4203-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «شهدنا خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدعي الإسلام: هذا من أهل النار.
فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة، فكاد بعض الناس يرتاب، فوجد الرجل ألم الجراحة، فأهوى بيده إلى كنانته، فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه، فاشتد رجال من المسلمين فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه، فقال: قم يا فلان، فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر،» تابعه معمر، عن الزهري.
4204- وقال شبيب، عن يونس، عن ابن شهاب: أخبرني ابن المسيب، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب: أن أبا هريرة قال: شهدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، وقال ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تابعه صالح عن الزهري.
وقال الزبيدي: أخبرني الزهري: أن عبد الرحمن بن كعب أخبره: أن عبيد الله بن كعب قال: أخبرني من شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، قال الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبد الله وسعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(كنانته) الكنانة جعبة صغيرة من جلد يوضع فيها النبل.
(فاشتد) أسرع في الجري.
(فلان) هو بلال رضي الله عنه.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( شَهِدْنَا خَيْبَرَ ) أَرَادَ جَيْشَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ , لِأَنَّ الثَّابِتَ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَر , وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ بَعْدَ فَتْحِ مُعْظَمِ خَيْبَرَ فَحَضَرَ فَتْحَ آخِرِهَا , لَكِنْ مَضَى فِي الْجِهَاد مِنْ طَرِيق عَنْبَسَةَ بْن سَعِيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : " أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَر بَعْدَمَا اِفْتَتَحَهَا فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَسْهِمْ لِي " وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ آخِرَ هَذَا الْبَابِ.
قَوْله : ( فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصَبِ.
قَوْله : ( فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ ) أَيْ عَنْ رَجُلٍ , وَاللَّام قَدْ تَأْتِي بِمَعْنَى عَنْ مِثْل قَوْله تَعَالَى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي شَأْنه أَيْ سَبَبه , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ).
قَوْله : ( فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فِي الْجِهَاد " فَكَادَ بَعْض النَّاس أَنْ يَرْتَاب " فَفِيهِ دُخُول أَنْ عُلَى خَبَرِ كَادَ , وَهُوَ جَائِز مَعَ قِلَّتِهِ.
قَوْله : ( قُمْ يَا فُلَان ) هُوَ بِلَال كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الْقَدَرِ.
قَوْله : ( إِنَّ اللَّه يُؤَيِّدُ ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيّ " لَيُؤَيِّدُ " قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ فِي أَنْ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا.
قَوْلُهُ : ( بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ , وَالْمُرَاد بِهِ قُزْمَانُ الْمَذْكُور , وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ.
قَوْله : ( تَابَعَهُ مَعْمَر ) أَيْ تَابَعَ شُعَيْبًا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ , وَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْجِهَادِ مَقْرُونًا بِرِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
قَوْله : ( وَقَالَ شَبِيبُ ) أَيْ اِبْنُ سَعِيد ( عَنْ يُونُس ) أَيْ اِبْن يَزِيد ( عَنْ اِبْن شِهَاب ) أَيْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
قَوْله : ( شَهِدْنَا حُنَيْنًا ) يُرِيد أَنَّ يُونُسَ خَالَفَ مَعْمَرًا وَشُعَيْبًا فَذَكَرَ بَدَل خَيْبَر لَفْظَةَ " حُنَيْنٍ " وَرِوَايَة شَبِيب هَذِهِ وَصَلَهَا النَّسَائِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى طَرَفٍ مِنْ الْحَدِيثِ , وَأَوْرَدَهَا الذُّهْلِيُّ فِي " الزُّهْرِيَّاتِ " وَيَعْقُوب بْن سُفْيَان فِي تَارِيخِهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَحْمَدَ بْن شَبِيب عَنْ أَبِيهِ بِتَمَامِهِ , وَأَحْمَد مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ غَيْر هَذَا , وَقَدْ وَافَقَ يُونُس مَعْمَرًا وَشُعَيْبًا فِي الْإِسْنَادِ , لَكِنْ زَادَ فِيهِ مَعَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه مِنْ كَعْب بْن مَالِك , وَسَاقَ الْحَدِيث عَنْهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.
قَوْله : ( وَقَالَ اِبْن الْمُبَارَك عَنْ يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) يَعْنِي وَافَقَ شَبِيبًا فِي لَفْظ " حُنَيْنٍ " وَخَالَفَهُ فِي الْإِسْنَادِ فَأَرْسَلَ الْحَدِيثَ , وَطَرِيق اِبْن الْمُبَارَك هَذِهِ وَصَلَهَا فِي الْجِهَادِ وَلَمْ أَرَ فِيهَا تَعْيِينَ الْغَزْوَةِ.
قَوْله : ( وَتَابَعَهُ صَالِح ) يَعْنِي اِبْن كَيْسَانَ ( عَنْ الزُّهْرِيِّ ) وَهَذِهِ الْمُتَابَعَة ذَكَرَهَا الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخِهِ.
قَالَ : " قَالَ لِي عَبْد الْعَزِيز الْأُوَيْسِيّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن سَعْد عَنْ صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ اِبْن شِهَاب أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك أَنَّ بَعْض مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ : هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ " الْحَدِيث فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَابَعَةِ أَنَّ صَالِحًا تَابَعَ رِوَايَةَ اِبْن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُس فِي تَرْكِ ذِكْرِ اِسْمِ الْغَزْوَةِ , لَا فِي بَقِيَّةِ الْمَتْنِ وَلَا فِي الْإِسْنَادِ.
وَقَدْ رَوَاهُ يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيمَ بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِح عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ : " عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْمُسَيِّبِ " مُرْسَلًا وَوَهَمَ فِيهِ , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُول " عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن كَعْب وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب " فَذَهِلَ.
قَوْله : ( وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْن كَعْب أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْد اللَّه بْن كَعْب قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر ) قَالَ الزُّهْرِيُّ : " وَأَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه وَسَعِيد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ " عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه " هَكَذَا أَوْرَدَ الْبُخَارِيّ طَرِيق الزُّبَيْدِيِّ هَذِهِ مُعَلَّقَة مُخْتَصَرَة , وَأَجْحَفَ فِيهَا فِي الِاخْتِصَار فَإِنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَوْصُولَةِ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن وَبَيْنَ رِوَايَتِهِ الْمُرْسَلَةِ عَنْ سَعِيدِ وَعُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّه , وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي التَّارِيخِ , وَكَذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " الْمُسْتَخْرَجِ " وَالذُّهْلِيّ فِي " الزُّهْرِيَّاتِ " فَأَخْرَجُوهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْد اللَّه بْن سَالِم الْحِمْصِيّ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ فَسَاقَ الْحَدِيثَ الْمَوْصُولَ بِالْقِصَّةِ ثُمَّ سَاقَ بَعْدَهُ " قَالَ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّة إِلَّا رَجُلٌ مُؤْمِن , وَاَللَّهُ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ " هَذَا سِيَاقُ الْبُخَارِيّ , وَفِي سِيَاق الذُّهْلِيِّ " قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ " وَهَذَا أَصْوَبُ مِنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيّ الْجَيَّانِيّ , وَقَدْ اِقْتَضَى صَنِيع الْبُخَارِيّ تَرْجِيح رِوَايَة شُعَيْب وَمَعْمَرٍ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ مُحْتَمَلَةٌ وَهَذِهِ عَادَتُهُ فِي الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ إِذَا رَجَحَ بَعْضُهَا عِنْدَهُ اِعْتَمَدَهُ وَأَشَارَ إِلَى الْبَقِيَّةِ , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَدْحَ فِي الرِّوَايَةِ الرَّاجِحَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الِاضْطِرَابِ أَنْ تَتَسَاوَى وُجُوهُ الِاخْتِلَافِ فَلَا يُرَجَّحُ شَيْءٌ مِنْهَا , وَذَكَرَ مُسْلِم فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ فِيهِ اِخْتِلَافًا آخَرَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَقَالَ : " حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الْحَلْوَانِيّ عَنْ يَعْقُوبَ بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ اِبْن شِهَاب أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ إِنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِن.
قَالَ الْحَلْوَانِيّ : قُلْت لِيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم مَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُسَيِّبِ هَذَا ؟ قَالَ كَانَ لِسَعِيدِ بْن الْمُسَيِّبِ أَخ اِسْمه عَبْد الرَّحْمَن , وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُسَيِّبِ , فَأَظُنّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْكِنَانِيُّ.
قَالَ مُسْلِم وَلَيْسَ مَا قَالَ يَعْقُوب بِشَيْءٍ , وَإِنَّمَا سَقَطَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ وَاو وَاحِدَة فَفَحُشَ خَطَؤُهُ , وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ , فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن كَعْب وَابْن الْمُسَيِّبِ هُوَ سَعِيد , وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ اِبْن أَخِيهِ وَمُوسَى بْن عُقْبَة وَيُونُس بْن يَزِيد , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَا رَجَّحَ الذُّهْلِيُّ رِوَايَةَ شُعَيْبٍ وَمَعْمَرٍ قَالَ : وَلَا تُدْفَعُ رِوَايَةُ الْأَخِيرَيْنِ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَقَعُ لَهُ الْحَدِيثُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فَيَحْمِلُهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ بِحَسَبِ ذَلِكَ , نَعَمْ سَاقَ مِنْ طَرِيق مُوسَى بْن عُقْبَة وَابْن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُوَافَقَة الزُّبَيْدِيّ عَلَى إِرْسَالِ آخِرِ الْحَدِيثِ , قَالَ الْمُهَلَّبُ : هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ , وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ.
وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : " هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " أَيْ إِنْ لَمْ يَغْفِر اللَّهُ لَهُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِين أَصَابَتْهُ الْجِرَاحَة اِرْتَابَ وَشَكَّ فِي الْإِيمَان أَوْ اِسْتَحَلَّ قَتْل نَفْسه فَمَاتَ كَافِرًا.
وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيَّة الْحَدِيث " لَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا نَفْس مُسْلِمَة " وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْن الْمُنِير.
وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاجِرِ أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا , وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّا لَا نَسْتَعِين بِمُشْرِكٍ " لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ يُظْهِرُ الْكُفْرَ أَوْ هُوَ مَنْسُوخ , وَفِي الْحَدِيثِ إِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُغَيَّبَاتِ , وَذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ الظَّاهِرَة , وَفِيهِ جَوَاز إِعْلَام الرَّجُل الصَّالِح بِفَضِيلَةٍ تَكُونُ فِيهِ وَالْجَهْرُ بِهَا.
( تَنْبِيه ) : الْمُنَادِي بِذَلِكَ بِلَال , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم فِي رِوَايَة " قُمْ يَا اِبْن الْخَطَّاب " وَعِنْد الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الْمُنَادِيَ بِذَلِكَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , وَيُجْمَع بِأَنَّهُمْ نَادَوْا جَمِيعًا فِي جِهَات مُخْتَلِفَة.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ قُمْ يَا فُلَانُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَابَعَهُ صَالِحٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، أو قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشرف الناس على واد،...
عن يزيد بن أبي عبيد قال: «رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت...
عن سهل قال: «التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه، فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا ف...
عن أبي عمران قال: «نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة، فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر.»
عن سلمة رضي الله عنه قال: «كان علي رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلح...
عن سهل بن سعد رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قدمنا خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن، ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب، وقد قتل زوجها وكانت عروسا، فاصطفاها النبي ص...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام، حتى أعرس بها، وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب.»
عن أنس رضي الله عنه يقول: «أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز و...