3798-
عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا فقال رجل من الأنصار: أنا فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء.
فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، أو عجب، من فعالكما فأنزل الله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.»
أخرجه مسلم في الأشربة، باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره، رقم: ٢٠٥٤.
(رجل) هو أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه.
(أصبحي) أوقدي ونوري.
(يريانه) من الإراءة، أي يتظاهران بذلك.
(ضحك) أي رضي.
(يؤثرون) يختارون ويفضلون.
(خصاصة) حاجة.
(يوق شح نفسه) يخالف هواها ويغلبها على ما أمرته، بتوفيق الله وعونه، من الوقاية وهي الحفظ، والشح: البخل والحرص.
/الحشر: ٩/.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه وَسَيَأْتِي أَنَّهُ أَنْصَارِيّ زَادَ فِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة عَنْ فُضَيْلِ بْن غَزْوَانَ فِي التَّفْسِير " فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَنِي الْجَهْد " أَيْ الْمَشَقَّة مِنْ الْجُوع , وَفِي رِوَايَة جَرِير عَنْ فُضَيْلِ بْن غَزْوَانَ عِنْد مُسْلِم " إِنِّي مَجْهُود ".
قَوْله : ( فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ ) أَيْ يَطْلُب مِنْهُنَّ مَا يُضَيِّفهُ بِهِ.
قَوْله : ( فَقُلْنَ مَا مَعَنَا ) أَيْ مَا عِنْدنَا ( إِلَّا الْمَاء ) وَفِي رِوَايَة جَرِير " مَا عِنْدِي " وَفِيهِ مَا يُشْعِر بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّل الْحَال قَبْل أَنْ يَفْتَح اللَّه لَهُمْ خَيْبَر وَغَيْرهَا.
قَوْله : ( مَنْ يَضُمّ أَوْ يُضَيِّف ) أَيْ مَنْ يُؤْوِي هَذَا فَيُضَيِّفهُ , وَكَأَنَّ " أَوْ " لِلشَّكِّ , وَفِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة " أَلَا رَجُل يُضَيِّفهُ هَذِهِ اللَّيْلَة يَرْحَمهُ اللَّه ".
قَوْله : ( فَقَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار ) زَعَمَ اِبْن التِّين أَنَّهُ ثَابِت بْن قَيْس بْن شَمَّاس , وَقَدْ أَوْرَدَ ذَلِكَ اِبْن بَشْكُوَال مِنْ طَرِيق أَبِي جَعْفَر بْن النَّحَّاس بِسَنَدِهِ لَهُ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّل النَّاجِي مُرْسَلًا , وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل الْقَاضِي فِي " أَحْكَام الْقُرْآن " وَلَكِنَّ سِيَاقه يُشْعِر بِأَنَّهَا قِصَّة أُخْرَى لِأَنَّ لَفْظه " أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار عَبَرَ عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام لَا يَجِد مَا يُفْطِر عَلَيْهِ وَيُصْبِح صَائِمًا حَتَّى فَطِنَ لَهُ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ ثَابِت بْن قَيْس " فَقَصَّ الْقِصَّة , وَهَذَا لَا يَمْنَع التَّعَدُّد فِي الصَّنِيع مَعَ الضَّيْف وَفِي نُزُول الْآيَة , قَالَ اِبْن بَشْكُوَال : وَقِيلَ : هُوَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , وَلَمْ يَذْكُر لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا , وَرَوَى أَبُو الْبَخْتَرِيّ الْقَاضِي أَحَد الضُّعَفَاء الْمَتْرُوكِينَ فِي " كِتَاب صِفَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَهُ أَنَّهُ أَبُو هُرَيْرَة رَاوِي الْحَدِيث , وَالصَّوَاب الَّذِي يَتَعَيَّن الْجَزْم بِهِ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَا وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن فُضَيْلِ بْن غَزْوَانَ عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادِ الْبُخَارِيّ " فَقَامَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو طَلْحَة " وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْخَطِيب لَكِنَّهُ قَالَ : أَظُنّهُ غَيْر أَبِي طَلْحَة زَيْد بْن سَهْل الْمَشْهُور , وَكَأَنَّهُ اِسْتَبْعَدَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ أَبَا طَلْحَة زَيْد بْن سَهْل مَشْهُور لَا يَحْسُن أَنْ يُقَال فِيهِ " فَقَامَ رَجُل يُقَال لَهُ أَبُو طَلْحَة " وَالثَّانِي : أَنَّ سِيَاق الْقِصَّة يُشْعِر بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْده مَا يَتَعَشَّى بِهِ هُوَ وَأَهْله حَتَّى اِحْتَاجَ إِلَى إِطْفَاء الْمِصْبَاح , وَأَبُو طَلْحَة زَيْد بْن سَهْل كَانَ أَكْثَر أَنْصَارِيّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا فَيَبْعُد أَنْ يَكُون بِتِلْكَ الصِّفَة مِنْ التَّقَلُّل , وَيُمْكِن الْجَوَاب عَنْ الِاسْتِبْعَادَيْنِ , وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( إِلَّا قُوت صِبْيَانِيّ ) يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هُوَ وَامْرَأَته تَعَشَّيَا وَكَانَ صِبْيَانهمْ حِينَئِذٍ فِي شُغْلهمْ أَوْ نِيَامًا فَأَخَّرُوا لَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ , أَوْ نَسَبُوا الْعَشَاء إِلَى الصِّبْيَة لِأَنَّهُمْ إِلَيْهِ أَشَدّ طَلَبًا , وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة " وَنَطْوِي بُطُوننَا اللَّيْلَة " وَفِي آخِر هَذِهِ الرِّوَايَة أَيْضًا " فَأَصْبَحَا طَاوِيَيْنِ " , وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة وَكِيع عِنْد مُسْلِم " فَلَمْ يَكُنْ عِنْده إِلَّا قُوته وَقُوت صِبْيَانه ".
قَوْله : ( وَأَصْبِحِي سِرَاجك ) بِهَمْزَةِ قَطْع أَيْ أَوْقِدِيهِ.
قَوْله : ( نَوِّمِي صِبْيَانك ) فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " عَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ ".
قَوْله : ( فَجَعَلَا يُرَيَانِهِ كَأَنَّهُمَا ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ بِحَذْفِ الْكَاف مِنْ كَأَنَّهُمَا , وَقَوْله : " طَاوِيَيْنِ " أَيْ بِغَيْرِ عَشَاء.
قَوْله : ( ضَحِكَ اللَّه اللَّيْلَة أَوْ عَجِبَ مِنْ فَعَالكُمَا ) فِي رِوَايَة جَرِير " مِنْ صَنِيعك " وَفِي رِوَايَة التَّفْسِير " مِنْ فُلَان وَفُلَانَة " وَنِسْبَة الضَّحِك وَالتَّعَجُّب إِلَى اللَّه مَجَازِيَّة وَالْمُرَاد بِهِمَا الرِّضَا بِصَنِيعِهِمَا , وَقَوْله : " فَعَالكُمَا " فِي رِوَايَة " فَعْلكُمَا " بِالْإِفْرَادِ , قَالَ فِي الْبَارِع : الْفَعَال بِالْفَتْحِ اِسْم الْفِعْل الْحَسَن مِثْل الْجُود وَالْكَرْم , وَفِي التَّهْذِيب : الْفَعَال بِالْفَتْحِ فِعْل الْوَاحِد فِي الْخَيْر خَاصَّة يُقَال هُوَ كَرِيم الْفَعَال بِفَتْحِ الْفَاء , وَقَدْ يُسْتَعْمَل فِي الشَّرّ , وَالْفِعَال بِالْكَسْرِ إِذَا كَانَ الْفِعْل بَيْن اِثْنَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ مَصْدَر فَاعِل مِثْل قَاتَلَ قِتَالًا.
قَوْله : ( فَأَنْزَلَ اللَّه : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ إِلَخْ ) هَذَا هُوَ الْأَصَحّ فِي سَبَب نُزُول هَذِهِ الْآيَة , وَعِنْد اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق مُحَارِب بْن دِثَار عَنْ اِبْن عُمَر " أُهْدِي لِرَجُلٍ رَأْس شَاة فَقَالَ : إِنَّ أَخِي وَعِيَاله أَحْوَج مِنَّا إِلَى هَذَا فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ , فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَث بِهِ وَاحِد إِلَى آخَر حَتَّى رَجَعَتْ إِلَى الْأَوَّل بَعْد سَبْعَة , فَنَزَلَتْ " وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون نَزَلَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ كُلّه , قِيلَ : فِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى نُفُوذ فِعْل الْأَب فِي الِابْن الصَّغِير وَإِنْ كَانَ مَطْوِيًّا عَلَى ضَرَر خَفِيف إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَة دِينِيَّة أَوْ دُنْيَوِيَّة , وَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا عُرِفَ بِالْعَادَةِ مِنْ الصَّغِير الصَّبْر عَلَى مِثْل ذَلِكَ , وَالْعِلْم عِنْد اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ مَا مَعَنَا إِلَّا الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَا فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي فَقَالَ هَيِّئِي طَعَامَكِ وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ أَوْ عَجِبَ مِنْ فَعَالِكُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ }
عن أنس بن مالك يقول: «مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسل...
عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفة متعطفا بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء، حتى جلس على المنبر، فحمد ال...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأنصار كرشي وعيبتي، والناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم».<br...
عن البراء رضي الله عنه يقول: «أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير، فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها، فقال: أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد ب...
عن جابر رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ.» وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن أناسا نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إليه فجاء على حمار، فلما بلغ قريبا من المسجد، قال النبي صلى الله عليه وسل...
عن أنس رضي الله عنه: «أن رجلين خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما.» وقال معمر، عن...
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي، ومعاذ بن...
عن أبي أسيد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأن...