6038- عن أنس رضي الله عنه قال: «خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أف، ولا لم صنعت، ولا ألا صنعت.»
أخرجه مسلم في الفضائل باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا رقم 2309
(أف) صوت يخرج من الإنسان إذا كان متضجرا.
(ألا صنعت) هلا صنعت
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَنَس.
قَوْله : ( خَدَمْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْر سِنِينَ ) تَقَدَّمَ نَظِيره فِي الْوَلِيمَة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس , وَمِثْله عِنْدَ أَحْمَد وَغَيْره عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس , وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم الرِّوَايَات , وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن طَلْحَة عَنْ أَنَس " وَاَللَّه لَقَدْ خَدَمْته تِسْع سِنِينَ " وَلَا مُغَايَرَة بَيْنَهمَا لِأَنَّ اِبْتِدَاء خِدْمَته لَهُ كَانَ بَعْد قُدُومه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَبَعْد تَزْوِيج أُمّه أُمّ سُلَيْمٍ بِأَبِي طَلْحَة , فَقَدْ مَضَى فِي الْوَصَايَا مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْبٍ عَنْ أَنَس قَالَ : " قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَلَيْسَ لَهُ خَادِم , فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَة بِيَدَيَّ " الْحَدِيث وَفِيهِ " إِنَّ أَنَسًا غُلَام كَيِّس فَلْيَخْدُمْك , قَالَ فَخَدَمْته فِي السَّفَر وَالْحَضَر " وَأَشَارَ بِالسَّفَرِ إِلَى مَا وَقَعَ فِي الْمَغَازِي وَغَيْرهَا مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو عَنْ أَنَس " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ مِنْ أَبِي طَلْحَة لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى خَيْبَر مَنْ يَخْدُمهُ فَأَحْضَرَ لَهُ أَنَسًا " فَأُشْكِلَ هَذَا عَلَى الْحَدِيث الْأَوَّل لِأَنَّ بَيْنَ قُدُومه الْمَدِينَة وَبَيْنَ خُرُوجه إِلَى خَيْبَر سِتّ سِنِينَ وَأَشْهُرًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ أَبِي طَلْحَة مَنْ يَكُون أَسَنَّ مِنْ أَنَس وَأَقْوَى عَلَى الْخِدْمَة فِي السَّفَر فَعَرَفَ أَبُو طَلْحَة مِنْ أَنَس الْقُوَّة عَلَى ذَلِكَ فَأَحْضَرَهُ , فَلِهَذَا قَالَ أَنَس فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " خَدَمْته فِي الْحَضَر وَالسَّفَر " وَإِنَّمَا تَزَوَّجَتْ أُمّ سُلَيْمٍ بِأَبِي طَلْحَة بَعْد قُدُوم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِدَّةِ أَشْهُر ; لِأَنَّهَا بَادَرَتْ إِلَى الْإِسْلَام وَوَالِد أَنَس حَيّ فَعَرَفَ بِذَلِكَ فَلَمْ يُسْلِم وَخَرَجَ فِي حَاجَة لَهُ فَقَتَلَهُ عَدُوّ لَهُ , وَكَانَ أَبُو طَلْحَة قَدْ تَأَخَّرَ إِسْلَامه فَاتَّفَقَ أَنَّهُ خَطَبَهَا فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُسْلِم فَأَسْلَمَ أَخْرَجَهُ اِبْن سَعْد بِسَنَدٍ حَسَن , فَعَلَى هَذَا تَكُون مُدَّة خِدْمَة أَنَس تِسْع سِنِينَ وَأَشْهُرًا , فَأَلْغَى الْكَسْر مَرَّة وَجَبَرَهُ أُخْرَى.
وَقَوْله فِي هَذَا الْحَدِيث : " وَاَللَّه مَا قَالَ لِي أُفّ قَطُّ " قَالَ الرَّاغِب : أَصْل الْأُفّ كُلّ مُسْتَقْذَر مِنْ وَسَخ كَقُلَامَةِ الظُّفْر وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا , وَيُقَال ذَلِكَ لِكُلِّ مُسْتَخَفّ بِهِ , وَيُقَال أَيْضًا عِنْدَ تَكَرُّه الشَّيْء وَعِنْدَ التَّضَجُّر مِنْ الشَّيْء , وَاسْتَعْمَلُوا مِنْهَا الْفِعْل كَأَفَفْتُ بِفُلَانٍ , وَفِي أُفّ عِدَّة لُغَات : الْحَرَكَات الثَّلَاث بِغَيْرِ تَنْوِين وَبِالتَّنْوِينِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم هُنَا " أُفًّا " بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِين وَهِيَ مُوَافِقَة لِبَعْضِ الْقِرَاءَات الشَّاذَّة كَمَا سَيَأْتِي , وَهَذَا كُلّه مَعَ ضَمِّ الْهَمْزَة وَالتَّشْدِيد , وَعَلَى ذَلِكَ اِقْتَصَرَ بَعْض الشُّرَّاح , وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَن الرُّمَّانِيّ فِيهَا لُغَات كَثِيرَة فَبَلَّغَهَا تِسْعًا وَثَلَاثِينَ وَنَقَلَهَا اِبْن عَطِيَّة وَزَادَ وَاحِدَة أَكْمَلَهَا أَرْبَعِينَ , وَقَدْ سَرَدَهَا أَبُو حَيَّان فِي " الْبَحْر " وَاعْتَمَدَ عَلَى ضَبْط الْقَلَم.
وَلَخَّصَ ضَبْطهَا صَاحِبه الشِّهَاب السَّمِين وَلَخَّصْته مِنْهُ , وَهِيَ السِّتَّة الْمُقَدَّمَة , وَبِالتَّخْفِيفِ كَذَلِكَ سِتَّة أُخْرَى , وَبِالسُّكُونِ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا , وَبِزِيَادَةِ هَاء سَاكِنَة فِي آخِره مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا , وَأُفِّي بِالْإِمَالَةِ وَبَيْنَ بَيْنَ وَبِلَا إِمَالَة الثَّلَاثَة بِلَا تَنْوِين , وَأُفُّو بِضَمٍّ ثُمَّ سُكُون وَإِفِّي بِكَسْرِ ثُمَّ سُكُون.
فَذَلِكَ ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ , وَهَذَا كُلّه مَعَ ضَمِّ الْهَمْزَة وَيَجُوز كَسْرهَا وَفَتْحهَا , فَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَفِي إِحْدَى عَشْرَة : كَسْر الْفَاء وَضَمّهَا وَمُشَدَّدًا مَعَ التَّنْوِين وَعَدَمه أَرْبَعَة وَمُخَفَّفًا بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاث مَعَ التَّنْوِين وَعَدَمه سِتَّة , وَإِفِّي بِالْإِمَالَةِ وَالتَّشْدِيد , وَأَفًّا بِفَتْحِ الْهَمْزَة فَفِي سِتّ بِفَتْحِ الْفَاء وَكَسْرهَا مَعَ التَّنْوِين وَعَدَمه أَرْبَعَة وَبِالسُّكُونِ وَبِأَلِفٍ مَعَ التَّشْدِيد , وَاَلَّتِي زَادَهَا اِبْن عَطِيَّة أُفَاه بِضَمِّ أَوَّله وَزِيَادَة أَلِف وَهَاء سَاكِنَة , وَقُرِئَ مِنْ هَذِهِ اللُّغَات سِتّ كُلّهَا بِضَمِّ الْهَمْزَة , فَأَكْثَر السَّبْعَة بِكَسْرِ الْفَاء مُشَدَّدًا بِغَيْرِ تَنْوِين , وَنَافِع وَحَفْص كَذَلِكَ لَكِنْ بِالتَّنْوِينِ , وَابْن كَثِير وَابْن عَامِر بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيد بِلَا تَنْوِين , وَقَرَأَ أَبُو السِّمَاك كَذَلِكَ لَكِنْ بِضَمِّ الْفَاء , وَزَيْد بْن عَلِيّ بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِين , وَعَنْ اِبْن عَبَّاس بِسُكُونِ الْفَاء.
قُلْت : وَبَقِيَ مِنْ الْمُمْكِن فِي ذَلِكَ أُفَّيْ كَمَا مَضَى لَكِنْ بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْيَاء , وَأُفَّيْهِ بِزِيَادَةِ هَاء , وَإِذَا ضَمَمْت هَاتَيْنِ إِلَى الَّتِي زَادَهَا اِبْن عَطِيَّة وَأَضَفْتهَا إِلَى مَا بُدِئَ بِهِ صَارَتْ الْعِدَّة خَمْسًا وَعِشْرِينَ كُلّهَا بِضَمِّ الْهَمْزَة , فَإِذَا اِسْتَعْمَلْت الْقِيَاس فِي اللُّغَة كَانَ الَّذِي بِفَتْحِ الْهَمْزَة كَذَلِكَ وَبِكَسْرِهَا كَذَلِكَ فَتَكْمُل خَمْسًا وَسَبْعِينَ.
قَوْله : ( وَلَا لِمَ صَنَعْت وَلَا أَلَّا صَنَعْت ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالتَّشْدِيد بِمَعْنَى هَلَّا , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه " لِشَيْءٍ مِمَّا يَصْنَعهُ الْخَادِم " وَفِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن أَبِي طَلْحَة " مَا عَلِمْته قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْته لِمَ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا , وَلِشَيْءٍ تَرَكْته هَلَّا فَعَلْت كَذَا وَكَذَا " وَفِي رِوَايَة عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْبٍ " مَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْته لِمَ صَنَعْت هَذَا كَذَا , وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعهُ لِمَ لَمْ تَصْنَع هَذَا كَذَا " وَيُسْتَفَاد مِنْ هَذَا تَرْك الْعِتَاب عَلَى مَا فَاتَ ; لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْدُوحَة عَنْهُ بِاسْتِئْنَافِ الْأَمْر بِهِ إِذَا اُحْتِيجَ إِلَيْهِ , وَفَائِدَة تَنْزِيه اللِّسَان عَنْ الزَّجْر وَالذَّمّ وَاسْتِئْلَاف خَاطِر الْخَادِم بِتَرْكِ مُعَاتَبَته , وَكُلّ ذَلِكَ فِي الْأُمُور الَّتِي تَتَعَلَّق بِحَظِّ الْإِنْسَان , وَأَمَّا الْأُمُور اللَّازِمَة شَرْعًا فَلَا يُتَسَامَح فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ بَاب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ سَمِعَ سَلَّامَ بْنَ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا يَقُولُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ
عن الأسود قال: «سألت عائشة، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة.»
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحب الله عبدا نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الل...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله، وحتى أن يقذف في النار أحب إل...
عن عبد الله بن زمعة قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس، وقال: بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ثم لعله يعانقها» وقال ا...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم بمنى: أتدرون أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن هذا يوم حرام، أفتدرون أي بلد...
عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» تابعه غندر عن شعبة.<br>
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك.»
عن أنس قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا لعانا ولا سبابا، كان يقول عند المعتبة: ما له ترب جبينه.»
عن أبي قلابة: أن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال، وليس على ا...