حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب المغازي  باب غزوة الطائف (حديث رقم: 4330 )


4330- عن ‌عبد الله بن زيد بن عاصم قال: «لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي.
كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: كلما قال شيئا، قالوا: الله ورسوله أمن، قال: لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض.»

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في الزكاة، باب: أعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام .
، رقم ١٠٦١.
(أفاء) أعطاه الغنائم، وأصل الفيئ الرجوع، فكأن الأموال في الأصل للمسلمين، فغلب عليها الكفار، ثم رجعت إليهم.
(وجدوا) حزنوا.
(ما أصاب الناس) لم ينلهم ما نال الناس من العطاء.
(عالة) جمع عائل وهو الفقير.
(أمن) من المن، وهو الفضل.
(كذا وكذا) كناية عما يقال.
(شعار) هو الثوب الذي يلي الجلد من البدن.
(دثار) هو الثوب الذي يكون فوق الشعار.
(أثرة) ينفرد بالمال المشترك ونحوه دونكم، ويفضل عليكم بذلك غيركم.
(الحوض) الذي هو لي في الجنة.

شرح حديث (يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي )

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا وُهَيْب ) ‏ ‏هُوَ اِبْن خَالِد.
‏ ‏قَوْله : ( عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَحْمَد عَنْ عَفَّانَ عَنْ وُهَيْب " حَدَّثَنَا عَمْرو بْن يَحْيَى " وَهُوَ الْمَازِنِيّ الْأَنْصَارِيّ الْمَدَنِيّ , وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر عِنْد مُسْلِم عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى بْن عُمَارَة.
‏ ‏قَوْله : ( لَمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله يَوْم حُنَيْنٍ ) ‏ ‏أَيْ أَعْطَاهُ غَنَائِم الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ يَوْم حُنَيْنٍ , وَأَصْل الْفَيْء الرَّدّ وَالرُّجُوع , وَمِنْهُ سُمِّيَ الظِّلّ بَعْد الزَّوَال فَيْئًا لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ جَانِب إِلَى جَانِب , فَكَأَنَّ أَمْوَال الْكُفَّار سُمِّيَتْ فَيْئًا لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْل لِلْمُؤْمِنِينَ إِذْ الْإِيمَان هُوَ الْأَصْل وَالْكُفْر طَارِئ عَلَيْهِ , فَإِذَا غَلَبَ الْكُفَّار عَلَى شَيْء مِنْ الْمَال فَهُوَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي فَإِذَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ فَكَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَيْهِمْ مَا كَانَ لَهُمْ , وَقَدْ قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر بِحَبْسِ الْغَنَائِم بَالْجِعِرَّانَةِ , فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ الطَّائِف وَصَلَ إِلَى الْجِعِرَّانَة فِي خَامِس ذِي الْقَعْدَة , وَكَانَ السَّبَب فِي تَأْخِير الْقِسْمَة مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث الْمِسْوَر رَجَاء أَنْ يُسَلِّمُوا , وَكَانُوا سِتَّة آلَاف نَفْس مِنْ النِّسَاء وَالْأَطْفَال وَكَانَتْ الْإِبِل أَرْبَعَة وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَالْغَنَم أَرْبَعِينَ أَلْف شَاة.
‏ ‏قَوْله : ( قَسَمَ فِي النَّاس ) ‏ ‏حَذَفَ الْمَفْعُول وَالْمُرَاد بِهِ الْغَنَائِم , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَس فِي الْبَاب " يُعْطِي رِجَالًا الْمِائَة مِنْ الْإِبِل ".
‏ ‏وَقَوْله : ( فِي الْمُؤَلَّفَة قُلُوبهمْ ) ‏ ‏بَدَل بَعْض مِنْ كُلّ , وَالْمُرَاد بِالْمُؤَلَّفَةِ نَاس مِنْ قُرَيْش أَسْلَمُوا يَوْم الْفَتْح إِسْلَامًا ضَعِيفًا , وَقِيلَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُسْلِم بَعْد كَصَفْوَان بْن أُمَيَّة.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ فِي الْمُرَاد بِالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبهمَا الَّذِينَ هُمْ أَحَد الْمُسْتَحَقِّينَ لِلزَّكَاةِ فَقِيلَ : كُفَّار يُعْطَوْنَ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَام , وَقِيلَ مُسْلِمُونَ لَهُمْ أَتْبَاع كُفَّار لِيَتَأَلَّفُوهُمْ , وَقِيلَ مُسْلِمُونَ أَوَّل مَا دَخَلُوا فِي الْإِسْلَام لِيَتَمَكَّن الْإِسْلَام مِنْ قُلُوبهمْ.
وَأَمَّا الْمُرَاد بِالْمُؤَلَّفَةِ هُنَا فَهَذَا الْأَخِير لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ فِي الْبَاب " فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْد بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفهُمْ ".
وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس الْآتِي فِي " بَاب قَسْم الْغَنَائِم فِي قُرَيْش " وَالْمُرَاد بِهِمْ مَنْ فُتِحَتْ مَكَّة وَهُمْ فِيهَا , وَفِي رِوَايَة لَهُ " فَأَعْطَى الطُّلَقَاء وَالْمُهَاجِرِينَ " وَالْمُرَاد بِالطُّلَقَاءِ جَمْع طَلِيق : مَنْ حَصَلَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنّ عَلَيْهِ يَوْم فَتْح مَكَّة مِنْ قُرَيْش وَأَتْبَاعهمْ , وَالْمُرَاد بِالْمُهَاجِرِينَ مَنْ أَسْلَمَ قَبْل فَتْح مَكَّة وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة.
وَقَدْ سَرَدَ أَبُو الْفَضْل بْن طَاهِر فِي " الْمُبْهَمَات " لَهُ أَسْمَاء الْمُؤَلَّفَة وَهُمْ ( س ) أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب , وَسُهَيْل بْن عَمْرو , وَحُوَيْطِب بْن عَبْد الْعُزَّى , ( س ) وَحَكِيم بْن حِزَام , وَأَبُو السَّنَابِل بْن بِعَكَكِ , وَصَفْوَان بْن أُمَيَّة , وَعَبْد الرَّحْمَن بْن يَرْبُوع وَهَؤُلَاءِ مِنْ قُرَيْش , وَعُيَيْنَة بْن حُصَيْن الْفَزَارِيّ وَالْأَقْرَع بْن حَابِس التَّمِيمِيّ وَعَمْرو بْن الْأَيْهَم التَّمِيمِيّ , ( س ) وَالْعَبَّاس بْن مِرْدَاس السِّلْمِيّ , ( س ) وَمَالك بْن عَوْف النَّضِرَيْ , وَالْعَلَاء بْن حَارِثَة الثَّقَفِيّ وَفِي ذِكْر الْأَخِيرِينَ نَظَّرَ : فَقَبْل إِنَّهُمَا جَاءَا طَائِعِينَ مِنْ الطَّائِف إِلَى الْجِعْرَانَة , وَذَكَر الْوَاقِدَيْ فِي الْمُؤَلَّفَة ( س ) مُعَاوِيَة وَيَزِيد اِبْنِي أَبِي سُفْيَان , وَأُسِيد بْن حَارِثَة , وَمُخَرَّمَة بْن نَوْفَل , ( س ) وَسَعِيد بْن يَرْبُوع , ( س ) وَقِيسَ بْن عَدِّي ( س ) وَعَمْرو بْن وَهَبَ , ( س ) وَهِشَام بْن عَمْرو.
وَذَكَر اِبْن إِسْحَاق مِنْ ذَكَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَة سِين وَزَادَ : النُّضْر بْن الْحَارِث , وَالْحَارِث بْن هِشَام , وَجِبِّير بْن مَطْعَم.
وَمِمَّنْ ذَكَره فَمنهمْ أَبُو عُمَر سُفْيَان بْن عَبْد الْأَسَد , وَالسَّائِب بْن أَبِي السَّائِب , وَمُطِيع بْن الْأَسْوَد وَأَبُو جَهْم بْن حُذَيْفَة.
وَذَكَر اِبْن الْجَوْزِيّ فِيهِمْ زَيْد الْخَيْل , وَعَلْقَمَة بْن عُلَاثَة , وَحَكِيم بْن طَلَّقَ بْن سُفْيَان بْن أُمَيَّة وَخَالِد بْن قِيسَ السَّهْمِيّ , وَعُمَيْر بْن مِرْدَاس.
وَذَكَر غَيْرهمْ فِيهِمْ قَيْس بْن مَخْرَمَة , وَأُحَيْحَة بْن أُمَيَّة بْن خَلْف , وَابْن أَبِي شَرِيق , وَحَرْمَلَة بْن هَوْذَة , وَخَالِد بْن هَوْذَة , وَعِكْرِمَة بْن عَامِر الْعَبْدَرِيُّ , وَشَيْبَة بْن عُمَارَة , وَعَمْرو بْن وَرِقَة , وَلِبَيْدِ بْن رَبِيعَة , وَالْمُغِيرَة بْن الْحَارِث , وَهِشَام بْن الْوَلِيد الْمَخْزُومِيّ.
فَهَؤُلَاءِ زِيَادَة عَلَى أَرْبَعِينَ نَفْسًا.
‏ ‏قَوْله : ( وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَار شَيْئًا ) ‏ ‏ظَاهِر فِي أَنَّ الْعَطِيَّة الْمَذْكُورَة كَانَتْ مِنْ جَمِيع الْغَنِيمَة , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " : الْإِجْرَاء عَلَى أُصُول الشَّرِيعَة أَنَّ الْعَطَاء الْمَذْكُور كَانَ مِنْ الْخُمُس , وَمِنْهُ كَانَ أَكْثَر عَطَايَاهُ , وَقَدْ قَالَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَة لِلْأَعْرَابِيِّ : " مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُس , وَالْخُمُس مَرْدُود فِيكُمْ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , وَعَلَى الْأَوَّل فَيَكُون ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِهَذِهِ الْوَاقِعَة.
وَقَدْ ذَكَرَ السَّبَب فِي ذَلِكَ فِي رِوَايَة قَتَادَةَ عَنْ أَنَس فِي الْبَاب حَيْثُ قَالَ : " إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيث عَهْد بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَة , وَإِنِّي أَرَدْت أَنْ أَجِيرهمْ وَأَتَأَلَّفهُمْ ".
قُلْت : الْأَوَّل هُوَ الْمُعْتَمَد , وَسَيَأْتِي مَا يُؤَكِّدهُ.
وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيّ جَزَمَ بِهِ الْوَاقِدِيُّ , وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إِذَا اِنْفَرَدَ فَكَيْف إِذَا خَالَفَ , وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ تَصَرَّفَ فِي الْغَنِيمَة لِأَنَّ الْأَنْصَار كَانُوا اِنْهَزَمُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا حَتَّى وَقَعَتْ الْهَزِيمَة عَلَى الْكُفَّار فَرَدَّ اللَّه أَمْر الْغَنِيمَة لِنَبِيِّهِ.
وَهَذَا مَعْنَى الْقَوْل السَّابِق بِأَنَّهُ خَاصّ بِهَذِهِ الْوَاقِعَة , وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْد أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْخُمُس , وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : اِقْتَضَتْ حِكْمَة اللَّه أَنَّ فَتْح مَكَّة كَانَ سَبَبًا لِدُخُولِ كَثِير مِنْ قَبَائِل الْعَرَب فِي الْإِسْلَام وَكَانُوا يَقُولُونَ : دَعُوهُ وَقَوْمه , فَإِنْ غَلَبَهُمْ دَخَلْنَا فِي دِينه , وَإِنْ غَلَبُوهُ كَفَوْنَا أَمْره.
فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ اِسْتَمَرَّ بَعْضهمْ عَلَى ضَلَاله فَجَمَعُوا لَهُ وَتَأَهَّبُوا لِحَرْبِهِ , وَكَانَ مِنْ الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنَّ يَظْهَر أَنَّ اللَّه نَصَرَ رَسُوله لَا بِكَثْرَةِ مَنْ دَخَلَ فِي دِينه مِنْ الْقَبَائِل وَلَا بِانْكِفَافِ قَوْمه عَنْ قِتَاله , ثُمَّ لَمَّا قَدَّرَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ غَلَبَته إِيَّاهُمْ قَدّر وُقُوع هَزِيمَة الْمُسْلِمِينَ مَعَ كَثْرَة عَدَدهمْ وَقُوَّة عَدَدهمْ لِيَتَبَيَّن لَهُمْ أَنَّ النَّصْر الْحَقّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْده لَا بِقُوَّتِهِمْ , وَلَوْ قَدَّرَ أَنْ لَا يَغْلِبُوا الْكُفَّار اِبْتِدَاء لَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ شَامِخ الرَّأْس مُتَعَاظِمًا , فَقَدَّرَ هَزِيمَتهمْ ثُمَّ أَعْقَبَهُمْ النَّصْر لِيَدْخُلُوا مَكَّة كَمَا دَخَلَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْفَتْح مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا , وَاقْتَضَتْ حِكْمَته أَيْضًا أَنَّ غَنَائِم الْكُفَّار لَمَّا حَصَلَتْ ثُمَّ قُسِّمَتْ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَمَكَّن الْإِيمَان مِنْ قَلْبه لِمَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الطَّبْع الْبَشَرِيّ فِي مَحَبَّة الْمَال فَقَسَمَهُ فِيهِمْ لِتَطْمَئِنّ قُلُوبهمْ وَتَجْتَمِع عَلَى مَحَبَّته , لِأَنَّهَا جُبِلَتْ عَلَى حُبّ مَنْ أَحْسَن إِلَيْهَا.
وَمَنَعَ أَهْل الْجِهَاد مِنْ أَكَابِر الْمُهَاجِرِينَ وَرُؤَسَاء الْأَنْصَار مَعَ ظُهُور اِسْتِحْقَاقهمْ لِجَمِيعِهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَسَمَ ذَلِكَ فِيهِمْ لَكَانَ مَقْصُورًا عَلَيْهِمْ , بِخِلَافِ قِسْمَته عَلَى الْمُؤَلَّفَة لِأَنَّ فِيهِ اِسْتِجْلَاب قُلُوب أَتْبَاعهمْ الَّذِينَ كَانُوا يَرْضَوْنَ إِذَا رَضِيَ رَئِيسهمْ , فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَطَاء سَبَبًا لِدُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَام وَلِتَقْوِيَةِ قَلْب مَنْ دَخَلَ فِيهِ قَبْل تَبِعَهُمْ مَنْ دُونهمْ فِي الدُّخُول , فَكَانَ فِي ذَلِكَ عَظِيم الْمَصْلَحَة.
وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْسِم فِيهِمْ مِنْ أَمْوَال أَهْل مَكَّة عِنْد فَتْحهَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا مَعَ اِحْتِيَاج الْجُيُوش إِلَى الْمَال الَّذِي يُعِينهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ , فَحَرَّكَ اللَّه قُلُوب الْمُشْرِكِينَ لِغَزْوِهِمْ , فَرَأَى كَثِيرهمْ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ فَكَانُوا غَنِيمَة لِلْمُسْلِمِينَ , وَلَوْ لَمْ يَقْذِف اللَّه فِي قَلْب رَئِيسهمْ أَنَّ سَوْقه مَعَهُ هُوَ الصَّوَاب لَكَانَ الرَّأْي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ دُرَيْد فَخَالَفَهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَصْيِيرِهِمْ غَنِيمَة لِلْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ اِقْتَضَتْ تِلْكَ الْحِكْمَة أَنْ تُقَسَّم تِلْكَ الْغَنَائِم فِي الْمُؤَلَّفَة وَيُوَكِّل مَنْ قَلْبه مُمْتَلِئ بِالْإِيمَانِ إِلَى إِيمَانه.
ثُمَّ كَانَ مِنْ تَمَام التَّأْلِيف رَدّ مَنْ سُبِيَ مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ , فَانْشَرَحَتْ صُدُورهمْ لِلْإِسْلَامِ فَدَخَلُوا طَائِعِينَ رَاغِبِينَ , وَجَبَرَ ذَلِكَ قُلُوب أَهْل مَكَّة بِمَا نَالَهُمْ مِنْ النَّصْر وَالْغَنِيمَة عَمَّا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الْكَسْر وَالرُّعْب فَصَرَفَ عَنْهُمْ شَرّ مَنْ كَانَ يُجَاوِرهُمْ مِنْ أَشَدّ الْعَرَب مِنْ هَوَازِن وَثَقِيف بِمَا وَقَعَ بِهِمْ مِنْ الْكَسْرَة وَبِمَا قَيَّضَ لَهُمْ مِنْ الدُّخُول فِي الْإِسْلَام , وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ أَهْل مَكَّة يُطِيقُونَ مُقَاوَمَة تِلْكَ الْقَبَائِل مَعَ شِدَّتهَا وَكَثْرَتهَا.
وَأَمَّا قِصَّة الْأَنْصَار وَقَوْل مَنْ قَالَ مِنْهُمْ فَقَدْ اِعْتَذَرَ رُؤَسَاؤُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ بَعْض أَتْبَاعهمْ , وَلَمَّا شَرَحَ لَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحِكْمَة فِيمَا صَنَعَ رَجَعُوا مُذْعِنِينَ وَرَأَوْا أَنَّ الْغَنِيمَة الْعُظْمَى مَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ عَوْد رَسُول اللَّه إِلَى بِلَادهمْ , فَسَلُوا عَنْ الشَّاة وَالْبَعِير , وَالسَّبَايَا مِنْ الْأُنْثَى وَالصَّغِير , بِمَا حَازُوهُ مِنْ الْفَوْز الْعَظِيم , وَمُجَاوِرَة النَّبِيّ الْكَرِيم لَهُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا.
وَهَذَا دَأْب الْحَكِيم يُعْطِي كُلّ أَحَد مَا يُنَاسِبهُ , اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
‏ ‏قَوْله : ( فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاس ) ‏ ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ مَرَّة وَاحِدَة , وَفِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ " فَكَأَنَّهُمْ وُجُدٌ إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاس , أَوْ كَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاس " أَوْرَدَهُ عَلَى الشَّكّ هَلْ قَالَ : " وُجُد " بِضَمَّتَيْنِ جَمْع وَاجِد أَوْ " وَجَدُوا " عَلَى أَنَّهُ فِعْل مَاضٍ.
وَوَقَعَ لَهُ عَنْ الْكُشْمِيهَنِيّ وَجَدَهُ " وَجَدُوا " فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَصَارَ تَكْرَارًا بِغَيْرِ فَائِدَة , وَكَذَا رَأَيْته فِي أَصْل النَّسَفِيّ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم كَذَلِكَ.
قَالَ عِيَاض : وَقَعَ فِي نُسْخَة فِي الثَّانِي " أَنْ لَمْ يُصِبْهُمْ " يَعْنِي بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبِالنُّونِ قَالَ : وَعَلَى هَذَا تَظْهَر فَائِدَة التَّكْرَار , وَجَوَّزَ الْكَرْمَانِيُّ أَنْ يَكُون الْأَوَّل مِنْ الْغَضَب وَالثَّانِي مِنْ الْحُزْن وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ غَضِبُوا , وَالْمَوْجِدَة الْغَضَب يُقَال وَجَدَ فِي نَفْسه إِذَا غَضِبَ , وَيُقَال أَيْضًا وَجَدَ إِذَا حَزَن , وَوَجَدَ ضِدّ فَقَدْ , وَوَجَدَ إِذَا اِسْتَفَادَ مَالًا , وَيَظْهَر الْفَرْق بَيْنهمَا بِمَصَادِرِهِمَا : فَفِي الْغَضَب مُوجِدَة , وَفِي الْحُزْن وَجَدَا بِالْفَتْحِ , وَفِي ضِدّ الْفَقْد وُجْدَانًا , وَفِي الْمَال وُجْدًا بِالضَّمِّ , وَقَدْ يَقَع الِاشْتِرَاك فِي بَعْض هَذِهِ الْمَصَادِر , وَمَوْضِع بَسْط ذَلِكَ غَيْر هَذَا الْمَوْضِع.
وَفِي " مَغَازِي سُلَيْمَان التَّيْمِيِّ " أَنَّ سَبَب حُزْنهمْ أَنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُون رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيد الْإِقَامَة بِمَكَّة.
وَالْأَصَحّ مَا فِي الصَّحِيح حَيْثُ قَالَ : " إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاس " عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِع الْجَمْع وَهَذَا أَوْلَى.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَس فِي الْبَاب " فَقَالُوا : يَغْفِر اللَّه لِرَسُولِهِ , يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكنَا وَسُيُوفنَا تَقْطُر مِنْ دِمَائِهِمْ " وَفِي رِوَايَة هِشَام بْن زَيْد عَنْ أَنَس آخِر الْبَاب " إِذَا كَانَتْ شَدِيدَة فَنَحْنُ نُدْعَى , وَيُعْطَى الْغَنِيمَة غَيْرنَا " وَهَذَا ظَاهِر فِي أَنَّ الْعَطَاء كَانَ مِنْ صُلْب الْغَنِيمَة بِخِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيّ.
‏ ‏قَوْله : ( فَخَطَبَهُمْ ) ‏ ‏زَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى " فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ " وَسَيَأْتِي فِي الْبَاب فِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ " فَحُدِّثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ , فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَار فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّة مِنْ أُدْم , فَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرهمْ , فَلَمَّا أَجْتَمَعُوا قَامَ فَقَالَ : مَا حَدِيث بَلَغَنِي عَنْكُمْ ؟ فَقَالَ فُقَهَاء الْأَنْصَار : أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا , وَأَمَّا نَاس مِنَّا حَدِيثَة أَسْنَانهمْ فَقَالُوا " وَفِي رِوَايَة هِشَام بْن زَيْد " فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّة مِنْ أُدْم فَقَالَ : يَا مَعْشَر الْأَنْصَار , مَا حَدِيث بَلَغَنِي ؟ فَسَكَتُوا " وَيُحْمَل عَلَى بَعْضهمْ سَكَتَ وَبَعْضهمْ أَجَابَ , وَفِي رِوَايَة أَبِي التَّيَّاح عَنْ أَنَس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ فَجَمَعَهُمْ فَقَالَ : " مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ ؟ قَالُوا : هُوَ الَّذِي بَلَغَك , وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ " وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيق ثَابِت عَنْ أَنَس " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى أَبَا سُفْيَان وَعُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَع وَسُهَيْل بْن عَمْرو فِي آخَرِينَ يَوْم حُنَيْنٍ , فَقَالَتْ الْأَنْصَار : سُيُوفنَا تَقْطُر مِنْ دِمَائِهِمْ وَهُمْ يَذْهَبُونَ بِالْمَغْنَمِ " فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ " ثُمَّ قَالَ : أَقُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ " وَإِسْنَاده عَلَى شَرْط مُسْلِم , وَكَذَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ سَعْد بْن عُبَادَةُ وَلَفْظه " لَمَّا أَعْطَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْش وَفِي قَبَائِل الْعَرَب , وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَار مِنْهَا شَيْء , وَجَدَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَار فِي أَنْفُسهمْ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُمْ الْقَالَة , فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْد بْن عُبَادَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ , فَقَالَ لَهُ : فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْد ؟ قَالَ : مَا أَنَا إِلَّا مِنْ قَوْمِي.
قَالَ : فَاجْمَعْ لِي قَوْمك.
فَخَرَجَ فَجَمَعَهُمْ " الْحَدِيث , وَأَخْرَجَهُ أَحْمَد مِنْ هَذَا الْوَجْه , وَهَذَا يُعَكِّر عَلَى الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا " أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا " لِأَنَّ سَعْد بْن عُبَادَةَ مِنْ رُؤَسَاء الْأَنْصَار بِلَا رَيْب , إِلَّا أَنْ يُحْمَل عَلَى الْأَغْلَب الْأَكْثَر , وَأَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُ بِذَلِكَ سَعْد بْن عُبَادَةَ وَلَمْ يُرِدْ إِدْخَال نَفْسه فِي النَّفْي , أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَفْظًا وَإِنْ كَانَ رَضِيَ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُور فَقَالَ مَا أَنَا إِلَّا مِنْ قَوْمِي , وَهَذَا أَوْجَه , وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( أَلَمْ أَجِدكُمْ ضُلَّالًا ) ‏ ‏بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد جَمْع ضَالّ وَالْمُرَاد هُنَا ضَلَالَة الشِّرْك , وَبِالْهِدَايَةِ الْإِيمَان.
وَقَدْ رَتَّبَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ عَلَى يَده مِنْ النِّعَم تَرْتِيبًا بَالِغًا فَبَدَأَ بِنِعْمَةِ الْإِيمَان الَّتِي لَا يُوَازِيهَا شَيْء مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَثَنَّى بِنِعْمَةِ الْأُلْفَة وَهِيَ أَعْظَم مِنْ نِعْمَة الْمَال لِأَنَّ الْأَمْوَال تُبْذَل فِي تَحْصِيلهَا وَقَدْ لَا تُحَصَّل , وَقَدْ كَانَتْ الْأَنْصَار قَبْل الْهِجْرَة فِي غَايَة التَّنَافُر وَالتَّقَاطُع لِمَا وَقَعَ بَيْنهمْ مِنْ حَرْب بُعَاث وَغَيْرهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل الْهِجْرَة , فَزَالَ ذَلِكَ كُلّه بِالْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ , وَلَكِنَّ اللَّه أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ).
‏ ‏قَوْله : ( عَالَة ) ‏ ‏بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ فُقَرَاء لَا مَال لَهُمْ , وَالْعَيْلَة الْفَقْر.
‏ ‏قَوْله : ( كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَمَنُّ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالْمِيم وَالتَّشْدِيد : أَفْعَل تَفْضِيل مِنْ الْمَنّ , وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَقَالُوا مَاذَا نُجِيبك يَا رَسُول اللَّه وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفَضْل ".
‏ ‏قَوْله : ( قَالَ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتنَا كَذَا وَكَذَا ) ‏ ‏فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر " لَوْ شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا جِئْتنَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَ مِنْ الْأَمْر كَذَا وَكَذَا " لِأَشْيَاء زَعَمَ عَمْرو بْن أَبِي يَحْيَى الْمَازِنِيّ رَاوِي الْحَدِيث أَنَّهُ لَا يَحْفَظهَا.
وَفِي هَذَا رَدّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الرَّاوِي كَنَّى عَنْ ذَلِكَ عَمْدًا عَلَى طَرِيق التَّأَدُّب , وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضهمْ أَنْ يَكُون الْمُرَاد جِئْتنَا وَنَحْنُ عَلَى ضَلَالَة فَهُدِينَا بِك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , وَفِيهِ بُعْد , فَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد وَلَفْظه " فَقَالَ : أَمَا وَاَللَّه لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَصَدَقْتُمْ وَصَدَقْتُمْ : أَتَيْتنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاك , وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاك , وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاك , وَعَائِلًا فَوَاسَيْنَاك " وَنَحْوه فِي مَغَازِي أَبِي الْأَسْوَد عَنْ عُرْوَة مُرْسَلًا وَابْن عَائِذ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس مَوْصُولًا , وَفِي مَغَازِي سُلَيْمَان التَّيْمِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي جَوَاب ذَلِكَ " رَضِينَا عَنْ اللَّه وَرَسُوله " وَكَذَا ذَكَرَ مُوسَى بْن عُقْبَة فِي مَغَازِيه بِغَيْرِ إِسْنَاد , وَأَخْرَجَهُ أَحْمَد عَنْ اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَس بِلَفْظِ " أَفَلَا تَقُولُونَ جِئْتنَا خَائِفًا فَآمَنَاك , وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاك , وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاك.
فَقَالُوا : بَلْ الْمَنّ عَلَيْنَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ " وَإِسْنَاده صَحِيح , وَرَوَى أَحْمَد مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : " قَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار لِأَصْحَابِهِ : لَقَدْ كُنْت أُحَدِّثكُمْ أَنْ لَوْ اِسْتَقَامَتْ الْأُمُور لَقَدْ آثَرَ عَلَيْكُمْ , قَالَ فَرَدُّوا عَلَيْهِ رَدًّا عَنِيفًا , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْحَدِيث.
وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا مِنْهُ وَإِنْصَافًا , وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَة الْحُجَّة الْبَالِغَة وَالْمِنَّة الظَّاهِرَة فِي جَمِيع ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِمْ , فَإِنَّهُ لَوْلَا هِجْرَته إِلَيْهِمْ وَسُكْنَاهُ عِنْدهمْ لَمَا كَانَ بَيْنهمْ وَبَيْن غَيْرهمْ فَرْق , وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلَا تَرْضَوْنَ إِلَخْ " فَنَبَّهَهُمْ عَلَى مَا غَفَلُوا عَنْهُ مِنْ عَظِيم مَا اِخْتَصُّوا بِهِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا حَصَلَ عَلَيْهِ غَيْرهمْ مِنْ عَرَضَ الدُّنْيَا الْفَانِيَة.
‏ ‏قَوْله : ( بِالشَّاةِ وَالْبَعِير ) ‏ ‏اِسْم جِنْس فِيهِمَا , وَالشَّاة تَقَع عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْبَعِير , وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ " أَنْ يَذْهَب النَّاس بِالْأَمْوَالِ " وَفِي رِوَايَة أَبِي التَّيَّاح بَعْدهَا وَكَذَا قَتَادَةَ " بِالدُّنْيَا " ‏ ‏قَوْله : ( إِلَى رِحَالكُمْ ) ‏ ‏بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة أَيْ بُيُوتكُمْ وَهِيَ رِوَايَة قَتَادَةَ , زَادَ فِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَس " فَوَاَللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْر مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ " وَزَادَ فِيهِ أَيْضًا " قَالُوا يَا رَسُول اللَّه قَدْ رَضِينَا " وَفِي رِوَايَة قَتَادَةَ " قَالُوا بَلَى " وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ حِينَئِذٍ دَعَاهُمْ لِيَكْتُب لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ تَكُون لَهُمْ خَاصَّة بَعْده دُون النَّاس , وَهِيَ يَوْمئِذٍ أَفْضَل مَا فُتِحَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْض , فَأَبَوْا وَقَالُوا : لَا حَاجَة لَنَا بِالدُّنْيَا.
‏ ‏قَوْله : ( لَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت اِمْرَأً مِنْ الْأَنْصَار ) ‏ ‏قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَام تَأَلُّف الْأَنْصَار وَاسْتِطَابَة نُفُوسهمْ وَالثَّنَاء عَلَيْهِمْ فِي دِينهمْ حَتَّى رَضِيَ أَنْ يَكُون وَاحِدًا مِنْهُمْ لَوْلَا مَا يَمْنَعهُ مِنْ الْهِجْرَة الَّتِي لَا يَجُوز تَبْدِيلهَا , وَنِسْبَة الْإِنْسَان تَقَع عَلَى وُجُوه : مِنْهَا الْوِلَادَة , وَالْبِلَادِيّة , وَالِاعْتِقَادِيَّة , وَالصِّنَاعِيَّة.
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الِانْتِقَال عَنْ نَسَب آبَائِهِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِع قَطْعًا.
وَأَمَّا الِاعْتِقَادِيّ فَلَا مَعْنَى لِلِانْتِقَالِ فِيهِ , فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ , وَكَانَتْ الْمَدِينَة دَار الْأَنْصَار وَالْهِجْرَة إِلَيْهَا أَمْرًا وَاجِبًا , أَيْ لَوْلَا أَنَّ النِّسْبَة الْهِجْرِيَّة لَا يَسْعَنِي تَرْكهَا لَانْتَسَبْت إِلَى دَاركُمْ.
قَالَ : وَيُحْتَمَل أَنَّهُ لَمَّا كَانُوا أَخْوَاله لِكَوْنِ أُمّ عَبْد الْمُطَّلِب مِنْهُمْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَسِب إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْوِلَادَة لَوْلَا مَانِع الْهِجْرَة.
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : لَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغَيُّر نَسَبه وَلَا مَحْو هِجْرَته , وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ لَوْلَا مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنه هَاجَرَ لَانْتَسَبَ إِلَى الْمَدِينَة وَإِلَى نُصْرَة الدِّين , فَالتَّقْدِير لَوْلَا أَنَّ النِّسْبَة إِلَى الْهِجْرَة نِسْبَة دِينِيَّة لَا يَسَع تَرْكهَا لَانْتَسَبْت إِلَى دَاركُمْ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ لَتَسَمَّيْت بِاسْمِكُمْ وَانْتَسَبْت إِلَيْكُمْ كَمَا كَانُوا يَنْتَسِبُونَ بِالْحِلْفِ , لَكِنْ خُصُوصِيَّة الْهِجْرَة وَتَرْبِيَتهَا سَبَقَتْ فَمَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ , وَهِيَ أَعْلَى وَأَشْرَف فَلَا تَتَبَدَّل بِغَيْرِهَا.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَكُنْت مِنْ الْأَنْصَار فِي الْأَحْكَام وَالْعِدَاد.
وَقِيلَ : التَّقْدِير لَوْلَا أَنَّ ثَوَاب الْهِجْرَة أَعْظَم لَاخْتَرْت أَنْ يَكُون ثَوَابِي ثَوَاب الْأَنْصَار , وَلَمْ يُرِدْ ظَاهِر النَّسَب أَصْلًا.
وَقِيلَ لَوْلَا اِلْتِزَامِي بِشُرُوطِ الْهِجْرَة وَمِنْهَا تَرْك الْإِقَامَة بِمَكَّة فَوْق ثَلَاث لَاخْتَرْت أَنْ يَكُون مِنْ الْأَنْصَار فَيُبَاح لِي ذَلِكَ.
‏ ‏قَوْله : ( وَادِي الْأَنْصَار ) ‏ ‏هُوَ الْمَكَان الْمُنْخَفِض , وَقِيلَ الَّذِي فِيهِ مَاء , وَالْمُرَاد هُنَا بَلَدهمْ.
‏ ‏وَقَوْله : " شِعْب الْأَنْصَار " بِكَسْرِ الشِّين الْمُعْجَمَة وَهُوَ اِسْم لِمَا اِنْفَرَجَ بَيْن جَبَلَيْنِ.
وَقِيلَ الطَّرِيق فِي الْجَبَل.
وَأَرَادَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَبِمَا بَعْده التَّنْبِيه عَلَى جَزِيل مَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ ثَوَاب النُّصْرَة وَالْقَنَاعَة بِاَللَّهِ وَرَسُوله عَنْ الدُّنْيَا.
وَمَنْ هَذَا وَصْفه فَحَقّه أَنْ يُسْلَك طَرِيقه وَيُتّبَع حَاله.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَمَّا كَانَتْ الْعَادَة أَنَّ الْمَرْء يَكُون فِي نُزُوله وَارْتِحَاله مَعَ قَوْمه , وَأَرْض الْحِجَاز كَثِيرَة الْأَوْدِيَة وَالشِّعَاب , فَإِذَا تَفَرَّقَتْ فِي السَّفَر الطُّرُق سَلَكَ كُلّ قَوْم مِنْهُمْ وَادِيًا وَشِعْبًا.
فَأَرَادَ أَنَّهُ مَعَ الْأَنْصَار.
قَالَ : وَيُحْتَمَل أَنْ يُرِيد بِالْوَادِي الْمَذْهَب كَمَا يُقَال فُلَان فِي وَادٍ وَأَنَا فِي وَادٍ.
‏ ‏قَوْله : ( الْأَنْصَار شِعَار وَالنَّاس دِثَار ) ‏ ‏الشِّعَار بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة بَعْدهَا مُهْمَلَة خَفِيفَة : الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجِلْد مِنْ الْجَسَد.
وَالدِّثَار بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَمُثَلَّثَة خَفِيفَة الَّذِي فَوْقه.
وَهِيَ اِسْتِعَارَة لَطِيفَة لِفَرْطِ قُرْبهمْ مِنْهُ.
وَأَرَادَ أَيْضًا أَنَّهُمْ بِطَانَته وَخَاصَّته وَأَنَّهُمْ أَلْصَق بِهِ وَأَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ غَيْرهمْ.
زَادَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الْأَنْصَار وَأَبْنَاء الْأَنْصَار وَأَبْنَاء أَبْنَاء الْأَنْصَار.
قَالَ : فَبَكَى الْقَوْم حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا : رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّه قَسَمَا وَحَظًّا ".
‏ ‏قَوْله : ( إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَة ) ‏ ‏بِضَمِّ الْهَمْزَة وَسُكُون الْمُثَلَّثَة وَبِفَتْحَتَيْنِ , وَيَجُوز كَسْر أَوَّله مَعَ الْإِسْكَان , أَيْ الِانْفِرَاد بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَك دُون مَنْ يُشْرِكهُ فِيهِ.
وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ " أُثْرَة شَدِيدَة " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَأْثِر عَلَيْهِمْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ اِشْتَرَاك فِي الِاسْتِحْقَاق.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد : مَعْنَاهُ يُفَضِّل نَفْسه عَلَيْكُمْ فِي الْفَيْء.
وَقِيلَ الْمُرَاد بِالْأُثْرَةِ الشِّدَّة.
وَيَرُدّهُ سِيَاق الْحَدِيث وَسَبَبه.
‏ ‏قَوْله : ( فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْض ) ‏ ‏أَيْ يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ " حَتَّى تَلْقَوْا اللَّه وَرَسُوله فَإِنِّي عَلَى الْحَوْض " أَيْ اِصْبِرُوا حَتَّى تَمُوتُوا , فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَنِي عِنْد الْحَوْض , فَيَحْصُل لَكُمْ الِانْتِصَاف مِمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَالثَّوَاب الْجَزِيل عَلَى الصَّبْر.
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ إِقَامَة الْحُجَّة عَلَى الْخَصْم وَإِفْحَامه بِالْحَقِّ عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِ , وَحُسْن أَدَب الْأَنْصَار فِي تَرَكَهُمْ الْمُمَارَاة , وَالْمُبَالَغَة فِي الْحَيَاء , وَبَيَان أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُمْ إِنَّمَا كَانَ عَنْ شُبَّانهمْ لَا عَنْ شُيُوخهمْ وَكُهُولهمْ.
وَفِيهِ مَنَاقِب عَظِيمَة لَهُمْ لِمَا اِشْتَمَلَ مِنْ ثَنَاء الرَّسُول الْبَالِغ عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ الْكَبِير يُنَبِّه الصَّغِير عَلَى مَا يَغْفُل عَنْهُ , وَيُوَضِّح لَهُ وَجْه الشُّبْهَة لِيَرْجِع إِلَى الْحَقّ.
وَفِيهِ الْمُعَاتَبَة وَاسْتِعْطَاف الْمُعَاتِب وَإِعْتَابه عَنْ عَتْبه بِإِقَامَةِ حُجَّة مَنْ عَتَبَ عَلَيْهِ , وَالِاعْتِذَار وَالِاعْتِرَاف.
وَفِيهِ عَلَم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة لِقَوْلِهِ : " سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَة " فَكَانَ كَمَا قَالَ.
وَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي رِوَايَته عَنْ أَنَس فِي آخِر الْحَدِيث " قَالَ أَنَس : فَلَمْ يَصْبِرُوا ".
وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ تَفْضِيل بَعْض النَّاس عَلَى بَعْض فِي مَصَارِف الْفَيْء , وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْطِي الْغَنِيّ مِنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ.
وَأَنَّ مَنْ طَلَبَ حَقّه مِنْ الدُّنْيَا لَا عَتَبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
وَمَشْرُوعِيَّة الْخُطْبَة عِنْد الْأَمْر الَّذِي يَحْدُث سَوَاء كَانَ خَاصًّا أَمْ عَامًّا.
وَفِيهِ جَوَاز تَخْصِيص بَعْض الْمُخَاطَبِينَ فِي الْخُطْبَة.
وَفِيهِ تَسْلِيَة مَنْ فَاتَهُ شَيْء مِنْ الدُّنْيَا مِمَّا حَصَلَ لَهُ مِنْ ثَوَاب الْآخِرَة , وَالْحَضّ عَلَى طَلَب الْهِدَايَة وَالْأُلْفَة وَالْغِنَى , وَأَنَّ الْمِنَّة لِلَّهِ وَرَسُوله عَلَى الْإِطْلَاق , وَتَقْدِيم جَانِب الْآخِرَة عَلَى الدُّنْيَا , وَالصَّبْر عَمَّا فَاتَ مِنْهَا لِيَدَّخِر ذَلِكَ لِصَاحِبِهِ فِي الْآخِرَة , وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى.


حديث لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قسم في الناس في

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏وُهَيْبٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لَمَّا ‏ ‏أَفَاءَ ‏ ‏اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَوْمَ ‏ ‏حُنَيْنٍ ‏ ‏قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي ‏ ‏الْمُؤَلَّفَةِ ‏ ‏قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يُعْطِ ‏ ‏الْأَنْصَارَ ‏ ‏شَيْئًا فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ ‏ ‏يُصِبْهُمْ ‏ ‏مَا أَصَابَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي ‏ ‏وَعَالَةً ‏ ‏فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ قَالَ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ قَالَ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا ‏ ‏أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏رِحَالِكُمْ ‏ ‏لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا ‏ ‏وَشِعْبًا ‏ ‏لَسَلَكْتُ وَادِيَ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏وَشِعْبَهَا ‏ ‏الْأَنْصَارُ ‏ ‏شِعَارٌ ‏ ‏وَالنَّاسُ ‏ ‏دِثَارٌ ‏ ‏إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ‏ ‏أُثْرَةً ‏ ‏فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

يغفر الله لرسول الله ﷺ يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا...

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قال ناس من الأنصار، حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم...

لما كان يوم فتح مكة قسم رسول الله ﷺ غنائم بين قريش...

عن ‌أنس قال: «لما كان يوم فتح مكة قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بين قريش، فغضبت الأنصار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما ترضون أن يذهب النا...

لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لاخترت شعب...

عن ‌أنس رضي الله عنه قال: «لما كان يوم حنين، التقى هوازن ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف، والطلقاء، فأدبروا، قال: يا معشر الأنصار قالوا: لبيك ي...

إن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة وإني أردت أن أجب...

عن ‌أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «جمع النبي صلى الله عليه وسلم ناسا من الأنصار فقال: إن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم،...

رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر

عن ‌عبد الله قال: «لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة حنين، قال رجل من الأنصار: ما أراد بها وجه الله، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فتغير...

آثر النبي ﷺ ناسا أعطى الأقرع مائة من الإبل وأعطى ع...

عن ‌عبد الله رضي الله عنه قال: «لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم ناسا، أعطى الأقرع مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى ناسا، فقال...

قالت الأنصار إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيم...

عن ‌أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لما كان يوم حنين، أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف، ومن الطلقاء، ف...

بعث النبي ﷺ سرية قبل نجد فكنت فيها فبلغت سهامنا ا...

عن ‌ابن عمر رضي الله عنهما قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فكنت فيها، فبلغت سهامنا اثني عشر بعيرا، ونفلنا بعيرا بعيرا، فرجعنا بثلاثة ع...

بعث النبي ﷺ خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إل...

عن ‌سالم، عن ‌أبيه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: ص...