4580-
عن ابن عباس رضي الله عنهما: «{ولكل جعلنا موالي} قال: ورثة.
{والذين عاقدت أيمانكم} كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت: {ولكل جعلنا موالي} نسخت.
ثم قال: {والذين عاقدت أيمانكم} من النصر والرفادة والنصيحة، وقد ذهب الميراث، ويوصي له.»
سمع أبو أسامة إدريس، وسمع إدريس طلحة.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا الصَّلْت بْن مُحَمَّد ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيث سَنَدًا وَمَتْنًا فِي الْكَفَالَة , وَأُحِيلَ بِشَرْحِهِ عَلَى هَذَا الْمَوْضِع.
قَوْله : ( عَنْ إِدْرِيس ) هُوَ اِبْن يَزِيد الْأَوْدِيُّ بِفَتْحِ الْأَلِف وَسُكُون الْوَاو وَالِد عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس الْفَقِيه الْكُوفِيّ , وَإِدْرِيس ثِقَة عِنْدهمْ , وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَة " حَدَّثَنَا إِدْرِيس بْن يَزِيد ".
قَوْله : ( عَنْ طَلْحَة بْن مُصَرِّف ) وَقَعَ فِي الْفَرَائِض " عَنْ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم عَنْ أَبِي أُسَامَة عَنْ إِدْرِيس حَدَّثَنَا طَلْحَة ".
قَوْله : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ , قَالَ : وَرَثَة ) هَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْن أَهْل التَّفْسِير مِنْ السَّلَف , أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِد وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرهمْ , ثُمَّ قَالَ : وَتَأْوِيل الْكَلَام وَلِكُلِّكُمْ أَيّهَا النَّاس جَعَلْنَا عَصَبَة يَرِثُونَهُ مِمَّا تَرَكَ وَالِده وَأَقْرَبُوهُ مِنْ مِيرَاثهمْ لَهُ.
وَذَكَرَ غَيْره الْآيَة تَقْدِيرًا غَيْر ذَلِكَ فَقِيلَ : التَّقْدِير جَعَلْنَا لِكُلِّ مَيِّت وَرَثَة تَرِث مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ.
وَقِيلَ : التَّقْدِير وَلِكُلٍّ مَال مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ جَعَلْنَا وَرَثَة يَحُوزُونَهُ.
فَعَلَى هَذَا " كُلّ " مُتَعَلِّقَة بِجَعَلَ وَ " مِمَّا تَرَكَ " صِفَة لِكُلٍّ وَ " الْوَالِدَانِ " فَاعِل تَرَكَ , وَيَلْزَم عَلَيْهِ الْفَصْل بَيْن الْمَوْصُوف وَصِفَته , وَقَدْ سُمِعَ كَثِيرًا , وَفِي الْقُرْآن ( قُلْ أَغَيْر اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ ) فَإِنَّ فَاطِر صِفَة اللَّه اِتِّفَاقًا , وَقِيلَ : التَّقْدِير وَلِكُلِّ قَوْم جَعَلْنَاهُمْ مَوْلًى أَيْ وَرَثَة نَصِيب مِمَّا تَرَكَ وَالِدَاهُمْ وَأَقْرَبُوهُمْ , وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ " لِكُلٍّ " خَبَر مُقَدَّم وَ " نَصِيب " مُبْتَدَأ مُؤَخَّر وَ ( جَعَلْنَاهُمْ ) صِفَة لِقَوْمِ وَ ( مِمَّا تَرَكَ ) صِفَة لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي حُذِفَ وَ ( نَصِيب ) صِفَته , وَكَذَا حُذِفَ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ كُلّ وَبَقِيَتْ صِفَته , وَكَذَا حُذِفَ الْعَائِد عَلَى الْمَوْصُوف , هَذَا حَاصِل مَا ذَكَرَهُ الْمُعْرِبُونَ , وَذَكَرُوا غَيْر ذَلِكَ مِمَّا ظَاهِره التَّكَلُّف.
وَأَوْضَح مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يُضَاف إِلَيْهِ كُلّ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا وَهُوَ قَوْله : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبْنَ ) ثُمَّ قَالَ ( وَلِكُلٍّ ) أَيْ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء ( جَعَلْنَا ) أَيْ قَدَّرْنَا ( نَصِيبًا ) أَيْ مِيرَاثًا ( مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ , وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) أَيْ بِالْحَلِفِ أَوْ الْمُوَالَاة وَالْمُؤَاخَاة ( فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) خِطَاب لِمَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ أَيْ مَنْ وُلِّيَ عَلَى مِيرَاث أَحَد فَلْيُعْطِ لِكُلِّ مَنْ يَرِثهُ نَصِيبه , وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْمُتَّضِح يَنْبَغِي أَنْ يَقَع الْإِعْرَاب وَيُتْرَك مَا عَدَاهُ مِنْ التَّعَسُّف.
قَوْله : ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ : كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة يَرِث الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُون ذَوِي رَحِمه لِلْأُخُوَّةِ ) هَكَذَا حَمَلَهَا اِبْن عَبَّاس عَلَى مَنْ آخَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ , وَحَمَلَهَا غَيْره عَلَى أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ فَأَسْنَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُحَالِف الرَّجُل لَيْسَ بَيْنهمْ نَسَب فَيَرِث أَحَدهمَا الْآخَر , فَنُسِخَ ذَلِكَ.
وَمِنْ طَرِيق سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فَيَرِثهُ , وَعَاقَدَ أَبُو بَكْر مَوْلًى فَوَرِثَهُ.
قَوْله : ( فَلَمَّا نَزَلَتْ ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ ) نُسِخَتْ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ نَاسِخ مِيرَاث الْحَلِيف هَذِهِ الْآيَة.
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل , فَإِذَا مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَر , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا ) يَقُول إِلَّا أَنْ تُوصُوا لِأَوْلِيَائِكُمْ الَّذِينَ عَاقَدْتُمْ.
وَمِنْ طَرِيق قَتَادَةَ : كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة فَيَقُول دَمِي دَمك وَتَرِثنِي وَأَرِثك , فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام أُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَهُوَ السُّدُس , ثُمَّ نُسِخَ بِالْمِيرَاثِ فَقَالَ ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ) , وَمِنْ طُرُق شَتَّى عَنْ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء كَذَلِكَ , وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّسْخ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ : الْأُولَى حَيْثُ كَانَ الْمُعَاقِد يَرِث وَحْده دُون الْعَصَبَة فَنَزَلَتْ ( وَلِكُلٍّ ) وَهِيَ آيَة الْبَاب فَصَارُوا جَمِيعًا يَرِثُونَ , وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّل حَدِيث اِبْن عَبَّاس , ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ آيَة الْأَحْزَاب وَخُصَّ الْمِيرَاث بِالْعَصَبَةِ وَبَقِيَ لِلْمُعَاقِدِ النَّصْر وَالْإِرْفَادُ وَنَحْوهمَا , وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّل بَقِيَّة الْآثَار.
وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ اِبْن عَبَّاس فِي حَدِيثه أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُر النَّاسِخ الثَّانِي , وَلَا بُدّ مِنْهُ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( ثُمَّ قَالَ ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) مِنْ النَّصْر وَالرِّفَادَة وَالنَّصِيحَة وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث وَيُوصَى لَهُ ) كَذَا وَقَعَ فِيهِ , وَسَقَطَ مِنْهُ شَيْء بَيَّنَهُ الطَّبَرِيُّ فِي رِوَايَته عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَة بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَفْظه : ثُمَّ قَالَ ( وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) مِنْ النَّصْر إِلَخْ , فَقَوْله مِنْ النَّصْر يَتَعَلَّق بِآتُوهُمْ لَا بِعَاقَدَتْ وَلَا بِأَيْمَانِكُمْ , وَهُوَ وَجْه الْكَلَام , وَالرِّفَادَة بِكَسْرِ الرَّاء بَعْدهَا فَاءَ خَفِيفَة الْإِعَانَة بِالْعَطِيَّةِ.
قَوْله : ( سَمِعَ أَبُو أُسَامَة إِدْرِيس وَسَمِعَ إِدْرِيس طَلْحَة ) وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ وَحْده , وَقَدْ قَدَّمْت التَّنْبِيه عَلَى مَنْ وَقَعَ عِنْده التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ لِأَبِي أُسَامَة مِنْ إِدْرِيس وَلِإِدْرِيس مِنْ طَلْحَة فِي هَذَا الْحَدِيث بِعَيْنِهِ , وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمُصَنِّف , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } قَالَ وَرَثَةً { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } نُسِخَتْ ثُمَّ قَالَ { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } مِنْ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن أناسا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم...
عن عمرو بن مرة، قال: «قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي، قلت: آقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: فإني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء، ح...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «هلكت قلادة لأسماء، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبها رجالا، فحضرت الصلاة، وليسوا على وضوء، ولم يجدوا ماء، فصلوا وه...
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «{أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي، إذ بعثه ال...
عن عروة قال: «خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شريج من الحرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال الأنصاري: يا رسو...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة، وكان في شكواه الذي قبض فيه، أخذته بح...
عن ابن عباس، قال: «كنت أنا وأمي من المستضعفين من الرجال والنساء»
عن ابن أبي مليكة : «أن ابن عباس تلا: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} قال:كنت أنا وأمي ممن عذر الله» ويذكر عن ابن عباس: {حصرت}: ضاقت، {تل...
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: «{فما لكم في المنافقين فئتين} رجع ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أحد، وكان الناس فيهم فرقتين: فريق يقول: اقتله...