4474-
عن أبي سعيد بن المعلى قال: «كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم} ثم قال لي: لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن، قال: {الحمد لله رب العالمين}.
هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته».
(لما يحييكم) لما فيه حياتكم الحقيقية هو شرائع الإسلام، لأن فيها حياة القلوب في الدنيا والنجاة في الآخرة.
/الأنفال: ٢٤/.
(أعظم السور) من حيث كثرة الثواب لقارئها، وفي نسخة (أعظم سورة).
(السبع المثاني) فهي سبع آيات وتثنى - أي تكرر - قراءتها في كل ركعة، من التثنية وهي التكرير.
وليس لأبي سعيد بن المعلى في البخاري سوى هذا الحديث
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنِي خُبَيْبٌ ) بِالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّر ( اِبْن عَبْد الرَّحْمَن ) أَيْ اِبْن خُبَيْبِ بْن يَسَاف الْأَنْصَارِيّ , وَحَفْص بْن عَاصِم أَيْ اِبْن عُمَر بْن الْخَطَّاب.
قَوْله : ( عَنْ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى ) بُيِّنَ فِي رِوَايَة أُخْرَى تَأْتِي فِي تَفْسِير الْأَنْفَال سَمَاع خُبَيْبٍ لَهُ مِنْ حَفْص وَحَفْص لَهُ مِنْ أَبِي سَعِيد , وَلَيْسَ لِأَبِي سَعِيد هَذَا فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث.
وَاخْتُلِفَ فِي اِسْمه فَقِيلَ : رَافِع , وَقِيلَ : الْحَارِث وَقَوَّاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَوَهَّى الَّذِي قَبْله.
وَقِيلَ أَوْس وَقِيلَ بَلْ أَوْس اِسْم أَبِيهِ وَالْمُعَلَّى جَدّه.
وَمَاتَ أَبُو سَعِيد سَنَة ثَلَاث أَوْ أَرْبَع وَسَبْعِينَ مِنْ الْهِجْرَة , وَأَرَّخَ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَفَاته سَنَة أَرْبَع وَسَبْعِينَ , وَفِيهِ نَظَر بَيَّنْته فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَة.
( تَنْبِيهَانِ ) يَتَعَلَّقَانِ بِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيث : ( أَحَدهمَا ) نَسَبَ الْغَزَالِيّ وَالْفَخْر الرَّازِّي وَتَبِعَهُ الْبَيْضَاوِيّ هَذِهِ الْقِصَّة لِأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ , وَهُوَ وَهْم , وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو سَعِيد بْن الْمُعَلَّى , ( ثَانِيهمَا ) رَوَى الْوَاقِدِيُّ هَذَا الْحَدِيث عَنْ مُحَمَّد بْن مُعَاذ عَنْ خُبَيْبِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بِهَذَا الْإِسْنَاد فَزَادَ فِي إِسْنَاده عَنْ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى عَنْ أُبَيِّ بْن كَعْب.
وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيح أَصَحّ.
وَالْوَاقِدِيُّ شَدِيد الضَّعْف إِذَا اِنْفَرَدَ فَكَيْفَ إِذَا خَالَفَ.
وَشَيْخه مَجْهُول.
وَأَظُنّ الْوَاقِدِيُّ دَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيث فِي حَدِيث فَإِنَّ مَالِكًا أَخْرَجَ نَحْو الْحَدِيث الْمَذْكُور مِنْ وَجْه آخَر فِيهِ ذِكْر أُبَيِّ بْن كَعْب فَقَالَ : عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي سَعِيد مَوْلَى عَامِر " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى أُبَيَّ بْن كَعْب " وَمِنْ الرُّوَاة عَنْ مَالِك مَنْ قَالَ " عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ أُبَيِّ بْن كَعْب أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَاهُ " وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِم , وَوَهَمَ اِبْن الْأَثِير حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ أَبَا سَعِيد شَيْخ الْعَلَاء هُوَ أَبُو سَعِيد بْن الْمُعَلَّى , فَإِنَّ اِبْن الْمُعَلَّى صَحَابِيّ أَنْصَارِيّ مِنْ أَنْفَسهمْ مَدَّنِي , وَذَلِكَ تَابِعِيّ مَكِّيّ مِنْ مَوَالِي قُرَيْش , وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الْعَلَاء أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق الدَّرَاوَرْدِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق رَوْح بْن الْقَاسِم وَأَحْمَد فِي طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق حَفْص بْن مَيْسَرَة كُلّهمْ عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ " خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْن كَعْب " فَذَكَرَ الْحَدِيث وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق عَبْد الْحَمِيد بْن جَعْفَر وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق شُعْبَة كِلَاهُمَا عَنْ الْعَلَاء مِثْله لَكِنْ قَالَ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " وَرَجَّحَ التِّرْمِذِيّ كَوْنه مِنْ مُسْنَد أَبِي هُرَيْرَة , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِم أَيْضًا مِنْ طَرِيق الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى أُبَيَّ بْن كَعْب " وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي مَا رَجَّحَهُ التِّرْمِذِيّ , وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الْقِصَّة وَقَعَتْ لِأُبَيِّ بْن كَعْب وَلِأَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى وَيَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَى ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مَخْرَج الْحَدِيثَيْنِ وَاخْتِلَاف سِيَاقهمَا كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
قَوْله : ( كُنْت أُصَلِّي فِي الْمَسْجِد فَدَعَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ ) زَادَ فِي تَفْسِير الْأَنْفَال مِنْ وَجْه آخَر عَنْ شُعْبَة " فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْت ثُمَّ أَتَيْته " وَفِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة " خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْن كَعْب وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ : أَيْ أُبَيُّ , فَالْتَفَتَ فَلَمْ يُجِبْهُ , ثُمَّ صَلَّى فَخَفَّفَ.
ثُمَّ اِنْصَرَفَ فَقَالَ : سَلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه قَالَ : وَيْحك مَا مَنَعَك إِذْ دَعَوْتُك أَنْ لَا تُجِيبنِي " الْحَدِيث.
قَوْله : ( أَلَمْ يَقُلْ اللَّه تَعَالَى اِسْتَجِيبُوا ) فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " أَوَلَيْسَ تَجِد فِيمَا أَوْحَى اللَّه إِلَيَّ أَنْ اِسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ الْآيَة ؟ فَقُلْت : بَلَى يَا رَسُول اللَّه , لَا أَعُود إِنْ شَاءَ اللَّه ".
( تَنْبِيه ) نَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ فِي حَدِيث الْبَاب تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا , وَهُوَ قَوْله " أَلَمْ يَقُلْ اللَّه اِسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ " قَبْل قَوْل أَبِي سَعِيد " كُنْت فِي الصَّلَاة " قَالَ : فَكَأَنَّهُ تَأَوَّلَ أَنَّ مَنْ هُوَ فِي الصَّلَاة خَارِج عَنْ هَذَا الْخِطَاب قَالَ : وَاَلَّذِي تَأَوَّلَ الْقَاضِيَانِ عَبْد الْوَهَّاب وَأَبُو الْوَلِيد أَنَّ إِجَابَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة فَرْض يَعْصِي الْمَرْء بِتَرْكِهِ , وَأَنَّهُ حُكْم يَخْتَصّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْت : وَمَا اِدَّعَاهُ الدَّاوُدِيُّ لَا دَلِيل عَلَيْهِ , وَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْقَاضِيَانِ مِنْ الْمَالِكِيَّة هُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّة عَلَى اِخْتِلَاف عِنْدهمْ بَعْد قَوْلهمْ بِوُجُوبِ الْإِجَابَة هَلْ تَبْطُل الصَّلَاة أَمْ لَا.
قَوْله : ( لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَة هِيَ أَعْظَم السُّوَر ) فِي رِوَايَة رَوْح فِي تَفْسِير الْأَنْفَال " لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَم سُورَة فِي الْقُرْآن " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمك سُورَة لَمْ يَنْزِل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزَّبُور وَلَا فِي الْفُرْقَان مِثْلهَا " قَالَ اِبْن التِّين مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابهَا أَعْظَم مِنْ غَيْرهَا , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز تَفْضِيل بَعْض الْقُرْآن عَلَى بَعْض وَقَدْ مَنَعَ ذَلِكَ الْأَشْعَرِيّ وَجَمَاعَة , لِأَنَّ الْمَفْضُول نَاقِص عَنْ دَرَجَة الْأَفْضَل وَأَسْمَاء اللَّه وَصِفَاته وَكَلَامه لَا نَقْص فِيهَا , وَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَعْنَى التَّفَاضُل أَنَّ ثَوَاب بَعْضه أَعْظَم مِنْ ثَوَاب بَعْض , فَالتَّفْضِيل إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْمَعَانِي لَا مِنْ حَيْثُ الصِّفَة , وَيُؤَيِّد التَّفْضِيل قَوْله تَعَالَى ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ) أَيْ فِي الْمَنْفَعَة وَالرِّفْق وَالرِّفْعَة , وَفِي هَذَا تَعَقُّب عَلَى مَنْ قَالَ : فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالتَّقْدِير نَأْتِ مِنْهَا بِخَيْرٍ , وَهُوَ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) لَكِنْ قَوْله فِي آيَة الْبَاب ( أَوْ مِثْلِهَا ) يُرَجِّح الِاحْتِمَال الْأَوَّل , فَهُوَ الْمُعْتَمَد , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي ) زَادَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " يُحَدِّثنِي وَأَنَا أَتَبَاطَأ مَخَافَة أَنْ يَبْلُغ الْبَاب قَبْل أَنْ يَنْقَضِي الْحَدِيث ".
قَوْله : ( أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَة ) فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " قُلْت يَا رَسُول اللَّه مَا السُّورَة الَّتِي قَدْ وَعَدْتنِي ؟ قَالَ : كَيْفَ تَقْرَأ فِي الصَّلَاة ؟ فَقَرَأْت عَلَيْهِ أُمّ الْكِتَاب ".
قَوْله : ( قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْع الْمَثَانِي وَالْقُرْآن الْعَظِيم ) فِي رِوَايَة مُعَاذ فِي تَفْسِير الْأَنْفَال " فَقَالَ : هِيَ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , السَّبْع الْمَثَانِي وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيته " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فَقَالَ : إِنَّهَا السَّبْع الْمَثَانِي وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيته " وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي ) هِيَ الْفَاتِحَة.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَنَّ السَّبْع الْمَثَانِي هِيَ السَّبْع الطِّوَال " أَيْ السُّوَر مِنْ أَوَّل الْبَقَرَة إِلَى آخِر الْأَعْرَاف ثُمَّ بَرَاءَة , وَقِيلَ يُونُس.
وَعَلَى الْأَوَّل فَالْمُرَاد بِالسَّبْعِ الْآيُ لِأَنَّ الْفَاتِحَة سَبْع آيَات , وَهُوَ قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر.
وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتهَا " مَثَانِي " فَقِيلَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى كُلّ رَكْعَة أَيْ تُعَاد , وَقِيلَ لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة لَمْ تَنْزِل عَلَى مَنْ قَبْلهَا , قَالَ اِبْن التِّين : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لَيْسَتْ آيَة مِنْ الْقُرْآن , كَذَا قَالَ , عَكْس غَيْره لِأَنَّهُ أَرَادَ السُّورَة , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ " الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " الْآيَة لَمْ يَقُلْ هِيَ السَّبْع الْمَثَانِي لِأَنَّ الْآيَة الْوَاحِدَة لَا يُقَال لَهَا سَبْع فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِهَا السُّورَة.
وَالْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ مِنْ أَسْمَائِهَا , وَفِيهِ قُوَّة لِتَأْوِيلِ الشَّافِعِيّ فِي حَدِيث أَنَس قَالَ : كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاة بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , قَالَ الشَّافِعِيّ : أَرَادَ السُّورَة وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذِهِ السُّورَة تُسَمَّى سُورَة الْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا تُسَمَّى الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ هَذَا التَّعَقُّب , وَفِيهِ أَنَّ الْأَمْر يَقْتَضِي الْفَوْر لِأَنَّهُ عَاتَبَ الصَّحَابِيّ عَلَى تَأْخِير إِجَابَته.
وَفِيهِ اِسْتِعْمَال صِيغَة الْعُمُوم فِي الْأَحْوَال كُلّهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ أَنَّ حُكْم لَفْظ الْعُمُوم أَنْ يَجْرِي عَلَى جَمِيع مُقْتَضَاهُ , وَأَنَّ الْخَاصّ وَالْعَامّ إِذَا تَقَابَلَا كَانَ الْعَامّ مُنَزَّلًا عَلَى الْخَاصّ , لِأَنَّ الشَّارِع حَرَّمَ الْكَلَام فِي الصَّلَاة عَلَى الْعُمُوم , ثُمَّ اِسْتَثْنَى مِنْهُ إِجَابَة دُعَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة.
وَفِيهِ أَنَّ إِجَابَة الْمُصَلِّي دُعَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُفْسِد الصَّلَاة , هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَة مِنْ الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ.
وَفِيهِ بَحْث لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُون إِجَابَته وَاجِبَة مُطْلَقًا سَوَاء كَانَ الْمُخَاطَب مُصَلِّيًا أَوْ غَيْر مُصَلٍّ , أَمَّا كَوْنه يَخْرُج بِالْإِجَابَةِ مِنْ الصَّلَاة أَوْ لَا يَخْرُج فَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيث مَا يَسْتَلْزِمهُ.
فَيَحْتَمِل أَنْ تَجِب الْإِجَابَة وَلَوْ خَرَجَ الْمُجِيب مِنْ الصَّلَاة , وَإِلَى ذَلِكَ جَنَحَ بَعْض الشَّافِعِيَّة , وَهَلْ يَخْتَصّ هَذَا الْحُكْم بِالنِّدَاءِ أَوْ يَشْمَل مَا هُوَ أَعُمّ حَتَّى تَجِب إِجَابَته إِذَا سَأَلَ ؟ فِيهِ بَحْث وَقَدْ جَزَمَ اِبْن حِبَّانَ بِأَنَّ إِجَابَة الصَّحَابَة فِي قِصَّة ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ كَذَلِكَ.
قَوْله : ( وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيته ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِي قَوْله " هِيَ السَّبْع الْمَثَانِي وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيته " دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَة هِيَ الْقُرْآن الْعَظِيم , وَأَنَّ الْوَاو لَيْسَتْ بِالْعَاطِفَةِ الَّتِي تَفْصِل بَيْن الشَّيْئَيْنِ.
وَإِنَّمَا هِيَ الَّتِي تَجِيء بِمَعْنَى التَّفْصِيل كَقَوْلِهِ : ( فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) وَقَوْله : ( وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ) اِنْتَهَى.
وَفِيهِ بَحْث لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون قَوْله : ( وَالْقُرْآن الْعَظِيم ) مَحْذُوف الْخَبَر وَالتَّقْدِير مَا بَعْد الْفَاتِحَة مَثَلًا فَيَكُون وَصْف الْفَاتِحَة اِنْتَهَى بِقَوْلِهِ " هِيَ السَّبْع الْمَثَانِي " ثُمَّ عَطَفَ قَوْله " وَالْقُرْآن الْعَظِيم " أَيْ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَة وَذَكَرَ ذَلِكَ رِعَايَة لِنَظْمِ الْآيَة وَيَكُون التَّقْدِير : وَالْقُرْآن الْعَظِيم هُوَ الَّذِي أُوتِيته زِيَادَة عَلَى الْفَاتِحَة.
( تَنْبِيه ) يُسْتَنْبَط مِنْ تَفْسِير السَّبْع الْمَثَانِي بِالْفَاتِحَةِ أَنَّ الْفَاتِحَة مَكِّيَّة وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ.
وَوَجْه الدَّلَالَة أَنَّهُ سُبْحَانه اِمْتَنَّ عَلَى رَسُوله بِهَا , وَسُورَة الْحِجْر مَكِّيَّة اِتِّفَاقًا فَيَدُلّ عَلَى تَقْدِيم نُزُول الْفَاتِحَة عَلَيْهَا.
قَالَ الْحُسَيْن بْن الْفَضْل : هَذِهِ هَفْوَة مِنْ مُجَاهِد , لِأَنَّ الْعُلَمَاء عَلَى خِلَاف قَوْله , وَأَغْرَبَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ فَنَسَبَ الْقَوْل بِذَلِكَ لِأَبِي هُرَيْرَة وَالزُّهْرِيّ وَعَطَاء بْن يَسَار , وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ أَنَّ بَعْضهمْ زَعَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَة سَبْع آيَات , وَنَقَلُوا فِيهِ الْإِجْمَاع لَكِنْ جَاءَ عَنْ حُسَيْن بْن عَلِيّ الْجُعْفِيِّ أَنَّهَا سِتّ آيَات لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدّ الْبَسْمَلَة وَعَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد أَنَّهَا ثَمَان آيَات لِأَنَّهُ عَدَّهَا وَعَدَّ ( أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ ) وَقِيلَ لَمْ يَعُدّهَا وَعَدَّ ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) وَهَذَا أَغْرَب الْأَقْوَال.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ { اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } ثُمَّ قَالَ لِي لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا آمين، فمن وافق قوله قول الملا...
عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خ...
عن عبد الله قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي؟ قال: وأن تقتل...
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين».<br>
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قيل لبني إسرائيل: {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة} فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا، وقا...
عن أنس قال: «سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمه...
عن ابن عباس قال: قال عمر رضي الله عنه: «أقرؤنا أبي، وأقضانا علي، وإنا لندع من قول أبي، وذاك أن أبيا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله ع...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: «كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أن...
عن أنس قال: قال عمر : «وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر...