6058- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين: الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.»
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله رقم 2526
(من شر الناس) من أسوئهم خلقا وأكثرهم فسادا.
(ذا الوجهين) المنافق الذي يتخذ مواقف مختلفة ويتلون حسب المصلحة الخاصة
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( تَجِد مِنْ شِرَار النَّاس ) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " شِرَار " بِصِيغَةِ الْجَمْع , وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش بِلَفْظِ " إِنَّ مِنْ شَرّ النَّاس " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الْمَنَاقِب فِي طَرِيق عُمَارَة بْن الْقَعْقَاع عَنْ أَبِي زُرْعَة عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " تَجِدُونَ شَرّ النَّاس " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه وَمِنْ رِوَايَة اِبْن شِهَاب عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْهُ بِلَفْظِ " تَجِدُونَ مِنْ شَرّ النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ , وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَة سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْهُ بِلَفْظِ " مِنْ شَرّ النَّاس ذُو الْوَجْهَيْنِ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَة مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَاد " إِنَّ مِنْ شَرّ النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ " وَسَيَأْتِي فِي الْأَحْكَام مِنْ طَرِيق عِرَاك بْن مَالِك عَنْهُ بِلَفْظِ " إِنَّ شَرّ النَّاس ذُو الْوَجْهَيْنِ " وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِم أَيْضًا , وَهَذِهِ الْأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة وَالرِّوَايَات الَّتِي فِيهَا " شَرّ النَّاس " مَحْمُولَة عَلَى الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا " مِنْ شَرّ النَّاس " وَوَصْفه بِكَوْنِهِ شَرّ النَّاس أَوْ مِنْ شَرّ النَّاس مُبَالَغَة فِي ذَلِكَ , وَرِوَايَة " أَشَرُّ النَّاس " بِزِيَادَةِ الْأَلِف لُغَة فِي شَرّ يُقَال خَيْر وَأَخْيَر وَشَرّ وَأَشَرُّ بِمَعْنَى وَلَكِنْ الَّذِي بِالْأَلِفِ أَقَلُّ اِسْتِعْمَالًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالنَّاسِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ خَاصَّة , فَإِنَّ كُلّ طَائِفَة مِنْهُمَا مُجَانِبَة لِلْأُخْرَى ظَاهِرًا فَلَا يَتَمَكَّن مِنْ الِاطِّلَاع عَلَى أَسْرَارهَا إِلَّا بِمَا ذُكِرَ مِنْ خِدَاعه الْفَرِيقَيْنِ لِيَطَّلِع عَلَى أَسْرَارهمْ فَهُوَ شَرّهمْ كُلّهمْ.
وَالْأَوْلَى حَمْل النَّاس عَلَى عُمُومه فَهُوَ أَبْلَغ فِي الذَّمّ , وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي شِهَاب عَنْ الْأَعْمَش بِلَفْظِ " مِنْ شَرّ خَلْق اللَّه ذُو الْوَجْهَيْنِ " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : إِنَّمَا كَانَ ذُو الْوَجْهَيْنِ شَرّ النَّاس لِأَنَّ حَاله حَال الْمُنَافِق , إِذْ هُوَ مُتَمَلِّق بِالْبَاطِلِ وَبِالْكَذِبِ , مُدْخِلٌ لِلْفَسَادِ بَيْنَ النَّاس.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : هُوَ الَّذِي يَأْتِي كُلّ طَائِفَة بِمَا يُرْضِيهَا , فَيُظْهِر لَهَا أَنَّهُ مِنْهَا وَمُخَالِف لِضِدِّهَا , وَصَنِيعه نِفَاق وَمَحْض كَذِب وَخِدَاع وَتَحَيُّل عَلَى الِاطِّلَاع عَلَى أَسْرَار الطَّائِفَتَيْنِ , وَهِيَ مُدَاهَنَة مُحَرَّمَة.
قَالَ : فَأَمَّا مَنْ يَقْصِد بِذَلِكَ الْإِصْلَاح بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَهُوَ مَحْمُود.
وَقَالَ غَيْره : الْفَرْق بَيْنَهمَا أَنَّ الْمَذْمُوم مَنْ يُزَيِّن لِكُلِّ طَائِفَة عَمَلهَا وَيُقَبِّحهُ عِنْدَ الْأُخْرَى وَيَذُمّ كُلّ طَائِفَة عِنْدَ الْأُخْرَى , وَالْمَحْمُود أَنْ يَأْتِي لِكُلِّ طَائِفَة بِكَلَامٍ فِيهِ صَلَاح الْأُخْرَى وَيَعْتَذِر لِكُلِّ وَاحِدَة عَنْ الْأُخْرَى , وَيَنْقُل إِلَيْهِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْجَمِيل وَيَسْتُر الْقَبِيح.
وَيُؤَيِّد هَذِهِ التَّفْرِقَة رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن نُمَيْر عَنْ الْأَعْمَش " الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ هَؤُلَاءِ " وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِره جَمَاعَة وَهُوَ أَوْلَى , وَتَأَوَّلَهُ قَوْم عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ مَنْ يُرَائِي بِعَمَلِهِ فَيُرِي النَّاس خُشُوعًا وَاسْتِكَانَة وَيُوهِمهُمْ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّه حَتَّى يُكْرِمُوهُ وَهُوَ فِي الْبَاطِن بِخِلَافِ ذَلِكَ , قَالَ : وَهَذَا مُحْتَمَل لَوْ اِقْتَصَرَ فِي الْحَدِيث عَلَى صَدْره فَإِنَّهُ دَاخِل فِي مُطْلَق ذِي الْوَجْهَيْنِ , لَكِنْ بَقِيَّة الْحَدِيث تَرُدّ هَذَا التَّأْوِيل وَهِيَ قَوْله : " يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ " قُلْت : وَقَدْ اِقْتَصَرَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَلَى صَدْر الْحَدِيث , لَكِنْ دَلَّتْ بَقِيَّة الرِّوَايَات عَلَى أَنَّ الرَّاوِي اِخْتَصَرَهُ , فَإِنَّهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيّ مِنْ رِوَايَة الْأَعْمَش , وَقَدْ ثَبَتَ هُنَا مِنْ رِوَايَة الْأَعْمَش بِتَمَامِهِ , وَرِوَايَة اِبْن نُمَيْر الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا هِيَ الَّتِي تَرُدّ التَّأْوِيل الْمَذْكُور صَرِيحًا , وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ " لَا يَنْبَغِي لِذِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَكُون أَمِينًا ".
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث عَمَّار بْن يَاسِر قَالَ : " قَالَ رَسُول اللَّه : مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا كَانَ لَهُ يَوْم الْقِيَامَة لِسَانَانِ مِنْ نَار " وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَس أَخْرَجَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ بِهَذَا اللَّفْظ , وَهَذَا يَتَنَاوَل الَّذِي حَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ بِخِلَافِ حَدِيث الْبَاب فَإِنَّهُ فَسَّرَ مَنْ يَتَرَدَّد بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ النَّاس , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمة، فقال رجل من الأنصار: والله ما أراد محمد بهذا وجه الله، فأتيت رسول الله صلى الل...
عن أبي بردة عن أبي موسى قال: «سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة، فقال: أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل.»
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه «أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويحك، قطعت عنق صاحب...
عن سالم، عن أبيه : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر في الإزار ما ذكر قال أبو بكر: يا رسول الله، إن إزاري يسقط من أحد شقيه، قال: إنك لست منه...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مكث النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي، قالت عائشة: فقال لي ذات يوم: يا عائشة، إن الله...
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكون...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا،...
عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا» قال الليث كانا رجلين من المنافقين.<br> 6068- حدثنا ابن بكير...