6026- عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا، ثم شبك بين أصابعه.» 6027- «وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا، إذ جاء رجل يسأل أو طالب حاجة أقبل علينا بوجهه فقال: اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء»
(اشفعوا) توسطوا في قضاء حاجة السائل.
(وليقض الله.
.
) أي شفاعتكم لا تغير قضاء الله تعالى ولكنها تكون سببا لنيلكم الأجر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدَّثَنَا سُفْيَان حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَة بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بُرْدَة " فَذَكَرَهُ.
قَوْله : ( الْمُؤْمِن كَالْبُنْيَانِ يَشُدّ بَعْضه بَعْضًا ) اللَّام فِيهِ لِلْجِنْسِ وَالْمُرَاد بَعْض الْمُؤْمِنِينَ لِلْبَعْضِ , وَقَوْله " يَشُدّ بَعْضه بَعْضًا " بَيَان لِوَجْهِ التَّشْبِيه , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ نُصِبَ بَعْضًا بِنَزْعِ الْخَافِض , وَقَالَ غَيْره بَلْ هُوَ مَفْعُول يَشُدّ.
قُلْت : وَلِكُلٍّ وَجْه.
قَالَ اِبْن بَطَّال : وَالْمُعَاوَنَة فِي أُمُور الْآخِرَة وَكَذَا فِي الْأُمُور الْمُبَاحَة مِنْ الدُّنْيَا مَنْدُوب إِلَيْهَا وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " وَاَللَّه فِي عَوْن الْعَبْد مَا دَامَ الْعَبْد فِي عَوْن أَخِيهِ ".
قَوْله : ( ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعه ) هُوَ بَيَان لِوَجْهِ التَّشْبِيه أَيْضًا أَيْ يَشُدّ بَعْضهمْ بَعْضًا مِثْل هَذَا الشَّدّ , وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يُرِيد الْمُبَالَغَة فِي بَيَان أَقْوَاله يُمَثِّلهَا بِحَرَكَاتِهِ لِيَكُونَ أَوْقَع فِي نَفْس السَّامِع.
قَوْله : ( وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا إِذْ جَاءَ رَجُل يَسْأَل أَوْ طَالِب حَاجَة أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ اِشْفَعُوا ) هَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخ مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن يُوسُف الْفِرْيَابِيّ عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , وَفِي تَرْكِيبه قَلَق , وَلَعَلَّهُ فِي الْأَصْل : كَانَ إِذَا كَانَ جَالِسًا إِذَا جَاءَ رَجُل إِلَخْ فَحَذَفَ اِخْتِصَارًا أَوْ سَقَطَ عَلَى الرَّاوِي لَفْظ " إِذَا كَانَ " عَلَى أَنَّنِي تَتَبَّعْت أَلْفَاظ الْحَدِيث مِنْ الطُّرُق فَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْء مِنْهَا بِلَفْظِ جَالِسًا , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم مِنْ رِوَايَة إِسْحَاق بْن زُرَيْق عَنْ الْفِرْيَابِيّ بِلَفْظِ " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِل أَوْ طَالِب الْحَاجَة أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ " الْحَدِيث , وَهَذَا السِّيَاق لَا إِشْكَال فِيهِ , وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق يَحْيَى الْقَطَّان عَنْ سُفْيَان مُخْتَصَرًا اِقْتَصَرَ عَلَى قَوْله : " اِشْفَعُوا تُؤْجَرُوا إِلَخْ " وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة عُمَر بْن عَلِيّ الْمُقَدَّمِيِّ عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , لَكِنَّهُ جَعَلَهُ كُلّه مِنْ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أُوتَى فَأُسْأَل أَوْ تُطْلَب إِلَيَّ الْحَاجَة وَأَنْتُمْ عِنْدِي , فَاشْفَعُوا " الْحَدِيث.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه مِنْ رِوَايَة أَبِي أُسَامَة عَنْ بُرَيْدٍ وَلَفْظه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِل أَوْ صَاحِب الْحَاجَة " وَمِنْ هَذَا الْوَجْه أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة مِنْ رِوَايَة عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد عَنْ بُرَيْدٍ بِلَفْظِ " كَانَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِل أَوْ طُلِبَ إِلَيْهِ الْحَاجَة " وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة عَلِيّ بْن مُسْهِر وَحَفْص بْن غِيَاث كِلَاهُمَا عَنْ بُرَيْدٍ بِلَفْظِ " كَانَ إِذَا أَتَاهُ طَالِب حَاجَة أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ " فَذَكَرَهُ.
قَوْله : ( فَلْتُؤْجَرُوا ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة " تُؤْجَرُوا " وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَقَعَ فِي أَصْل مُسْلِم " اِشْفَعُوا تُؤْجَرُوا " بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَاب الْأَمْر الْمُضَمَّن مَعْنَى الشَّرْط وَهُوَ وَاضِح وَجَاءَ بِلَفْظِ " فَلْتُؤْجَرُوا " وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُون هَذِهِ اللَّام مَكْسُورَة لِأَنَّهَا لَام كَيْ وَتَكُون الْفَاء زَائِدَة كَمَا زِيدَتْ فِي حَدِيث " قُومُوا فَلِأُصَلِّيَ لَكُمْ " وَيَكُون مَعْنَى الْحَدِيث اِشْفَعُوا كَيْ تُؤْجَرُوا , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون لَام الْأَمْر وَالْمَأْمُور بِهِ التَّعَرُّض لِلْأَجْرِ بِالشَّفَاعَةِ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : اِشْفَعُوا فَتُعَرَّضُوا بِذَلِكَ لِلْأَجْرِ , وَتُكْسَر هَذِهِ اللَّام عَلَى أَصْل لَام الْأَمْر , وَيَجُوز تَسْكِينهَا تَخْفِيفًا لِأَجْلِ الْحَرَكَة الَّتِي قَبْلهَا.
قُلْت : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ " اِشْفَعُوا لِتُؤْجَرُوا " وَهُوَ يُقَوِّي أَنَّ اللَّام لِلتَّعْلِيلِ , وَجَوَّزَ الْكَرْمَانِيُّ أَنْ تَكُون الْفَاء سَبَبِيَّة وَاللَّام بِالْكَسْرِ وَهِيَ لَام كَيْ , وَقَالَ جَازَ اِجْتِمَاعهمَا لِأَنَّهُمَا لِأَمْرٍ وَاحِد , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون جَزَائِيَّة جَوَابًا لِلْأَمْرِ , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون زَائِدَة عَلَى رَأْي أَوْ عَاطِفَة عَلَى اِشْفَعُوا وَاللَّام لَام الْأَمْر , أَوْ عَلَى مُقَدَّر أَيْ اِشْفَعُوا لِتُؤْجَرُوا فَلْتُؤْجَرْ أَوْ لَفْظ اِشْفَعُوا تُؤْجَرُوا فِي تَقْدِير إِنْ تَشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَالشَّرْط يَتَضَمَّن السَّبَبِيَّة فَإِذَا أَتَى بِاللَّامِ وَقَعَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : الْفَاء وَاللَّام زَائِدَتَانِ لِلتَّأْكِيدِ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ اِشْفَعُوا تُؤْجَرُوا صَحَّ أَيْ إِذَا عَرَضَ الْمُحْتَاج حَاجَته عَلَيَّ فَاشْفَعُوا لَهُ إِلَيَّ فَإِنَّكُمْ إِنْ شَفَعْتُمْ حَصَلَ لَكُمْ الْأَجْر سَوَاء قَبِلْت شَفَاعَتكُمْ أَمْ لَا , وَيُجْرِي اللَّه عَلَى لِسَان نَبِيّه مَا شَاءَ أَيْ مِنْ مُوجِبَات قَضَاء الْحَاجَة أَوْ عَدَمهَا , أَيْ إِنْ قَضَيْتهَا أَوْ لَمْ أَقْضِهَا فَهُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّه تَعَالَى وَقَضَائِهِ.
( تَنْبِيه ) : وَقَعَ فِي حَدِيث عَنْ اِبْن عَبَّاس سَنَده ضَعِيف رَفَعَهُ " مَنْ سَعَى لِأَخِيهِ الْمُسْلِم فِي حَاجَة قُضِيَتْ لَهُ أَوْ لَمْ تُقْضَ غُفِرَ لَهُ ".
قَوْله : ( وَلْيَقْضِ اللَّه عَلَى لِسَان نَبِيّه مَا شَاءَ ) كَذَا ثَبَتَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " وَلْيَقْضِ " بِاللَّامِ , وَكَذَا فِي رِوَايَة أَبِي أُسَامَة الَّتِي بَعْدهَا لِلْكُشْمِيهَنِيّ فَقَطْ وَلِلْبَاقِينَ " وَيَقْضِي " بِغَيْرِ لَام , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن مُسْهِر وَحَفْص بْن غِيَاث " فَلْيَقْضِ " أَيْضًا قَالَ.
الْقُرْطُبِيّ : لَا يَصِحّ أَنْ تَكُون هَذِهِ اللَّام لَام الْأَمْر لِأَنَّ اللَّه لَا يُؤْمَر , وَلَا لَام كَيْ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَة " وَلْيَقْضِ " بِغَيْرِ يَاء مَدّ ثُمَّ قَالَ : يَحْتَمِل أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الدُّعَاء أَيْ اللَّهُمَّ اِقْضِ , أَوْ الْأَمْر هُنَا بِمَعْنَى الْخَبَر.
وَفِي حَدِيث الْحَضّ عَلَى الْخَيْر بِالْفِعْلِ وَبِالتَّسَبُّبِ إِلَيْهِ بِكُلِّ وَجْه , وَالشَّفَاعَة إِلَى الْكَبِير فِي كَشْف كُرْبَة وَمَعُونَة ضَعِيف , إِذْ لَيْسَ كُلّ أَحَد يَقْدِر عَلَى الْوُصُول إِلَى الرَّئِيس وَلَا التَّمَكُّن مِنْهُ لِيَلِج عَلَيْهِ أَوْ يُوَضِّح لَهُ مُرَاده لِيَعْرِف حَاله عَلَى وَجْهه , وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَجِب.
قَالَ عِيَاض : وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْوُجُوه الَّتِي تُسْتَحَبّ الشَّفَاعَة فِيهَا إِلَّا الْحُدُود , وَإِلَّا فَمَا لِأَحَدٍ فِيهِ تَجُوز الشَّفَاعَة فِيهِ وَلَا سِيَّمَا مِمَّنْ وَقَعَتْ مِنْهُ الْهَفْوَة أَوْ كَانَ مِنْ أَهْل السِّتْر وَالْعَفَاف , قَالَ : وَأَمَّا الْمُصِرُّونَ عَلَى فَسَادهمْ الْمُشْتَهِرُونَ فِي بَاطِلهمْ فَلَا يُشَفَّع فِيهِمْ لِيُزْجَرُوا عَنْ ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه «كان إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة قال: اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لسان رسوله ما شاء.»
عن مسروق قال: «دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم مع معاوية إلى الكوفة، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لم يكن فاحشا ولا متفحشا، وقال: قال رس...
عن عائشة رضي الله عنها: «أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم، ولعنكم الله وغضب الله عليكم، قال: مهلا يا عائ...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له ترب جبينه.»
عن عائشة، «أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وج...
عن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم النب...
عن جابر رضي الله عنه يقول: «ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال لا.»
عن مسروق قال: «كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو يحدثنا، إذ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وإنه كان يقول: إن خياركم أحاسنكم أ...
عن سهل بن سعد قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي شملة، فقال سهل: هي شملة منسوجة في...