5842- عن أنس بن مالك : «أنه رأى على أم كلثوم عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء.»
(برد) كساء مربع.
(سيراء) لها خطوط كالسيور
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَنَس أَنَّهُ " رَأَى عَلَى أُمّ كُلْثُوم بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْد حَرِير سِيَرَاء " هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيِّ وَوَافَقَهُ الزُّبَيْدِيّ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي " بَاب مَسّ الْحَرِير مِنْ غَيْر لُبْس " وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَالْأَوَّلِ , وَمِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ نَحْوه لَكِنْ قَالَ زَيْنَب بَدَل أُمّ كُلْثُوم , وَالْمَحْفُوظ مَا قَالَ الْأَكْثَر , وَقَدْ غَفَلَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ : إِنْ كَانَ أَنَس رَأَى ذَلِكَ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعَارِض حَدِيث عُقْبَة , يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْنَع أَهْله الْحَرِير وَالْحُلَّة " وَإِنْ كَانَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ دَلِيلًا عَلَى نَسْخ حَدِيث عُقْبَة , كَذَا قَالَ , وَخَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ أُمّ كُلْثُوم مَاتَتْ فِي حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ زَيْنَب فَبَطَلَ التَّرَدُّد , وَأَمَّا دَعْوَى الْمُعَارَضَة فَمَرْدُودَة , وَكَذَا النَّسْخ.
وَالْجَمْع بَيْنهمَا وَاضِح بِحَمْلِ النَّهْي فِي حَدِيث عُقْبَة عَلَى التَّنْزِيه وَإِقْرَار أُمّ كُلْثُوم عَلَى ذَلِكَ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَاز وَإِمَّا لِكَوْنِهَا كَانَتْ إِذْ ذَاكَ صَغِيرَة , وَعَلَى هَذَا التَّقْدِير فَلَا إِشْكَال فِي رِوَايَة أَنَس لَهَا , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ تَكُون كَانَتْ كَبِيرَة فَيُحْمَل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل الْحِجَاب أَوْ بَعْده , لَكِنْ لَا يَلْزَم مِنْ رُؤْيَة الثَّوْب عَلَى اللَّابِس رُؤْيَة اللَّابِس فَلَعَلَّهُ رَأَى ذَيْل الْقَمِيص مَثَلًا , وَيُحْتَمَل أَيْضًا أَنَّ السِّيَرَاء الَّتِي كَانَتْ عَلَى أُمّ كُلْثُوم كَانَتْ مِنْ غَيْر الْحَرِير الصِّرْف كَمَا تَقَدَّمَ فِي حُلَّة عَلِيّ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَاسْتُدِلَّ بِأَحَادِيث الْبَاب عَلَى جَوَاز لُبْس الْحَرِير لِلنِّسَاءِ سَوَاء كَانَ الثَّوْب حَرِيرًا كُلّه أَوْ بَعْضه , وَفِي الْأَوَّل عَرْض الْمَفْضُول عَلَى الْفَاضِل وَالتَّابِع عَلَى الْمَتْبُوع مَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ مَصَالِحه مِمَّنْ يَظُنّ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِع عَلَيْهِ , وَفِيهِ إِبَاحَة الطَّعْن لِمَنْ يَسْتَحِقّهُ , وَفِيهِ جَوَاز الْبَيْع وَالشِّرَاء عَلَى بَاب الْمَسْجِد , وَفِيهِ مُبَاشَرَة الصَّالِحِينَ وَالْفُضَلَاء الْبَيْع وَالشِّرَاء.
وَقَالَ اِبْن بَطَّال فِيهِ تَرْك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَاس الْحَرِير وَهَذَا فِي الدُّنْيَا.
وَإِرَادَة تَأْخِير الطَّيِّبَات إِلَى الْآخِرَة الَّتِي لَا اِنْقِضَاء لَهَا , إِذْ تَعْجِيل الطَّيِّبَات فِي الدُّنْيَا لَيْسَ مِنْ الْحَزْم , فَزَهِدَ فِي الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ , وَأَمَرَ بِذَلِكَ , وَنَهَى عَنْ كُلّ سَرَف وَحَرَّمَهُ.
وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الْمُنِير بِأَنَّ تَرْكه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ الْحَرِير إِنَّمَا هُوَ لِاجْتِنَابِ الْمَعْصِيَة , وَأَمَّا الزُّهْد فَإِنَّمَا هُوَ فِي خَالِص الْحَلَال وَمَا لَا عُقُوبَة فِيهِ , فَالتَّقَلُّل مِنْهُ وَتَرْكه مَعَ الْإِمْكَان هُوَ الَّذِي تَتَفَاضَل فِيهِ دَرَجَات الزُّهَّاد.
قُلْت : وَلَعَلَّ مُرَاد اِبْن بَطَّال بَيَان سَبَب التَّحْرِيم فَيَسْتَقِيم مَا قَالَهُ.
وَفِيهِ جَوَاز بَيْع الرِّجَال الثِّيَاب الْحَرِير وَتَصَرُّفهمْ فِيهَا بِالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّة لَا اللُّبْس.
وَفِيهِ جَوَاز صِلَة الْقَرِيب الْكَافِر وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : فِيهِ جَوَاز الْهَدِيَّة لِلْكَافِرِ وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عُطَارِدًا إِنَّمَا وَفَدَ سَنَة تِسْع وَلَمْ يَبْقَ بِمَكَّة بَعْد الْفَتْح مُشْرِك.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْن وِفَادَة عُطَارِد سَنَة تِسْع أَنْ تَكُون قِصَّة الْحُلَّة كَانَتْ حِينَئِذٍ بَلْ جَازَ أَنْ تَكُون قَبْل ذَلِكَ.
وَمَا زَالَ الْمُشْرِكُونَ يَقْدَمُونَ الْمَدِينَة وَيُعَامِلُونَ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَيْعِ وَغَيْره , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ يَكُون ذَلِكَ سَنَة الْوُفُود فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون فِي الْمُدَّة الَّتِي كَانَتْ بَيْن الْفَتْح وَحَجّ أَبِي بَكْر , فَإِنَّ مَنْع الْمُشْرِكِينَ مِنْ مَكَّة إِنَّمَا كَانَ مِنْ حَجَّة أَبِي بَكْر سَنَة تِسْع فَفِيهَا وَقَعَ النَّهْي أَنْ لَا يَحُجّ بَعْد الْعَام مُشْرِك وَلَا يَطُوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكَافِر لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالْفُرُوعِ لِأَنَّ عُمَر لَمَّا مَنَعَ مِنْ لُبْس الْحُلَّة أَهْدَاهَا لِأَخِيهِ الْمُشْرِك وَلَمْ يُنْكَر عَلَيْهِ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُر أَخَاهُ بِلُبْسِهَا فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون وَقَعَ الْحُكْم فِي حَقّه كَمَا وَقَعَ فِي حَقّ عُمَر فَيَنْتَفِع بِهَا بِالْبَيْعِ أَوْ كِسْوَة النِّسَاء وَلَا يَلْبَس هُوَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُسْلِم عِنْده مِنْ الْوَازِع الشَّرْعِيّ مَا يَحْمِلهُ بَعْد الْعِلْم بِالنَّهْيِ عَنْ الْكَفّ , بِخِلَافِ الْكَافِر فَإِنَّ كُفْره يَحْمِلهُ عَلَى عَدَم الْكَفّ عَنْ تَعَاطِي الْمُحَرَّم , فَلَوْلَا أَنَّهُ مُبَاح لَهُ لُبْسه لَمَا أَهْدَى لَهُ لِمَا فِي تَمْكِينه مِنْ الْإِعَانَة عَلَى الْمَعْصِيَة , وَمِنْ ثَمَّ يَحْرُم بَيْع الْعَصِير مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتْهُ أَنْ يَتَّخِذهُ خَمْرًا وَإِنْ اِحْتَمَلَ أَنَّهُ قَدْ يَشْرَبهُ عَصِيرًا , وَكَذَا بَيْع الْغُلَام الْجَمِيل مِمَّنْ يَشْتَهِر بِالْمَعْصِيَةِ لَكِنْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ عَلَى أَصْل الْإِبَاحَة , وَتَكُون مَشْرُوعِيَّة خِطَاب الْكَافِر بِالْفُرُوعِ تَرَاخَتْ عَنْ هَذِهِ الْوَاقِعَة , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر، عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت أهابه، فنزل يوما منز...
عن أم سلمة قالت: «استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب...
عن أم خالد بنت خالد قالت: «أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء، قال: من ترون نكسوها هذه الخميصة؟ فأسكت القوم، قال: ائتوني بأم خالد...
عن أنس قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل.»
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بورس أو بزعفران.»
عن أبي إسحاق سمع البراء رضي الله عنه يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا، وقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت شيئا أحسن منه.»
عن البراء رضي الله عنه قال: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونهانا عن لبس الحرير، والديباج، والقسي...
عن سعيد أبي مسلمة قال: «سألت أنسا: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم.»
عن عبيد بن جريج : أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، قال: ما هي يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس...