حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

إذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان - صحيح البخاري

صحيح البخاري | سورة آل عمران باب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا (حديث رقم: 4566 )


4566- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار، على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، قبل وقعة بدر، قال: حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا، فلا تؤذينا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه.
فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك.
فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب، يريد عبد الله بن أبي، قال كذا وكذا، قال سعد بن عبادة: يا رسول الله، اعف عنه، واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، لقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت.
فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله عز وجل: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا} الآية.
وقال الله: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم} إلى آخر الآية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، فقتل الله به صناديد كفار قريش، قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأسلموا».

أخرجه البخاري


(فدكية) أي من صنع فدك وهي بلدة مشهورة على مرحلتين من المدينة.
(عجاجة) غبار.
(خمر) غطى.
(رحلك) منزلك.
(فاغشنا) فأتنا.
(فاستب.
.
) شتم كل فريق غيره ووصفه بما يعيبه.
(يتثاورون) يتقاتلون.
(البحيرة) يريد المدينة والبحيرة تصغير البحرة وهي تطلق على الأرض والبلد والبحار والقرى.
(يتوجوه) يجعلوا على رأسه تاجا ليكون ملكا عليهم.
(فيعصبوه بالعصابة) يعمموه بعمامة الملوك.
(شرق) غص.
(بذلك) بما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(الآية) / آل عمران 186 /.
وتتمتها {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور.
.
}.
(تصبروا) على أذاهم.
(تتقوا) تلتزموا شرع الله تعالى وتحذروا معصيته بالالتفات لما يدعوكم إليه أعداء دينه.
(عزم الأمور) هي ما يجب التصميم عليه من الأمور ولا ينبغي لعاقل تركه والتزامه يدل على صواب التدبير والرشد فيه.
(حسدا) يحسدونكم حسدا ويتمنون زوال نعمة الإيمان عنكم.
(آخر الآية) وهو {من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير.
.
} / البقرة 109 /.
(بأمره) بالإذن بقتالهم.
(يتأول العفو) يفسر العفو بما أمر الله به من الصبر والاحتمال قبل الإذن بالقتال.
(أذن الله فيهم) أي في قتالهم وترك العفو إجمالا بترك القتال.
(توجه) ظهر وجهه وأنه ثابت مستقر

شرح حديث (إذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( عَلَى قَطِيفَة فَدَكِيَّة ) ‏ ‏أَيْ كِسَاء غَلِيظ مَنْسُوب إِلَى فَدَك بِفَتْحِ الْفَاء وَالدَّال , وَهِيَ بَلَد مَشْهُور عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الْمَدِينَة.
‏ ‏قَوْله : ( يَعُود سَعْد بْن عُبَادَةَ ) ‏ ‏فِيهِ عِيَادَة الْكَبِير بَعْض أَتْبَاعه فِي دَاره.
‏ ‏وَقَوْله : ( فِي بَنِي الْحَارِث بْن الْخَزْرَج ) ‏ ‏أَيْ فِي مَنَازِل بَنِي الْحَارِث وَهُمْ قَوْم سَعْد بْن عُبَادَةَ.
‏ ‏قَوْله : ( قَبْل وَقْعَة بَدْرٍ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " وَقِيعَة ".
‏ ‏قَوْله : ( وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يُسْلِم عَبْد اللَّه بْن أُبَيٍّ ) ‏ ‏أَيْ قَبْل الْإِسْلَام.
‏ ‏قَوْله : ( فَإِذَا فِي الْمَجْلِس أَخْلَاط مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَة الْأَوْثَان وَالْيَهُود وَالْمُسْلِمِينَ ) ‏ ‏كَذَا فِيهِ تَكْرَار لَفْظ الْمُسْلِمِينَ آخِرًا بَعْد الْبُدَاءَة بِهِ , وَالْأَوْلَى حَذْف أَحَدهمَا , وَسَقَطَتْ الثَّانِيَة مِنْ رِوَايَة مُسْلِم وَغَيْره.
وَأَمَّا قَوْله " عَبَدَة الْأَوْثَان " فَعَلَى الْبَدَل مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَقَوْله " الْيَهُود " يَجُوز أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى الْبَدَل أَوْ عَلَى الْمُبْدَل مِنْهُ وَهُوَ أَظْهَر ; لِأَنَّ الْيَهُود مُقِرُّونَ بِالتَّوْحِيدِ , نَعَمْ مِنْ لَازِم قَوْل مَنْ قَالَ مِنْهُمْ عُزَيْر اِبْن اللَّه تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلهمْ الْإِشْرَاكُ , وَعَطْفهمْ عَلَى أَحَد التَّقْدِيرَيْنِ تَنْوِيهًا بِهِمْ فِي الشَّرّ , ثُمَّ ظَهَرَ لِي رُجْحَان أَنْ يَكُون عَطْفًا عَلَى الْمُبْدَل مِنْهُ كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَان وَبِالْيَهُودِ , وَمِنْهُ يَظْهَر تَوْجِيه إِعَادَة لَفْظ الْمُسْلِمِينَ كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْأَخْلَاط بِشَيْئَيْنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ , ثُمَّ لَمَّا فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِشَيْئَيْنِ رَأَى إِعَادَة ذِكْر الْمُسْلِمِينَ تَأْكِيدًا , وَلَوْ كَانَ قَالَ : لَا هُنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُود مَا اِحْتَاجَ إِلَى إِعَادَة , وَإِطْلَاق الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْيَهُود لِكَوْنِهِمْ يُضَاهُونَ قَوْلهمْ وَيُرَجِّحُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُوَافِقُونَهُمْ فِي تَكْذِيب الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمُعَادَاته وَقِتَاله بَعْدَمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ , وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِر الْحَدِيث " قَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيِّ بْن سَلُول وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَة الْأَوْثَان " فَعَطَفَ عَبَدَة الْأَوْثَان عَلَى الْمُشْرِكِينَ , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
‏ ‏قَوْله : ( عَجَاجَة ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَجِيمَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَة أَيْ غُبَارهَا وَقَوْله " خَمَّرَ " أَيْ غَطَّى , وَقَوْله " أَنْفه " فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " وَجْهه ".
‏ ‏قَوْله : ( فَسَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ) ‏ ‏يُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز السَّلَام عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ كُفَّار وَيَنْوِي حِينَئِذٍ بِالسَّلَامِ الْمُسْلِمِينَ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الَّذِي سَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ صِيغَة عُمُوم فِيهَا تَخْصِيص كَقَوْلِهِ السَّلَام عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ الْهُدَى.
‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ ) ‏ ‏عَبَّرَ عَنْ اِنْتِهَاء مَسِيره بِالْوُقُوفِ.
‏ ‏قَوْله : ( إِنَّهُ لَا أَحْسَن مِمَّا تَقُول ) ‏ ‏بِنَصْبِ أَحْسَن وَفَتْح أَوَّله عَلَى أَنَّهُ أَفْعَل تَفْضِيل , وَيَجُوز فِي أَحْسَن الرَّفْع عَلَى أَنَّهُ خَبَر لَا وَالِاسْم مَحْذُوف أَيْ لَا شَيْء أَحْسَن مِنْ هَذَا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر السِّين وَضَمّ النُّون , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أُخْرَى لَأَحْسَنُ بِحَذْفِ الْأَلِف لَكِنْ بِفَتْحِ السِّين وَضَمّ النُّون عَلَى أَنَّهَا لَام الْقَسَم كَأَنَّهُ قَالَ أَحْسَن مِنْ هَذَا أَنْ تَقْعُد فِي بَيْتك , حَكَاهُ عِيَاض عَنْ أَبِي عَلِيّ وَاسْتَحْسَنَهُ , وَحَكَى اِبْن الْجَوْزِيّ تَشْدِيد السِّين الْمُهْمَلَة بِغَيْرِ نُون مِنْ الْحِسّ أَيْ لَا أَعْلَم مِنْهُ شَيْئًا.
‏ ‏قَوْله : ( يَتَثَاوَرُونَ ) ‏ ‏بِمُثَلَّثَةِ أَيْ يَتَوَاثَبُونَ , أَيْ قَارَبُوا أَنْ يَثِب بَعْضهمْ عَلَى بَعْض فَيَقْتَتِلُوا , يُقَال ثَارَ إِذَا قَامَ بِسُرْعَةٍ وَانْزِعَاج.
‏ ‏قَوْله : ( حَتَّى سَكَنُوا ) ‏ ‏بِالنُّونِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَعِنْد الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُثَنَّاةِ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس أَنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا ) الْآيَة , وَقَدْ قَدَّمْت مَا فِيهِ مِنْ الْإِشْكَال وَجَوَابه عِنْد شَرْح حَدِيث أَنَس فِي كِتَاب الصُّلْح.
‏ ‏قَوْله : ( أَيَا سَعْد ) ‏ ‏فِي رِوَايَة مُسْلِم " أَيْ سَعْد ".
‏ ‏قَوْله : ( أَبُو حُبَاب ) ‏ ‏بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ الْأَوَّل خَفِيفَة وَهِيَ كُنْيَة عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَكَنَّاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَة لِكَوْنِهِ كَانَ مَشْهُورًا بِهَا أَوْ لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّف.
‏ ‏قَوْله : ( وَلَقَدْ اِصْطَلَحَ ) ‏ ‏بِثُبُوتِ الْوَاو لِلْأَكْثَرِ وَبِحَذْفِهَا لِبَعْضِهِمْ.
‏ ‏قَوْله : ( أَهْل هَذِهِ الْبَحْرَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ " الْبُحَيْرَة " بِالتَّصْغِيرِ , وَهَذَا اللَّفْظ يُطْلَق عَلَى الْقَرْيَة وَعَلَى الْبَلَد , وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة , وَنَقَلَ يَاقُوت أَنَّ الْبَحْرَة مِنْ أَسْمَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة.
‏ ‏قَوْله : ( عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيَعْصِبُوهُ بِالْعِصَابَةِ ) ‏ ‏يَعْنِي يُرَئِّسُوهُ عَلَيْهِمْ وَيُسَوِّدُوهُ , وَسَمَّى الرَّئِيس مُعَصَّبًا لِمَا يَعْصِب بِرَأْسِهِ مِنْ الْأُمُور , أَوْ لِأَنَّهُمْ يَعْصِبُونَ رُءُوسهمْ بِعِصَابَةٍ لَا تَنْبَغِي لِغَيْرِهِمْ يَمْتَازُونَ بِهَا , وَوَقَعَ فِي غَيْر الْبُخَارِيّ " فَيَعْصِبُونَهُ " وَالتَّقْدِير فَهُمْ يَعْصِبُونَهُ أَوْ فَإِذَا هُمْ يَعْصِبُونَهُ ; وَعِنْد اِبْن إِسْحَاق لَقَدْ جَاءَنَا اللَّه بِك وَإِنَّا لَنَنْظِم لَهُ الْخَرَز لِنُتَوِّجهُ , فَهَذَا تَفْسِير الْمُرَاد وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ.
‏ ‏قَوْله : ( شَرِقَ بِذَلِكَ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَكَسْر الرَّاء أَيْ غَصَّ بِهِ , وَهُوَ كِنَايَة عَنْ الْحَسَد , يُقَال غَصَّ بِالطَّعَامِ وَشَجِيَ بِالْعَظْمِ وَشَرِقَ بِالْمَاءِ إِذَا اِعْتَرَضَ شَيْء مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَلْق فَمَنَعَهُ الْإِسَاغَة.
‏ ‏قَوْله : ( وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَاب ) ‏ ‏هَذَا حَدِيث آخَر أَفْرَدَهُ اِبْن حَاتِم فِي التَّفْسِير عَنْ الَّذِي قَبْله وَإِنْ كَانَ الْإِسْنَاد مُتَّحِدًا , وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم الْحَدِيث الَّذِي قَبْله مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخَرِّج شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَدِيث الْآخَر.
‏ ‏قَوْله : ( وَقَالَ اللَّه ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ) إِلَى آخِر الْآيَة ) ‏ ‏سَاقَ فِي رِوَايَة أَبِي نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج " مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي الْيَمَان بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور الْآيَة وَبِمَا بَعْدَ مَا سَاقَهُ الْمُصَنِّف مِنْهَا تَتَبَيَّن الْمُنَاسَبَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ).
‏ ‏قَوْله : ( حَتَّى أَذِنَ اللَّه فِيهِمْ ) ‏ ‏أَيْ فِي قِتَالهمْ , أَيْ فَتَرَكَ الْعَفْو عَنْهُمْ , وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ تَرَكَهُ أَصْلًا بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَرْك الْقِتَال أَوَّلًا وُقُوعه آخِرًا , وَإِلَّا فَعَفْوه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَثِير مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُود بِالْمَنِّ وَالْفِدَاء وَصَفْحه عَنْ الْمُنَافِقِينَ مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث وَالسِّيَر.
‏ ‏قَوْله : ( صَنَادِيد ) ‏ ‏بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُون خَفِيفَة جَمْع صِنْدِيد بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُون وَهُوَ الْكَبِير فِي قَوْمه.
‏ ‏قَوْله : ( هَذَا أَمْر قَدْ تَوَجَّهَ ) ‏ ‏أَيْ ظَهَرَ وَجْهه.
‏ ‏قَوْله : ( فَبَايَعُوا ) ‏ ‏بِلَفْظِ الْمَاضِي , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِلَفْظِ الْأَمْر.
وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على قطيفة فدكية وأردف أسامة

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الْيَمَانِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏شُعَيْبٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏أَخْبَرَهُ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى ‏ ‏قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ‏ ‏وَأَرْدَفَ ‏ ‏أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏ ‏وَرَاءَهُ يَعُودُ ‏ ‏سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ‏ ‏فِي ‏ ‏بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ‏ ‏قَبْلَ وَقْعَةِ ‏ ‏بَدْرٍ ‏ ‏قَالَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ‏ ‏وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ‏ ‏فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ‏ ‏وَالْيَهُودِ ‏ ‏وَالْمُسْلِمِينَ وَفِي الْمَجْلِسِ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ‏ ‏فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ‏ ‏خَمَّرَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ‏ ‏أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ فَقَالَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ‏ ‏أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ فَقَالَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ‏ ‏بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ ‏ ‏وَالْيَهُودُ ‏ ‏حَتَّى كَادُوا ‏ ‏يَتَثَاوَرُونَ ‏ ‏فَلَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُخَفِّضُهُمْ ‏ ‏حَتَّى سَكَنُوا ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى ‏ ‏سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ‏ ‏فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَا ‏ ‏سَعْدُ ‏ ‏أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ ‏ ‏أَبُو حُبَابٍ ‏ ‏يُرِيدُ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ‏ ‏قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ ‏ ‏سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ‏ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ لَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ ‏ ‏الْبُحَيْرَةِ ‏ ‏عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ ‏ ‏شَرِقَ ‏ ‏بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَكَانَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ ‏ ‏وَأَهْلِ الْكِتَابِ ‏ ‏كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏ { ‏وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ‏} ‏الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ ‏ { ‏وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ ‏ ‏أَهْلِ الْكِتَابِ ‏ ‏لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ‏} ‏إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَدْرًا ‏ ‏فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ ‏ ‏صَنَادِيدَ ‏ ‏كُفَّارِ ‏ ‏قُرَيْشٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ‏ ‏وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ ‏ ‏تَوَجَّهَ ‏ ‏فَبَايَعُوا الرَّسُولَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

كان إذا خرج رسول الله ﷺ إلى الغزو تخلفوا عنه وفر...

عن ‌أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلف...

لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم...

عن علقمة بن وقاص: «أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي، وأحب أن يحمد بما لم يفعل، معذبا، لنعذبن أجمعون.<b...

تحدث رسول الله ﷺ مع أهله ساعة ثم رقد فلما كان ثلث...

عن ‌ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد، فنظر إلى...

بت عند خالتي ميمونة فقلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله...

عن ‌ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند خالتي ميمونة، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطرحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة،...

استيقظ يمسح النوم عن وجهه بيديه ثم قرأ العشر الآيا...

عن عبد الله بن عباس: «أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأه...

حديث ابن عباس كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في الليل

عن ‌كريب مولى ابن عباس : أن ‌ابن عباس رضي الله عنهما أخبره: «أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة،...

كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق وكان يمسكها عليه...

عن ‌عائشة رضي الله عنها: «أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها، وكان لها عذق، وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها من نفسه شيء، فنزلت فيه: {وإن خفتم ألا تقسطوا في ال...

نهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أ...

عن ‌ابن شهاب قال: أخبرني ‌عروة بن الزبير: «أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} فقالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في ح...

نزلت في والي اليتيم إذا كان فقيرا

عن ‌عائشة رضي الله عنها: «في قوله تعالى: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} أنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرا: أنه يأكل منه مكا...