5899- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ أَبِي سَلَمَة وَسُلَيْمَان بْن يَسَار ) كَذَا جَمَعَ بَيْنهمَا , وَتَابَعَهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ , وَرَوَاهُ صَالِح بْن كَيْسَانَ وَيُونُس وَمَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة وَحْده , وَقَدْ مَضَتْ رِوَايَة صَالِح فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء , وَرِوَايَة الْآخَرِينَ عِنْد النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ عَنْ سُفْيَان بِسَنَدِهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَة أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
قَوْله : ( إِنَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ , فَخَالِفُوهُمْ ) هَكَذَا أُطْلِقَ , وَلِأَحْمَد بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ " خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَة مِنْ الْأَنْصَار بِيض لِحَاهُمْ فَقَالَ : يَا مَعْشَر الْأَنْصَار حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْل الْكِتَاب " وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " نَحْوه مِنْ حَدِيث أَنَس , وَفِي " الْكَبِير " مِنْ حَدِيث عُتْبَةَ بْن عَبْد " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُر بِتَغْيِيرِ الشَّعْر مُخَالَفَة لِلْأَعَاجِمِ " وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَجَازَ الْخِضَاب بِالسَّوَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَاب ذِكْر بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء مَسْأَلَة اِسْتِثْنَاء الْخَضْب بِالسَّوَادِ لِحَدِيثَيْ جَابِر وَابْن عَبَّاس , وَأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاء مَنْ رَخَّصَ فِيهِ فِي الْجِهَاد وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْأَوْلَى كَرَاهَته , وَجَنَحَ النَّوَوِيّ إِلَى أَنَّهُ كَرَاهَة تَحْرِيم , وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ طَائِفَة مِنْ السَّلَف مِنْهُمْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَعُقْبَة بْن عَامِر وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَجَرِير وَغَيْر وَاحِد وَاخْتَارَهُ اِبْن أَبِي عَاصِم فِي " كِتَاب الْخِضَاب " لَهُ وَأَجَابَ عَنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَفَعَهُ " يَكُون قَوْم يُخَضِّبُونَ بِالسَّوَادِ لَا يَجِدُونَ رِيح الْجَنَّة " بِأَنَّهُ لَا دَلَالَة فِيهِ عَلَى كَرَاهَة الْخِضَاب بِالسَّوَادِ بَلْ فِيهِ الْإِخْبَار عَنْ قَوْم هَذِهِ صِفَتهمْ , وَعَنْ حَدِيث جَابِر " جَنِّبُوهُ السَّوَاد " بِأَنَّهُ فِي حَقّ مَنْ صَارَ شَيْب رَأْسه مُسْتَشْبَعًا وَلَا يُطْرَد ذَلِكَ فِي حَقّ كُلّ أَحَد اِنْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ خِلَاف مَا يَتَبَادَر مِنْ سِيَاق الْحَدِيثَيْنِ.
نَعَمْ يَشْهَد لَهُ مَا أَخْرَجَهُ هُوَ عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ " كُنَّا نُخَضِّب بِالسَّوَادِ إِذْ كَانَ الْوَجْه جَدِيدًا , فَلَا نَغَصّ الْوَجْه وَالْأَسْنَان تَرَكْنَاهُ " وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْن أَبِي عَاصِم مِنْ حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء رَفَعَهُ " مَنْ خَضَّبَ بِالسَّوَادِ سَوَّدَ اللَّه وَجْهه يَوْم الْقِيَامَة " وَسَنَده لَيِّن , وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْن الرَّجُل وَالْمَرْأَة فَأَجَازَهُ لَهَا دُون الرَّجُل , وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيّ , وَأَمَّا خَضْب الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا يَجُوز لِلرِّجَالِ إِلَّا فِي التَّدَاوِي.
وَقَوْله " فَخَالِفُوهُمْ " فِي رِوَايَة مُسْلِم " فَخَالِفُوا عَلَيْهِمْ وَاصْبُغُوا " وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر رَفَعَهُ " غَيِّرُوا الشَّيْب وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ " وَرِجَاله ثِقَات , لَكِنْ اُخْتُلِفَ عَلَى هِشَام بْن عُرْوَة فِيهِ كَمَا بَيَّنَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ إِنَّهُ غَيْر مَحْفُوظ , وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ حَدِيث عَائِشَة وَزَادَ " وَالنَّصَارَى " وَلِأَصْحَابِ السُّنَن وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ رَفَعَهُ " إِنَّ أَحْسَن مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ الشَّيْب الْحِنَّاء وَالْكَتَم " وَهَذَا يُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَلَى التَّعَاقُب وَيُحْتَمَل الْجَمْع , وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ " اِخْتَضَبَ أَبُو بَكْر بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَم , وَاخْتَضَبَ عُمَر بِالْحِنَّاءِ بَحْتًا " وَقَوْله بَحْتًا بِمُوَحَّدَةِ مَفْتُوحَة وَمُهْمَلَة سَاكِنَة بَعْدهَا مُثَنَّاة أَيْ صِرْفًا , وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ يَجْمَع بَيْنهمَا دَائِمًا.
وَالْكَتَم نَبَات بِالْيَمَنِ يُخْرِج الصَّبْغ أَسْوَد يَمِيل إِلَى الْحُمْرَة , وَصِبْغ الْحِنَّاء أَحْمَر فَالصَّبْغ بِهِمَا مَعًا يَخْرُج بَيْن السَّوَاد وَالْحُمْرَة.
وَاسْتَنْبَطَ اِبْن أَبِي عَاصِم مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " جَنِّبُوهُ السَّوَاد " أَنَّ الْخِضَاب بِالسَّوَادِ كَانَ مِنْ عَادَتهمْ , وَذَكَرَ اِبْن الْكَلْبِيّ أَنَّ أَوَّل مَنْ اِخْتَضَبَ بِالسَّوَادِ مِنْ الْعَرَب عَبْد الْمُطَّلِب , وَأَمَّا مُطْلَقًا فَفِرْعَوْن , وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْخَضْب وَتَرْكه فَخَضَّبَ أَبُو بَكْر وَعُمَر وَغَيْرهمَا كَمَا تَقَدَّمَ , وَتَرَكَ الْخِضَاب عَلِيّ وَأُبَيّ بْن كَعْب وَسَلَمَة بْن الْأَكْوَع وَأَنَس وَجَمَاعَة , وَجَمَعَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ مَنْ صَبَغَ مِنْهُمْ كَانَ اللَّائِق بِهِ كَمَنْ يُسْتَشْنَع شَيْبه , وَمَنْ تَرَكَ كَانَ اللَّائِق بِهِ كَمَنْ لَا يُسْتَشْنَع شَيْبه , وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث جَابِر الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم فِي قِصَّة أَبِي قُحَافَة حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى رَأْسه كَأَنَّهَا الثُّغَامَة بَيَاضًا " غَيِّرُوا هَذَا وَجَنِّبُوهُ السَّوَاد " وَمِثْله حَدِيث أَنَس الَّذِي تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهِ أَوَّل " بَاب مَا يُذْكَر فِي الشَّيْب " زَادَ الطَّبَرِيُّ وَابْن أَبِي عَاصِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ جَابِر " فَذَهَبُوا بِهِ فَحَمَّرُوهُ " وَالثُّغَامَة بِضَمِّ الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة نَبَات شَدِيد الْبَيَاض زَهْره وَثَمَره , قَالَ : فَمَنْ كَانَ فِي مِثْل حَال أَبِي قُحَافَة اُسْتُحِبَّ لَهُ الْخِضَاب لِأَنَّهُ لَا يَحْصُل بِهِ الْغُرُور لِأَحَدٍ , وَمَنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَلَا يُسْتَحَبّ فِي حَقّه , وَلَكِنَّ الْخِضَاب مُطْلَقًا أَوْلَى لِأَنَّهُ فِيهِ اِمْتِثَال الْأَمْر فِي مُخَالَفَة أَهْل الْكِتَاب , وَفِيهِ صِيَانَة الشَّعْر عَنْ تَعَلُّق الْغُبَار وَغَيْره بِهِ , إِلَّا إِنْ كَانَ مِنْ عَادَة أَهْل الْبَلَد تَرْك الصَّبْغ وَأَنَّ الَّذِي يَنْفَرِد بِدُونِهِمْ بِذَلِكَ يَصِير فِي مَقَام الشُّهْرَة فَالتَّرْك فِي حَقّه أَوْلَى.
وَنَقَلَ الطَّبَرِيُّ بَعْد أَنْ أَوْرَدَ حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه رَفَعَهُ بِلَفْظِ " مَنْ شَابَ شَيْبَة فَهِيَ لَهُ نُور إِلَى أَنْ يَنْتِفهَا أَوْ يُخَضِّبهَا " وَحَدِيث اِبْن مَسْعُود " إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَه خِصَالًا " فَذَكَرَ مِنْهَا تَغْيِير الشَّيْب , إِذْ بَعْضهمْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَة تُسْتَحَبّ بِحَدِيثِ الْبَاب.
ثُمَّ ذَكَرَ الْجَمْع وَقَالَ.
دَعْوَى النَّسْخ لَا دَلِيل عَلَيْهَا.
قُلْت.
وَجَنَحَ إِلَى النَّسْخ الطَّحَاوِيُّ وَتَمَسَّكَ بِالْحَدِيثِ الْآتِي قَرِيبًا أَنَّهُ " كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب فِيمَا لَمْ يَنْزِل عَلَيْهِ , ثُمَّ صَارَ يُخَالِفهُمْ وَيَحُثّ عَلَى مُخَالَفَتهمْ " كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيره فِي " بَاب الْفَرْق " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَحَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب الْمُشَار إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طُرُقه الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور فَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ النَّتْف دُون الْخَضْب لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِير الْخِلْقَة مِنْ أَصْلهَا , بِخِلَافِ الْخَضْب فَإِنَّهُ لَا يُغَيِّر الْخِلْقَة عَلَى النَّاظِر إِلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ يَجِب , وَعَنْهُ يَجِب وَلَوْ مَرَّة , وَعَنْهُ لَا أُحِبّ لِأَحَدٍ تَرْك الْخَضْب وَيَتَشَبَّه بِأَهْلِ الْكِتَاب , وَفِي السَّوَاد عَنْهُ كَالشَّافِعِيَّةِ رِوَايَتَانِ الْمَشْهُورَة يُكْرَه وَقِيلَ مُحَرَّم , وَيَتَأَكَّد الْمَنْع لِمَنْ دَلَّسَ بِهِ.
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق وليس بالآدم، وليس با...
عن البراء يقول: «ما رأيت أحدا أحسن في حلة حمراء من النبي صلى الله عليه وسلم» قال بعض أصحابي، عن مالك: إن جمته لتضرب قريبا من منكبيه.<br> قال أبو إسح...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أراني الليلة عند الكعبة، فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال، له...
حدثنا أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يضرب شعره منكبيه.»
عن أنس «كان يضرب شعر النبي صلى الله عليه وسلم منكبيه.»
عن قتادة قال: «سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ليس بالسبط ولا الجع...
عن أنس، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين، لم أر بعده مثله، وكان شعر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا، لا جعد ولا سبط»
عن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين والقدمين، حسن الوجه، لم أر بعده ولا قبله مثله، وكان بسط الكفين»
عن أبي هريرة، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم القدمين، حسن الوجه، لم أر بعده مثله» 5910 - وقال هشام، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، «كان النبي صلى...