5620- عن سهل بن سعد رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا، قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.»
(فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده) أي ألقاه وأصله من الرمي على التل وهو المكان العالي المرتفع ثم استعمل في كل شيء يرمي به وفي كل إلقاء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث سَهْل بْن سَعْد فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الشُّرْب , وَفِيهِ تَسْمِيَة الْغُلَام وَبَعْض الْأَشْيَاخ.
وَقَوْله : " أَتَأْذَنُ لِي " لَمْ يَقَع فِي حَدِيث أَنَس أَنَّهُ اِسْتَأْذَنَ الْأَعْرَابِيّ الَّذِي عَنْ يَمِينه , فَأَجَابَ النَّوَوِيّ وَغَيْره بِأَنَّ السَّبَب فِيهِ أَنَّ الْغُلَام كَانَ اِبْن عَمّه فَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ إِدْلَال وَكَانَ مَنْ عَلَى الْيَسَار أَقَارِب الْغُلَام أَيْضًا , وَطَيَّبَ نَفْسه مَعَ ذَلِكَ بِالِاسْتِئْذَانِ لِبَيَانِ الْحُكْم وَأَنَّ السُّنَّة تَقْدِيم الْأَيْمَن وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ عَلَى الْيَسَار , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَطَّفَ بِهِ حَيْثُ قَالَ لَهُ " الشَّرْبَة لَك , وَإِنْ شِئْت آثَرْت بِهَا خَالِدًا " كَذَا فِي السُّنَن , وَفِي لَفْظ لِأَحْمَد " وَإِنْ شِئْت آثَرْت بِهِ عَمّك " وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ عَمّه لِكَوْنِهِ أَسَنَّ مِنْهُ , وَلَعَلَّ سِنّه كَانَ قَرِيبًا مِنْ سِنّ الْعَبَّاس , وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَة أُخْرَى مِنْ أَقْرَانه لِكَوْنِهِ اِبْن خَالَته , وَكَانَ خَالِد مَعَ رِيَاسَته فِي الْجَاهِلِيَّة وَشَرَفه فِي قَوْمه قَدْ تَأَخَّرَ إِسْلَامه فَلِذَلِكَ اِسْتَأْذَنَ لَهُ , بِخِلَافِ أَبِي بَكْر فَإِنَّ رُسُوخ قَدَمه فِي الْإِسْلَام وَسَبْقه يَقْتَضِي طُمَأْنِينَته بِجَمِيعِ مَا يَقَع مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَتَأَثَّر لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَأْذِن الْأَعْرَابِيّ لَهُ , وَلَعَلَّهُ خَشِيَ مِنْ اِسْتِئْذَانه أَنْ يَتَوَهَّم إِرَادَة صَرْفه إِلَى بَقِيَّة الْحَاضِرِينَ بَعْد أَبِي بَكْر دُونه , فَرُبَّمَا سَبَقَ إِلَى قَلْبه مِنْ أَجْل قُرْب عَهْده بِالْإِسْلَامِ شَيْء فَجَرَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَادَته فِي تَأْلِيف مَنْ هَذَا سَبِيله , وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كُبَرَاء قَوْمه وَلِهَذَا جَلَسَ عَنْ يَمِين النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ سُنَّة الشُّرْب الْعَامَّة تَقْدِيم الْأَيْمَن فِي كُلّ مَوْطِن , وَأَنَّ تَقْدِيم الَّذِي عَلَى الْيَمِين لَيْسَ لِمَعْنًى فِيهِ بَلْ لِمَعْنًى فِي جِهَة الْيَمِين وَهُوَ فَضْلهَا عَلَى جِهَة الْيَسَار , فَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَرْجِيحًا لِمَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِين بَلْ هُوَ تَرْجِيح لِجِهَتِهِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَام الْخَطَّابِيّ فِي ذَلِكَ قَبْل ثَلَاثَة أَبْوَاب.
وَقَدْ يُعَارِض حَدِيث سَهْل هَذَا وَحَدِيث أَنَس الَّذِي فِي الْبَاب قَبْله وَحَدِيث سَهْل بْن أَبِي خَيْثَمَةَ الْآتِي فِي الْقَسَامَة " كَبِّرْ كَبِّرْ " وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَة حَدِيث اِبْن عُمَر فِي الْأَمْر بِمُنَاوَلَةِ السِّوَاك الْأَكْبَر , وَأَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ قَوِيّ قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَقَى قَالَ اِبْدَءُوا بِالْكَبِيرِ " وَيُجْمَع بِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْحَالَة الَّتِي يَجْلِسُونَ فِيهَا مُتَسَاوِينَ إِمَّا بَيْن يَدَيْ الْكَبِير أَوْ عَنْ يَسَاره كُلّهمْ أَوْ خَلْفه أَوْ حَيْثُ لَا يَكُون فِيهِمْ , فَتُخَصّ هَذِهِ الصُّورَة مِنْ عُمُوم تَقْدِيم الْأَيْمَن , أَوْ يُخَصّ مِنْ عُمُوم هَذَا الْأَمْر بِالْبُدَاءَةِ بِالْكَبِيرِ مَا إِذَا جَلَسَ بَعْض عَنْ يَمِين الرَّئِيس وَبَعْض عَنْ يَسَاره , فَفِي هَذِهِ الصُّورَة يُقَدَّم الصَّغِير عَلَى الْكَبِير وَالْمَفْضُول عَلَى الْفَاضِل.
وَيَظْهَر مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَيْمَن مَا اِمْتَازَ بِمُجَرَّدِ الْجُلُوس فِي الْجِهَة الْيُمْنَى بَلْ بِخُصُوصِ كَوْنهَا يَمِين الرَّئِيس فَالْفَضْل إِنَّمَا فَاضَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَفْضَل.
وَقَالَ اِبْن الْمُنَيِّر : تَفْضِيل الْيَمِين شَرْعِيّ وَتَفْضِيل الْيَسَار طَبْعِيّ وَإِنْ كَانَ وَرَدَ بِهِ الشَّرْع لَكِنْ الْأَوَّل أُدْخَل فِي التَّعَبُّد , وَيُؤْخَذ مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتْ فَضِيلَة الْفَاعِل وَفَضِيلَة الْوَظِيفَة اُعْتُبِرَتْ فَضِيلَة الْوَظِيفَة كَمَا لَوْ قُدِّمَتْ جِنَازَتَانِ لِرَجُلٍ وَامْرَأَة وَوَلِيّ الْمَرْأَة أَفْضَل مِنْ وَلِيّ الرَّجُل قُدِّمَ وَلِيّ الرَّجُل وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا لِأَنَّ الْجِنَازَة هِيَ الْوَظِيفَة فَتُعْتَبَر أَفْضَلِيَّتهَا لَا أَفْضَلِيَّة الْمُصَلِّي عَلَيْهَا , قَالَ : وَلَعَلَّ السِّرّ فِيهِ أَنَّ الرُّجُولِيَّة وَالْمَيْمَنَة أَمْر يَقْطَع بِهِ كُلّ أَحَد , بِخِلَافِ أَفْضَلِيَّة الْفَاعِل فَإِنَّ الْأَصْل فِيهِ الظَّنّ وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ فِي نَفْس الْأَمْر لَكِنَّهُ مِمَّا يَخْفَى مِثْله عَنْ بَعْض.
كَأَبِي بَكْر بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم الْأَعْرَابِيّ وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِي هَؤُلَاءِ ) ظَاهِر فِي أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ لَأَعْطَاهُمْ.
وَيُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز الْإِيثَار بِمِثْلِ ذَلِكَ , وَهُوَ مُشْكِل عَلَى مَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا إِيثَار بِالْقُرْبِ , وَعِبَارَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي هَذَا : لَا يَجُوز التَّبَرُّع فِي الْعِبَادَات وَيَجُوز فِي غَيْرهَا.
وَقَدْ يُقَال إِنَّ الْقُرْب أَعَمّ مِنْ الْعِبَادَة , وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَة تَجْوِيز جَذْب وَاحِد مِنْ الصَّفّ الْأَوَّل لِيُصَلِّيَ مَعَهُ لِيَخْرُج الْجَاذِب عَنْ أَنْ يَكُون مُصَلِّيًا خَلْف الصَّفّ وَحْدَهُ لِثُبُوتِ الزَّجْر عَنْ ذَلِكَ , فَفِي مُسَاعَدَة الْمَجْذُوب لِلْجَاذِبِ إِيثَار بِقُرْبَةٍ كَانَتْ لَهُ وَهِيَ تَحْصِيل فَضِيلَة الصَّفّ الْأَوَّل لِيُحَصِّل فَضِيلَة تَحْصُل لِلْجَاذِبِ وَهِيَ الْخُرُوج مِنْ الْخِلَاف فِي بُطْلَان صَلَاته.
وَيُمْكِن الْجَوَاب بِأَنَّهُ لَا إِيثَار , إِذْ حَقِيقَة الْإِيثَار إِعْطَاء مَا اِسْتَحَقَّهُ لِغَيْرِهِ , وَهَذَا لَمْ يُعْطِ الْجَاذِب شَيْئًا وَإِنَّمَا رَجَّحَ مَصْلَحَته عَلَى مَصْلَحَته , لِأَنَّ مُسَاعَدَة الْجَاذِب عَلَى تَحْصِيل مَقْصُود , لَيْسَ فِيهِ إِعْطَاؤُهُ مَا كَانَ يَحْصُل لِلْمَجْذُوبِ لَوْ لَمْ يُوَافِقهُ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " فَتَلَّهُ " بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد اللَّام أَيْ وَضَعَهُ , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَضَعَهُ بِعُنْفٍ.
وَأَصْله مِنْ الرَّمْي عَلَى التَّلّ وَهُوَ الْمَكَان الْعَالِي الْمُرْتَفِع ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلّ شَيْء يُرْمَى بِهِ وَفِي كُلّ إِلْقَاء , وَقِيلَ : هُوَ مِنْ التَّلْتَل بِلَام سَاكِنَة بَيْن الْمُثَنَّاتَيْنِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ وَآخِره لَام وَهُوَ الْعُنُق , وَمِنْهُ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ أَيْ صَرَعَهُ فَأَلْقَى عُنُقه وَجَعَلَ جَنْبه إِلَى الْأَرْض , وَالتَّفْسِير الْأَوَّل أَلْيَق بِمَعْنَى حَدِيث الْبَاب , وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضهمْ تَقْيِيد الْخَطَّابِيّ الْوَضْع بِالْعُنْف.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْغُلَامُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار ومعه صاحب له، فسلم النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فرد الرجل...
عن أنس رضي الله عنه قال: «كنت قائما على الحي أسقيهم عمومتي وأنا أصغرهم الفضيخ، فقيل: حرمت الخمر، فقال: اكفئها، فكفأنا، قلت لأنس: ما شرابهم؟ قال: رطب...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان جنح الليل أو أمسيتم، فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا...
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وغلقوا الأبواب، وأوكوا الأسقية، وخمروا الطعام والشراب.<br> وأحسبه قال: ولو ب...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية،» يعني: أن تكسر أفواهها فيشرب منها.<br>
عن أبي سعيد الخدري يقول: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن اختناث الأسقية،» قال عبد الله: قال معمر أو غيره: هو الشرب من أفواهها.<br>
حدثنا أيوب قال لنا عكرمة: ألا أخبركم بأشياء قصار حدثنا بها أبو هريرة؟ «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء، وأن يمنع...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرب من في السقاء.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء.»