5917- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته، ثم فرق بعد.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ اِبْن عَبَّاس ) كَذَا وَصَلَهُ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد وَيُونُس , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَة وَغَيْرهَا , وَاخْتُلِفَ عَلَى مَعْمَر فِي وَصْله وَإِرْسَاله , قَالَ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه " أَنْبَأَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْد اللَّه لَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة " فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا , وَكَذَا أَرْسَلَهُ مَالِك حَيْثُ أَخْرَجَهُ فِي " الْمُوَطَّأ " عَنْ زِيَاد بْن سَعْد عَنْ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُر مَنْ فَوْقه.
قَوْله : ( كَانَ يُحِبّ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب فِيمَا لَمْ يُؤْمَر فِيهِ ) فِي رِوَايَة مَعْمَر " وَكَانَ إِذَا شَكَّ فِي أَمْر لَمْ يُؤْمَر فِيهِ بِشَيْءٍ صَنَعَ مَا يَصْنَع أَهْل الْكِتَاب ".
قَوْله : ( وَكَانَ أَهْل الْكِتَاب يَسْدُلُونَ أَشْعَارهمْ ) بِسُكُونِ السِّين وَكَسْر الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ يُرْسِلُونَهَا.
قَوْله : ( وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ ) هُوَ بِسُكُونِ الْفَاء وَضَمَّ الرَّاء وَقَدْ شَدَّدَهَا بَعْضهمْ حَكَاهُ عِيَاض قَالَ : وَالتَّخْفِيف أَشْهَر , وَكَذَا فِي قَوْله " ثُمَّ فَرَقَ " الْأَشْهَر فِيهِ التَّخْفِيف , وَكَأَنَّ السِّرّ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْأَوْثَان أَبْعَد عَنْ الْإِيمَان مِنْ أَهْل الْكِتَاب , وَلِأَنَّ أَهْل الْكِتَاب يَتَمَسَّكُونَ بِشَرِيعَةٍ فِي الْجُمْلَة فَكَانَ يُحِبّ مُوَافَقَتهمْ لِيَتَأَلَّفهُمْ وَلَوْ أَدَّتْ مُوَافَقَتهمْ إِلَى مُخَالَفَة أَهْل الْأَوْثَان , فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْل الْأَوْثَان الَّذِينَ مَعَهُ وَاَلَّذِينَ حَوْله وَاسْتَمَرَّ أَهْل الْكِتَاب عَلَى كُفْرهمْ تَمَحَّضَت الْمُخَالَفَة لِأَهْلِ الْكِتَاب.
قَوْله : ( ثُمَّ فَرَقَ بَعْد ) فِي رِوَايَة مَعْمَر " ثُمَّ أَمَرَ بِالْفَرْقِ فَفَرَقَ " وَكَانَ الْفَرْق آخِر الْأَمْرَيْنِ , وَمِمَّا يُشْبِه الْفَرْق وَالسَّدْل صَبْغ الشَّعْر وَتَرْكه كَمَا تَقَدَّمَ , وَمِنْهَا صَوْم عَاشُورَاء , ثُمَّ أَمَرَ بِنَوْعِ مُخَالَفَة لَهُمْ فِيهِ بِصَوْمِ يَوْم قَبْله أَوْ بَعْده , وَمِنْهَا اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة , وَمُخَالَفَتهمْ فِي مُخَالَطَة الْحَائِض حَتَّى قَالَ " اِصْنَعُوا كُلّ شَيْء إِلَّا الْجِمَاع " فَقَالُوا.
مَا يَدَع مِنْ أَمْرنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي كِتَاب الْحَيْض , وَهَذَا الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْر.
وَمِنْهَا مَا يَظْهَر إِلَى النَّهْي عَنْ صَوْم يَوْم السَّبْت , وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة فِي النَّسَائِيِّ وَغَيْره , وَصَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخ وَنَاسِخه حَدِيث أُمّ سَلَمَة " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم يَوْم السَّبْت وَالْأَحَد يَتَحَرَّى ذَلِكَ وَيَقُول إِنَّهُمَا يَوْمًا عَبْد الْكُفَّار وَأَنَا أُحِبّ أَنْ أُخَالِفهُمْ " وَفِي لَفْظ " مَا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ أَكْثَر صِيَامه السَّبْت وَالْأَحَد " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ , وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " يَوْمَا عِيد " إِلَى أَنَّ يَوْم السَّبْت عِيد عِنْد الْيَهُود وَالْأَحَد عِيد عِنْد النَّصَارَى وَأَيَّام الْعِيد لَا تُصَام فَخَالَفَهُمْ بِصِيَامِهَا , وَيُسْتَفَاد مِنْ هَذَا أَنَّ الَّذِي قَالَهُ بَعْض الشَّافِعِيَّة مِنْ كَرَاهَة إِفْرَاد السَّبْت وَكَذَا الْأَحَد لَيْسَ جَيِّدًا بَلْ الْأَوْلَى فِي الْمُحَافَظَة عَلَى ذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة كَمَا وَرَدَ الْحَدِيث الصَّحِيح فِيهِ , وَأَمَّا السَّبْت وَالْأَحَد فَالْأَوَّل أَنْ يُصَامَا مَعًا وَفُرَادَى اِمْتِثَالًا لِعُمُومِ الْأَمْر بِمُخَالَفَةِ أَهْل الْكِتَاب , قَالَ عِيَاض : سَدْل الشَّعْر إِرْسَاله , يُقَال سَدَلَ شَعْره وَأَسْدَلَهُ إِذَا أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَضُمّ جَوَانِبه , وَكَذَا الثَّوْب , وَالْفَرْق تَفْرِيق الشَّعْر بَعْضه مِنْ بَعْض وَكَشْفه عَنْ الْجَبِين , قَالَ وَالْفَرْق سُنَّة لِأَنَّهُ الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَال.
وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بِوَحْيٍ , لِقَوْلِ الرَّاوِي فِي أَوَّل الْحَدِيث إِنَّهُ كَانَ يُحِبّ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب فِيمَا لَمْ يُؤْمَر فِيهِ بِشَيْءٍ , فَالظَّاهِر أَنَّهُ فَرَقَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّه حَتَّى اِدَّعَى بَعْضهمْ فِيهِ النَّسْخ وَمَنْع السَّدْل وَاِتِّخَاذ النَّاصِيَة.
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّ الظَّاهِر أَنَّ الَّذِي كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلهُ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اِسْتِئْلَافهمْ , فَلَمَّا لَمْ يُنْجَع فِيهِمْ أَحَبَّ مُخَالَفَتهمْ فَكَانَتْ مُسْتَحَبَّة لَا وَاجِبَة عَلَيْهِ.
وَقَوْل الرَّاوِي " فِيمَا لَمْ يُؤْمَر فِيهِ بِشَيْءٍ " أَيْ لَمْ يُطْلَب مِنْهُ وَالطَّلَب يَشْمَل الْوُجُوب وَالنَّدْب وَأَمَّا تَوَهُّم النَّسْخ فِي هَذَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِإِمْكَانِ الْجَمْع , بَلْ يُحْتَمَل أَنْ لَا يَكُون الْمُوَافَقَة وَالْمُخَالَفَة حُكْمًا شَرْعِيًّا إِلَّا مِنْ جِهَة الْمَصْلَحَة , قَالَ : وَلَوْ كَانَ السَّدْل مَنْسُوخًا لَصَارَ إِلَيْهِ الصَّحَابَة أَوْ " أَكْثَرهمْ , وَالْمَنْقُول عَنْهُمْ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَفْرُق وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَسْدُل وَلَمْ يَعِبْ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَّة , فَإِنْ اِنْفَرَقَتْ فَرَقَهَا وَإِلَّا تَرَكَهَا , فَالصَّحِيح أَنَّ الْفَرْق مُسْتَحَبّ لَا وَاجِب , وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالْجُمْهُور.
قُلْت : وَقَدْ جَزَمَ الْحَازِمِيّ بِأَنَّ السَّدْل نُسِخَ بِالْفَرْقِ , وَاسْتَدَلَّ بِرِوَايَةِ مَعْمَر الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا قَبْل وَهُوَ ظَاهِر.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : الصَّحِيح جَوَاز السَّدْل وَالْفَرْق.
قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْله " يُحِبّ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب " فَقِيلَ لِلِاسْتِئْنَافِ كَمَا تَقَدَّمَ , وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ شَرَائِعهمْ فِيمَا لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ وَمَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَدِّلُوهُ.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّ شَرْع مَنْ قَبْلنَا شَرْع لَنَا حَتَّى يَرِد فِي شَرْعنَا مَا يُخَالِفهُ , وَعَكَسَ بَعْضهمْ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقُلْ " يُحِبّ " بَلْ كَانَ يَتَحَتَّم الِاتِّبَاع.
وَالْحَقّ أَنْ لَا دَلِيل فِي هَذَا عَلَى الْمَسْأَلَة , لِأَنَّ الْقَائِل بِهِ يَقْصِرهُ عَلَى مَا وَرَدَ فِي شَرْعنَا أَنَّهُ شُرِعَ لَهُمْ لَا مَا يُؤْخَذ عَنْهُمْ هُمْ إِذْ لَا وُثُوق بِنَقْلِهِمْ , وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقُرْطُبِيّ أَنَّهُ كَانَ يُوَافِقهُمْ لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيف مُحْتَمَل , وَيُحْتَمَل أَيْضًا - وَهُوَ أَقْرَب - أَنَّ الْحَالَة الَّتِي تَدُور بَيْن الْأَمْرَيْنِ لَا ثَالِث لَهُمَا إِذَا لَمْ يَنْزِل عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء كَانَ يَعْمَل فِيهِ بِمُوَافَقَةِ أَهْل الْكِتَاب لِأَنَّهُمْ أَصْحَاب شَرْع بِخِلَافِ عَبَدَة الْأَوْثَان فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَرِيعَة , فَلَمَّا أَسْلَمَ الْمُشْرِكُونَ اِنْحَصَرَتْ الْمُخَالَفَة فِي أَهْل الْكِتَاب فَأَمَرَ بِمُخَالَفَتِهِمْ , وَقَدْ جَمَعْت الْمَسَائِل الَّتِي وَرَدَتْ الْأَحَادِيث فِيهَا بِمُخَالَفَةِ أَهْل الْكِتَاب فَزَادَتْ عَلَى الثَّلَاثِينَ حُكْمًا , وَقَدْ أَوْدَعْتهَا كِتَابِي الَّذِي سَمَّيْته " الْقَوْل الثَّبْت فِي الصَّوْم يَوْم السَّبْت " وَيُؤْخَذ مِنْ قَوْل اِبْن عَبَّاس فِي الْحَدِيث " كَانَ يُحِبّ مُوَافَقَة أَهْل الْكِتَاب " وَقَوْله " ثُمَّ فَرَقَ " بَعْد نَسْخ حُكْم تِلْكَ الْمُوَافَقَة كَمَا قَرَّرْته وَلِلَّهِ الْحَمْد , وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ شَرْع مَنْ قَبْلنَا شَرْع لَنَا مَا لَمْ يَرِد نَاسِخ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم».<br> قال عبد الله في مفرق النبي صلى الله عليه وسل...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند ميمونة بنت الحارث خالتي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها قال: فقام رسول الله صلى الله...
عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم «ينهى عن القزع،» قال عبيد الله قلت: وما القزع؟ فأشار لنا عبيد الله قال: إذا حلق ال...
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن القزع.»
عن عائشة قالت: «طيبت النبي صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه وطيبته بمنى قبل أن يفيض.»
عن عائشة قالت: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته.»
عن سهل بن سعد «أن رجلا اطلع من جحر في دار النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يحك رأسه بالمدرى، فقال: لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في ع...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض.» حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عا...
عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يعجبه التيمن ما استطاع في ترجله ووضوئه.»