5235- عن أم سلمة : «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها وفي البيت مخنث، فقال المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية: إن فتح الله لكم الطائف غدا، أدلك على ابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخلن هذا عليكم.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا عَبْدَة ) هُوَ اِبْن سُلَيْمَان ( عَنْ هِشَام ) هُوَ اِبْن عُرْوَة ( عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة عَنْ أُمّ سَلَمَة ) فِي رِوَايَة سُفْيَان " عَنْ هِشَام فِي غَزْوَة الطَّائِف عَنْ أُمّهَا أُمّ سَلَمَة " هَكَذَا قَالَ أَصْحَاب هِشَام بْن عُرْوَة وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاس مِنْ طَرِيق زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة " عَنْ هِشَام أَنَّ عُرْوَة أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمّ سَلَمَة أَخْبَرَتْهَا " وَخَالَفَهُمْ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ هِشَام فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة " وَقَالَ مَعْمَر " عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة " وَرَوَاهُ مَعْمَر أَيْضًا عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة , وَأَرْسَلَهُ مَالِك فَلَمْ يَذْكُر فَوْق عُرْوَة أَحَدًا أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ , وَرِوَايَة مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ عِنْد مُسْلِم وَأَبِي دَاوُدَ أَيْضًا.
قَوْله ( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدهَا وَفِي الْبَيْت ) أَيْ الَّتِي هِيَ فِيهِ.
قَوْله ( مُخَنَّث ) تَقَدَّمَ فِي غَزْوَة الطَّائِف أَنَّ اِسْمه هِيت , وَأَنَّ اِبْن عُيَيْنَةَ ذَكَرَهُ عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ بِغَيْرِ إِسْنَاد , وَذَكَرَ اِبْن حَبِيب فِي " الْوَاضِحَة " عَنْ حَبِيب كَاتِب مَالِك قَالَ " قُلْت لِمَالِك إِنَّ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ زَادَ فِي حَدِيث بِنْت غَيْلَان أَنَّ الْمُخَنَّث هِيت وَلَيْسَ فِي كِتَابك هِيت , فَقَالَ : صَدَقَ هُوَ كَذَلِكَ " وَأَخْرَجَ الْجُوزَجَانِيُّ فِي تَارِيخه مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ قَالَ " كَانَ مُخَنَّث يَدْخُل عَلَى أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَال لَهُ هِيت " وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَأَبُو عَوَانَة وَابْن حِبَّان كُلّهمْ مِنْ طَرِيق يُونُس " عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة أَنَّ هِيتًا كَانَ يَدْخُل " الْحَدِيث.
وَرَوَى الْمُسْتَغْفِريّ مِنْ مُرْسَل مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى هِيتًا فِي كَلِمَتَيْنِ تَكَلَّمَ بِهِمَا مِنْ أَمْر النِّسَاء , قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر : إِذَا اِفْتَتَحْتُمْ الطَّائِف غَدًا فَعَلَيْك بِابْنَةِ غَيْلَان " فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث الْبَاب وَزَادَ " اِشْتَدَّ غَضَب اللَّه عَلَى قَوْم رَغِبُوا عَنْ خَلْق اللَّه وَتَشَبَّهُوا بِالنِّسَاءِ " وَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة وَالدَّوْرَقِيّ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّار مِنْ طَرِيق عَامِر بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عَنْ أَبِيهِ أَنَّ اِسْم الْمُخَنَّث هِيت أَيْضًا , لَكِنْ ذَكَرَ فِيهِ قِصَّة أُخْرَى.
وَذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي أَنَّ اِسْم الْمُخَنَّث فِي حَدِيث الْبَاب مَاتِع وَهُوَ بِمُثَنَّاةٍ وَقِيلَ بِنُونٍ , فَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيِّ قَالَ " كَانَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة الطَّائِف مَوْلًى لِخَالَتِهِ فَاخِتَة بِنْت عَمْرو بْن عَائِذ مُخَنَّث يُقَال لَهُ مَاتِع يَدْخُل عَلَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُون فِي بَيْته لَا يَرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَفْطِن لِشَيْءٍ مِنْ أَمْر النِّسَاء مِمَّا يَفْطِن لَهُ الرِّجَال وَلَا أَنَّ لَهُ إِرْبَة فِي ذَلِكَ , فَسَمِعَهُ يَقُول لِخَالِدِ بْن الْوَلِيد : يَا خَالِد إِنْ اِفْتَتَحْتُمْ الطَّائِف فَلَا تَنْفَلِتَنّ مِنْك بَادِيَة بِنْت غَيْلَان بْن سَلَمَة , فَإِنَّهَا تُقْبِل بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِر بِثَمَانٍ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ : لَا أُرَى هَذَا الْخَبِيث يَفْطِن لِمَا أَسْمَع , ثُمَّ قَالَ لِنِسَائِهِ : لَا تُدْخِلَنّ هَذَا عَلَيْكُنَّ , فَحُجِبَ عَنْ بَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَحَكَى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي كَوْن مَاتِع لَقَب هِيت أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ أَنَّهُمَا اِثْنَانِ خِلَافًا , وَجَزَمَ الْوَاقِدِيُّ بِالتَّعَدُّدِ فَإِنَّهُ قَالَ : كَانَ هِيت مَوْلَى عَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة , وَكَانَ مَاتِع مَوْلَى فَاخِتَة , وَذُكِرَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَاهُمَا مَعًا إِلَى الْحِمَى , وَذَكَرَ الْبَارُودِيّ فِي " الصَّحَابَة " مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر عَنْ أَبِي بَكْر بْن حَفْص " أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ لِمُخَنَّثٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يُقَال لَهُ أَنَّة بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَتَشْدِيد النُّون : أَلَا تَدُلّنَا عَلَى اِمْرَأَة نَخْطُبهَا عَلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر ؟ قَالَ : بَلَى , فَوَصَفَ اِمْرَأَة تُقْبِل بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِر بِثَمَانٍ , فَسَمِعَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا أَنَّة اخْرُج مِنْ الْمَدِينَة إِلَى حَمْرَاء الْأَسَد وَلْيَكُنْ بِهَا مَنْزِلك " وَالرَّاجِح أَنَّ اِسْم الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْبَاب هِيت , وَلَا يَمْتَنِع أَنْ يَتَوَارَدُوا فِي الْوَصْف الْمَذْكُور , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَة الطَّائِف ضَبْط هِيت , وَوَقَعَ فِي أَوَّل رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة عِنْد مُسْلِم " كَانَ يَدْخُل عَلَى أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّث وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْر أُولِي الْإِرْبَة ; فَدَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْد بَعْض نِسَائِهِ وَهُوَ يَنْعَت اِمْرَأَة " الْحَدِيث , وَعُرِفَ مِنْ حَدِيث الْبَاب تَسْمِيَة الْمَرْأَة وَأَنَّهَا أُمّ سَلَمَة وَالْمُخَنَّث بِكَسْرِ النُّون وَبِفَتْحِهَا مَنْ يُشْبِه خَلْقه النِّسَاء فِي حَرَكَاته وَكَلَامه وَغَيْر ذَلِكَ , فَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْل الْخِلْقَة لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لَوْم وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّف إِزَالَة ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ بِقَصْدٍ مِنْهُ وَتَكَلُّف لَهُ فَهُوَ الْمَذْمُوم وَيُطْلَق عَلَيْهِ اِسْم مُخَنَّث سَوَاء فَعَلَ الْفَاحِشَة أَوْ لَمْ يَفْعَل , قَالَ اِبْن حَبِيب : الْمُخَنَّث هُوَ الْمُؤَنَّث مِنْ الرِّجَال وَإِنْ لَمْ تُعْرَف مِنْهُ الْفَاحِشَة , مَأْخُوذ مِنْ التَّكَسُّر فِي الْمَشْي وَغَيْره , وَسَيَأْتِي فِي كِتَاب الْأَدَب لَعْن مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَقِيلَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ هَذَا يَتَشَبَّه بِالنِّسَاءِ , فَنَفَاهُ إِلَى النَّقِيع , فَقِيلَ أَلَا تَقْتُلهُ فَقَالَ : إِنِّي نُهِيت عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ ".
قَوْله ( فَقَالَ لِأَخِي أُمّ سَلَمَة ) تَقَدَّمَ شَرْح حَاله فِي غَزْوَة الطَّائِف , وَوَقَعَ فِي مُرْسَل اِبْن الْمُنْكَدِر أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر فَيُحْمَل عَلَى تَعَدُّد الْقَوْل مِنْهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا : لِأَخِي عَائِشَة وَلِأَخِي أُمّ سَلَمَة.
وَالْعَجَب أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّر أَنَّ الْمَرْأَة الْمَوْصُوفَة حَصَلَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا , لِأَنَّ الطَّائِف لَمْ يُفْتَح حِينَئِذٍ , وَقُتِلَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة فِي حَال الْحِصَار , وَلَمَّا أَسْلَمَ غَيْلَان بْن سَلَمَة وَأَسْلَمَتْ بِنْته بَادِيَة تَزَوَّجَهَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف فَقُدِّرَ أَنَّهَا اُسْتُحِيضَتْ عِنْده وَسَأَلَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُسْتَحَاضَة , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي كِتَاب الطَّهَارَة , وَتَزَوَّجَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر لَيْلَى بِنْت الْجُودِيّ وَقِصَّته مَعَهَا مَشْهُورَة , وَقَدْ وَقَعَ حَدِيث فِي سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص أَنَّهُ خَطَبَ اِمْرَأَة بِمَكَّة فَقَالَ : مَنْ يُخْبِرنِي عَنْهَا ؟ فَقَالَ مُخَنَّث يُقَال لَهُ هِيت : أَنَا أَصِفهَا لَك.
فَهَذِهِ قِصَص وَقَعَتْ لِهِيت.
قَوْله ( إِنْ فَتَحَ اللَّه لَكُمْ الطَّائِف غَدًا ) وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة عَنْ هِشَام فِي أَوَّله " وَهُوَ مُحَاصِر الطَّائِف يَوْمئِذٍ " وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي غَزْوَة الطَّائِف وَاضِحًا.
قَوْله ( فَعَلَيْك ) هُوَ إِغْرَاء مَعْنَاهُ اِحْرِص عَلَى تَحْصِيلهَا وَالْزَمْهَا.
قَوْله ( غَيْلَان ) فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة " لَوْ قَدْ فُتِحَتْ لَكُمْ الطَّائِف لَقَدْ أَرَيْتُك بَادِيَة بِنْت غَيْلَان " وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْط بَادِيَة فَالْأَكْثَر بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّة وَقِيلَ بِنُونٍ بَدَل التَّحْتَانِيَّة حَكَاهُ أَبُو نُعَيْم , وَلِبَادِيَةَ ذِكْرٌ فِي الْمَغَازِي , ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ خَوْلَة بِنْت حَكِيم قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ فَتَحَ اللَّه عَلَيْك الطَّائِف أَعْطِنِي حُلِيّ بَادِيَة بِنْت غَيْلَان وَكَانَتْ مِنْ أَحْلَى نِسَاء ثَقِيف , وَغَيْلَان هُوَ اِبْن سَلَمَة بْن مُعَتِّب بِمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُثَنَّاة ثَقِيلَة ثُمَّ مُوَحَّدَة اِبْن مَالِك الثَّقَفِيّ , وَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَتَحْته عَشْر نِسْوَة فَأَمَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْتَار أَرْبَعًا , وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاء ثَقِيف وَعَاشَ إِلَى أَوَاخِر خِلَافَة عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
قَوْله ( تُقْبِل بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِر بِثَمَانٍ ) قَالَ اِبْن حَبِيب عَنْ مَالِك مَعْنَاهُ أَنَّ أَعْكَانَهَا يَنْعَطِف بَعْضهَا عَلَى بَعْض وَهِيَ فِي بَطْنهَا أَرْبَع طَرَائِق وَتَبْلُغ أَطْرَافهَا إِلَى خَاصِرَتهَا فِي كُلّ جَانِب أَرْبَع , وَلِإِرَادَةِ الْعُكَن ذِكْر الْأَرْبَع وَالثَّمَان.
فَلَوْ أَرَادَ الْأَطْرَاف لَقَالَ بِثَمَانِيَةٍ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي " بَاب إِخْرَاج الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الْبُيُوت " عَقِب هَذَا الْحَدِيث مِنْ وَجْه آخَر عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة فِي غَيْر رِوَايَة أَبِي ذَرّ : قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه تُقْبِل بِأَرْبَعٍ يَعْنِي بِأَرْبَعِ عُكَن بِبَطْنِهَا فَهِيَ تُقْبِل بِهِنَّ , وَقَوْله وَتُدْبِر بِثَمَانٍ يَعْنِي أَطْرَاف هَذِهِ الْعُكَن الْأَرْبَع لِأَنَّهَا مُحِيطَة بِالْجَنْبِ حِين يَتَجَعَّد.
ثُمَّ قَالَ : وَإِنَّمَا قَالَ بِثَمَانٍ وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ - وَوَاحِد الْأَطْرَاف مُذَكَّر - لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ثَمَانِيَة أَطْرَاف ا ه.
وَحَاصِله أَنَّ لِقَوْلِهِ ثَمَانٍ بِدُونِ الْهَاء تَوْجِيهَيْنِ إِمَّا لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَرِّح بِلَفْظِ الْأَطْرَاف وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَرَادَ الْعُكَن , وَتَفْسِير مَالِك الْمَذْكُور تَبِعَهُ فِيهِ الْجُمْهُور , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد أَنَّ لَهَا فِي بَطْنهَا أَرْبَع عُكَن فَإِذَا أَقْبَلَتْ رُؤْيَت مَوَاضِعهَا بَارِزَة مُتَكَسِّرًا بَعْضهَا عَلَى بَعْض وَإِذَا أَدْبَرَتْ كَانَتْ أَطْرَاف هَذِهِ الْعُكَن الْأَرْبَع عِنْد مُنْقَطِع جَنْبَيْهَا ثَمَانِيَة.
وَحَاصِله أَنَّهُ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا مَمْلُوءَة الْبَدَن بِحَيْثُ يَكُون لِبَطْنِهَا عُكَن وَذَلِكَ لَا يَكُون إِلَّا لِلسَّمِينَةِ مِنْ النِّسَاء , وَجَرَتْ عَادَة الرِّجَال غَالِبًا فِي الرَّغْبَة فِيمَنْ تَكُون بِتِلْكَ الصِّفَة , وَعَلَى هَذَا فَقَوْله فِي حَدِيث سَعْد " إِنْ أَقْبَلَتْ قُلْت تَمْشِي بِسِتٍّ , وَإِنْ أَدْبَرَتْ قُلْت تَمْشِي بِأَرْبَعٍ " كَأَنَّهُ يَعْنِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَطَرَفَيْ ذَاكَ مِنْهَا مُقْبِلَة وَرُدَّ فِيهَا مُدْبِرَة , وَإِنَّمَا نَقَصَ إِذَا أَدْبَرَتْ لِأَنَّ الثَّدْيَيْنِ يَحْتَجِبَانِ حِينَئِذٍ.
وَذَكَرَ اِبْن الْكَلْبِيّ فِي الصِّفَة الْمَذْكُورَة زِيَادَة بَعْد قَوْله وَتُدْبِر بِثَمَانٍ " بِثَغْرٍ كَالْأُقْحُوَانِ , إِنْ قَعَدَتْ تَثَنَّتْ , وَإِنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ.
وَبَيْن رِجْلَيْهَا مِثْل الْإِنَاء الْمَكْفُوء " مَعَ شِعْرٍ آخَر.
وَزَادَ الْمَدِينِيّ مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن رُومَان عَنْ عُرْوَة مُرْسَلًا فِي هَذِهِ الْقِصَّة " أَسْفَلهَا كَثِيب وَأَعْلَاهَا عَسِيب ".
قَوْله ( فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلَنّ هَذَا عَلَيْكُمْ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " عَلَيْكُنَّ " وَهِيَ رِوَايَة مُسْلِم , وَزَادَ فِي آخِر رِوَايَة الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا أُرَى هَذَا يَعْرِف مَا هَاهُنَا لَا يَدْخُل عَلَيْكُنَّ.
قَالَتْ فَحَجَبُوهُ " وَزَادَ أَبُو يَعْلَى فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي آخِره " وَأَخْرَجَهُ فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُل كُلّ يَوْم جُمْعَة يَسْتَطْعِم , وَزَادَ اِبْن الْكَلْبِيّ فِي حَدِيثه " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ غَلْغَلْت النَّظَر إِلَيْهَا يَا عَدُوّ اللَّه.
ثُمَّ أَجَلَاهُ عَنْ الْمَدِينَة إِلَى الْحِمَى " وَوَقَعَ فِي حَدِيث سَعْد الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ " إِنَّهُ خَطَبَ اِمْرَأَة بِمَكَّة , فَقَالَ هِيت : أَنَا أَنْعَتهَا لَك : إِذَا أَقْبَلَتْ قُلْت تَمْشِي بِسِتٍّ , وَإِذَا أَدْبَرَتْ قُلْت تَمْشِي بِأَرْبَعٍ.
وَكَانَ يَدْخُل عَلَى سَوْدَة فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُرَاهُ إِلَّا مُنْكَرًا فَمَنَعَهُ.
وَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَة نَفَاهُ " وَفِي رِوَايَة يَزِيد بْن رُومَان الْمَذْكُورَة " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِك قَاتَلَك اللَّه , إِنْ كُنْت لَأَحْسَبك مِنْ غَيْر أُولِي الْإِرْبَة مِنْ الرِّجَال , وَسَيَّرَهُ إِلَى خَاخٍ " بِمُعْجَمَتَيْنِ وَقَدْ ضُبِطَتْ فِي حَدِيث عَلِيّ فِي قِصَّة الْمَرْأَة الَّتِي حَمَلْت كِتَاب حَاطِب إِلَى قُرَيْش , قَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّمَا حَجَبَهُ عَنْ الدُّخُول إِلَى النِّسَاء لَمَّا سَمِعَهُ يَصِف الْمَرْأَة بِهَذِهِ الصِّفَة الَّتِي تُهَيِّج قُلُوب الرِّجَال فَمَنَعَهُ لِئَلَّا يَصِف الْأَزْوَاج لِلنَّاسِ فَيَسْقُط مَعْنَى الْحِجَاب ا ه , وَفِي سِيَاق الْحَدِيث مَا يُشْعِر بِأَنَّهُ حَجَبَهُ لِذَاتِهِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ " لَا أُرَى هَذَا يَعْرِف مَا هَاهُنَا " وَلِقَوْلِهِ " وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْر أُولِي الْإِرْبَة , فَلَمَّا ذَكَرَ الْوَصْف الْمَذْكُور دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَة فَنَفَاهُ لِذَلِكَ " وَيُسْتَفَاد مِنْهُ حَجْبُ النِّسَاء عَمَّنْ يَفْطِن لِمَحَاسِنِهِنَّ , وَهَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي إِبْعَاد مَنْ يُسْتَرَاب بِهِ فِي أَمْر مِنْ الْأُمُور , قَالَ الْمُهَلَّب : وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ أَجَازَ بَيْع الْعَيْن الْمَوْصُوفَة بِدُونِ الرُّؤْيَة لِقِيَامِ الصِّفَة مَقَام الرُّؤْيَة فِي هَذَا الْحَدِيث , وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الْمُنَيِّر بِأَنَّ مَنْ اِقْتَصَرَ فِي بَيْع جَارِيَة عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْحَدِيث مِنْ الصِّفَة لَمْ يَكْفِ فِي صِحَّة الْبَيْع اِتِّفَاقًا فَلَا دَلَالَة فِيهِ.
قُلْت : إِنَّمَا أَرَادَ الْمُهَلَّب أَنَّهُ يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الْوَصْف يَقُوم مَقَام الرُّؤْيَة فَإِذَا اِسْتَوْعَبَ الْوَصْف حَتَّى قَامَ مَقَام الرُّؤْيَة الْمُعْتَبَرَة أَجْزَأَ , هَذَا مُرَاده , وَانْتِزَاعه مِنْ الْحَدِيث ظَاهِر.
وَفِي الْحَدِيث أَيْضًا تَعْزِير مَنْ يَتَشَبَّه بِالنِّسَاءِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْبُيُوت وَالنَّفْي إِذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِرَدْعِهِ , وَظَاهِر الْأَمْر وُجُوب ذَلِكَ , وَتَشَبُّه النِّسَاء بِالرِّجَالِ وَالرِّجَال بِالنِّسَاءِ مِنْ قَاصِد مُخْتَار حَرَام اِتِّفَاقًا , وَسَيَأْتِي لَعْنُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كِتَاب اللِّبَاس.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ فَقَالَ الْمُخَنَّثُ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ الطَّائِفَ غَدًا أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُنَّ
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأم، فاقدروا قدر...
عن عائشة قالت: «خرجت سودة بنت زمعة ليلا، فرآها عمر فعرفها، فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له وه...
عن سالم، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها.»
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «جاء عمي من الرضاعة فاستأذن علي، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عل...
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها.»
عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها.»
عن أبي هريرة قال: «قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله،...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقا.»
عن جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أطال أحدكم الغيبة، فلا يطرق أهله ليلا.»