3666- عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دعي من أبواب، - يعني الجنة، - يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام، وباب الريان»، فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، وقال: هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِيمَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ أَيْ شَيْئَيْنِ.
قَوْله : ( مَنْ شَيْء مِنْ الْأَشْيَاء ) أَيْ مِنْ أَصْنَاف الْمَال.
قَوْله : ( فِي سَبِيل اللَّه ) أَيْ فِي طَلَب ثَوَاب اللَّه , وَهُوَ أَعَمّ مِنْ الْجِهَاد وَغَيْره مِنْ الْعِبَادَات.
قَوْله : ( دُعِيَ مِنْ أَبْوَاب يَعْنِي الْجَنَّة ) كَذَا وَقَعَ هُنَا وَكَأَنَّ لَفْظَة " الْجَنَّة " سَقَطَتْ مِنْ بَعْض الرُّوَاة فَلِأَجْلِ مُرَاعَاة الْمُحَافَظَة عَلَى اللَّفْظ زَادَ " يَعْنِي " , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَام مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيّ بِلَفْظِ " مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة " بِغَيْرِ تَرَدُّد.
وَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ كُلّ عَامِل يُدْعَى مِنْ بَاب ذَلِكَ الْعَمَل , وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " لِكُلِّ عَامِل بَاب مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة يُدْعَى مِنْهُ بِذَلِكَ الْعَمَل " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَابْن أَبِي شَيْبَة بِإِسْنَادٍ صَحِيح.
قَوْله : ( يَا عَبْد اللَّه هَذَا خَيْر ) لَفْظ " خَيْر " بِمَعْنَى فَاضِل لَا بِمَعْنَى أَفْضَل وَإِنْ كَانَ اللَّفْظ قَدْ يُوهِم ذَلِكَ , فَفَائِدَته زِيَادَة تَرْغِيب السَّامِع فِي طَلَب الدُّخُول مِنْ ذَلِكَ الْبَاب , وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الْجِهَاد بَيَان الدَّاعِي مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَلَفْظه " دَعَاهُ خَزَنَة الْجَنَّة كُلّ خَزَنَة بَاب " أَيْ خَزَنَة كُلّ بَاب " أَيْ فُلُ هَلُمَّ " , وَلَفْظَة " فُلُ " لُغَة فِي فُلَان , وَهِيَ بِالضَّمِّ , وَكَذَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَة , وَقِيلَ إِنَّهَا تَرْخِيمهَا فَعَلَى هَذَا فَتُفْتَح اللَّام.
قَوْله : ( فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصَّلَاة دُعِيَ مِنْ بَاب الصَّلَاة ) وَقَعَ فِي الْحَدِيث ذِكْر أَرْبَعَة أَبْوَاب مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة , وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الْجِهَاد " وَإِنَّ أَبْوَاب الْجَنَّة ثَمَانِيَة " وَبَقِيَ مِنْ الْأَرْكَان الْحَجّ فَلَهُ بَاب بِلَا شَكّ , وَأَمَّا الثَّلَاثَة الْأُخْرَى فَمِنْهَا بَاب الْكَاظِمِينَ الْغَيْظ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاس رَوَاهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْ رَوْح بْن عُبَادَةَ عَنْ أَشْعَث عَنْ الْحَسَن مُرْسَلًا " إِنَّ لِلَّهِ بَابًا فِي الْجَنَّة لَا يَدْخُلهُ إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْ مَظْلِمَة " وَمِنْهَا الْبَاب الْأَيْمَن وَهُوَ بَاب الْمُتَوَكِّلِينَ الَّذِي يَدْخُل مِنْهُ مَنْ لَا حِسَاب عَلَيْهِ وَلَا عَذَاب , وَأَمَّا الثَّالِث فَلَعَلَّهُ بَاب الذِّكْر فَإِنَّ عِنْد التِّرْمِذِيّ مَا يُومِئ إِلَيْهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بَاب الْعِلْم وَاَللَّه أَعْلَم , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِالْأَبْوَابِ الَّتِي يُدْعَى مِنْهَا أَبْوَاب مِنْ دَاخِل أَبْوَاب الْجَنَّة الْأَصْلِيَّة لِأَنَّ الْأَعْمَال الصَّالِحَة أَكْثَر عَدَدًا مِنْ ثَمَانِيَة , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( فَقَالَ أَبُو بَكْر مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَاب مِنْ ضَرُورَة ) زَادَ فِي الصِّيَام " فَهَلْ يُدْعَى أَحَد مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَاب كُلّهَا " وَفِي الْحَدِيث إِشْعَار بِقِلَّةِ مَنْ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَاب كُلّهَا , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا يُتَطَوَّع بِهِ مِنْ الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة لَا وَاجِبَاتهَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِالْوَاجِبَاتِ كُلّهَا , بِخِلَافِ التَّطَوُّعَات فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِجَمِيعِ أَنْوَاع التَّطَوُّعَات , ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيع الْأَبْوَاب عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم لَهُ , وَإِلَّا فَدُخُوله إِنَّمَا يَكُون مِنْ بَاب وَاحِد , وَلَعَلَّهُ بَاب الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ عُمَر " مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " الْحَدِيث وَفِيهِ " فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَاب الْجَنَّة يَدْخُل مِنْ أَيّهَا شَاءَ " فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِره أَنَّهُ يُعَارِضهُ , لِأَنَّهُ يُحْمَل عَلَى أَنَّهَا تُفْتَح لَهُ عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم , ثُمَّ عِنْد دُخُوله لَا يَدْخُل إِلَّا مِنْ بَاب الْعِلْم الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
( تَنْبِيه ) : الْإِنْفَاق فِي الصَّلَاة وَالْجِهَاد وَالْعِلْم وَالْحَجّ ظَاهِر , وَأَمَّا الْإِنْفَاق فِي غَيْرهَا فَمُشْكِل , وَيُمْكِن أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْإِنْفَاقِ فِي الصَّلَاة فِيمَا يَتَعَلَّق بِوَسَائِلِهَا مِنْ تَحْصِيل آلَاتهَا مِنْ طَهَارَة وَتَطْهِير ثَوْب وَبَدَن وَمَكَان , وَالْإِنْفَاق فِي الصِّيَام بِمَا يُقَوِّيه عَلَى فِعْله وَخُلُوص الْقَصْد فِيهِ , وَالْإِنْفَاق فِي الْعَفْو عَنْ النَّاس يُمْكِن أَنْ يَقَع بِتَرْكِ مَا يَجِب لَهُ مِنْ حَقّ , وَالْإِنْفَاق فِي التَّوَكُّل بِمَا يُنْفِقهُ عَلَى نَفْسه فِي مَرَضه الْمَانِع لَهُ مِنْ التَّصَرُّف فِي طَلَب الْمَعَاش مَعَ الصَّبْر عَلَى الْمُصِيبَة , أَوْ يُنْفِق عَلَى مَنْ أَصَابَهُ مِثْل ذَلِكَ طَلَبًا لِلثَّوَابِ , وَالْإِنْفَاق فِي الذِّكْر عَلَى نَحْو مِنْ ذَلِكَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ الْمُرَاد بِالْإِنْفَاقِ فِي الصَّلَاة وَالصِّيَام بَذْل النَّفْس فِيهِمَا , فَإِنَّ الْعَرَب تُسَمِّي مَا يَبْذُلهُ الْمَرْء مِنْ نَفْسه نَفَقَة كَمَا يُقَال أَنْفَقْت فِي طَلَب الْعِلْم عُمْرِي وَبَذَلْت فِيهِ نَفْسِي , وَهَذَا مَعْنًى حَسَن.
وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : زَوْجَيْنِ النَّفْس وَالْمَال لِأَنَّ الْمَال فِي الصَّلَاة وَالصِّيَام وَنَحْوهمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّم , وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ النَّفَقَة فِي الصِّيَام تَقَع بِتَفْطِيرِ الصَّائِم وَالْإِنْفَاق عَلَيْهِ , لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِع إِلَى بَاب الصَّدَقَة.
قَوْله : ( وَأَرْجُو أَنْ تَكُون مِنْهُمْ ) قَالَ الْعُلَمَاء : الرَّجَاء مِنْ اللَّه وَمِنْ نَبِيّه وَاقِع , وَبِهَذَا التَّقْرِير يَدْخُل الْحَدِيث فِي فَضَائِل أَبِي بَكْر.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد اِبْن حِبَّانَ فِي نَحْو هَذَا الْحَدِيث التَّصْرِيح بِالْوُقُوعِ لِأَبِي بَكْر وَلَفْظه " قَالَ أَجَلْ وَأَنْتَ هُوَ يَا أَبَا بَكْر " وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْء عُرِفَ بِهِ , وَأَنَّ أَعْمَال الْبَرّ قَلَّ أَنْ تَجْتَمِع جَمِيعهَا لِشَخْصٍ وَاحِد عَلَى السَّوَاء , وَأَنَّ الْمَلَائِكَة يُحِبُّونَ صَالِحِي بَنِي آدَم وَيَفْرَحُونَ بِهِمْ , فَإِنَّ الْإِنْفَاق كُلَّمَا كَانَ أَكْثَر كَانَ أَفْضَل , وَأَنَّ تَمَنِّي الْخَيْر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَطْلُوب.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ يَعْنِي الْجَنَّةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ وَبَابِ الرَّيَّانِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ وَقَالَ هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ
عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات وأبو بكر بالسنح، - قال: إسماعيل يعني بالعالية - فقام عمر يق...
عن محمد ابن الحنفية، قال: قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أبو بكر»، قلت: ثم من؟ قال: «ثم عمر»، وخشيت أن يقول عثمان، قلت:...
عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره»، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسو...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد، ذهبا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه» تابع...
عن أبي موسى الأشعري، أنه توضأ في بيته، ثم خرج، فقلت: لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأكونن معه يومي هذا، قال: فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى ال...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان فرجف بهم، فقال: «اثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان»
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا على بئر أنزع منها، جاءني أبو بكر، وعمر، فأخذ أبو بكر الدلو، فنزع...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إني لواقف في قوم، فدعوا الله لعمر بن الخطاب، وقد وضع على سريره، إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي، يقول: رحمك ال...
عن عروة بن الزبير، قال: سألت عبد الله بن عمرو، عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت عقبة بن أبي معيط، جاء إلى النبي صلى الل...