5308-
عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره «أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري، فقال له: يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر، فقال: يا عاصم، ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس، فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها.
قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم».
قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَنْ اِبْن شِهَاب ) فِي رِوَايَة الشَّافِعِيّ عَنْ مَالِك " حَدَّثَنِي اِبْن شِهَابٍ ".
قَوْله ( أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيّ ) فِي رِوَايَة الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِك " عُوَيْمِر بْن أَشْقَر " وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيق عِيَاض بْن عَبْد اللَّه الْفِهْرِيّ عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَوَقَعَ فِي " الِاسْتِيعَاب " عُوَيْمِر بْن أَبْيَض , وَعِنْد الْخَطِيب فِي " الْمُبْهَمَات " عُوَيْمِر بْن الْحَارِث , وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فَإِنَّ الطَّبَرِيَّ نَسَبه فِي " تَهْذِيب الْآثَار " فَقَالَ : هُوَ عُوَيْمِر بْن الْحَارِث بْن زَيْد بْن الْجَدّ بْن عَجْلَان , فَلَعَلَّ أَبَاهُ كَانَ يُلَقَّب أَشْقَر أَوْ أَبْيَض , وَفِي الصَّحَابَة اِبْن أَشْقَر آخَر وَهُوَ مَازَنِي أَخْرَجَ لَهُ اِبْن مَاجَهْ.
وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَات عَنْ اِبْن شِهَاب عَلَى أَنَّهُ فِي مُسْنَد سَهْل إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة وَإِبْرَاهِيم بْن سَعْد كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ فِيهِ " عَنْ سَهْل عَنْ عَاصِم بْن عَدِيّ قَالَ : كَانَ عُوَيْمِر رَجُلًا مِنْ بَنَى الْعَجْلَان , فَقَالَ " أَيْ عَاصِم فَذَكَرَ الْحَدِيث , وَالْمَحْفُوظ الْأَوَّل , وَسَيَأْتِي عَنْ سَهْل أَنَّهُ حَضَرَ الْقِصَّة , فَسَتَأْتِي فِي الْحُدُود مِنْ رِوَايَة سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ " قَالَ سَهْل بْن سَعِيد شَهِدْت الْمُتَلَاعِن وَأَنَا اِبْن خَمْس عَشْرَة سَنَة " وَوَقَعَ فِي نُسْخَة أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْل بْن سَعْد قَالَ " تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا اِبْن خَمْس عَشْرَة سَنَة " فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ قِصَّة اللِّعَان كَانَتْ فِي السَّنَة الْأَخِيرَة مِنْ زَمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَكِنْ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو حَاتِم وَابْن حِبَّان بِأَنَّ اللِّعَان كَانَ فِي شَعْبَان سَنَة تِسْع , وَجَزَمَ بِهِ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ قِصَّة اللِّعَان كَانَتْ بِمُنْصَرِفِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوك , وَهُوَ قَرِيب مِنْ قَوْل الطَّبَرِيِّ , وَمَنْ وَافَقَهُ , لَكِنْ فِي إِسْنَاده الْوَاقِدِيُّ فَلَا بُدّ مِنْ تَأْوِيل أَحَد الْقَوْلَيْنِ , فَإِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَطَرِيق شُعَيْب أَصَحّ.
وَمِمَّا يُوهِن رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ مَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْل السِّيَر أَنَّ التَّوَجُّه إِلَى تَبُوك كَانَ فِي رَجَب , وَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ هِلَال بْن أُمَيَّة أَحَد الثَّلَاثَة الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ , وَفِي قِصَّته أَنَّ اِمْرَأَته اِسْتَأْذَنَتْ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَخْدُمهُ فَأَذِنَ لَهَا بِشَرْطٍ أَنْ لَا يَقْرَبهَا فَقَالَتْ : إِنَّهُ لَا حِرَاك بِهِ , وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد أَنْ مَضَى لَهُمْ أَرْبَعُونَ يَوْمًا , فَكَيْف تَقَع قِصَّة اللِّعَان فِي الشَّهْر الَّذِي اِنْصَرَفُوا فِيهِ مِنْ تَبُوك وَيَقَع لِهِلَالِ مَعَ كَوْنه فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الشُّغْل بِنَفْسِهِ وَهِجْرَان النَّاس لَهُ وَغَيْر ذَلِكَ , وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّ آيَة اللِّعَان نَزَلَتْ فِي حَقّه , وَكَذَا عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَنَس أَنَّهُ أَوَّل مَنْ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَام , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَبَّاد بْن مَنْصُور فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَد " حَتَّى جَاءَ هِلَال بْن أُمَيَّة وَهُوَ أَحَد الثَّلَاثَة الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ فَوَجَدَ عِنْد أَهْله رَجُلًا " الْحَدِيث , فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ قِصَّة اللِّعَان تَأَخَّرَتْ عَنْ قِصَّة تَبُوك وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْقِصَّة كَانَتْ مُتَأَخِّرَة , وَلَعَلَّهَا كَانَتْ فِي شَعْبَان سَنَة عَشْر لَا تِسْع , وَكَانَتْ الْوَفَاة النَّبَوِيَّة فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل سَنَة إِحْدَى عَشْرَة بِاتِّفَاقٍ , فَيَلْتَئِم حِينَئِذٍ مَعَ حَدِيث سَهْل بْن سَعْد , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود " كُنَّا لَيْلَة جُمْعَة فِي الْمَسْجِد إِذْ جَاءَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار " فَذَكَرَ الْقِصَّة فِي اللِّعَان بِاخْتِصَارِ , فَعَيَّنَ الْيَوْم لَكِنْ لَمْ يُعَيِّن الشَّهْر وَلَا السَّنَة.
قَوْله ( جَاءَ إِلَى عَاصِم بْن عَدِيّ ) أَيْ اِبْن الْجَدّ بْن الْعَجْلَان الْعَجْلَانِيّ , وَهُوَ اِبْن عَمّ وَالِد عُوَيْمِر , وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ الَّتِي مَضَتْ فِي التَّفْسِير " وَكَانَ عَاصِم سَيِّد بَنِي عَجْلَان " وَالْجَدّ بِفَتْحِ الْجِيم وَتَشْدِيد الدَّال وَالْعَجْلَان بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم هُوَ اِبْن حَارِثَة بْن ضُبَيْعَةَ مِنْ بَنِي بَلِيٍّ بْن عَمْرو بْن الْحَافّ بْن قُضَاعَة , وَكَانَ الْعَجْلَان حَالَفَ بَنِي عَمْرو بْن عَوْف بْن مَالِك بْن الْأَوْس مِنْ الْأَنْصَار فِي الْجَاهِلِيَّة وَسَكَنَ الْمَدِينَة فَدَخَلُوا فِي الْأَنْصَار.
وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن الْكَلْبِيّ أَنَّ اِمْرَأَة عُوَيْمِر هِيَ بِنْت عَاصِم الْمَذْكُور وَأَنَّ اِسْمهَا خَوْلَة , وَقَالَ اِبْن مَنْدَهْ فِي " كِتَاب الصَّحَابَة " خَوْلَة بِنْت عَاصِم الَّتِي.
قَذَفَهَا زَوْجهَا فَلَاعَنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمَا , لَهَا ذِكْر وَلَا تُعْرَف لَهَا رِوَايَة , وَتَبِعَهُ أَبُو نُعَيْمٍ , وَلَمْ يَذْكُرَا سَلَفهمَا فِي ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ اِبْن الْكَلْبِيّ , وَذَكَرَ مُقَاتِل بْن سُلَيْمَان فِيمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ أَنَّهَا خَوْلَة بِنْت قَيْس , وَذَكَرَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ أَنَّهَا بِنْت أَخِي عَاصِم , فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيق الْحَكَم عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى " أَنَّ عَاصِم بْن عَدِيّ لَمَّا نَزَلَتْ ( وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ) قَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَيْنَ لِأَحَدِنَا أَرْبَعَة شُهَدَاء ؟ فَابْتُلِيَ بِهِ فِي بِنْت أَخِيهِ " وَفِي سَنَده مَعَ إِرْسَاله ضَعْف.
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم فِي التَّفْسِير عَنْ مُقَاتِل بْن حَيَّانِ قَالَ " لَمَّا سَأَلَ عَاصِم عَنْ ذَلِكَ ابْتُلِيَ بِهِ فِي أَهْل بَيْته , فَأَتَاهُ اِبْن عَمّه تَحْته اِبْنَة عَمّه رَمَاهَا بِابْنِ عَمَّة الْمَرْأَة وَالزَّوْج وَالْحَلِيل ثَلَاثَتهمْ بَنُو عَمّ عَاصِم " وَعَنْ اِبْن مَرْدَوَيْهِ فِي مُرْسَل اِبْن أَبِي لَيْلَى الْمَذْكُور أَنَّ الرَّجُل الَّذِي رَمَى عُوَيْمِر اِمْرَأَته بِهِ هُوَ شَرِيك بْن سَحْمَاء.
وَهُوَ يَشْهَد لِصِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَة لِأَنَّهُ اِبْن عَمّ عُوَيْمِر كَمَا بَيَّنْت نَسَبه فِي الْبَاب الْمَاضِي , وَكَذَا فِي مُرْسَل مُقَاتِل بْن حَيَّانِ عِنْد أَبِي حَاتِم , فَقَالَ الزَّوْج لِعَاصِمِ : يَا اِبْن عَمّ أُقْسِمَ بِاَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت شَرِيك بْن سَحْمَاء عَلَى بَطْنهَا وَإِنَّهَا لَحُبْلَى وَمَا قَرُبْتهَا مُنْذُ أَرْبَعَة أَشْهُر , وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ " لَاعَنَ بَيْن عُوَيْمِر الْعَجْلَانِيّ وَامْرَأَته , فَأَنْكَرَ حَمْلهَا الَّذِي فِي بَطْنهَا وَقَالَ : هُوَ لِابْنِ سَحْمَاء " وَلَا يَمْتَنِع أَنْ يُتَّهَم شَرِيك بْن سَحْمَاء بِالْمَرْأَتَيْنِ مَعًا.
وَأَمَّا قَوْل اِبْن الصَّبَّاغ فِي " الشَّامِل " أَنَّ الْمُزَنِيّ ذَكَرَ فِي " الْمُخْتَصَر " أَنَّ الْعَجْلَانِيّ قَذَفَ زَوْجَته بِشَرِيكِ بْن سَحْمَاء وَهُوَ سَهْو فِي النَّقْل , وَإِنَّمَا الْقَاذِف بِشَرِيكِ هِلَال بْن أُمَيَّة , فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِف مُسْتَنَد الْمُزَنِيّ فِي ذَلِكَ وَإِذَا جَاءَ الْخَبَر مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة فَإِنَّ بَعْضهَا يُعَضِّد بَعْضًا , وَالْجَمْع مُمْكِن فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِير إِلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّغْلِيط.
قَوْله ( أَرَأَيْت رَجُلًا ) أَيْ أَخْبِرْنِي عَنْ حُكْم رَجُل.
قَوْله ( وَجَدَ مَعَ اِمْرَأَته رَجُلًا ) كَذَا اِقْتَصَرَ عَلَى قَوْله " مَعَ " فَاسْتَعْمَلَ الْكِنَايَة , فَإِنَّ مُرَاده مَعِيَّة خَاصَّة , وَمُرَاده أَنْ يَكُون وَجَدَهُ عِنْد الرُّؤْيَة.
قَوْله ( أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ ) أَيْ قِصَاصًا لَتَقَدَّمَ عِلْمه بِحُكْمِ الْقِصَاص لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى ( النَّفْس بِالنَّفْسِ ) لَكِنْ فِي طُرُقه اِحْتِمَال أَنْ يُخَصّ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَع بِالسَّبَبِ الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى الصَّبْر عَلَيْهِ غَالِبًا مِنْ الْغَيْرَة الَّتِي فِي طَبْع الْبَشَر , وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ " أَمْ كَيْف يَفْعَل " ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل " بَاب الْغَيْرَة " اِسْتِشْكَال سَعْد بْن عُبَادَةَ مِثْل ذَلِكَ وَقَوْله " لَوْ رَأَيْته لَضَرَبْته بِالسَّيْفِ غَيْر مُصَفَّح " وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِير النُّور قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّة لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ مِثْل ذَلِكَ " الْبَيِّنَة , وَإِلَّا حَدّ فِي ظَهْرك " وَذَلِكَ كُلّه قَبْل أَنْ يَنْزِل اللِّعَان.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ اِمْرَأَته رَجُلًا فَتَحَقَّقَ الْأَمْر فَقَتَلَهُ هَلْ يُقْتَل بِهِ ؟ فَمَنَعَ الْجُمْهُور الْإِقْدَام وَقَالُوا : يُقْتَصّ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةِ الزِّنَا أَوْ عَلَى الْمَقْتُول بِالِاعْتِرَافِ أَوْ يَعْتَرِف بِهِ وَرَثَته فَلَا يُقْتَل الْقَاتِل بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُون الْمَقْتُول مُحْصَنًا , وَقِيلَ بَلْ يُقْتَل بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيم الْحَدّ بِغَيْرِ إِذْن الْإِمَام , وَقَالَ بَعْض السَّلَف : بَلْ لَا يُقْتَل أَصْلًا وَيُعَزَّر فِيمَا فَعَلَهُ إِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَات صِدْقه , وَشَرَطَ أَحْمَد وَإِسْحَاق وَمَنْ تَبِعَهُمَا أَنْ يَأْتِي بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ , وَوَافَقَهُمْ اِبْن الْقَاسِم وَابْن حَبِيب مِنْ الْمَالِكِيَّة , لَكِنْ زَادَ أَنْ يَكُون الْمَقْتُول قَدْ أُحْصِنَ , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : ظَاهِر تَقْرِير عُوَيْمِر عَلَى مَا قَالَ يُؤَيِّد قَوْلهمْ , كَذَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَقَوْله " أَمْ كَيْف يَفْعَل " ؟ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون " أَمْ " مُتَّصِلَة وَالتَّقْدِير : أَمْ يَصْبِر عَلَى مَا بِهِ مِنْ الْمَضَض , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مُنْقَطِعَة بِمَعْنَى الْإِضْرَاب أَيْ بَلْ هُنَاكَ حُكْم آخَر لَا يَعْرِفهُ وَيُرِيد أَنْ يَطَّلِع عَلَيْهِ , فَلِذَلِكَ قَالَ : سَلْ لِي يَا عَاصِم.
وَإِنَّمَا خَصَّ عَاصِمًا بِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ كَبِير قَوْمه وَصِهْره عَلَى اِبْنَته أَوْ اِبْنَة أَخِيهِ , وَلَعَلَّهُ كَانَ اِطَّلَعَ عَلَى مَخَايِل مَا سَأَلَ عَنْهُ لَكِنْ لَمْ يَتَحَقَّقهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُفْصِح بِهِ , أَوْ اِطَّلَعَ حَقِيقَة لَكِنْ خَشِيَ إِذَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ الْعُقُوبَة الَّتِي تَضَمَّنَهَا مَنْ رَمَى الْمُحْصَنَة بِغَيْرِ بَيِّنَة , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْن الْعَرَبِيّ قَالَ : وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون لَمْ يَقَع لَهُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ اِتَّفَقَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسه إِرَادَة الِاطِّلَاع عَلَى الْحُكْم فَابْتُلِيَ بِهِ كَمَا يُقَال الْبَلَاء مُوَكَّل بِالْمَنْطِقِ , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ : إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُك عَنْهُ قَدْ اُبْتُلِيَتْ بِهِ.
وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر عِنْد مُسْلِم فِي قِصَّة الْعَجْلَانِيّ " فَقَالَ : أَرَأَيْت إِنْ وَجَدَ رَجُل مَعَ اِمْرَأَته رَجُلًا , فَإِنْ تَكَلَّمَ بِهِ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيم , وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْل ذَلِكَ ".
وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْده أَيْضًا " إِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ , أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ , وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظ " وَهَذِهِ أَتَمّ الرِّوَايَات فِي هَذَا الْمَعْنَى.
قَوْله ( فَكَرِهَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِل وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ ) بِفَتْحِ الْكَاف وَضَمّ الْمُوَحَّدَة أَيْ عَظُمَ وَزْنًا وَمَعْنًى , وَسَبَبه أَنَّ الْحَامِل لِعَاصِمٍ عَلَى السُّؤَال غَيْره فَاخْتَصَّ هُوَ بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ , وَلِهَذَا قَالَ لِعُوَيْمِر لَمَّا رَجَعَ فَاسْتَفْهَمَهُ عَنْ الْجَوَاب : لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ.
( تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّل تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير النُّور أَنَّ النَّوَوِيّ نَقَلَ عَنْ الْوَاحِدِيّ أَنَّ عَاصِمًا أَحَد مَنْ لَاعَنَ , وَتَقَدَّمَ إِنْكَار ذَلِكَ.
ثُمَّ وَقَفْت عَلَى مُسْتَنَده وَهُوَ مَذْكُور فِي " مَعَانِي الْقُرْآن لِلْفَرَّاءِ " لَكِنَّهُ غَلَط.
الثَّانِي وَقَعَ فِي السِّيرَة لِابْنِ حِبَال+ فِي حَوَادِث سَنَة تِسْع " ثُمَّ لَاعَنَ بَيْن عُوَيْمِر بْن الْحَارِث الْعَجْلَانِيّ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ عَاصِم وَبَيْن اِمْرَأَته بَعْد الْعَصْر فِي الْمَسْجِد " وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْض شُيُوخنَا قَوْله " وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ عَاصِم " وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّهُ تَحْرِيف , وَكَأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْل " الَّذِي سَأَلَ لَهُ عَاصِم " وَاَللَّه أَعْلَم.
وَسَبَب كَرَاهَة ذَلِكَ مَا قَالَ الشَّافِعِيّ : كَانَتْ الْمَسَائِل فِيمَا لَمْ يَنْزِل فِيهِ حُكْم زَمَن نُزُول الْوَحْي مَمْنُوعَة لِئَلَّا يَنْزِل الْوَحْي بِالتَّحْرِيمِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ قَبْل ذَلِكَ مُحَرَّمًا فَيُحَرَّم , وَيَشْهَد لَهُ الْحَدِيث الْمُخَرَّج فِي الصَّحِيح " أَعْظَم النَّاس جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْء لَمْ يُحَرَّم فَحُرِّمَ مِنْ أَجْل مَسْأَلَته " وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد كَرَاهَة الْمَسَائِل الَّتِي لَا يَحْتَاج إِلَيْهَا , لَا سِيَّمَا مَا كَانَ فِيهِ هَتْك سِتْر مُسْلِم أَوْ إِشَاعَة فَاحِشَة أَوْ شَنَاعَة عَلَيْهِ , وَلَيْسَ الْمُرَاد الْمَسَائِل الْمُحْتَاج إِلَيْهَا إِذَا وَقَعَتْ , فَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ عَنْ النَّوَازِل فَيُجِيبهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ كَرَاهَة , فَلَمَّا كَانَ فِي سُؤَال عَاصِم شَنَاعَة وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ تَسْلِيط الْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى أَعْرَاض الْمُسْلِمِينَ كَرِهَ مَسْأَلَته , وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة تَضْيِيق , وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ التَّيْسِير عَلَى أُمَّته وَشَوَاهِد ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيث كَثِيرَة , وَفِي حَدِيث جَابِر " مَا نَزَلَتْ آيَة اللِّعَان إِلَّا لِكَثْرَةِ السُّؤَال " أَخْرَجَهُ الْخَطِيب فِي " الْمُبْهَمَات " مِنْ طَرِيق مَجَالِد عَنْ عَامِر عَنْهُ.
قَوْله ( فَقَالَ عُوَيْمِر : وَاَللَّهِ لَا اِنْتَهِي ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " مَا اِنْتَهَى " أَيْ مَا أَرْجِع عَنْ السُّؤَال وَلَوْ نَهَيْت عَنْهُ , زَادَ اِبْن أَبِي ذِئْب فِي رِوَايَته عَنْ اِبْن شِهَاب فِي هَذَا الْحَدِيث كَمَا سَيَأْتِي الِاعْتِصَام " فَأَنْزَلَ اللَّه الْقُرْآن خَلْف عَاصِم " أَيْ بَعْد أَنْ رَجَعَ مِنْ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ فِي الْبَاب الَّذِي بَعْد هَذَا " فَأَنْزَلَ اللَّه فِي شَأْنه مَا ذَكَرَ فِي الْقُرْآن مِنْ أَمْر الْمُلَاعَنَة " وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن سَعْد " فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ ".
قَوْله ( فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرُ حَتَّى جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) بِالنَّصْبِ ( وَسَط النَّاس ) بِفَتْحِ السِّين وَبِسُكُونِهَا.
قَوْله ( فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَنْزَلَ اللَّه فِيك وَفِي صَاحِبَتك ) ظَاهِر هَذَا السِّيَاق أَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ إِشَارَة إِلَى خُصُوص مَا وَقَعَ لَهُ مَعَ اِمْرَأَته , فَيَتَرَجَّح أَحَد الِاحْتِمَالَات الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا اِبْن الْعَرَبِيّ , لَكِنْ ظَهَرَ لِي مِنْ بَقِيَّة الطُّرُق أَنَّ فِي السِّيَاق اِخْتِصَارًا , وَيُوَضِّح ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر فِي قِصَّة الْعَجْلَانِيّ بَعْد قَوْله " إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرِ عَظِيم , وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْل ذَلِكَ " فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا كَانَ بَعْد ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُك عَنْهُ قَدْ اُبْتُلِيت بِهِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر اِمْرَأَته إِلَّا بَعْد أَنْ اِنْصَرَفَ ثُمَّ عَادَ.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود " إِنَّ الرَّجُل لَمَّا قَالَ : وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظ , قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اِفْتَحْ , وَجَعَلَ يَدْعُو , فَنَزَلَتْ آيَة اللِّعَان " وَهَذَا ظَاهِره أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ عَقِب السُّؤَال , لَكِنْ يَحْتَمِل أَنْ يَتَخَلَّل بَيْن الدُّعَاء وَالنُّزُول زَمَن بِحَيْثُ يَذْهَب عَاصِم وَيَعُود عُوَيْمِرُ , وَهَذَا كُلّه ظَاهِر جِدًّا فِي أَنَّ الْقِصَّة نَزَلَتْ بِسَبَبِ عُوَيْمِر , وَيُعَارِضهُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير النُّور مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس " أَنَّ هِلَال بْن أُمَيَّة قَذَفَ اِمْرَأَته بِشَرِيكِ بْن سَحْمَاء " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْبَيِّنَة أَوْ حَدّ فِي ظَهْرك.
فَقَالَ هِلَال : وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إِنَّنِي لَصَادِقٌ , وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّه فِيَّ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدّ , فَنَزَلَ جِبْرِيل فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ : وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجهمْ " الْحَدِيث.
وَفِي رِوَايَة عَبَّاد بْن مَنْصُور عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذَا الْحَدِيث عِنْد أَبِي دَاوُدَ " فَقَالَ هِلَال : وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَل اللَّه لِي فَرَجًا.
قَالَ فَبَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي " وَفِي حَدِيث أَنَس عِنْد مُسْلِم " أَنَّ هِلَال بْن أُمَيَّة قَذَفَ اِمْرَأَته بِشَرِيكِ بْن سَحْمَاء وَكَانَ أَخَا الْبَرَاء بْن مَالِك لِأُمِّهِ , وَكَانَ أَوَّل رَجُل لَاعَنَ فِي الْإِسْلَام " فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ بِسَبَبِ هِلَال , وَقَدْ قَدَّمْت اِخْتِلَاف أَهْل الْعِلْم فِي الرَّاجِح مِنْ ذَلِكَ , وَبَيَّنْت كَيْفِيَّة الْجَمْع بَيْنهمَا فِي تَفْسِير سُورَة النُّور بِأَنْ يَكُون هِلَال سَأَلَ أَوَّلًا ثُمَّ سَأَلَ عُوَيْمِرُ فَنَزَلَتْ فِي شَأْنهمَا مَعًا , وَظَهَرَ لِي الْآن اِحْتِمَال أَنْ يَكُون عَاصِم سَأَلَ قَبْل النُّزُول ثُمَّ جَاءَ هِلَال بَعْده فَنَزَلَتْ عِنْد سُؤَاله , فَجَاءَ عُوَيْمِرُ فِي الْمَرَّة الثَّانِيَة الَّتِي قَالَ فِيهَا " إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُك عَنْهُ قَدْ اُبْتُلِيت بِهِ " فَوَجَدَ الْآيَة نَزَلَتْ فِي شَأْن هِلَال , فَأَعْلَمَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ , يَعْنِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كُلّ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ , لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصّ بِهِلَالٍ.
وَكَذَا يُجَاب عَلَى سِيَاق حَدِيث اِبْن مَسْعُود يَحْتَمِل أَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ يَدْعُو بَعْد تَوَجَّهَ الْعَجْلَانِيّ جَاءَ هِلَال فَذَكَرَ قِصَّته فَنَزَلَتْ , فَجَاءَ عُوَيْمِرُ فَقَالَ : قَدْ نَزَلَ فِيك وَفِي صَاحِبَتك.
قَوْله ( فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ) يَعْنِي فَذَهَبَ فَأَتَى بِهَا.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللِّعَان يَكُون عِنْد الْحَاكِم وَبِأَمْرِهِ , فَلَوْ تَرَاضَيَا بِمَنْ يُلَاعِن بَيْنهمَا فَلَاعَنَ لَمْ يَصِحّ , لِأَنَّ فِي اللِّعَان مِنْ التَّغْلِيظ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَخْتَصّ بِهِ الْحُكَّام.
وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر " فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ " أَيْ الْآيَات الَّتِي فِي سُورَة النُّور وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ , وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَاب الدُّنْيَا أَهْوَن مِنْ عَذَاب الْآخِرَة , قَالَ : لَا وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا كَذَبْت عَلَيْهَا.
ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَاب الدُّنْيَا أَهْوَن مِنْ عَذَاب الْآخِرَة قَالَتْ : وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ.
قَوْله ( قَالَ سَهْلٌ ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمُبْدَأ بِهِ.
قَوْله ( فَتَلَاعَنَا ) فِيهِ حَذْف تَقْدِيره فَذَهَبَ فَأَتَى بِهَا فَسَأَلَهَا فَأَنْكَرَتْ ; فَأَمَرَ بِاللِّعَانِ فَتَلَاعَنَا.
قَوْله ( وَأَنَا مَعَ النَّاس عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) زَادَ اِبْن جُرَيْجٍ كَمَا فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده " فِي الْمَسْجِد " وَزَادَ اِبْن إِسْحَاق رِوَايَته عَنْ اِبْن شِهَاب فِي هَذَا الْحَدِيث " بَعْد الْعَصْر " أَخْرَجَهُ أَحْمَد.
وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر " بَعْد الْعَصْر عِنْد الْمِنْبَر " وَسَنَده ضَعِيف , وَاسْتُدِلَّ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللِّعَان يَكُون بِحَضْرَةِ الْحُكَّام وَبِمَجْمَعِ مِنْ النَّاس , وَهُوَ أَحَد أَنْوَاع التَّغْلِيظ.
ثَانِيهَا الزَّمَان.
ثَالِثهَا الْمَكَان.
وَهَذَا التَّغْلِيظ مُسْتَحَبّ وَقِيلَ وَاجِب.
( تَنْبِيهٌ ) لَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طُرُق حَدِيث سَهْل صِفَة تَلَاعُنِهِمَا إِلَّا مَا فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ الْمَاضِيَة فِي التَّفْسِير فَإِنَّهُ قَالَ " فَأَمَرَهُمَا بِالْمُلَاعَنَةِ بِمَا سَمَّى فِي كِتَابه " وَظَاهِره أَنَّهُمَا لَمْ يَزِيدَا عَلَى مَا فِي الْآيَة , وَحَدِيث اِبْن عُمَر عِنْد مُسْلِم صَرِيح فِي ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ " فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَع شَهَادَات بِاَللَّهِ إِنَّهُ لِمَنْ الصَّادِقِينَ , وَالْخَامِسَة أَنَّ لَعْنَة اللَّه عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ , , ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ " الْحَدِيث.
وَحَدِيث اِبْن مَسْعُود نَحْوه لَكِنْ زَادَ فِيهِ " فَذَهَبَتْ لِتَلْتَعِنَ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْ , فَأَبَتْ , فَالْتَعَنَتْ " وَفِي حَدِيث أَنَس عِنْد أَبِي يَعْلَى وَأَصْله فِي مُسْلِم " فَدَعَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَتَشْهَدُ بِاَللَّهِ إِنَّك لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا ؟ فَشَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَة : وَلَعْنَة اللَّه عَلَيْك إِنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ ؟ فَفَعَلَ , ثُمَّ دَعَاهَا فَذَكَرَ نَحْوه , فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَة سَكَتَتْ سَكْتَة حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا سَتَعْتَرِفُ , ثُمَّ قَالَتْ : لَا أَفْضَح قَوْمِي سَائِر الْيَوْم , فَمَضَتْ عَلَى الْقَوْل ".
وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس مِنْ طَرِيق عَاصِم بْن كُلَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْن أَبِي حَاتِم " فَدَعَا الرَّجُل , فَشَهِدَ أَرْبَع شَهَادَات بِاَللَّهِ إِنَّهُ لِمَنْ الصَّادِقِينَ , فَأُمِرَ بِهِ فَأَمْسَكَ عَلَى فِيهِ , فَوَعَظَهُ فَقَالَ : كُلّ شَيْء أَهْوَن عَلَيْك مِنْ لَعْنَة اللَّه.
ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَقَالَ : لَعْنَة اللَّه عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ.
وَقَالَ فِي الْمَرْأَة نَحْو ذَلِكَ " وَهَذِهِ الطَّرِيق لَمْ يُسَمَّ فِيهَا الزَّوْج وَلَا الزَّوْجَة , بِخِلَافِ حَدِيث أَنَس فَصَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهَا فِي قِصَّة هِلَال بْن أُمَيَّة , فَإِنْ كَانَتْ الْقِصَّة وَاحِدَة وَقَعَ الْوَهْم فِي تَسْمِيَة الْمُلَاعِن كَمَا جَزَمَ بِهِ غَيْر وَاحِد مِمَّنْ ذَكَرْته فِي التَّفْسِير.
فَهَذِهِ زِيَادَة مِنْ ثِقَة فَتُعْتَمَدُ , وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَة فَقَدْ ثَبَتَ بَعْضهَا فِي قَصَّهُ اِمْرَأَة هِلَال كَمَا ذَكَرْته فِي آخِر " بَاب يَبْدَأ الرَّجُل بِالتَّلَاعُنِ ".
قَوْله ( فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنهمَا قَالَ عُوَيْمِر : كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُول اللَّه إِنْ أَمْسَكْتهَا ) فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ " إِنْ حَبَسْتهَا فَقَدْ ظَلَمْتهَا ".
قَوْله ( فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ) فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " ظَلَمْتهَا إِنْ أَمْسَكْتهَا فَهِيَ الطَّلَاق فَهِيَ الطَّلَاق " وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَلَمْ يُتَابَع عَلَيْهَا , وَكَأَنَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى لِاعْتِقَادِهِ مَنْع جَمْع الطَّلْقَات الثَّلَاث بِكَلِمَةٍ وَاحِدَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ مِنْ قَبْل فِي أَوَائِل الطَّلَاق , وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ " طَلَّقَهَا ثَلَاثًا " أَنَّ الْفُرْقَة بَيْن الْمُتَلَاعِنَيْنِ تَتَوَقَّف عَلَى تَطْلِيق الرَّجُل كَمَا تَقَدَّمَ نَقْله عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , وَأُجِيب بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر " فَرَّقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْمُتَلَاعِنَيْنِ " فَإِنَّ حَدِيث سَهْل وَحَدِيث اِبْن عُمَر فِي قِصَّة وَاحِدَة , وَظَاهِر حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّ الْفُرْقَة وَقَعَتْ بِتَفْرِيقِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ وَقَعَ فِي " شَرْح مُسْلِم لِلنَّوَوِيِّ " قَوْله " كَذَبْت عَلَيْهَا " أَيْ ثُمَّ عَقَّبَ قَوْله ذَلِكَ بِطَلَاقِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَان لَا يُحَرِّمهَا عَلَيْهِ , فَأَرَادَ تَحْرِيمهَا بِالطَّلَاقِ فَقَالَ " هِيَ طَالِق ثَلَاثًا.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا " أَيْ لَا مِلْك لَك عَلَيْهَا فَلَا يَقَع طَلَاقك اِنْتَهَى.
وَهُوَ يُوهِم أَنَّ قَوْله " لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا " وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِب قَوْل الْمُلَاعِن هِيَ طَالِق ثَلَاثًا وَأَنَّهُ مَوْجُود كَذَلِكَ فِي حَدِيث سَهْل بْن سَعْد الَّذِي شَرَحَهُ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْله لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا لَمْ يَقَع فِي حَدِيث سَهْل , وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر عَقِب قَوْله " اللَّه يَعْلَم أَنَّ أَحَدكُمَا كَاذِب , لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا " وَفِيهِ " قَالَ يَا رَسُول اللَّه مَالِي " الْحَدِيث كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ , وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْله " لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا " إِنَّمَا اِسْتَدَلَّ مَنْ اِسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ أَصْحَابنَا لِوُقُوعِ الْفُرْقَة بِنَفْسِ الطَّلَاق مِنْ عُمُوم لَفْظه لَا مِنْ خُصُوص السِّيَاق وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله ( قَالَ اِبْن شِهَاب فَكَانَتْ سُنَّة الْمُتَلَاعِنَيْنِ ) زَادَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِك " فَكَانَتْ تِلْكَ وَهِيَ إِشَارَة إِلَى الْفُرْقَة , وَفِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ فِي الْبَاب بَعْده " فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْل أَنْ يَأْمُرهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين فَرَغَا مِنْ التَّلَاعُن , فَفَارَقَهَا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ذَلِكَ تَفْرِيق بَيْن كُلّ مُتَلَاعِنَيْنِ " كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي , وَلِلْبَاقِينَ " فَكَانَ ذَلِكَ تَفْرِيقًا , وَلِلْكُشْمِيهَنِي " فَصَارَ " بَدَل " فَكَانَ " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ بِلَفْظِ " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَلِكَ التَّفْرِيق بَيْن كُلّ مُتَلَاعِنَيْنِ " وَهُوَ يُؤَيِّد رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي , وَمِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ بِمِثْلِ حَدِيث مَالِك , قَالَ مُسْلِم : لَكِنْ أُدْرِجَ قَوْله " وَكَانَ فِرَاقُهُ إِيَّاهَا بَعْدُ سُنَّةً بَيْن الْمُتَلَاعِنَيْنِ " وَكَذَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " غَرَائِب مَالِك " اِخْتِلَاف الرُّوَاة عَلَى اِبْن شِهَاب ثُمَّ عَلَى مَالِك فِي تَعْيِين مَنْ قَالَ " فَكَانَ فِرَاقُهَا سُنَّةً " هَلْ هُوَ مِنْ قَوْل سَهْل أَوْ مِنْ قَوْل اِبْن شِهَاب , وَذَكَرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيّ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ نِسْبَته إِلَى اِبْن شِهَاب لَا تَمْنَع نِسْبَته إِلَى سَهْل , وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق عِيَاض بْن عَبْد اللَّه الْفِهْرِيّ عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ سَهْل قَالَ " فَطَلَّقَهَا ثَلَاث تَطْلِيقَات عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْفَذَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ مَا صُنِعَ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّة " قَالَ سَهْل " حَضَرْت هَذَا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمَضَتْ السُّنَّة بَعْد فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّق بَيْنهمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " فَقَوْله " فَمَضَتْ السُّنَّة " ظَاهِر فِي أَنَّهُ مِنْ تَمَام قَوْل سَهْل , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ مِنْ قَوْل اِبْن شِهَاب , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ اِبْن جُرَيْجٍ كَمَا فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده أَوْرَدَ قَوْل اِبْن شِهَاب فِي ذَلِكَ بَعْد ذِكْر حَدِيث سَهْل فَقَالَ بَعْد قَوْله ذَلِكَ تَفْرِيق بَيْن كُلّ مُتَلَاعِنَيْنِ : قَالَ اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ اِبْن شِهَاب كَانَتْ السُّنَّة بَعْدهَا أَنْ يُفَرَّق بَيْن الْمُتَلَاعِنَيْنِ , ثُمَّ وَجَدْت فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ آخِر الْحَدِيث.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : قَوْله " ذَلِكَ تَفْرِيق بَيْن الْمُتَلَاعِنَيْنِ " مِنْ قَوْل الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيث.
اِنْتَهَى , وَهُوَ خِلَاف ظَاهِر سِيَاق اِبْن جُرَيْجٍ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّف رَأَى أَنَّهُ مُدْرَج فَنَبَّهَ عَلَيْهِ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ لَهُ يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا قَالَ سَهْلٌ فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ
أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب عن الملاعنة وعن السنة فيها عن حديث سهل بن سعد أخي بني ساعدة «أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله علي...
عن ابن عباس أنه «ذكر التلاعن عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا، ثم انصرف فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه قد وجد مع امرأته رج...
عن سعيد بن جبير قال: «قلت لابن عمر رجل قذف امرأته، فقال فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان وقال: الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما ت...
عن سعيد بن جبير قال: «سألت ابن عمر عن المتلاعنين، فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها.<br> ق...
عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وامرأة قذفها وأحلفهما.»
عن ابن عمر قال: «لاعن النبي صلى الله عليه وسلم بين رجل وامرأة من الأنصار وفرق بينهما.»
عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين رجل وامرأته فانتفى من ولدها ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة.»
عن ابن عباس أنه قال: «ذكر المتلاعنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا، ثم انصرف فأتاه رجل من قومه فذكر له أنه وجد مع ام...
عن عائشة رضي الله عنها: «أن رفاعة القرظي تزوج امرأة، ثم طلقها فتزوجت آخر فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أنه لا يأتيها وأنه ليس معه إلا مثل هد...