5588-
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «خطب عمر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل.
والخمر: ما خامر العقل، وثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدا: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا».
قال قلت: يا أبا عمرو فشيء يصنع بالسند من الرز؟ قال: ذاك لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال: على عهد عمر وقال حجاج عن حماد عن أبي حيان: مكان العنب الزبيب.
أخرجه مسلم في التفسير باب في نزول الخمر رقم 3032 (يعهد إلينا عهدا) يبين لنا بيانا فيها (الجد) أي أحوال ميراثه (الكلالة) أي من هي على التحقيق وهي القرابة من غير جهة الأصول والفروع (أبواب من أبواب الربا) بعض المبايعات التي يدخلها الربا في التعامل (قال قلت) القائل هو أبو حيان التيمي أحد الرواة (يا أبا عمرو) هي كنية الشعبي (بالسند) بلاد بالقرب من الهند ولعلها الصين
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أَبِي رَجَاء ) هُوَ أَبُو الْوَلِيد الْهَرَوِيُّ وَاسْم أَبِيهِ عَبْد اللَّه بْن أَيُّوب , وَيَحْيَى هُوَ اِبْن سَعِيد الْقَطَّان , وَأَبُو حَيَّان هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيد التَّيْمِيُّ.
قَوْله : ( عَنْ الشَّعْبِيّ ) فِي رِوَايَة اِبْن عُلَيَّة عَنْ أَبِي حَيَّان " حَدَّثَنَا الشَّعْبِيّ " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
قَوْله : ( خَطَبَ عُمَر ) فِي رِوَايَة اِبْن إِدْرِيس عَنْ أَبِي حَيَّان بِسَنَدِهِ " سَمِعْت عُمَر يَخْطُب " وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي التَّفْسِير وَزَادَ فِيهِ " أَيّهَا النَّاسُ ".
قَوْله : ( فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ ) زَادَ مُسَدَّد فِيهِ عَنْ الْقَطَّان فِيهِ " أَمَّا بَعْد " وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي أَوَّل الْأَشْرِبَة , وَعِنْد الْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مُسَدَّد " فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ".
قَوْله : ( نَزَلَ تَحْرِيم الْخَمْر , وَهِيَ مِنْ خَمْسَة ) الْجُمْلَة حَالِيَّة أَيْ نَزَلَ تَحْرِيم الْخَمْر فِي حَال كَوْنهَا تُصْنَع مِنْ خَمْسَة , وَيَجُوز أَنْ تَكُون اِسْتِئْنَافِيَّة أَوْ مَعْطُوفَة عَلَى مَا قَبْلهَا , وَالْمُرَاد أَنَّ الْخَمْر تُصْنَع مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاء لَا أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصّ بِوَقْتِ نُزُولهَا , وَالْأَوَّل أَظْهَر لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم بِلَفْظِ " أَلَا وَإِنَّ الْخَمْر نَزَلَ تَحْرِيمهَا يَوْم نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَة أَشْيَاء " نَعَمْ وَقَعَ فِي آخِر الْبَاب مِنْ وَجْه آخَر " وَإِنَّ الْخَمْر تُصْنَع مِنْ خَمْسَة ".
قَوْله : ( مِنْ الْعِنَب إِلَخْ ) هَذَا الْحَدِيث أَوْرَدَهُ أَصْحَاب الْمَسَانِيد وَالْأَبْوَاب فِي الْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة لِأَنَّ لَهُ عِنْدهمْ حُكْم الرَّفْع لِأَنَّهُ خَبَر صَحَابِيّ شَهِدَ التَّنْزِيل أَخْبَرَ عَنْ سَبَب نُزُولهَا , وَقَدْ خَطَبَ بِهِ عُمَر عَلَى الْمِنْبَر بِحَضْرَةِ كِبَار الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ فَلَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَد مِنْهُمْ إِنْكَاره , وَأَرَادَ عُمَر بِنُزُولِ تَحْرِيم الْخَمْر الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي أَوَّل كِتَاب الْأَشْرِبَة وَهِيَ آيَة الْمَائِدَة ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) إِلَى آخِرهَا.
فَأَرَادَ عُمَر التَّنْبِيه عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْخَمْرِ فِي هَذِهِ الْآيَة لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَب بَلْ يَتَنَاوَل الْمُتَّخَذ مِنْ غَيْرهَا , وَيُوَافِقهُ حَدِيث أَنَس الْمَاضِي فَإِنَّهُ يَدُلّ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَة فَهِمُوا مِنْ تَحْرِيم الْخَمْر تَحْرِيم كُلّ مُسْكِر سَوَاء كَانَ مِنْ الْعِنَب أَمْ مِنْ غَيْرهَا , وَقَدْ جَاءَ هَذَا الَّذِي قَالَهُ عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا : فَأَخْرَجَ أَصْحَاب السُّنَن الْأَرْبَعَة وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ الشَّعْبِيّ " أَنَّ النُّعْمَان بْن بَشِير قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : إِنَّ الْخَمْر مِنْ الْعَصِير وَالزَّبِيب وَالتَّمْر وَالْحِنْطَة وَالشَّعِير وَالذُّرَة , وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كُلّ مُسْكِر " لَفْظ أَبِي دَاوُدَ , وَكَذَا اِبْن حِبَّان , وَزَادَ فِيهِ أَنَّ النُّعْمَان خَطَبَ النَّاس بِالْكُوفَةِ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ النُّعْمَان بِلَفْظِ " إِنَّ مِنْ الْعِنَب خَمْرًا , وَإِنَّ مِنْ التَّمْر خَمْرًا , وَإِنَّ مِنْ الْعَسَل خَمْرًا , وَإِنَّ مِنْ الْبُرّ خَمْرًا , وَإِنَّ مِنْ الشَّعِير خَمْرًا " , وَمِنْ هَذَا الْوَجْه أَخْرَجَهَا أَصْحَاب السُّنَن , وَاَلَّتِي قَبْلهَا فِيهَا الزَّبِيب دُون الْعَسَل , وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث أَنَس بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْهُ قَالَ : " الْخَمْر مِنْ الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْعَسَل " وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث أَنَس بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْهُ قَالَ : " الْخَمْر مِنْ الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشَّعِير وَالذُّرَة " , أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ " حُرِّمَتْ الْخَمْر يَوْم حُرِّمَتْ وَهِيَ " فَذَكَرَهَا وَزَادَ الذُّرَة , وَأَخْرَجَ الْخُلَعِيّ فِي فَوَائِده مِنْ طَرِيق خَلَّاد بْن السَّائِب عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ مِثْل الرِّوَايَة الثَّانِيَة , وَلَكِنْ ذَكَرَ الزَّبِيب بَدَل الشَّعِير , وَسَنَده لَا بَأْس بِهِ , وَيُوَافِق ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِير مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر : نَزَلَ تَحْرِيم الْخَمْر وَإِنَّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمئِذٍ لَخَمْسَة أَشْرِبَة مَا فِيهَا شَرَاب الْعِنَب.
قَوْله : ( الذُّرَة ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء مِنْ الْحُبُوب مَعْرُوفَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرهَا فِي حَدِيث أَبِي مُوسَى فِي الْبَاب قَبْله.
.
قَوْله ( وَالْخَمْر مَا خَامَرَ الْعَقْل ) أَيْ غَطَّاهُ أَوْ خَالَطَهُ فَلَمْ يَتْرُكهُ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ مِنْ مَجَاز التَّشْبِيه , وَالْعَقْل هُوَ آلَة التَّمْيِيز فَلِذَلِكَ حُرِّمَ مَا غَطَّاهُ أَوْ غَيْره , لِأَنَّ بِذَلِكَ يَزُول الْإِدْرَاك الَّذِي طَلَبَهُ اللَّه مِنْ عِبَاده لِيَقُومُوا بِحُقُوقِهِ , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : هَذَا تَعْرِيف بِحَسَبِ اللُّغَة , وَأَمَّا بِحَسَبِ الْعُرْف فَهُوَ مَا يُخَامِر الْعَقْل مِنْ عَصِير الْعِنَب خَاصَّة , كَذَا قَالَ , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ عُمَر لَيْسَ فِي مَقَام تَعْرِيف اللُّغَة بَلْ هُوَ فِي مَقَام تَعْرِيف الْحُكْم الشَّرْعِيّ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : الْخَمْر الَّذِي وَقَعَ تَحْرِيمه فِي لِسَانِ الشَّرْع هُوَ مَا خَامَرَ الْعَقْل.
عَلَى أَنَّ عِنْد أَهْل اللُّغَة اِخْتِلَافًا فِي ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْته , وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْخَمْر فِي اللُّغَة يَخْتَصّ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَب فَالِاعْتِبَار بِالْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّة وَقَدْ تَوَارَدَتْ الْأَحَادِيث عَلَى أَنَّ الْمُسْكِر مِنْ الْمُتَّخَذ مِنْ غَيْر الْعِنَب يُسَمَّى خَمْرًا , وَالْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة مُقَدَّمَة عَلَى اللُّغَوِيَّة , وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : الْخَمْر مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَة وَالْعِنَبَة " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ.
لَيْسَ الْمُرَاد الْحَصْر فِيهِمَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْخَمْر تُتَّخَذ مِنْ غَيْرهمَا فِي حَدِيث عُمَر وَغَيْره , وَإِنَّمَا فِيهِ الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ الْخَمْر شَرْعًا لَا تَخْتَصّ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَب , قُلْت : وَجَعَلَ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيث مُتَعَارِضَة , وَهِيَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي أَنَّ الْخَمْر مِنْ شَيْئَيْنِ مَعَ حَدِيث عُمَر وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الْخَمْر تُتَّخَذ مِنْ غَيْرهمَا , وَكَذَا حَدِيث اِبْنِ عُمَر " لَقَدْ حُرِّمَتْ الْخَمْر وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْء " وَحَدِيث أَنَس يَعْنِي الْمُتَقَدِّم ذِكْره وَبَيَان اِخْتِلَاف أَلْفَاظه مِنْهَا : " إِنَّ الْخَمْر حُرِّمَتْ وَشَرَابهمْ الْفَضِيخ " وَفِي لَفْظ لَهُ " إِنَّا نَعُدّهَا يَوْمئِذٍ خَمْرًا " وَفِي لَفْظ لَهُ " إِنَّ الْخَمْر يَوْم حُرِّمَتْ الْبُسْر وَالتَّمْر " قَالَ فَلَمَّا اِخْتَلَفَ الصَّحَابَة فِي ذَلِكَ وَوَجَدْنَا اِتِّفَاق الْأُمَّة عَلَى أَنَّ عَصِير الْعِنَب إِذَا اِشْتَدَّ وَغَلَى وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَهُوَ خَمْر وَأَنَّ مُسْتَحِلّه كَافِر دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة , إِذْ لَوْ عَمِلُوا بِهِ لَكَفَّرُوا مُسْتَحِلّ نَبِيذ التَّمْر , فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل فِي الْخَمْر غَيْر الْمُتَّخَذ مِنْ عَصِير الْعِنَب ا ه.
وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْنهمْ لَمْ يُكَفِّرُوا مُسْتَحِلّ نَبِيذ التَّمْر أَنْ يَمْنَعُوا تَسْمِيَته خَمْرًا فَقَدْ يَشْتَرِك الشَّيْئَانِ فِي التَّسْمِيَة وَيَفْتَرِقَانِ فِي بَعْض الْأَوْصَاف , مَعَ أَنَّهُ هُوَ يُوَافِق عَلَى أَنَّ حُكْم الْمُسْكِر مِنْ نَبِيذ التَّمْر حُكْم قَلِيل الْعِنَب فِي التَّحْرِيم , فَلَمْ تَبْقَ الْمُشَاحَحَة إِلَّا فِي التَّسْمِيَة.
وَالْجَمْع بَيْن حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَغَيْره بِحَمْلِ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَلَى الْغَالِب ; أَيْ أَكْثَر مَا يُتَّخَذ الْخَمْر مِنْ الْعِنَب وَالتَّمْر , وَيُحْمَل حَدِيث عُمَر وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى إِرَادَة اِسْتِيعَاب ذِكْر مَا عُهِدَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُتَّخَذ مِنْهُ الْخَمْر , وَأَمَّا قَوْل اِبْنِ عُمَر فَعَلَى إِرَادَة تَثْبِيت أَنَّ الْخَمْر يُطْلَق عَلَى مَا لَا يُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب , لِأَنَّ نُزُول تَحْرِيم الْخَمْر لَمْ يُصَادِف عِنْد مَنْ خُوطِبَ بِالتَّحْرِيمِ حِينَئِذٍ إِلَّا مَا يُتَّخَذ مِنْ غَيْر الْعِنَب أَوْ عَلَى إِرَادَة الْمُبَالَغَة , فَأَطْلَقَ نَفْي وُجُودهَا بِالْمَدِينَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَة فِيهَا بِقِلَّةٍ , فَإِنَّ تِلْكَ الْقِلَّة بِالنِّسْبَةِ لِكَثْرَةِ الْمُتَّخَذ مِمَّا عَدَاهَا كَالْعَدَمِ.
وَقَدْ قَالَ الرَّاغِب فِي " مُفْرَدَات الْقُرْآن " سُمِّيَ الْخَمْر لِكَوْنِهِ خَامِرًا لِلْعَقْلِ أَيْ سَاتِرًا لَهُ , وَهُوَ عِنْد بَعْض النَّاس اِسْم لِكُلِّ مُسْكِر وَعِنْد بَعْضهمْ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَب خَاصَّة , وَعِنْد بَعْضهمْ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَب وَالتَّمْر , وَعِنْد بَعْضهمْ لِغَيْرِ الْمَطْبُوخ , فَرُجِّحَ أَنَّ كُلّ شَيْء يَسْتُر الْعَقْل يُسَمَّى خَمْرًا حَقِيقَة , وَكَذَا قَالَ أَبُو نَصْرِ بْن الْقُشَيْرِيِّ فِي تَفْسِيره : سُمِّيَتْ الْخَمْر خَمْرًا لِسَتْرِهَا الْعَقْل أَوْ لِاخْتِمَارِهَا.
وَكَذَا قَالَ غَيْر وَاحِد مِنْ أَهْل اللُّغَة مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَة الدِّينَوَرِيّ وَأَبُو نَصْر الْجَوْهَرِيّ , وَنُقِلَ عَنْ اِبْنِ الْأَعْرَابِيّ قَالَ : سُمِّيَتْ الْخَمْر لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى اِخْتَمَرَتْ , وَاخْتِمَارهَا تَغَيُّر رَائِحَتهَا.
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْل.
نَعَمْ جَزَمَ اِبْن سِيدَهْ فِي " الْمُحْكَم " بِأَنَّ الْخَمْر حَقِيقَة إِنَّمَا هِيَ لِلْعِنَبِ , وَغَيْرهَا مِنْ الْمُسْكِرَات يُسَمَّى خَمْرًا مَجَازًا.
وَقَالَ صَاحِبِ " الْفَائِق " فِي حَدِيث " إِيَّاكُمْ وَالْغُبَيْرَاء فَإِنَّهَا خَمْر الْعَالَم " هِيَ نَبِيذ الْحَبَشَة مُتَّخَذَة مِنْ الذُّرَة سُمِّيَتْ الْغُبَيْرَاء لِمَا فِيهَا مِنْ الْغَبَرَة.
وَقَوْله : " خَمْر الْعَالَم " أَيْ هِيَ مِثْل خَمْر الْعَالَم لَا فَرْق بَيْنهَا وَبَيْنهَا.
قُلْت : وَلَيْسَ تَأْوِيله هَذَا بِأَوْلَى مِنْ تَأْوِيل مَنْ قَالَ : أَرَادَ أَنَّهَا مُعْظَم خَمْر الْعَالَم , وَقَالَ صَاحِبِ " الْهِدَايَة " مِنْ الْحَنَفِيَّة الْخَمْر عِنْدنَا مَا اِعْتَصَرَ مِنْ مَاءِ الْعِنَب إِذَا اِشْتَدَّ , وَهُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أَهْل اللُّغَة وَأَهْل الْعِلْم , قَالَ : وَقِيلَ : هُوَ اِسْم لِكُلِّ مُسْكِر لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلّ مُسْكِر خَمْر " وَقَوْله : " الْخَمْر مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ " وَلِأَنَّهُ مِنْ مُخَامَرَة الْعَقْل وَذَلِكَ مَوْجُود فِي كُلّ مُسْكِر , قَالَ : وَلَنَا إِطْبَاق أَهْل اللُّغَة عَلَى تَخْصِيص الْخَمْر بِالْعِنَبِ , وَلِهَذَا اُشْتُهِرَ اِسْتِعْمَالهَا فِيهِ , وَلِأَنَّ تَحْرِيم الْخَمْر قَطْعِيّ وَتَحْرِيم مَا عَدَا الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب ظَنِّيّ , قَالَ : وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْخَمْر خَمْرًا لِتَخَمُّرِهِ لَا لِمُخَامَرَةِ الْعَقْل , قَالَ : وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْن الِاسْم خَاصًّا فِيهِ , كَمَا فِي النَّجْم فَإِنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ الظُّهُور ثُمَّ هُوَ خَاصّ بِالثُّرَيَّا ا ه.
وَالْجَوَاب عَنْ الْحُجَّة الْأُولَى ثُبُوت النَّقْل عَنْ بَعْض أَهْل اللُّغَة بِأَنَّ غَيْر الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب يُسَمَّى خَمْرًا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : زَعَمَ قَوْم أَنَّ الْعَرَب لَا تَعْرِف الْخَمْر إِلَّا مِنْ الْعِنَب , فَيُقَال لَهُمْ : إِنَّ الصَّحَابَة الَّذِينَ سَمَّوْا غَيْر الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب خَمْرًا , عَرَب فُصَحَاء , فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْم صَحِيحًا لِمَا أَطْلَقُوهُ.
وَقَالَ اِبْنِ عَبْد الْبَرّ : قَالَ الْكُوفِيُّونَ إِنَّ الْخَمْر مِنْ الْعِنَب لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( أَعْصِرُ خَمْرًا ) قَالَ : فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَمْر هُوَ مَا يُعْتَصَر لَا مَا يُنْتَبَذ , قَالَ : وَلَا دَلِيل فِيهِ عَلَى الْحَصْر.
وَقَالَ أَهْل الْمَدِينَة وَسَائِر الْحِجَازِيِّينَ وَأَهْل الْحَدِيث كُلّهمْ : كُلّ مُسْكِر خَمْر وَحُكْمه حُكْم مَا اُتُّخِذَ مِنْ الْعِنَب , وَمِنْ الْحُجَّة لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآن لَمَّا نَزَلَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْر فَهِمَ الصَّحَابَة وَهُمْ أَهْل اللِّسَان أَنَّ كُلّ شَيْء يُسَمَّى خَمْرًا يَدْخُل فِي النَّهْي فَأَرَاقُوا الْمُتَّخَذ مِنْ التَّمْر وَالرُّطَب وَلَمْ يَخُصُّوا ذَلِكَ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَب.
وَعَلَى تَقْدِير التَّسْلِيم فَإِذَا ثَبَتَ تَسْمِيَة كُلّ مُسْكِر خَمْرًا مِنْ الشَّرْع كَانَ حَقِيقَة شَرْعِيَّة وَهِيَ مُقَدَّمَة عَلَى الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة.
وَعَنْ الثَّانِيَة مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اِخْتِلَاف مُشْتَرِكَيْنِ فِي الْحُكْم فِي الْغِلَظ لَا يَلْزَم مِنْهُ اِفْتِرَاقهمَا فِي التَّسْمِيَة , كَالزِّنَا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصْدُق عَلَى مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّة وَعَلَى مَنْ وَطِئَ اِمْرَأَة جَارِهِ , وَالثَّانِي أَغْلَظ مِنْ الْأَوَّل , وَعَلَى مَنْ وَطِئَ مَحْرَمًا لَهُ وَهُوَ أَغْلَظ , وَاسْمِ الزِّنَا مَعَ ذَلِكَ شَامِل لِلثَّلَاثَةِ , وَأَيْضًا فَالْأَحْكَام الْفَرْعِيَّة لَا يُشْتَرَط فِيهَا الْأَدِلَّة الْقَطْعِيَّة , فَلَا يَلْزَم مِنْ الْقَطْع بِتَحْرِيمِ الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب , وَعَدَم الْقَطْع بِتَحْرِيمِ الْمُتَّخَذ مِنْ غَيْره , أَنْ لَا يَكُون حَرَامًا بَلْ يُحْكَم بِتَحْرِيمِهِ إِذَا ثَبَتَ بِطَرِيقٍ ظَنِّيّ تَحْرِيمه , وَكَذَا تَسْمِيَته خَمْرًا وَاَللَّه أَعْلَم.
وَعَنْ الثَّالِثَة ثُبُوت النَّقْل عَنْ أَعْلَم النَّاس بِلِسَانِ الْعَرَب بِمَا نَفَاهُ هُوَ , وَكَيْف يَسْتَجِيز أَنْ يَقُول لَا لِمُخَامَرَةِ الْعَقْل مَعَ قَوْل عُمَر بِمَحْضَرِ الصَّحَابَة " الْخَمْر مَا خَامَرَ الْعَقْل " كَأَنَّ مُسْتَنَده مَا اِدَّعَاهُ مِنْ اِتِّفَاق أَهْل اللُّغَة فَيُحْمَل قَوْل عُمَر عَلَى الْمَجَاز , لَكِنْ اِخْتَلَفَ قَوْل أَهْل اللُّغَة فِي سَبَب تَسْمِيَة الْخَمْر خَمْرًا.
فَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْأَنْبَارِيّ : سُمِّيَتْ الْخَمْر خَمْرًا لِأَنَّهَا تُخَامِر الْعَقْل أَيْ تُخَالِطهُ , قَالَ : وَمِنْهُ قَوْلهمْ خَامَرَهُ الدَّاء أَيْ خَالَطَهُ , وَقِيلَ : لِأَنَّهَا تُخَمِّر الْعَقْل أَيْ تَسْتُرهُ , وَمِنْهُ الْحَدِيث الْآتِي قَرِيبًا " خَمِّرُوا آنِيَتكُمْ " وَمِنْهُ خِمَار الْمَرْأَة لِأَنَّهُ يَسْتُر وَجْههَا , وَهَذَا أَخَصّ مِنْ التَّفْسِير الْأَوَّل لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ الْمُخَالَطَة التَّغْطِيَة.
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ خَمْرًا لِأَنَّهَا تُخَمَّر حَتَّى تُدْرِك كَمَا يُقَال خَمَّرْت الْعَجِين فَتَخَمَّرَ أَيْ تَرَكْته حَتَّى أَدْرَكَ , وَمِنْهُ خَمَّرْت الرَّأْي أَيْ تَرَكْته حَتَّى ظَهَرَ وَتَحَرَّرَ , وَقِيلَ : سُمِّيَتْ خَمْرًا لِأَنَّهَا تُغَطَّى حَتَّى تَغْلِي , وَمِنْهُ حَدِيث الْمُخْتَار بْن فُلْفُل " قُلْت لِأَنَسٍ : الْخَمْر مِنْ الْعِنَب أَوْ مِنْ غَيْرهَا ؟ قَالَ : مَا خَمَّرْت مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْخَمْر " أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة بِسَنَدٍ صَحِيح , وَلَا مَانِع مِنْ صِحَّة هَذِهِ الْأَقْوَال كُلّهَا لِثُبُوتِهَا عَنْ أَهْل اللُّغَة وَأَهْل الْمَعْرِفَة بِاللِّسَانِ.
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : الْأَوْجُه كُلّهَا مَوْجُودَة فِي الْخَمْرَة لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى أَدْرَكَتْ وَسَكَنَتْ , فَإِذَا شُرِبَتْ خَالَطَتْ الْعَقْل حَتَّى تَغْلِب عَلَيْهِ وَتُغَطِّيه.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْأَحَادِيث الْوَارِدَة عَنْ أَنَس وَغَيْره - عَلَى صِحَّتهَا وَكَثْرَتهَا - تُبْطِل مَذْهَب الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخَمْر لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ الْعِنَب وَمَا كَانَ مِنْ غَيْره لَا يُسَمَّى خَمْرًا وَلَا يَتَنَاوَلهُ اِسْم الْخَمْر , وَهُوَ قَوْل مُخَالِف لِلُغَةِ الْعَرَب وَلِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَة وَلِلصَّحَابَةِ , لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيم الْخَمْر فَهِمُوا مِنْ الْأَمْر بِاجْتِنَابِ الْخَمْر تَحْرِيم كُلّ مُسْكِر , وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن مَا يُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب وَبَيْن مَا يُتَّخَذ مِنْ غَيْره , بَلْ سَوَّوْا بَيْنهمَا وَحَرَّمُوا كُلّ مَا يُسْكِر نَوْعه وَلَمْ يَتَوَقَّفُوا وَلَا اِسْتَفْصَلُوا , وَلَمْ يُشْكِل عَلَيْهِمْ شَيْء مِنْ ذَلِكَ بَلْ بَادَرُوا إِلَى إِتْلَاف مَا كَانَ مِنْ غَيْر عَصِير الْعِنَب , وَهُمْ أَهْل اللِّسَان وَبِلُغَتِهِمْ نَزَلَ الْقُرْآن , فَلَوْ كَانَ عِنْدهمْ فِيهِ تَرَدُّد لَتَوَقَّفُوا عَنْ الْإِرَاقَة حَتَّى يَسْتَكْشِفُوا وَيَسْتَفْصِلُوا وَيَتَحَقَّقُوا التَّحْرِيم لِمَا كَانَ تَقَرَّرَ عِنْدهمْ مِنْ النَّهْي عَنْ إِضَاعَة الْمَال , فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ وَبَادَرُوا إِلَى الْإِتْلَاف عَلِمْنَا أَنَّهُمْ فَهِمُوا التَّحْرِيم نَصًّا , فَصَارَ الْقَائِل بِالتَّفْرِيقِ سَالِكًا غَيْر سَبِيلهمْ , ثُمَّ اِنْضَافَ إِلَى ذَلِكَ خُطْبَة عُمَر بِمَا يُوَافِق ذَلِكَ , وَهُوَ مِمَّنْ جَعَلَ اللَّه الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبه , وَسَمِعَهُ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ فَلَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِنْكَار ذَلِكَ.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ كُلّ ذَلِكَ يُسَمَّى خَمْرًا لَزِمَ تَحْرِيم قَلِيله وَكَثِيره.
وَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَهَا قَالَ : وَأَمَّا الْأَحَادِيث عَنْ الصَّحَابَة الَّتِي تَمَسَّك بِهَا الْمُخَالِف فَلَا يَصِحّ مِنْهَا شَيْء عَلَى مَا قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وَغَيْرهمْ , وَعَلَى تَقْدِير ثُبُوت شَيْء مِنْهَا فَهُوَ مَحْمُول عَلَى نَقِيع الزَّبِيب أَوْ التَّمْر مِنْ قَبْل أَنْ يَدْخُل حَدُّ الْإِسْكَار جَمْعًا بَيْن الْأَحَادِيث.
قُلْت : وَيُؤَيِّدهُ ثُبُوت مِثْل ذَلِكَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ نَقِيع التَّمْر , وَلَا فَرْق فِي الْحِلّ بَيْنه وَبَيْن عَصِير الْعِنَب أَوَّلَ مَا يُعْصَر , وَإِنَّمَا الْخِلَاف فِيمَا اِشْتَدَّ مِنْهُمَا هَلْ يَفْتَرِق الْحُكْم فِيهِ أَوْ لَا ؟ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْض الشَّافِعِيَّة إِلَى مُوَافَقَة الْكُوفِيِّينَ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ اِسْم الْخَمْر خَاصّ بِمَا يُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب مَعَ مُخَالَفَتهمْ لَهُ فِي تَفْرِقَتهمْ فِي الْحُكْم وَقَوْلهمْ بِتَحْرِيمِ قَلِيل مَا أَسْكَرَ كَثِيره مِنْ كُلّ شَرَاب , فَقَالَ الرَّافِعِيّ : ذَهَبَ أَكْثَر الشَّافِعِيَّة إِلَى أَنَّ الْخَمْر حَقِيقَة فِيمَا يُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب مَجَاز فِي غَيْره , وَخَالَفَهُ اِبْن الرِّفْعَة فَنَقَلَ عَنْ الْمُزَنِيِّ وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَة وَأَكْثَرِ الْأَصْحَاب أَنَّ الْجَمِيع يُسَمَّى خَمْرًا حَقِيقَة.
قَالَ : وَمِمَّنْ نَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَاب الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّب وَالرُّويَانِيّ , وَأَشَارَ اِبْن الرِّفْعَة إِلَى أَنَّ النَّقْل الَّذِي عَزَاهُ الرَّافِعِيّ لِلْأَكْثَرِ لَمْ يَجِد نَقْله عَنْ الْأَكْثَر إِلَّا فِي كَلَامِ الرَّافِعِيّ , وَلَمْ يَتَعَقَّبهُ النَّوَوِيّ فِي " الرَّوْضَة " , لَكِنَّ كَلَامه فِي " شَرْح مُسْلِم " يُوَافِقهُ وَفِي " تَهْذِيب الْأَسْمَاء " يُخَالِفهُ , وَقَدْ نَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ الشَّافِعِيّ مَا يُوَافِق مَا نَقَلُوا عَنْ الْمُزَنِيِّ فَقَالَ : قَالَ إِنَّ الْخَمْر مِنْ الْعِنَب وَمِنْ غَيْر الْعِنَب عُمَر وَعَلِيّ وَسَعِيد وَابْن عُمَر وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة , وَمِنْ التَّابِعِينَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعُرْوَة وَالْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَآخَرُونَ , وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَابْن الْمُبَارَك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَعَامَّة أَهْل الْحَدِيث , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى غَيْر الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب حَقِيقَة يَكُونُ أَرَادَ الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة , وَمَنْ نَفَى أَرَادَ الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة.
وَقَدْ أَجَابَ بِهَذَا اِبْن عَبْد الْبَرّ وَقَالَ : إِنَّ الْحُكْم إِنَّمَا يَتَعَلَّق بِالِاسْمِ الشَّرْعِيّ دُون اللُّغَوِيّ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ قَدَّمْت فِي " بَابِ نُزُول تَحْرِيم الْخَمْر , وَهُوَ مِنْ الْبُسْر " إِلْزَام مَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَهْل الْكُوفَة إِنَّ الْخَمْر حَقِيقَة فِي مَاءِ الْعِنَب مَجَاز فِي غَيْره أَنَّهُ يَلْزَمهُمْ أَنْ يُجَوِّزُوا إِطْلَاق اللَّفْظ الْوَاحِد عَلَى حَقِيقَته وَمَجَازه , لِأَنَّ الصَّحَابَة لَمَّا بَلَغَهُمْ تَحْرِيم الْخَمْر أَرَاقُوا كُلّ مَا كَانَ يُطْلَق عَلَيْهِ لَفْظ الْخَمْر حَقِيقَة وَمَجَازًا , وَإِذَا لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ صَحَّ أَنَّ الْكُلّ خَمْر حَقِيقَة وَلَا اِنْفِكَاك عَنْ ذَلِكَ , وَعَلَى تَقْدِير إِرْخَاء الْعَنَانِ وَالتَّسْلِيم أَنَّ الْخَمْر حَقِيقَة فِي مَاءِ الْعِنَب خَاصَّة فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة , فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة فَالْكُلّ خَمْر حَقِيقَة لِحَدِيثِ " كُلّ مُسْكِر خَمْر " فَكُلّ مَا اِشْتَدَّ كَانَ خَمْرًا , وَكُلّ خَمْر يَحْرُم قَلِيله وَكَثِيره , وَهَذَا يُخَالِف قَوْلهمْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.
قَوْله : ( وَثَلَاث ) هِيَ صِفَةُ مَوْصُوف أَيْ أُمُور أَوْ أَحْكَام.
قَوْله : ( وَدِدْت ) أَيْ تَمَنَّيْت , وَإِنَّمَا تَمَنَّى ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَبْعَد مِنْ مَحْذُور الِاجْتِهَاد وَهُوَ الْخَطَأ فِيهِ , فَثَبَتَ عَلَى تَقْدِير وُقُوعه , وَلَوْ كَانَ مَأْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَفُوتهُ بِذَلِكَ الْأَجْرُ الثَّانِي , وَالْعَمَل بِالنَّصِّ إِصَابَة مَحْضَة.
قَوْله : ( لَمْ يُفَارِقنَا حَتَّى يَعْهَد إِلَيْنَا عَهْدًا ) فِي رِوَايَة مُسْلِم " عَهْدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ " , وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْده عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصّ فِيهَا , وَيُشْعِر بِأَنَّهُ كَانَ عِنْده عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ الْخَمْر مَا لَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إِلَى شَيْء غَيْره حَتَّى خَطَبَ بِذَلِكَ جَازِمًا بِهِ.
قَوْله : ( الْجَدّ وَالْكَلَالَة وَأَبْوَاب مِنْ أَبْوَاب الرِّبَا ) أَمَّا الْجَدّ فَالْمُرَاد قَدْر مَا يَرِث لِأَنَّ الصَّحَابَة اِخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا , فَسَيَأْتِي فِي كِتَاب الْفَرَائِض عَنْ عُمَر أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِقَضَايَا مُخْتَلِفَة.
وَأَمَّا الْكَلَالَة بِفَتْحِ الْكَاف وَتَخْفِيف اللَّام فَسَيَأْتِي بَيَانهَا أَيْضًا فِي كِتَاب الْفَرَائِض.
وَأَمَّا أَبْوَاب الرِّبَا فَلَعَلَّهُ يُشِير إِلَى رِبَا الْفَضْل لِأَنَّ رِبَا النَّسِيئَة مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْن الصَّحَابَة , وَسِيَاق عُمَر يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْده نَصٌّ فِي بَعْض مِنْ أَبْوَاب الرِّبَا دُون بَعْض , فَلِهَذَا تَمَنَّى مَعْرِفَة الْبَقِيَّة.
قَوْله : ( قُلْت يَا أَبَا عَمْرو ) الْقَائِل هُوَ أَبُو حَيَّان التَّيْمِيُّ , وَأَبُو عَمْرو هِيَ كُنْيَة الشَّعْبِيّ.
قَوْله : ( فَشَيْء يُصْنَع بِالسِّنْدِ مِنْ الْأُرْز ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته " يُقَال لَهُ السَّادِيَّة , يُدْعَى الْجَاهِل فَيَشْرَب مِنْهَا شَرْبَة فَتَصْرَعهُ ".
قُلْت : وَهَذَا الِاسْم لَمْ يَذْكُرهُ صَاحِب " النِّهَايَة " لَا فِي السِّين الْمُهْمَلَة وَلَا فِي الشِّين الْمُعْجَمَة , وَلَا رَأَيْته فِي " صِحَاح الْجَوْهَرِيّ " وَمَا عَرَفْت ضَبْطه إِلَى الْآن , وَلَعَلَّهُ فَارِسِيّ , فَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا فَلَعَلَّهُ الشَّاذِبَة بِشِينٍ وَذَال مُعْجَمَتَيْنِ ثُمَّ مُوَحَّدَة , قَالَ فِي " الصِّحَاح " : الشَّاذِب الْمُتَنَحِّي عَنْ وَطَنه , فَلَعَلَّ الشَّاذِبَة تَأْنِيثه , وَسُمِّيَتْ الْخَمْر بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا إِذَا خَالَطَتْ الْعَقْل تَنَحَّتْ بِهِ عَنْ وَطَنه.
قَوْله : ( ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ اِتِّخَاذ الْخَمْر مِنْ الْأُرْز لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَهْد النَّبَوِيّ , وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " لَمْ يَكُنْ هَذَا عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَوْ كَانَ لَنَهَى عَنْهُ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ عَمَّ الْأَشْرِبَة كُلّهَا فَقَالَ : الْخَمْر مَا خَامَرَ الْعَقْل " قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : هَذَا الْكَلَام الْأَخِير فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ قَوْله : " الْخَمْر مَا خَامَرَ الْعَقْل " مِنْ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا عَدَّ عُمَر الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة لِاشْتِهَارِ أَسْمَائِهَا فِي زَمَانه , وَلَمْ تَكُنْ كُلّهَا تُوجَد بِالْمَدِينَةِ الْوُجُود الْعَامّ , فَإِنَّ الْحِنْطَة كَانَتْ بِهَا عَزِيزَة , وَكَذَا الْعَسَل بَلْ كَانَ أَعَزَّ , فَعَدَّ عُمَر مَا عَرَفَ فِيهَا , وَجَعَلَ مَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يُتَّخَذ مِنْ الْأُرْز وَغَيْره خَمْرًا إِنْ كَانَ مِمَّا يُخَامِر الْعَقْل , وَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى جَوَاز إِحْدَاث الِاسْم بِالْقِيَاسِ وَأَخْذه مِنْ طَرِيق الِاشْتِقَاق , كَذَا قَالَ , وَرَدَّ بِذَلِكَ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي جَوَاب مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلّ مُسْكِر خَمْر " مَعْنَاهُ مِثْل الْخَمْر , لِأَنَّ حَذْفَ مِثْل ذَلِكَ مَسْمُوع شَائِع , قَالَ : بَلْ الْأَصْل عَدَم التَّقْدِير , وَلَا يُصَار إِلَى التَّقْدِير إِلَّا إِلَى الْحَاجَة , فَإِنْ قِيلَ اِحْتَجْنَا إِلَيْهِ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبْعَث لِبَيَانِ الْأَسْمَاء قُلْنَا : بَلْ بَيَان الْأَسْمَاء مِنْ جُمْلَة الْأَحْكَام لِمَنْ لَا يَعْلَمهَا.
وَلَا سِيَّمَا لِيَقْطَع تَعَلُّق الْقَصْد بِهَا.
قَالَ : وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْفَضِيخ خَمْرًا وَنَادَى الْمُنَادِي حُرِّمَتْ الْخَمْر لَمْ يُبَادِرُوا إِلَى إِرَاقَتهَا وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهَا دَاخِلَة فِي مُسَمَّى الْخَمْر , وَهُمْ الْفُصَّح اللُّسْن.
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا إِثْبَات اِسْم بِقِيَاسٍ , قُلْنَا : إِنَّمَا هُوَ إِثْبَات اللُّغَة عَنْ أَهْلهَا , فَإِنَّ الصَّحَابَة عَرَب فُصَحَاء فَهِمُوا مِنْ الشَّرْع مَا فَهِمُوهُ مِنْ اللُّغَة وَمِنْ اللُّغَة مَا فَهِمُوهُ مِنْ الشَّرْع.
وَذَكَرَ اِبْن حَزْم أَنَّ بَعْض الْكُوفِيِّينَ اِحْتَجَّ بِمَا أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ اِبْن عُمَر بِسَنَدٍ جَيِّد قَالَ : " أَمَّا الْخَمْر فَحَرَام لَا سَبِيل إِلَيْهَا , وَأَمَّا مَا عَدَاهَا مِنْ الْأَشْرِبَة فَكُلّ مُسْكِر حَرَام " قَالَ وَجَوَابه أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : " كُلّ مُسْكِر خَمْر " فَلَا يَلْزَم مِنْ تَسْمِيَة الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب خَمْرًا اِنْحِصَار اِسْم الْخَمْر فِيهِ , وَكَذَا اِحْتَجُّوا بِحَدِيثِ اِبْن عُمَر أَيْضًا " حُرِّمَتْ الْخَمْر وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْء " مُرَاده الْمُتَّخَذ مِنْ الْعِنَب , وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ غَيْرهَا لَا يُسَمَّى خَمْرًا , بِدَلِيلِ حَدِيثه الْآخَر " نَزَلَ تَحْرِيم الْخَمْر وَإِنْ بِالْمَدِينَةِ خَمْسَة أَشْرِبَة كُلّهَا تُدْعَى الْخَمْر مَا فِيهَا خَمْر الْعِنَب ".
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ ذِكْر الْأَحْكَام عَلَى الْمِنْبَر لِتَشْتَهِر بَيْن السَّامِعِينَ , وَذِكْر أَمَّا بَعْد فِيهَا , وَالتَّنْبِيه بِالنِّدَاءِ , وَالتَّنْبِيه عَلَى شَرَف الْعَقْل وَفَضْله , وَتَمَنِّي الْخَيْر , وَتَمَنِّي الْبَيَان لِلْأَحْكَامِ , وَعَدَم الِاسْتِثْنَاء.
قَوْله : ( وَقَالَ حَجَّاج ) هُوَ اِبْن مِنْهَال , وَحَمَّاد هُوَ اِبْنُ سَلَمَة.
قَوْله : ( عَنْ أَبِي حَيَّان مَكَان الْعِنَب الزَّبِيب ) يَعْنِي أَنَّ حَمَّاد بْن سَلَمَة رَوَى هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِي حَيَّان بِهَذَا السَّنَد وَالْمَتْن فَذَكَرَ الزَّبِيب بَدَل الْعِنَب , وَهَذَا التَّعْلِيق وَصَلَهُ عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز الْبَغَوِيُّ فِي مُسْنَده عَنْ حَجَّاج بْن مِنْهَال كَذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ سُؤَال أَبِي حَيَّان الْأَخِير وَجَوَاب الشَّعْبِيّ , وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم أَيْضًا مِنْ رِوَايَة عَلِيّ بْن مُسْهِر وَمِنْ رِوَايَة عِيسَى بْن يُونُس كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَيَّان الزَّبِيب بَدَل الْعِنَب كَمَا قَالَ حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي حَيَّان.
قُلْت : وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن قَيْس عَنْ الشَّعْبِيّ , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا الْجَدُّ وَالْكَلَالَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو فَشَيْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنْ الْأُرْزِ قَالَ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبَ
عن عمر قال: «الخمر يصنع من خمسة: من الزبيب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل.»
عن أبي حازم قال: سمعت سهلا يقول: «أتى أبو أسيد الساعدي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه فكانت امرأته خادمهم وهي العروس، قال: أتدرون ما سقيت...
عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظروف، فقالت الأنصار: إنه لا بد لنا منها، قال: فلا إذا.» وقال خليفة: حدثنا يحيى بن...
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأسقية، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ليس كل الناس يجد سقاء، فرخص لهم ف...
عن علي رضي الله عنه، «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت» حدثنا عثمان: حدثنا جرير، عن الأعمش بهذا.<br>
عن إبراهيم قلت للأسود : هل سألت عائشة أم المؤمنين عما يكره أن ينتبذ فيه؟ فقال: نعم، «قلت: يا أم المؤمنين، عما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتبذ...
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجر الأخضر، قلت: أنشرب في الأبيض؟ قال: لا.»
عن سهل بن سعد «أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعرسه، فكانت امرأته خادمهم يومئذ وهي العروس، فقالت: ما تدرون ما أنقعت لرسول الله صلى ا...
عن أبي الجويرية قال: «سألت ابن عباس عن الباذق، فقال: سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق، فما أسكر فهو حرام، قال: الشراب الحلال الطيب، قال: ليس بعد ال...