6101- عن مسروق قالت عائشة : «صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله، ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية.»
أخرجه مسلم في الفضائل باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى وشدة خشيته رقم 2356
(فرخص فيه) أذن يفعله تسهيلا على الناس.
(فتنزه.
.
) احترزوا عنه وامتنعوا من فعله.
(ما بال) ما شأن.
(خشية) خوفا من عقابه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( مُسْلِم ) هُوَ اِبْن صُبَيْح أَبُو الضُّحَى , وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اِبْن عِمْرَان الْبَطِين , وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق جَرِير عَنْ الْأَعْمَش فَقَالَ " عَنْ أَبِي الضُّحَى " وَمِنْ طَرِيق حَفْص بْن غِيَاث الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيقه فَقَالَ نَحْو جَرِير , وَمِنْ طَرِيق عِيسَى بْن يُونُس عَنْ الْأَعْمَش كَذَلِكَ , وَمِنْ طَرِيق مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ مُسْلِم.
قَوْله : ( صَنَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَتَرَخَّصَ فِيهِ ) فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش " رَخَّصَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْر ".
قَوْله : ( فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْم ) فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق جَرِير عَنْ الْأَعْمَش " فَبَلَغَ ذَلِكَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابه فَكَأَنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا ".
قَوْله : ( فَخَطَبَ ) فِي رِوَايَة أَبِي مُعَاوِيَة " فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهه ".
قَوْله : ( مَا بَال أَقْوَام ) فِي رِوَايَة جَرِير " مَا بَال رِجَال " قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا لَا يُنَافِي التَّرْجَمَة ; لِأَنَّ الْمُرَاد بِهَا الْمُوَاجَهَة مَعَ التَّعْيِين كَأَنْ يَقُول مَا بَالك يَا فُلَان تَفْعَل كَذَا , وَمَا بَال فُلَان يَفْعَل كَذَا.
فَأَمَّا مَعَ الْإِبْهَام فَلَمْ تَحْصُل الْمُوَاجَهَة وَإِنْ كَانَتْ صُورَتهَا مَوْجُودَة وَهِيَ مُخَاطَبَة مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ , لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ جُمْلَة الْمُخَاطَبِينَ وَلَمْ يُمَيَّز عَنْهُمْ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَب.
قَوْله : ( يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْء أَصْنَعهُ ) فِي رِوَايَة جَرِير " بَلَغَهُمْ عَنِّي أَمْر تَرَخَّصْت فِيهِ فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ " وَفِي رِوَايَة أَبِي مُعَاوِيَة " يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ ".
قَوْله : ( فَوَاَللَّهِ إِنِّي لِأَعْلَمهُمْ بِاَللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَة ) جَمْع بَيْنَ الْقُوَّة الْعِلْمِيَّة وَالْقُوَّة الْعَمَلِيَّة , أَيْ أَنَّهُمْ تَوَهَّمُوا أَنَّ رَغْبَتهمْ عَمَّا أَفْعَل أَقْرَب لَهُمْ عِنْدَ اللَّه , وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ أَعْلَمهُمْ بِالْقُرْبَةِ وَأَوْلَاهُمْ بِالْعَمَلِ بِهَا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الْإِيمَان فِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الْأَعْمَال بِمَا يُطِيقُونَ " الْحَدِيث , وَفِيهِ " فَيَغْضَب ثُمَّ يَقُول إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمكُمْ بِاَللَّهِ أَنَا " وَقَدْ أَوْضَحْت شَرْحه هُنَاكَ وَذَكَرْت فِيهِ أَنَّ الْحَدِيث مِنْ أَفْرَاد هِشَام عَنْ أَبِيهِ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة , وَطَرِيق مَسْرُوق هَذِهِ مُتَابَعَة جَيِّدَة لِأَصْلِ هَذَا الْحَدِيث , قَالَ اِبْن بَطَّال : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفِيقًا بِأُمَّتِهِ فَلِذَلِكَ خَفَّفَ عَنْهُمْ الْعِتَاب ; لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يَجُوز لَهُمْ مِنْ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا لَأَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى فِعْله.
قُلْت : أَمَّا الْمُعَاتَبَة فَقَدْ حَصَلَتْ مِنْهُ لَهُمْ بِلَا رَيْب , وَإِنَّمَا لَمْ يُمَيِّز الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ سَتْرًا عَلَيْهِ , فَحَصَلَ مِنْهُ الرِّفْق مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّة لَا بِتَرْكِ الْعِتَاب أَصْلًا.
وَأَمَّا اِسْتِدْلَاله يَكُون مَا فَعَلُوهُ غَيْر حَرَام فَوَاضِح مِنْ جِهَة أَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْهُمْ بِفِعْلِ مَا فَعَلَهُ هُوَ.
وَفِي الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الِاقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَمّ التَّعَمُّق وَالتَّنَزُّه عَنْ الْمُبَاح , وَحُسْن الْعِشْرَة عِنْدَ الْمَوْعِظَة , وَالْإِنْكَار وَالتَّلَطُّف فِي ذَلِكَ , وَلَمْ أَعْرِف أَعْيَان الْقَوْم الْمُشَار إِلَيْهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيث , وَلَا الشَّيْء الَّذِي تَرَخَّصَ فِيهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ وَجَدْت مَا يُمْكِن أَنْ يُعْرَف بِهِ ذَلِكَ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم فِي كِتَاب الصِّيَام مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة " أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أُصْبِح جُنُبًا وَأَنَا أُرِيد الصِّيَام فَأَغْتَسِل وَأَصُوم , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَنَا تُدْرِكنِي الصَّلَاة وَأَنَا جُنُب فَأَصُوم , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّك لَسْت مِثْلنَا , قَدْ غَفَرَ اللَّه لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبك وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُول اللَّه وَقَالَ : إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُون أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمكُمْ بِمَا أَتَّقِي " وَنَحْو هَذَا فِي حَدِيث أَنَس الْمَذْكُور فِي كِتَاب النِّكَاح " أَنَّ ثَلَاثَة رَهْط سَأَلُوا عَنْ عَمَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السِّرّ " الْحَدِيث وَفِيهِ قَوْلهمْ " وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَفَرَ اللَّه لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه وَمَا تَأَخَّرَ " وَفِيهِ قَوْلهمْ " وَاَللَّه إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ , لَكِنِّي أَصُوم وَأُفْطِر وَأُصَلِّي وَأَرْقُد وَأَتَزَوَّج النِّسَاء ".
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَتْ عَائِشَةُ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً
وقال لي أحمد بن محمد هو الأزرقي: حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن جده، «أذن عمر رضي الله عنه، لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثم...
عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف شك في أحدهما متماسكين آخذ بعضهم ببعض، حتى يدخل أولهم...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذري...
عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النا...
عن أنس بن مالك، قال: ذكروا النار والناقوس، فذكروا اليهود والنصارى «فأمر بلال أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا، والنعيم المقيم يصلون كما ن...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار» قال: فقال: والله أع...
عن البراء رضي الله عنه قال: «لما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة، حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام،...
عن عائشة «أن أبا بكر دخل عليها، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها، يوم فطر أو أضحى، وعندها قينتان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث، فقال أبو بكر: مزمار الش...