5999- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه «قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها.»
أخرجه مسلم في التوبة باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه رقم 2754
(سبي) أسرى من الصغار ذكورا وإناثا.
(تحلب ثديها) وفي نسخة (تحلب) أي سال منه الحليب.
(تسقي) حليبها للصبيان.
(طارحة) ملقية.
(أرحم) أكثر رحمة ورحمته تعالى إحسانه لعباده ودفعه النقمة والعذاب عنهم وعدم مؤاخذتهم على ما كسبوا
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم ) هُوَ سَعِيد , وَمَدَار هَذَا الْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَيْهِ.
وَأَبُو غَسَّان هُوَ مُحَمَّد بْن مُطَرِّف , وَالْإِسْنَاد مِنْهُ فَصَاعِدًا مَدَنِيُّونَ.
قَوْله : ( قُدِمَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْي ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " بِسَبْيٍ " وَبِضَمِّ قَاف " قُدِمَ " وَهَذَا السَّبْي هُوَ سَبْي هَوَازِن.
قَوْله : ( فَإِذَا اِمْرَأَة مِنْ السَّبْي تَحْلُب ثَدْيهَا تَسْقِي ) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِيّ وَالسَّرَخْسِيّ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَة مَنْ تَحْلُب وَضَمّ اللَّام وَثَدْيهَا بِالنَّصْبِ وَتَسْقِي بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَبِقَافٍ مَكْسُورَة , وَلِلْبَاقِينَ " قَدْ تَحَلَّبَ " بِفَتْحِ الْحَاء وَتَشْدِيد اللَّام أَيْ تَهَيَّأَ لِأَنْ يُحْلَب , وَثَدْيهَا بِالرَّفْعِ فَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ بِالْإِفْرَادِ وَلِلْبَاقِينَ " ثَدْيَاهَا " بِالتَّثْنِيَةِ , وَلِلْكُشمِيهنِيّ " بِسَقْيِ " بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَة وَفَتْح الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْقَاف وَتَنْوِين التَّحْتَانِيَّة وَلِلْبَاقِينَ " تَسْعَى " بِفَتْحِ الْعَيْن الْمُهْمَلَة مِنْ السَّعْي وَهُوَ الْمَشْي بِسُرْعَةٍ , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ الْحُلْوَانِيّ وَابْن عَسْكَر كِلَاهُمَا عَنْ اِبْن أَبِي مَرْيَم " تَبْتَغِي " بِمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَة ثُمَّ مُثَنَّاة مَفْتُوحَة ثُمَّ غَيْن مُعْجَمَة مِنْ الِابْتِغَاء وَهُوَ الطَّلَب , قَالَ عِيَاض : وَهُوَ وَهْم , وَالصَّوَاب مَا فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ صَوَاب , فَهِيَ سَاعِيَة وَطَالِبَة لِوَلَدِهَا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَا خَفَاء بِحُسْنِ رِوَايَة " تَسْعَى " وَوُضُوحهَا , وَلَكِنْ لِرِوَايَةِ تَبْتَغِي وَجْهًا وَهُوَ تَطْلُب وَلَدهَا , وَحُذِفَ الْمَفْعُول لِلْعِلْمِ بِهِ , فَلَا يُغَلَّط الرَّاوِي مَعَ هَذَا التَّوْجِيه.
قَوْله : ( إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْي أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا ) كَذَا لِلْجَمِيعِ وَلِمُسْلِمٍ , وَحُذِفَ مِنْهُ شَيْء بَيَّنَتْهُ رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَفْظه " إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا أَخَذَتْهُ فَأَرْضَعَتْهُ فَوَجَدَتْ صَبِيًّا فَأَخَذَتْهُ فَأَلْزَمَتْهُ بَطْنهَا " وَعُرِفَ مِنْ سِيَاقه أَنَّهَا كَانَتْ فَقَدَتْ صَبِيّهَا وَتَضَرَّرَتْ بِاجْتِمَاعِ اللَّبَن فِي ثَدْيهَا , فَكَانَتْ إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا أَرْضَعَتْهُ لِيَخِفّ عَنْهَا , فَلَمَّا وَجَدَتْ صَبِيّهَا بِعَيْنِهِ أَخَذَتْهُ فَالْتَزَمَتْهُ.
وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْم هَذَا الصَّبِيّ وَلَا عَلَى اِسْم أُمّه.
قَوْله : ( أَتُرَوْنَ ) ؟ بِضَمِّ الْمُثَنَّاة أَيْ أَتَظُنُّونَ ؟ قَوْله : ( قُلْنَا لَا , وَهِيَ تَقْدِر عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحهُ ) أَيْ لَا تَطْرَحهُ طَائِعَة أَبَدًا.
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " فَقُلْنَا لَا وَاَللَّه إِلَخْ ".
قَوْله : ( لَلَّه ) بِفَتْحِ أَوَّله لَام تَأْكِيد , وَصَرَّحَ بِالْقَسَمِ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ : " وَاَللَّه لَلَّه أَرْحَم إِلَخْ ".
قَوْله : ( بِعِبَادِهِ ) كَأَنَّ الْمُرَاد بِالْعِبَادِ هُنَا مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَام , وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ : " مَرَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَر مِنْ أَصْحَابه وَصَبِيّ عَلَى الطَّرِيق , فَلَمَّا رَأَتْ أُمّه الْقَوْم خَشِيَتْ عَلَى وَلَدهَا أَنْ يُوطَأ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَتَقُول : اِبْنِي اِبْنِي , وَسَعَتْ فَأَخَذَتْهُ , فَقَالَ الْقَوْم : يَا رَسُول اللَّه مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِي اِبْنهَا فِي النَّار , فَقَالَ : وَلَا اللَّه بِطَارِحٍ حَبِيبه فِي النَّار " فَالتَّعْبِير بِحَبِيبِهِ يُخْرِج الْكَافِر.
وَكَذَا مَنْ شَاءَ إِدْخَاله مِمَّنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ مُرْتَكِبِي الْكَبَائِر.
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي جَمْرَة : لَفْظ الْعَبْد عِلْم وَمَعْنَاهُ خَاصّ بِالْمُؤْمِنِينَ , وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) فَهِيَ عَامَّة مِنْ جِهَة الصَّلَاحِيَّة وَخَاصَّة بِمَنْ كُتِبَتْ لَهُ قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ رَحْمَة اللَّه لَا يُشْبِههَا شَيْء لِمَنْ سَبَقَ لَهُ مِنْهَا نَصِيب مِنْ أَيّ الْعِبَاد كَانَ حَتَّى الْحَيَوَانَات.
وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَجْعَل تَعَلُّقه فِي جَمِيع أُمُوره بِاَللَّهِ وَحْده , وَأَنَّ كُلّ مَنْ فُرِضَ أَنَّ فِيهِ رَحْمَة مَا حَتَّى يُقْصَد لِأَجْلِهَا فَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَرْحَم مِنْهُ , فَلْيَقْصِدْ الْعَاقِل لِحَاجَتِهِ مَنْ هُوَ أَشَدّ لَهُ رَحْمَة , قَالَ : وَفِي الْحَدِيث جَوَاز نَظَرِ النِّسَاء الْمَسْبِيَّات , لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْ النَّظَر إِلَى الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة , بَلْ فِي سِيَاق الْحَدِيث مَا يَقْتَضِي إِذْنه فِي النَّظَر إِلَيْهَا.
وَفِيهِ ضَرْب الْمَثَل بِمَا يُدْرَك بِالْحَوَاسِّ لِمَا لَا يُدْرَك بِهَا لِتَحْصِيلِ مَعْرِفَة الشَّيْء عَلَى وَجْهه , وَإِنْ كَانَ الَّذِي ضَرَبَ بِهِ الْمَثَل لَا يُحَاط بِحَقِيقَتِهِ لِأَنَّ رَحْمَة اللَّه لَا تُدْرَك بِالْعَقْلِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَرَّبَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّامِعِينَ بِحَالِ الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة.
وَفِيهِ جَوَاز اِرْتِكَاب أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ , لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ الْمَرْأَة عَنْ إِرْضَاع لِلْأَطْفَالِ الَّذِينَ أَرْضَعَتْهُمْ مَعَ اِحْتِمَال أَنْ يَكْبَر بَعْضهمْ فَيَتَزَوَّج بَعْض مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْمَرْأَة مَعَهُ , لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ حَالَة الْإِرْضَاع نَاجِزَة , وَمَا يُخْشَى مِنْ الْمَحْرَمِيَّةِ مُتَوَهَّم اُغْتُفِرَ.
قُلْت : وَلَفْظ الصَّبِيّ بِالتَّذْكِيرِ فِي الْخَبَر يُنَازِع فِي ذَلِكَ , قَالَ : وَفِيهِ أَنَّ الْكُفَّار مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة , وَقَدْ يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى عَكْس ذَلِكَ , فَأَمَّا الْأَوَّل فَمِنْ جِهَة أَنَّ الْأَطْفَال لَوْلَا أَنَّهُمْ كَانَ بِهِمْ ضَرُورَة إِلَى الْإِرْضَاع فِي تِلْكَ الْحَالَة مَا تَرَكَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرْضِع أَحَدًا مِنْهُمْ , وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ أَقْوَى فَلِأَنَّهُ أَقَرَّهَا عَلَى إِرْضَاعهمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَبَيَّن الضَّرُورَة ا ه.
مُلَخَّصًا , وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ قُلْنَا لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ فَقَالَ لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك ا...
عن عبد الله قال: «قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، ثم قال: أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، قال: ثم أي؟ قال: أ...
عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع صبيا في حجره يحنكه فبال عليه فدعا بماء فأتبعه.»
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما، ثم يقول: اللهم ارحم...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها، ولقد أمره ربه أن يبشرها بب...
عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى.»
عن صفوان بن سليم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل.» حدثنا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال يشك القعنبي كالقائم ل...
عن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال: «أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا...