ النُّصُوص الصَّرِيحَة فِي وُقُوع الْفِتَن فِي هَذِهِ الْأُمَّة وَوُقُوع الْبَأْس بَيْنهمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَسَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَام حَدِيث جَابِر فِي قَوْله تَعَالَى ( أَوْ يَلْبِسكُمْ شِيَعًا وَيُذِيق بَعْضكُمْ بَأْس بَعْض ) الْآيَة , وَقَدْ وَافَقَ حُذَيْفَة عَلَى مَعْنَى رِوَايَته هَذِهِ أَبُو ذَرّ , فَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَاله ثِقَات أَنَّهُ " لَقِيَ عُمَر فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَغَمَزَهَا , فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرّ : أَرْسِلْ يَدِي يَا قُفْل الْفِتْنَة " الْحَدِيث.
وَفِيهِ أَنَّ أَبَا ذَرّ قَالَ " لَا يُصِيبكُمْ فِتْنَة مَا دَامَ فِيكُمْ " وَأَشَارَ إِلَى عُمَر.
وَرَوَى الْبَزَّار مِنْ حَدِيث قُدَامَةَ بْن مَظْعُون عَنْ أَخِيهِ عُثْمَان أَنَّهُ قَالَ لَعُمَر يَا غَلْق الْفِتْنَة , فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ " مَرَرْت وَنَحْنُ جُلُوس عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَذَا غَلْق الْفِتْنَة , لَا يَزَال بَيْنكُمْ وَبَيْن الْفِتْنَة بَاب شَدِيد الْغَلْق مَا عَاشَ ".
قَوْله : ( قُلْنَا عَلِمَ عُمَر الْبَاب ) فِي رِوَايَة جَامِع بْن شَدَّاد " فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ : سَلْهُ أَكَانَ عُمَر يَعْلَم مَنْ الْبَاب ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ : نَعَمْ " وَفِي رِوَايَة أَحْمَد عَنْ وَكِيع عَنْ الْأَعْمَش " فَقَالَ مَسْرُوق لِحُذَيْفَة : يَا أَبَا عَبْد اللَّه كَانَ عُمَر يَعْلَم ".
قَوْله : ( كَمَا أَنَّ دُون غَد اللَّيْلَة ) أَيْ أَنَّ لَيْلَة غَد أَقْرَب إِلَى الْيَوْم مِنْ غَد.
قَوْله : ( إِنِّي حَدَّثْته ) هُوَ بَقِيَّة كَلَام حُذَيْفَة , وَالْأَغَالِيط جَمْع أُغْلُوطَة وَهُوَ مَا يُغَالَط بِهِ , أَيْ حَدَّثْته حَدِيثًا صِدْقًا مُحَقَّقًا مِنْ حَدِيث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَنْ اِجْتِهَاد وَلَا رَأْي.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال : إِنَّمَا عَلِمَ عُمَر أَنَّهُ الْبَاب لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِرَاء أَبُو بَكْر وَعُثْمَان , فَرَجَفَ , فَقَالَ : اُثْبُتْ ; فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِيّ وَصِدِّيق وَشَهِيدَانِ " أَوْ فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْل حُذَيْفَة " بَلْ يُكْسَر " اِنْتَهَى.
وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ عُمَر عَلِمَ الْبَاب بِالنَّصِّ كَمَا قَدَّمْت عَنْ عُثْمَان بْن مَظْعُون وَأَبِي ذَرّ , فَلَعَلَّ حُذَيْفَة حَضَرَ ذَلِكَ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَدْء الْخَلْق حَدِيث عُمَر أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّث عَنْ بَدْء الْخَلْق حَتَّى دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة مَنَازِلهمْ , وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث حُذَيْفَة أَنَّهُ قَالَ " أَنَا أَعْلَم النَّاس بِكُلِّ فِتْنَة هِيَ كَائِنَة فِيمَا بَيْنِي وَبَيْن السَّاعَة " وَفِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مَعَهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَة مَاتُوا قَبْله , فَإِنْ قِيلَ إِذَا كَانَ عُمَر عَارِفًا بِذَلِكَ فَلِمَ شَكَّ فِيهِ حَتَّى سَأَلَ عَنْهُ ؟ فَالْجَوَاب أَنَّ ذَلِكَ يَقَع مِثْله عِنْد شِدَّة الْخَوْف , أَوْ لَعَلَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُون نَسِيَ فَسَأَلَ مَنْ يُذَكِّرهُ , وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد.
قَوْله : ( فَهِبْنَا ) بِكَسْرِ الْهَاء أَيْ خِفْنَا , وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حُسْن تَأَدُّبهمْ مَعَ كِبَارهمْ.
قَوْله : ( وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا ) هُوَ اِبْن الْأَخْدَع مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ , وَكَانَ مِنْ أَخِصَّاء أَصْحَاب اِبْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وَغَيْرهمَا مِنْ كِبَار الصَّحَابَة.
قَوْله : ( فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ الْبَاب قَالَ عُمَر ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : تَقَدَّمَ قَوْله " إِنَّ بَيْن الْفِتْنَة وَبَيْن عُمَر بَابًا " فَكَيْف يُفَسِّر الْبَاب بَعْد ذَلِكَ أَنَّهُ عُمَر ؟ وَالْجَوَاب أَنَّ فِي الْأَوَّل تَجَوُّزًا وَالْمُرَاد بَيْن الْفِتْنَة وَبَيْن حَيَاة عُمَر , أَوْ بَيْن نَفْس عُمَر وَبَيْن الْفِتْنَة بَدَنه ; لِأَنَّ الْبَدَن غَيْر النَّفْس.
( تَنْبِيهٌ ) : غَالِب الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة وَهَلُمَّ جَرًّا يَتَعَلَّق بِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْأُمُور الْآتِيَة بَعْده فَوَقَعَتْ عَلَى وَفْق مَا أَخْبَرَ بِهِ , وَالْيَسِير مِنْهَا وَقَعَ فِي زَمَانه , وَلَيْسَ فِي جَمِيعهَا مَا يَخْرُج عَنْ ذَلِكَ إِلَّا حَدِيث الْبَرَاء فِي نُزُول السَّكِينَة , وَحَدِيثه عَنْ أَبِي بَكْر فِي قِصَّة سُرَاقَة , وَحَدِيث أَنَس فِي الَّذِي اِرْتَدَّ فَلَمْ تَقْبَلهُ الْأَرْض.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ ح حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ قَالَ هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ لَيْسَتْ هَذِهِ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ قَالَ لَا بَلْ يُكْسَرُ قَالَ ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ قُلْنَا عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجو...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا، وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين...
عن قيس، قال: أتينا أبا هريرة رضي الله عنه، فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن، سمعته يقول...
عن عمرو بن تغلب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «بين يدي الساعة تقاتلون قوما ينتعلون الشعر، وتقاتلون قوما كأن وجوههم المجان المطرقة»
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي،...
عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "يأتي على الناس زمان يغزون، فيقال لهم: فيكم من صحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقولون نعم،...
عن عدي بن حاتم، قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: «يا عدي، هل رأيت الحي...
عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: «إني فرطكم، وأنا شهيد عليكم، إني وا...
عن أسامة رضي الله عنه، قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم، على أطم من الآطام، فقال: «هل ترون ما أرى؟ إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر»