5063- عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟! قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.»
أخرجه مسلم في النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه.
.
رقم 1401
(رهط) قيل هم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص.
وعثمان بن مظعون رضي الله عنهم.
(تقالوها) عدوها قليلة.
(ذنبه) ذنبه صلى الله عليه وسلم على حسب مقامه وما يعتبر ذنبا في حقه ليس هو من جنس الذنوب حقيقة ولو فعله غيره لا يسمى ذنبا.
كفعله خلاف الأولى ونحو ذلك.
(أبدا) دائما دون انقطاع.
(الدهر) أي أواصل الصيام يوما بعد يوم.
(لأخشاكم لله واتقاكم له) أكثركم خوفا منه واشدكم تقوى.
(أرقد) أنام.
(رغب عن سنتي) مال عن طريقتي وأعرض عنها.
(فليس مني) أي ليس بمسلم إن كان ميله عنها كرها لها أوعن عدم اعتقاد بها.
أن كان غير ذلك فإنه مخالف لطريقتي السهلة السمحة التي لا تشدد فيها ولا عنت
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَنَس , وَهُوَ مِنْ الْمُتَّفَق عَلَيْهِ لَكِنْ مِنْ طَرِيقَيْنِ إِلَى أَنَس.
قَوْله ( جَاءَ ثَلَاثَة رَهْط ) كَذَا فِي رِوَايَة حُمَيْدٍ , وَفِي رِوَايَة ثَابِت عِنْد مُسْلِم " أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَا مُنَافَاة بَيْنهمَا فَالرَّهْط مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة , وَالنَّفَر مِنْ ثَلَاثَة إِلَى تِسْعَة , وَكُلّ مِنْهُمَا اِسْم جَمْع لَا وَاحِد لَهُ مِنْ لَفْظه.
وَوَقَعَ فِي مُرْسَل سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عِنْد عَبْد الرَّزَّاق أَنَّ الثَّلَاثَة الْمَذْكُورِينَ هُمْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ وَعُثْمَان بْن مَظْعُون وَعِنْد اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيق الْحَسَن الْعَدَنِيّ " كَانَ عَلِيّ فِي أُنَاس مِمَّنْ أَرَادُوا أَنْ يُحَرِّمُوا الشَّهَوَات فَنَزَلَتْ الْآيَة فِي الْمَائِدَة " وَوَقَعَ فِي " أَسْبَاب الْوَاحِدِيّ " بِغَيْرِ إِسْنَاد " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ النَّاس وَخَوَّفَهُمْ , فَاجْتَمَعَ عَشَرَة مِنْ الصَّحَابَة - وَهُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَعَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَأَبُو ذَرّ وَسَالِم مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة وَالْمِقْدَاد وَسَلْمَان وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ وَمَعْقِل بْن مُقَرِّن - فِي بَيْت عُثْمَان بْن مَظْعُون , فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَصُومُوا النَّهَار وَيَقُومُوا اللَّيْل وَلَا يَنَامُوا عَلَى الْفُرُش وَلَا يَأْكُلُوا اللَّحْم وَلَا يَقْرَبُوا النِّسَاء وَيَجُبُّوا مَذَاكِيرهمْ " فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا اِحْتَمَلَ أَنْ يَكُون الرَّهْط الثَّلَاثَة هُمْ الَّذِينَ بَاشَرُوا السُّؤَال فَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ بِخُصُوصِهِمْ تَارَة وَنُسِبَ تَارَة لِلْجَمِيعِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي طَلَبه , وَيُؤَيِّد أَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ثَلَاثَة فِي الْجُمْلَة مَا رَوَى مُسْلِم مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن هِشَام أَنَّهُ " قَدِمَ الْمَدِينَة , فَأَرَادَ أَنْ يَبِيع عَقَاره فَيَجْعَلهُ فِي سَبِيل اللَّه , وَيُجَاهِد الرُّوم حَتَّى يَمُوت , فَلَقِيَ نَاسًا بِالْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ , وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّة أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ , فَلَمَّا حَدَّثُوهُ ذَلِكَ رَاجَعَ اِمْرَأَته وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا " يَعْنِي بِسَبَبِ ذَلِكَ , لَكِنْ فِي عَدِّ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو مَعَهُمْ نَظَر , لِأَنَّ عُثْمَان بْن مَظْعُون مَاتَ قَبْل أَنْ يُهَاجِر عَبْد اللَّه فِيمَا أَحْسَب.
قَوْله ( يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ عَلْقَمَة " فِي السِّرّ ".
قَوْله ( كَأَنَّهُمْ تَقَالّوهَا ) بِتَشْدِيدِ اللَّام الْمَضْمُومَة أَيْ اِسْتَقَلُّوهَا , وَأَصْل تَقَالّوهَا تَقَالَلُوهَا أَيْ رَأَى كُلّ مِنْهُمْ أَنَّهَا قَلِيلَة.
قَوْله ( فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَدْ غَفَرَ اللَّه لَهُ ) فِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيّ " قَدْ غُفِرَ لَهُ " بِضَمِّ أَوَّله.
وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَم بِحُصُولِ ذَلِكَ لَهُ يُحْتَاج إِلَى الْمُبَالَغَة فِي الْعِبَادَة عَسَى أَنْ يَحْصُل , بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ , لَكِنْ قَدْ بَيَّنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ , فَأَشَارَ إِلَى هَذَا بِأَنَّهُ أَشَدّهمْ خَشْيَة وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَقَامِ الْعُبُودِيَّة فِي جَانِب الرُّبُوبِيَّة , وَأَشَارَ فِي حَدِيث عَائِشَة وَالْمُغِيرَة - كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاة اللَّيْل - إِلَى مَعْنًى آخَر بِقَوْلِهِ " أَفَلَا أَكُون عَبْدًا شَكُورًا ".
قَوْله ( فَقَالَ أَحَدهمْ أَمَّا أَنَا فَأَنَا أُصَلِّي اللَّيْل أَبَدًا ) هُوَ قَيْد لِلَّيْلِ لَا لِأُصَلِّيَ , وَقَوْله " فَلَا أَتَزَوَّج أَبَدًا " أَكَّدَ الْمُصَلِّي وَمُعْتَزِل النِّسَاء بِالتَّأْبِيدِ وَلَمْ يُؤَكِّد الصِّيَام لِأَنَّهُ لَا بُدّ لَهُ مِنْ فِطْر اللَّيَالِي وَكَذَا أَيَّام الْعِيد , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم " فَقَالَ بَعْضهمْ لَا أَتَزَوَّج النِّسَاء , وَقَالَ بَعْضهمْ لَا آكُل اللَّحْم , وَقَالَ بَعْضهمْ لَا أَنَام عَلَى الْفِرَاش , وَظَاهِره مِمَّا يُؤَكِّد زِيَادَة عَدَد الْقَائِلِينَ.
لِأَنَّ تَرْكَ أَكْل اللَّحْم أَخَصّ مِنْ مُدَاوَمَة الصِّيَام , وَاسْتِغْرَاق اللَّيْل بِالصَّلَاةِ أَخَصّ مِنْ تَرْكِ النَّوْم عَلَى الْفِرَاش.
وَيُمْكِن التَّوْفِيق بِضُرُوبٍ مِنْ التَّجَوُّز.
قَوْله ( فَجَاءَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ ) فِي رِوَايَة مُسْلِم فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ مَا بَال أَقْوَام قَالُوا كَذَا ؟ وَيُجْمَع بِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ عُمُومًا جَهْرًا مَعَ عَدَم تَعْيِينهمْ وَخُصُوصًا فِيمَا بَيْنه وَبَيْنهمْ رِفْقًا بِهِمْ وَسَتْرًا لَهُمْ.
قَوْله ( أَمَا وَاللَّه ) بِتَخْفِيفِ الْمِيم حَرْف تَنْبِيه بِخِلَافِ قَوْله فِي أَوَّل الْخَبَر أَمَّا أَنَا فَإِنَّهَا بِتَشْدِيدِ الْمِيم لِلتَّقْسِيمِ.
قَوْله ( إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ) فِيهِ إِشَارَة إِلَى رَدّ مَا بَنَوْا عَلَيْهِ أَمْرَهُمْ مِنْ أَنَّ الْمَغْفُور لَهُ لَا يَحْتَاج إِلَى مَزِيد فِي الْعِبَادَة بِخِلَافِ غَيْره , فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَعَ كَوْنه يُبَالِغ فِي التَّشْدِيد فِي الْعِبَادَة أَخْشَى لِلَّهِ وَأَتْقَى مِنْ الَّذِينَ يُشَدِّدُونَ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشَدِّد لَا يَأْمَن مِنْ الْمَلَل بِخِلَافِ الْمُقْتَصِد فَأَنَّهُ أَمْكَنَ لِاسْتِمْرَارِهِ وَخَيْر الْعَمَل مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبه , وَقَدْ أَرْشَد إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله فِي الْحَدِيث الْآخَر " الْمُنْبَتّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى " وَسَيَأْتِي مَزِيد لِذَلِكَ فِي كِتَاب الرِّقَاق إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَتَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْعِلْم شَيْء مِنْهُ.
قَوْله ( لَكِنِّي ) اِسْتِدْرَاك مِنْ شَيْء مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاق أَيْ أَنَا وَأَنْتُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيَّ الْعُبُودِيَّة سَوَاء , لَكِنْ أَنَا أَعْمَل كَذَا.
قَوْله ( فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) الْمُرَاد بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَة لَا الَّتِي تُقَابِل الْفَرْض , وَالرَّغْبَة عَنْ الشَّيْء الْإِعْرَاض عَنْهُ إِلَى غَيْره , وَالْمُرَاد مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتِي وَأَخَذَ بِطَرِيقَةِ غَيْرِي فَلَيْسَ مِنِّي , وَلَمَّحَ بِذَلِكَ إِلَى طَرِيق الرَّهْبَانِيَّة فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ اِبْتَدَعُوا التَّشْدِيد كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه تَعَالَى وَقَدْ عَابَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَا وَفُّوهُ بِمَا اِلْتَزَمُوهُ , وَطَرِيقَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَنِيفِيَّة السَّمْحَة فَيُفْطِر لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْم وَيَنَام لِيَتَقَوَّى عَلَى الْقِيَام وَيَتَزَوَّج لِكَسْرِ الشَّهْوَة وَإِعْفَاف النَّفْس وَتَكْثِير النَّسْل.
وَقَوْله فَلَيْسَ مِنِّي إِنْ كَانَتْ الرَّغْبَة بِضَرْبٍ مِنْ التَّأْوِيل يُعْذَر صَاحِبه فِيهِ فَمَعْنَى " فَلَيْسَ مِنِّي " أَيْ عَلَى طَرِيقَتِي وَلَا يَلْزَم أَنْ يَخْرُج عَنْ الْمِلَّة وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا وَتَنَطُّعًا يُفْضِي إِلَى اِعْتِقَاد أَرْجَحِيَّة عَمَله فَمَعْنَى فَلَيْسَ مِنِّي لَيْسَ عَلَى مِلَّتِي لِأَنَّ اِعْتِقَاد ذَلِكَ نَوْع مِنْ الْكُفْر.
وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى فَضْلِ النِّكَاح وَالتَّرْغِيب فِيهِ , وَفِيهِ تَتَبُّع أَحُول الْأَكَابِر لِلتَّأَسِّي بِأَفْعَالِهِمْ وَأَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَته مِنْ الرِّجَال جَازَ اِسْتِكْشَافه مِنْ النِّسَاء , وَأَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى عَمَل بِرّ وَاحْتَاجَ إِلَى إِظْهَاره حَيْثُ يَأْمَن الرِّيَاء لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَمْنُوعًا.
وَفِيهِ تَقْدِيم الْحَمْد وَالثَّنَاء عَلَى اللَّه عِنْد إِلْقَاء مَسَائِل الْعِلْم وَبَيَان الْأَحْكَام لِلْمُكَلَّفِينَ وَإِزَالَة الشُّبْهَة عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ , وَأَنَّ الْمُبَاحَات قَدْ تَنْقَلِب بِالْقَصْدِ إِلَى الْكَرَاهَة وَالِاسْتِحْبَاب.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : فِيهِ الرَّدّ عَلَى مَنْ مَنَعَ اِسْتِعْمَال الْحَلَال مِنْ الْأَطْعِمَة وَالْمَلَابِس وَآثَرَ غَلِيظ الثِّيَاب وَخَشِن الْمَأْكَل.
قَالَ عِيَاض هَذَا مِمَّا اِخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَف فَمِنْهُمْ مَنْ نَحَا إِلَى مَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُمْ الدُّنْيَا ) قَالَ وَالْحَقّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة فِي الْكُفَّار وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرَيْنِ.
قُلْت : لَا يَدُلّ ذَلِكَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ إِنْ كَانَ الْمُرَاد الْمُدَاوَمَة عَلَى إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ , وَالْحَقّ أَنَّ مُلَازَمَة اِسْتِعْمَال الطَّيِّبَات تُفْضِي إِلَى التَّرَفُّه وَالْبَطَر وَلَا يَأْمَن مِنْ الْوُقُوع فِي الشُّبُهَات لِأَنَّ مَنْ اِعْتَادَ ذَلِكَ قَدْ لَا يَجِدهُ أَحْيَانًا فَلَا يَسْتَطِيع الِانْتِقَال عَنْهُ فَيَقَع فِي الْمَحْظُور كَمَا أَنَّ مَنْعَ تَنَاوُل ذَلِكَ أَحْيَانًا يُفْضِي إِلَى التَّنَطُّع الْمَنْهِيّ عَنْهُ وَيَرُدّ عَلَيْهِ صَرِيح قَوْله تَعَالَى ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) كَمَا أَنَّ الْأَخْذ بِالتَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَة يُفْضِي إِلَى الْمَلَل الْقَاطِع لِأَصْلِهَا وَمُلَازَمَة الِاقْتِصَار عَلَى الْفَرَائِض مَثَلًا وَتَرْك التَّنَفُّل يُفْضِي إِلَى إِيثَار الْبَطَالَة وَعَدَم النَّشَاط إِلَى الْعِبَادَة وَخَيْر الْأُمُور الْوَسَط , وَفِي قَوْله إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ مَعَ مَا اِنْضَمَّ إِلَيْهِ إِشَارَة إِلَى ذَلِكَ , وَفِيهِ أَيْضًا إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْعِلْم بِاللَّهِ وَمَعْرِفَة مَا يَجِب مِنْ حَقّه أَعْظَم قَدْرًا مِنْ مُجَرَّد الْعِبَادَة الْبَدَنِيَّة , وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
عن عروة : أنه «سأل عائشة عن قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو...
عن علقمة قال: «كنت مع عبد الله فلقيه عثمان بمنى، فقال يا أبا عبد الرحمن، إن لي إليك حاجة، فخليا فقال عثمان: هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكرا...
عن عبد الرحمن بن يزيد قال: «دخلت مع علقمة والأسود على عبد الله، فقال عبد الله: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شبابا لا نجد شيئا، فقال لنا رسول الله...
عن عطاء قال: «حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف، فقال ابن عباس: هذه زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفقو...
عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة وله تسع نسوة» وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد، عن قت...
عن سعيد بن جبير قال: «قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: فتزوج؛ فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.»
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله و...
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك.»
عن أنس بن مالك قال: «قدم عبد الرحمن بن عوف، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وعند الأنصاري امرأتان، فعرض عليه أن يناص...