3610-
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل».
فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال: «دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه، - وهو قدحه -، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس» قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته
أخرجه مسلم في الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم رقم 1064.
(خبت وخسرت) أي أنت الخائب والخاسر إذا ظننت أني لا أعدل لأنك تعتقد نفسك تابعا لمن هذه صفته.
(يحقر أحدكم صلاته) يجدها قليلة ويظنها أقل ثوابا وقبولا.
(مع صلاتهم) إذا قارنها بصلاتهم.
(لا يجاوز تراقيهم) لا يتعداها والتراقي جمع ترقوة وهي عظم يصل ما بين ثغرة النحر والعاتق والمراد لا يفقهون معناه ولا تخشع له قلوبهم ولا يؤثر في نفوسهم فلا يعملون بمقتضاه.
(يمرقون) يخرجون منه سريعا دون أن يستفيدوا منه.
(الرمية) هو الصيد المرمي شبه مروقهم من الدين بمروق السهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه دون أن يعلق به شيء منه لشدة سرعة خروجه.
(نصله) حديدة السهم.
(رصافه) هو العصب الذي يلوى فوق مدخل النصل.
(قدحه) هو عود السهم قبل أن يوضع له الريش.
(قذذه) جمع قذة وهي واحدة الريش الذي يعلق على السهم.
(قد سبق الفرث والدم) أي لم يتعلق به شيء منهما لشدة سرعته والفرث ما يجتمع في الكرش مما تأكله ذوات الكروش.
(آيتهم) علامتهم.
(البضعة) قطعة اللحم.
(تدردر) تضطرب وتذهب وتجيء.
(حين فرقة) أي زمن افتراق بينهم وفي رواية (على خير فرقة) أي أفضل طائفة.
(نعت النبي) أي على وصفه الذي وصفه وحدده
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي ذِكْر ذِي الْخُوَيْصِرَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَف مِنْهُ فِي قِصَّة عَاد مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء , وَأَحَلْت عَلَى شَرْحه فِي الْمَغَازِي وَهُوَ فِي أَوَاخِرهَا مِنْ وَجْه آخَر مُطَوَّلًا , وَقَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " فَقَالَ عُمَر اِئْذَنْ لِي أَضْرِب عُنُقه " لَا يُنَافِي قَوْله فِي تِلْكَ الرِّوَايَة " فَقَالَ خَالِد " لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون كُلّ مِنْهُمَا سَأَلَ فِي ذَلِكَ.
وَقَوْله هُنَا " دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا " لَيْسَتْ الْفَاء لِلتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا هِيَ لِتَعْقِيبِ الْأَخْبَار , وَالْحُجَّة لِذَلِكَ ظَاهِرَة فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة.
وَقَوْله ( لَا يُجَاوِز ) وَيَحْتَمِل أَنَّهُ لِكَوْنِهِ لَا تَفْقَههُ قُلُوبهمْ وَيَحْمِلُونَهُ عَلَى غَيْر الْمُرَاد بِهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ تِلَاوَتهمْ لَا تَرْتَفِع إِلَى اللَّه , وَقَوْله ( يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين ) إِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهِ الْإِسْلَام فَهُوَ حُجَّة لِمَنْ يُكَفِّر الْخَوَارِج , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالدِّينِ الطَّاعَة فَلَا يَكُون فِيهِ حُجَّة وَإِلَيْهِ جَنَحَ الْخَطَّابِيُّ , وَقَوْله ( الرَّمِيَّة ) بِوَزْنِ فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة وَهُوَ الصَّيْد الْمَرْمِيّ , شَبَّهَ مُرُوقهمْ مِنْ الدِّين بِالسَّهْمِ الَّذِي يُصِيب الصَّيْد فَيَدْخُل فِيهِ وَيَخْرُج مِنْهُ , وَمِنْ شِدَّة سُرْعَة خُرُوجه لِقُوَّةِ الرَّامِي لَا يَعْلَق مِنْ جَسَد الصَّيْد شَيْء.
وَقَوْله ( يَنْظُر فِي نَصْله ) أَيْ حَدِيدَة السَّهْم وَ " رِصَافه " بِكَسْرِ الرَّاء ثُمَّ مُهْمَلَة ثُمَّ فَاء عَصَبه الَّذِي يَكُون فَوْق مَدْخَل النَّصْل , وَالرِّصَاف جَمْعٌ وَاحِدُهُ رَصَفَة بِحَرَكَاتٍ وَ " نَضِيّه " بِفَتْحِ النُّون وَحُكِيَ ضَمّهَا وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَة بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثَقِيلَة قَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيث بِالْقِدْحِ بِكَسْرِ الْقَاف وَسُكُون الدَّال أَيْ عُود السَّهْم قَبْل أَنْ يُرَاشَ وَيُنَصَّل , وَقِيلَ هُوَ مَا بَيْن الرِّيش وَالنَّصْل قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ , قَالَ اِبْن فَارِس : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ بُرِيَ حَتَّى عَادَ نِضْوًا أَيْ هَزِيلًا.
وَحَكَى الْجَوْهَرِيّ عَنْ بَعْض أَهْل اللُّغَة أَنَّ النَّضِيّ النَّصْل , وَالْأَوَّل أَوْلَى , وَ " الْقُذَذ " بِضَمِّ الْقَاف وَمُعْجَمَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَة جَمْع قُذَّة وَهِيَ رِيش السَّهْم يُقَال لِكُلِّ وَاحِدَة قُذَّة , وَيُقَال هُوَ أَشْبَه بِهِ مِنْ الْقُذَّة بِالْقُذَّةِ لِأَنَّهَا تُجْعَل عَلَى مِثَال وَاحِد.
وَقَوْله ( آيَتهمْ ) أَيْ عَلَامَتهمْ , وَقَوْله ( بَضْعَة ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة أَيْ قِطْعَة لَحْم , وَقَوْله ( تُدَرْدِر ) بِدَالَيْنِ وَرَاءَيْنِ مُهْمَلَات أَيْ تَضْطَرِب , وَالدَّرْدَرَة صَوْت إِذَا اِنْدَفَعَ سُمِعَ لَهُ اِخْتِلَاط , وَقَوْله ( عَلَى حِين فُرْقَة ) أَيْ زَمَان فُرْقَة , وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاء أَيْ اِفْتِرَاق , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " عَلَى خَيْر " بِخَاءٍ مُعْجَمَة وَرَاء أَيْ أَفْضَل , وَفِرْقَة بِكَسْرِ الْفَاء أَيْ طَائِفَة وَهِيَ رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ , وَيُؤَيِّد الْأَوَّل حَدِيث مُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي سَعِيد " تَمْرُق مَارِقَة عِنْد فُرْقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ " أَخْرَجَهُ هَكَذَا مُخْتَصَرًا مِنْ وَجْهَيْنِ , وَفِي هَذَا وَفِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَقْتُل عَمَّارًا الْفِئَة الْبَاغِيَة " دَلَالَة وَاضِحَة عَلَى أَنَّ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ كَانُوا عَلَى الْحَقّ وَأَنَّ مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانُوا مُخْطِئِينَ فِي تَأْوِيلهمْ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَوْله فِي آخِر الْحَدِيث " فَأُتِيَ بِهِ " أَيْ بِذِي الْخُوَيْصِرَة " حَتَّى نَظَرْت إِلَيْهِ عَلَى نَعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ " يُرِيد مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنه أَسْوَد إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْل ثَدْي الْمَرْأَة إِلَخْ , قَالَ بَعْض أَهْل اللُّغَة : النَّعْت يَخْتَصّ بِالْمَعَانِي كَالطُّولِ وَالْقِصَر وَالْعَمَى وَالْخَرَس , وَالصِّفَة بِالْفِعْلِ كَالضَّرْبِ وَالْجُرُوح.
وَقَالَ غَيْره : النَّعْت لِلشَّيْءِ الْخَاصّ وَالصِّفَة أَعَمّ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ
عن سويد بن غفلة، قال: قال علي رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما ب...
عن خباب بن الأرت، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: «كان...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته، منكس...
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قرأ رجل الكهف، وفي الدار الدابة، فجعلت تنفر، فسلم، فإذا ضبابة، أو سحابة غشيته، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:...
عن البراء بن عازب، يقول: جاء أبو بكر رضي الله عنه، إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال: فحملته معه، وخرج أبي ينتق...
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: «لا بأس،...
عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رجل نصرانيا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا...
عن أبي هريرة، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا هلك كسرى، فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده، لتنفقن كنوزهم...
عن جابر بن سمرة، رفعه، قال: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وذكر وقال: لتنفقن كنوزهما في سبيل الله "