5193- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار ) هُوَ بُنْدَار , وَذَكَرَ أَبُو عَلِيّ الْجَيَّانِيّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ عَنْ أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ " اِبْن سِنَان " بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونَيْنِ وَهُوَ غَلَط.
قَوْله ( عَنْ سُلَيْمَان ) هُوَ الْأَعْمَش , وَأَبُو حَازِم هُوَ سَلْمَان الْأَشْجَعِيّ.
وَقَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة " عَنْ زُرَارَة " هُوَ اِبْن أَبِي أَوْفَى قَاضِي الْبَصْرَة يُكَنَّى أَبَا حَاجِب , لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثَانِ فَقَطْ هَذَا وَآخَر مَضَى فِي الْعِتْق , وَلَهُ فِي الْبُخَارِيّ عَنْ عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ حَدِيث آخَر يَأْتِي فِي الدِّيَات , وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي تَفْسِير عَبَسَ حَدِيث مِنْ رِوَايَته عَنْ سَعْد بْن هِشَام عَنْ عَائِشَة , وَهَذَا جَمِيع مَا لَهُ فِي الصَّحِيح , وَكُلّهَا مِنْ رِوَايَة قَتَادَةَ عَنْهُ.
قَوْله ( إِذَا دَعَا الرَّجُل اِمْرَأَته إِلَى فِرَاشه ) قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : الظَّاهِر أَنَّ الْفِرَاش كِنَايَة عَنْ الْجِمَاع , وَيُقَوِّيه قَوْله " الْوَلَد لِلْفِرَاشِ " أَيْ لِمَنْ يَطَأ فِي الْفِرَاش , وَالْكِنَايَة عَنْ الْأَشْيَاء الَّتِي يُسْتَحَى مِنْهَا كَثِيرَة فِي الْقُرْآن وَالسُّنَّة , قَالَ : وَظَاهِر الْحَدِيث اِخْتِصَاص اللَّعْن بِمَا إِذَا وَقَعَ مِنْهَا ذَلِكَ لَيْلًا لِقَوْلِهِ " حَتَّى تُصْبِح " وَكَأَنَّ السِّرّ تَأَكُّد ذَلِكَ الشَّأْن فِي اللَّيْل وَقُوَّة الْبَاعِث عَلَيْهِ , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوز لَهَا الِامْتِنَاع فِي النَّهَار , وَإِنَّمَا خُصَّ اللَّيْل بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الْمَظِنَّة لِذَلِكَ ا ه.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة يَزِيد بْن كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِم عِنْد مُسْلِم بِلَفْظِ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , مَا مِنْ رَجُل يَدْعُو اِمْرَأَته إِلَى فِرَاشهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاء سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا " وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان مِنْ حَدِيث جَابِر رَفَعَهُ " ثَلَاثَة لَا تُقْبَل لَهُمْ صَلَاة وَلَا يَصْعَد لَهُمْ إِلَى السَّمَاء حَسَنَة : الْعَبْد الْآبِق حَتَّى يَرْجِع , وَالسَّكْرَان حَتَّى يَصْحُو , وَالْمَرْأَة السَّاخِط عَلَيْهَا زَوْجهَا حَتَّى يَرْضَى " فَهَذِهِ الْإِطْلَاقَات تَتَنَاوَل اللَّيْل وَالنَّهَار.
قَوْله ( فَأَبَتْ أَنْ تَجِيء ) زَادَ أَبُو عَوَانَة عَنْ الْأَعْمَش كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْء الْخَلْق " فَبَاتَ غَضْبَان عَلَيْهَا " وَبِهَذِهِ الزِّيَادَة يُتَّجَه وُقُوع اللَّعْن , لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ يَتَحَقَّق ثُبُوت مَعْصِيَتهَا , بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَغْضَب مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُون إِمَّا لِأَنَّهُ عَذَرَهَا , وَإِمَّا لِأَنَّهُ تَرَك حَقّه مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْله فِي رِوَايَة زُرَارَة " إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَة مُهَاجِرَة فِرَاش زَوْجهَا " فَلَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِره فِي لَفْظ الْمُفَاعَلَة , بَلْ الْمُرَاد أَنَّهَا هِيَ الَّتِي هَجَرَتْ , وَقَدْ تَأْتِي لَفْظ الْمُفَاعَلَة وَيُرَاد بِهَا نَفْس الْفِعْل وَلَا يَتَّجِه عَلَيْهَا اللَّوْم إِلَّا إِذَا بَدَأَتْ هِيَ بِالْهَجْرِ فَغَضِبَ هُوَ لِذَلِكَ أَوْ هَجَرَهَا وَهِيَ ظَالِمَة فَلَمْ تَسْتَنْصِل مِنْ ذَنْبهَا وَهَجَرَتْهُ , أَمَّا لَوْ بَدَأَ هُوَ بِهَجْرِهَا ظَالِمًا لَهَا فَلَا , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق غُنْدَر عَنْ شُعْبَة " إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَة هَاجِرَة " بِلَفْظِ اِسْم الْفَاعِل.
قَوْله ( لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَة حَتَّى تُصْبِح ) فِي رِوَايَة زُرَارَة " حَتَّى تَرْجِع " وَهِيَ أَكْثَر فَائِدَة , وَالْأُولَى مَحْمُولَة عَلَى الْغَالِب كَمَا تَقَدَّمَ.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر رَفَعَهُ " اِثْنَانِ لَا تُجَاوِز صَلَاتهمَا رُءُوسهمَا : عَبْد آبِق , وَامْرَأَة غَضِبَ زَوْجهَا حَتَّى تَرْجِع " وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم.
قَالَ الْمُهَلَّب : هَذَا الْحَدِيث يُوجِب أَنَّ مَنْع الْحُقُوق - فِي الْأَبْدَانِ كَانَتْ أَوْ فِي الْأَمْوَال - مِمَّا يُوجِب سُخْط اللَّه , إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدهَا بِعَفْوِهِ , وَفِيهِ جَوَاز لَعْن الْعَاصِي الْمُسْلِم إِذَا كَانَ عَلَى وَجْه الْإِرْهَاب عَلَيْهِ لِئَلَّا يُوَاقِع الْفِعْل , فَإِذَا وَاقَعَهُ فَإِنَّمَا يُدْعَى لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالْهِدَايَة.
قُلْت : لَيْسَ هَذَا التَّقْيِيد مُسْتَفَادًا مِنْ هَذَا الْحَدِيث بَلْ مِنْ أَدِلَّة أُخْرَى , وَقَدْ اِرْتَضَى بَعْض مَشَايِخنَا مَا ذَكَرَهُ الْمُهَلَّب مِنْ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز لَعْنِ الْعَاصِي الْمُعَيَّن وَفِيهِ نَظَرٌ , وَالْحَقّ أَنَّ مَنْ مَنَعَ اللَّعْن أَرَادَ بِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيّ وَهُوَ الْإِبْعَاد مِنْ الرَّحْمَة , وَهَذَا لَا يَلِيق أَنْ يُدْعَى بِهِ عَلَى الْمُسْلِم بَلْ يُطْلَب لَهُ الْهِدَايَة وَالتَّوْبَة وَالرُّجُوع عَنْ الْمَعْصِيَة , وَالَّذِي أَجَازَهُ أَرَادَ بِهِ مَعْنَاهُ الْعُرْفِيّ وَهُوَ مُطْلَق السَّبّ , وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلّه إِذَا كَانَ بِحَيْثُ يَرْتَدِع الْعَاصِي بِهِ وَيَنْزَجِر , وَأَمَّا حَدِيث الْبَاب فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الْمَلَائِكَة تَفْعَل ذَلِكَ وَلَا يَلْزَم مِنْهُ جَوَازه عَلَى الْإِطْلَاق.
وَفِيهِ أَنَّ الْمَلَائِكَة تَدْعُو عَلَى أَهْل الْمَعْصِيَة مَا دَامُوا فِيهَا وَذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ يَدْعُونَ لِأَهْلِ الطَّاعَة مَا دَامُوا فِيهَا كَذَا قَالَ الْمُهَلَّب وَفِيهِ نَظَر أَيْضًا , قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : وَهَلْ الْمَلَائِكَة الَّتِي تَلْعَنهَا هُمْ الْحَفَظَة أَوْ غَيْرهمْ ؟ يَحْتَمِل الْأَمْرَيْنِ.
قُلْت : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون بَعْض الْمَلَائِكَة مُوَكَّلًا بِذَلِكَ , وَيُرْشِد إِلَى التَّعْمِيم قَوْله فِي رِوَايَة مُسْلِم " الَّذِي فِي السَّمَاء " إِنْ كَانَ الْمُرَاد بِهِ سُكَّانهَا قَالَ : وَفِيهِ دَلِيل عَلَى قَبُول دُعَاء الْمَلَائِكَة مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَوَّفَ بِذَلِكَ.
وَفِيهِ الْإِرْشَاد إِلَى مُسَاعَدَة الزَّوْج وَطَلَب مَرْضَاته.
وَفِيهِ أَنَّ صَبْر الرَّجُل عَلَى تَرْك الْجِمَاع أَضْعَف مِنْ صَبْر الْمَرْأَة.
قَالَ : وَفِيهِ أَنَّ أَقْوَى التَّشْوِيشَات عَلَى الرَّجُل دَاعِيَة النِّكَاح وَلِذَلِكَ حَضَّ الشَّارِع النِّسَاء عَلَى مُسَاعَدَة الرِّجَال فِي ذَلِكَ ا ه.
أَوْ السَّبَب فِيهِ الْحَضّ عَلَى التَّنَاسُل.
وَيُرْشِد إِلَيْهِ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي التَّرْغِيب فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل النِّكَاح , قَالَ : وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مُلَازَمَة طَاعَة اللَّه وَالصَّبْر عَلَى عِبَادَته جَزَاء عَلَى مُرَاعَاته لِعَبْدِهِ حَيْثُ لَمْ يَتْرُك شَيْئًا مِنْ حُقُوقه إِلَّا جَعَلَ لَهُ مَنْ يَقُوم بِهِ حَتَّى جَعَلَ مَلَائِكَته تَلْعَن مَنْ أَغْضَب عَبْده بِمَنْعِ شَهْوَة مِنْ شَهَوَاته , فَعَلَى الْعَبْد أَنْ يُوَفِّي حُقُوق رَبّه الَّتِي طَلَبهَا مِنْهُ ; وَإِلَّا فَمَا أَقْبَح الْجَفَاء مِنْ الْفَقِير الْمُحْتَاج إِلَى الْغَنِيّ الْكَثِير الْإِحْسَان.
ا ه مُلَخَّصًا مِنْ كَلَام اِبْن أَبِي جَمْرَة رَحِمَهُ اللَّه.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ
عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى ترجع.»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت م...
عن أسامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى الن...
عن عبد الله بن عباس أنه قال: «خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقام قياما طويلا نحوا من...
عن عمران، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء» تابعه أيوب وسلم بن زري...
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال:...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على...
عن أنس رضي الله عنه، قال: «آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا، وقعد في مشربة له فنزل لتسع وعشرين، فقيل: يا رسول الله، إنك آليت على شهر، ق...
عن أم سليم «أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف لا يدخل على بعض أهله شهرا، فلما مضى تسعة وعشرون يوما غدا عليهن أو راح، فقيل له: يا نبي الله، حلفت أن لا ت...