6245-
عن أبي سعيد الخدري قال: «كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا، فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثا، فلم يؤذن له فليرجع، فقال: والله لتقيمن عليه ببينة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك» وقال ابن المبارك: أخبرني ابن عيينة: حدثني يزيد عن بسر، سمعت أبا سعيد بهذا.
أخرجه مسلم في الآداب باب الاستئذان رقم 2153
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا يَزِيد بْن خُصَيْفَة ) بِخَاءٍ مُعْجَمَة وَصَاد مُهْمَلَة وَفَاء مُصَغَّر , وَوَقَعَ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَمْرو النَّاقِد " حَدَّثَنَا سُفْيَان حَدَّثَنِي وَاَللَّه يَزِيد بْن خُصَيْفَة " وَشَيْخه بُسْر بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُهْمَلَة , وَقَدْ صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي سَعِيد فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة الْمُعَلَّقَة.
قَوْله ( كُنْت فِي مَجْلِس مِنْ مَجَالِس الْأَنْصَار ) فِي رِوَايَة مُسْلِم عَنْ عَمْرو النَّاقِد عَنْ سُفْيَان بِسَنَدِهِ هَذَا إِلَى أَبِي سَعِيد قَالَ " كُنْت جَالِسًا بِالْمَدِينَةِ " وَفِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان " إِنِّي لَفِي حَلْقَة فِيهَا أُبَيّ بْن كَعْب " أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ.
قَوْله ( إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُور ) فِي رِوَايَة عَمْرو النَّاقِد " فَأَتَانَا أَبُو مُوسَى فَزِعًا أَوْ مَذْعُورًا " وَزَادَ " قُلْنَا مَا شَأْنك ؟ فَقَالَ : إِنَّ عُمَر أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنْ آتِيه فَأَتَيْت بَابه ".
قَوْله ( فَقَالَ اِسْتَأْذَنْت عَلَى عُمَر ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَن لِي فَرَجَعْت ) فِي رِوَايَة مُسْلِم " فَسَلَّمْت عَلَى بَابه ثَلَاثًا فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ فَرَجَعْت " وَتَقَدَّمَ فِي الْبُيُوع مِنْ طَرِيق عُبَيْد بْن عُمَيْر " أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ اِسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا , فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى , فَفَزِعَ عُمَر فَقَالَ : أَلَمْ أَسْمَع صَوْت عَبْد اللَّه بْن قَيْس ؟ اِئْذَنُوا لَهُ.
قِيلَ إِنَّهُ رَجَعَ " وَفِي رِوَايَة بُكَيْر بْن الْأَشَجّ عَنْ بُسْر عِنْد مُسْلِم " اِسْتَأْذَنْت عَلَى عُمَر أَمْس ثَلَاث مَرَّات فَلَمْ يُؤْذَن لِي فَرَجَعْت , ثُمَّ جِئْت الْيَوْم فَدَخَلْت عَلَيْهِ فَأَخْبَرْته أَنِّي جِئْت أَمْس فَسَلَّمْت ثَلَاثًا ثُمَّ اِنْصَرَفْت , قَالَ قَدْ سَمِعْنَاك وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْل , فَلَوْ مَا اِسْتَأْذَنْت حَتَّى يُؤْذَن لَك ؟ قَالَ اِسْتَأْذَنْت كَمَا سَمِعْت " وَلَهُ مِنْ طَرِيق أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد " أَنَّ أَبَا مُوسَى أَتَى بَاب عُمَر فَاسْتَأْذَنَ , فَقَالَ عُمَر وَاحِدَة ثُمَّ اِسْتَأْذَنَ فَقَالَ عُمَر ثِنْتَانِ ثُمَّ اِسْتَأْذَنَ فَقَالَ عُمَر ثَلَاث ثُمَّ اِنْصَرَفَ فَاتَّبَعَهُ فَرَدَّهُ " وَلَهُ مِنْ طَرِيق طَلْحَة بْن يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَة " جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَر فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ هَذَا عَبْد اللَّه بْن قَيْس.
فَلَمْ يَأْذَن لَهُ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ هَذَا أَبُو مُوسَى , السَّلَام عَلَيْكُمْ هَذَا الْأَشْعَرِيّ , ثُمَّ اِنْصَرَفَ.
فَقَالَ : رُدُّوهُ عَلَيَّ " وَظَاهِر هَذَيْنِ السِّيَاقَيْنِ التَّغَايُر , فَإِنَّ الْأَوَّل يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَرْجِع إِلَى عُمَر إِلَّا فِي الْيَوْم الثَّانِي , وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي الْحَال.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة لِمَالِك فِي الْمُوَطَّأ " فَأَرْسَلَ فِي أَثَره " وَيُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ عُمَر لَمَّا فَرَغَ مِنْ الشُّغْل الَّذِي كَانَ فِيهِ تَذَكَّرَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ بِرُجُوعِهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَجِدهُ الرَّسُول فِي ذَلِكَ الْوَقْت وَجَاءَ هُوَ إِلَى عُمَر فِي الْيَوْم الثَّانِي.
قَوْله ( فَقَالَ : مَا مَنَعَك ؟ قُلْت : اِسْتَأْذَنْت ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَن لِي ) فِي رِوَايَة عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عِنْد الْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرَد " فَقَالَ : يَا عَبْد اللَّه اِشْتَدَّ عَلَيْك أَنْ تَحْتَبِس عَلَى بَابِي ؟ اعْلَم أَنَّ النَّاس كَذَلِكَ يَشْتَدّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحْتَبِسُوا عَلَى بَابك , فَقُلْت بَلْ اِسْتَأْذَنْت إِلَخْ " وَفِي هَذِهِ الزِّيَادَة دَلَالَة عَلَى أَنَّ عُمَر أَرَادَ تَأْدِيبه لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَبِس عَلَى النَّاس فِي حَال إِمْرَته , وَقَدْ كَانَ عُمَر اِسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْكُوفَة , مَعَ مَا كَانَ عُمَر فِيهِ مِنْ الشُّغْل.
قَوْله ( إِذَا اِسْتَأْذَنَ أَحَدكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فَلْيَرْجِعْ ) وَقَعَ فِي رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر " كُنَّا نُؤْمَر بِذَلِكَ " وَفِي رِوَايَة عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي مُوسَى " فَقَالَ عُمَر مِمَّنْ سَمِعْت هَذَا ؟ قُلْت سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة " إِنَّ هَذَا شَيْء حَفِظْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قَوْله ( فَقَالَ وَاَللَّه لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بَيِّنَة ) زَادَ مُسْلِم " وَإِلَّا أَوْجَعْتُك " , وَفِي رِوَايَة بُكَيْر بْن الْأَشَجّ " فَوَاَللَّهِ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرك وَبَطْنك أَوْ لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ يَشْهَد لَك عَلَى هَذَا " وَفِي رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر لَتَأْتِيَنِّي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ , وَفِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة " وَإِلَّا جَعَلْتُك عِظَة ".
قَوْله ( أَمِنْكُمْ أَحَد سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر " فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِس الْأَنْصَار فَسَأَلَهُمْ " وَفِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة فَقَالَ " أَلَم تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الِاسْتِئْذَان ثَلَاث ؟ قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ , فَقُلْت أَتَاكُمْ أَخُوكُمْ وَقَدْ أُفْزِعَ فَتَضْحَكُونَ.
قَوْله ( فَقَالَ أُبَيّ ) هُوَ اِبْن كَعْب وَهُوَ فِي رِوَايَة مُسْلِم كَذَلِكَ.
قَوْله ( لَا يَقُوم مَعِي إِلَّا أَصْغَر الْقَوْم ) فِي رِوَايَة بُكَيْر بْن الْأَشَجّ " فَوَاَللَّهِ لَا يَقُوم مَعَك إِلَّا أَحْدَثنَا سِنًّا , قُمْ يَا أَبَا سَعِيد ".
قَوْله ( فَأَخْبَرْت عُمَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ ) فِي رِوَايَة مُسْلِم " فَقُمْت مَعَهُ فَذَهَبْت إِلَى عُمَر فَشَهِدْت " وَفِي رِوَايَة أَبِي نَضْرَة " فَقَالَ أَبُو سَعِيد : اِنْطَلِقْ , وَأَنَا شَرِيكك فِي هَذِهِ الْعُقُوبَة " وَفِي رِوَايَة بُكَيْر اِبْن الْأَشَجّ " فَقُمْت حَتَّى أَتَيْت عُمَر فَقُلْت : قَدْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول هَذَا " وَاتَّفَقَ الرُّوَاة عَلَى أَنَّ الَّذِي شَهِدَ لِأَبِي مُوسَى عِنْد عُمَر أَبُو سَعِيد , إِلَّا مَا عِنْد الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " مِنْ طَرِيق عُبَيْد اِبْن حُنَيْنٍ فَإِنَّ فِيهِ " فَقَامَ مَعِي أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيُّ أَوْ أَبُو مَسْعُود إِلَى عُمَر " هَكَذَا بِالشَّكِّ , وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق طَلْحَة بْن يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَة فِي هَذِهِ الْقِصَّة " فَقَالَ عُمَر إِنْ وَجَدَ بَيِّنَة تَجِدُوهُ عِنْد الْمِنْبَر عَشِيَّة , وَإِنْ لَمْ يَجِد بَيِّنَة فَلَنْ تَجِدُوهُ , فَلَمَّا أَنْ جَاءَ بِالْعَشِيِّ وَجَدَهُ قَالَ : يَا أَبَا مُوسَى مَا تَقُول , أَقَدْ وَجَدْت ؟ قَالَ : نَعَمْ أُبَيّ بْن كَعْب , قَالَ : عَدْل.
قَالَ : يَا أَبَا الطُّفَيْل - وَفِي لَفْظ لَهُ يَا أَبَا الْمُنْذِر - مَا يَقُول هَذَا ؟ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ذَلِكَ يَا اِبْن الْخَطَّاب , فَلَا تَكُون عَذَابًا عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : سُبْحَان اللَّه , أَنَا سَمِعْت شَيْئًا فَأَحْبَبْت أَنْ أَثْبُت " هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيق , وَطَلْحَة بْن يَحْيَى فِيهِ ضَعْف , وَرِوَايَة الْأَكْثَر أَوْلَى أَنْ تَكُون مَحْفُوظَة , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب جَاءَ بَعْد أَنْ شَهِدَ أَبُو سَعِيد.
وَفِي رِوَايَة عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " زِيَادَة مُفِيدَة وَهِيَ أَنَّ أَبَا سَعِيد أَوْ أَبَا مَسْعُود قَالَ لِعُمَر " خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ يُرِيد سَعْد بْن عُبَادَةَ حَتَّى أَتَاهُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الثَّانِيَة فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الثَّالِثَة فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فَقَالَ : قَضَيْنَا مَا عَلَيْنَا ثُمَّ رَجَعَ , فَأَذِنَ لَهُ سَعْد " الْحَدِيث , فَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ فِعْله.
وَقِصَّة سَعْد بْن عُبَادَةَ هَذِهِ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث قَيْس بْن سَعْد اِبْن عُبَادَةَ مُطَوَّلَة بِمَعْنَاهُ , وَأَحْمَد مِنْ طَرِيق ثَابِت عَنْ أَنَس أَوْ غَيْره كَذَا فِيهِ , وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّار عَنْ أَنَس بِغَيْرِ تَرَدُّد , وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث أُمّ طَارِق مَوْلَاة سَعْد , وَاتَّفَقَ الرُّوَاة عَلَى أَنَّ أَبَا سَعِيد حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَكَى قِصَّة أَبِي مُوسَى عَنْهُ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ الثِّقَة عَنْ بُكَيْر بْن الْأَشَجّ عَنْ بُسْر عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ أَبِي مُوسَى بِالْحَدِيثِ مُخْتَصَرًا دُون الْقِصَّة , وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ بُكَيْرٍ بِطُولِهِ وَصَرَّحَ فِي رِوَايَته بِسَمَاعِ أَبِي سَعِيد لَهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة أُخْرَى عِنْده " فَقَالَ أَبُو مُوسَى إِنْ كَانَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ أَحَد فَلْيَقُمْ مَعِي , فَقَالُوا لِأَبِي سَعِيد قُمْ مَعَهُ " وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيّ فَقَالَ : رَوَى أَبُو سَعِيد حَدِيث الِاسْتِئْذَان عَنْ أَبِي مُوسَى وَهُوَ يَشْهَد لَهُ عِنْد عُمَر فَأَدَّى إِلَى عُمَر مَا قَالَ أَهْل الْمَجْلِس , وَكَأَنَّهُ نَسِيَ أَسْمَاءَهُمْ بَعْد ذَلِكَ فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَحْده لِكَوْنِهِ صَاحِب الْقِصَّة.
وَتَعَقَّبَهُ اِبْن التِّين بِأَنَّهُ مُخَالِف لِمَا فِي رِوَايَة الصَّحِيح لِأَنَّهُ قَالَ " فَأَخْبَرْت عُمَر بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ ".
قُلْت : وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رَدّ مَا قَالَ الدَّاوُدِيّ.
وَإِنَّمَا الْمُعْتَمَد فِي التَّصْرِيح بِذَلِكَ رِوَايَة عَمْرو بْن الْحَارِث وَهِيَ مِنْ الْوَجْه الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ مَالِك , وَالتَّحْقِيق أَنَّ أَبَا سَعِيد حَكَى قِصَّة أَبِي مُوسَى عَنْهُ بَعْد وُقُوعهَا بِدَهْرٍ طَوِيل ; لِأَنَّ الَّذِينَ رَوَوْهَا عَنْهُ لَمْ يُدْرِكُوهَا , وَمِنْ جُمْلَة قِصَّة أَبِي مُوسَى الْحَدِيث الْمَذْكُور , فَكَأَنَّ الرَّاوِي لَمَّا اِخْتَصَرَهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَرْفُوع خَرَّجَ مِنْهَا أَنَّ أَبَا سَعِيد ذَكَرَ الْحَدِيث الْمَذْكُور عَنْ أَبِي مُوسَى وَغَفَلَ عَمَّا فِي آخِرهَا مِنْ رِوَايَة أَبِي سَعِيد الْمَرْفُوع عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ وَاسِطَة , وَهَذَا مِنْ آفَات الِاخْتِصَار , فَيَنْبَغِي لِمَنْ اِقْتَصَرَ عَلَى بَعْض الْحَدِيث أَنْ يَتَفَقَّد مِثْل هَذَا وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْخَطَأ وَهُوَ كَحَذْفِ مَا لِلْمَتْنِ بِهِ تَعَلُّق , وَتَخْتَلِف الدَّلَالَة بِحَذْفِهِ وَقَدْ اِشْتَدَّ إِنْكَار اِبْن عَبْد الْبَرّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيد عَنْ أَبِي مُوسَى وَقَالَ إِنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأ لَهُمَا هُوَ مِنْ النَّقَلَة لِاخْتِلَاطِ الْحَدِيث عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ أَبَا سَعِيد رَوَى هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِي مُوسَى , وَإِنَّمَا الْمُرَاد عَنْ أَبِي سَعِيد عَنْ قِصَّة أَبِي مُوسَى وَاَللَّه أَعْلَم.
وَمِمَّنْ وَافَقَ أَبَا مُوسَى عَلَى رِوَايَة الْحَدِيث الْمَرْفُوع جُنْدُبُ بْن عَبْد اللَّه أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ بِلَفْظِ " إِذَا اِسْتَأْذَنَ أَحَدكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فَلْيَرْجِعْ ".
قَوْله ( وَقَالَ اِبْن الْمُبَارَك ) هُوَ عَبْد اللَّه , وَابْن عُيَيْنَةَ هُوَ سُفْيَان الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد الْأَوَّل , وَأَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيق بَيَان سَمَاع بُسْر لَهُ مِنْ أَبِي سَعِيد , وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج " مِنْ طَرِيق الْحَسَن بْن سُفْيَان حَدَّثَنَا حِبَّان اِبْن مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , وَكَذَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ عِنْد مُسْلِم عَنْ عَمْرو النَّاقِد , وَأَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان.
حَدَّثَنَا يَزِيد بْن خُصَيْفَة سَمِعْت بُسْر بْن سَعِيد يَقُول حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيد " وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ اِبْن الْعَرَبِيّ إِنْكَار عُمَر عَلَى أَبِي مُوسَى حَدِيثه الْمَذْكُور مَعَ كَوْنه وَقَعَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس الطَّوِيل فِي هَجْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فِي الْمَشْرُبَة , فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ عُمَر اِسْتَأْذَنَ مَرَّة بَعْد مَرَّة فَلَمَّا لَمْ يُؤْذَن لَهُ فِي الثَّالِثَة رَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْإِذْن وَذَلِكَ بَيِّن فِي سِيَاق الْبُخَارِيّ , قَالَ : وَالْجَوَاب عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِعِلْمِهِ , أَوْ لَعَلَّهُ نَسِيَ مَا كَانَ وَقَعَ لَهُ.
وَيُؤَيِّدهُ قَوْله " شَغَلَنِي الصَّفْق بِالْأَسْوَاقِ ".
قُلْت : وَالصُّورَة الَّتِي وَقَعَتْ لِعُمَر لَيْسَتْ مُطَابِقَة لِمَا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى , بَلْ اِسْتَأْذَنَ فِي كُلّ مَرَّة فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فَرَجَعَ فَلَمَّا رَجَعَ فِي الثَّالِثَة اسْتُدْعِيَ فَأُذِنَ لَهُ , وَلَفْظ الْبُخَارِيّ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ ظَاهِر فِيمَا قُلْته , وَقَدْ اِسْتَوْفَيْت طُرُقه عِنْد شَرْح الْحَدِيث فِي أَوَاخِر النِّكَاح , وَلَيْسَ فِيهِ مَا اِدَّعَاهُ.
وَتَعَلَّقَ بِقِصَّةِ عُمَر مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْبَل خَبَر الْوَاحِد , وَلَا حُجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ قَبِلَ خَبَر أَبِي سَعِيد الْمُطَابِق لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَلَا يَخْرُج بِذَلِكَ عَنْ كَوْنه خَبَر وَاحِد , وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اِدَّعَى أَنَّ خَبَر الْعَدْل بِمُفْرَدِهِ لَا يُقْبَل حَتَّى يَنْضَمّ إِلَيْهِ غَيْره كَمَا فِي الشَّهَادَة , قَالَ اِبْن بَطَّال : وَهُوَ خَطَأ مِنْ قَائِله وَجَهْل بِمَذْهَبِ عُمَر , فَقَدْ جَاءَ فِي بَعْض طُرُقه أَنَّ عُمَر قَالَ لِأَبِي مُوسَى " أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ لَا يَتَجَرَّأ النَّاس عَلَى الْحَدِيث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قُلْت : وَهَذِهِ الزِّيَادَة فِي الْمُوَطَّأ عَنْ رَبِيعَة عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ أَبَا مُوسَى.
فَذَكَرَ الْقِصَّة وَفِي آخِره " فَقَالَ عُمَر لِأَبِي مُوسَى : أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك , وَلَكِنِّي خَشِيت أَنْ يَتَقَوَّل النَّاس عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا آنِفًا " فَقَالَ عُمَر لِأَبِي مُوسَى وَاَللَّه إِنْ كُنْت لَأَمِينًا عَلَى حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَكِنْ أَحْبَبْت أَنْ أَسْتَثْبِت " وَنَحْوه فِي رِوَايَة أَبِي بُرْدَة حِين قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب لِعُمَر " لَا تَكُنْ عَذَابًا عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : سُبْحَان اللَّه , إِنَّمَا سَمِعْت شَيْئًا فَأَحْبَبْت أَنْ أَتَثَبَّت " قَالَ اِبْن بَطَّال : فَيُؤْخَذ مِنْهُ التَّثَبُّت فِي خَبَر الْوَاحِد لِمَا يَجُوز عَلَيْهِ مِنْ السَّهْو وَغَيْره , وَقَدْ قَبِلَ عُمَر خَبَر الْعَدْل الْوَاحِد بِمُفْرَدِهِ فِي تَوْرِيث الْمَرْأَة مِنْ دِيَة زَوْجهَا وَأَخْذ الْجِزْيَة مِنْ الْمَجُوس إِلَى غَيْر ذَلِكَ , لَكِنَّهُ كَانَ يَسْتَثْبِت إِذَا وَقَعَ لَهُ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون حَضَرَ عِنْده مَنْ قَرُبَ عَهْده بِالْإِسْلَامِ فَخَشِيَ أَنَّ أَحَدهمْ يَخْتَلِق الْحَدِيث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد الرَّغْبَة وَالرَّهْبَة طَلَبًا لِلْمَخْرَجِ مِمَّا يَدْخُل فِيهِ , فَأَرَادَ أَنْ يُعَلِّمهُمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يُنْكَر عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِي بِالْمَخْرَجِ.
وَادَّعَى بَعْضهمْ أَنَّ عُمَر لَمْ يَعْرِف أَبَا مُوسَى , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَهُوَ قَوْل خَرَجَ بِغَيْرِ رُؤْيَة مِنْ قَائِله وَلَا تَدَبُّر , فَإِنَّ مَنْزِلَة أَبِي مُوسَى عِنْد عُمَر مَشْهُورَة.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : اُخْتُلِفَ فِي طَلَب عُمَر مِنْ أَبِي مُوسَى الْبَيِّنَة عَلَى عَشَرَة أَقْوَال فَذَكَرَهَا , وَغَالِبهَا مُتَدَاخِل , وَلَا تَزِيد عَلَى مَا قَدَّمْته.
وَاسْتُدِلَّ بِالْخَبَرِ الْمَرْفُوع عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوز الزِّيَادَة فِي الِاسْتِئْذَان عَلَى الثَّلَاث , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : فَذَهَبَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضهمْ : إِذَا لَمْ يُسْمَع فَلَا بَأْس أَنْ يَزِيد.
وَرَوَى سَحْنُون عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك : لَا أُحِبّ أَنْ يَزِيد عَلَى الثَّلَاث إِلَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَع.
قُلْت : وَهَذَا هُوَ الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة.
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَقِيلَ تَجُوز الزِّيَادَة مُطْلَقًا بِنَاء عَلَى أَنَّ الْأَمْر بِالرُّجُوعِ بَعْد الثَّلَاث لِلْإِبَاحَةِ وَالتَّخْفِيف عَنْ الْمُسْتَأْذِن , فَمَنْ اِسْتَأْذَنَ أَكْثَر فَلَا حَرَج عَلَيْهِ قَالَ : الِاسْتِئْذَان أَنْ يَقُول السَّلَام عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ كَذَا قَالَ , وَلَا يَتَعَيَّن هَذَا اللَّفْظ.
وَحَكَى اِبْن الْعَرَبِيّ إِنْ كَانَ بِلَفْظِ الِاسْتِئْذَان لَا يُعِيد وَإِنْ كَانَ بِلَفْظٍ آخَر أَعَادَ , قَالَ : وَالْأَصَحّ لَا يُعِيد , وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا حَكَاهُ الْمَازِرِيّ فِي ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " عَنْ أَبِي الْعَالِيَة قَالَ : أَتَيْت أَبَا سَعِيد فَسَلَّمْت فَلَمْ يُؤْذَن لِي ثُمَّ سَلَّمْت فَلَمْ يُؤْذَن لِي فَتَنَحَّيْت نَاحِيَة فَخَرَجَ عَلَيَّ غُلَام فَقَالَ : اُدْخُلْ , فَدَخَلْت فَقَالَ لِي أَبُو سَعِيد : أَمَا إِنَّك لَوْ زِدْت - يَعْنِي عَلَى الثَّلَاث - لَمْ يُؤْذَن لَك.
وَاخْتُلِفَ فِي حِكْمَة الثَّلَاث فَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ قَوْل عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب : الْأُولَى إِعْلَام , وَالثَّانِيَة مُؤَامَرَة , وَالثَّالِثَة عَزْمَة إِمَّا أَنْ يُؤْذَن لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُرَدّ.
قُلْت : وَيُؤْخَذ مِنْ صَنِيع أَبِي مُوسَى حَيْثُ ذَكَرَ اِسْمه أَوَّلًا وَكُنْيَته ثَانِيًا وَنِسْبَته ثَالِثًا أَنَّ الْأُولَى هِيَ الْأَصْل وَالثَّانِيَة إِذَا جَوَّزَ أَنْ يَكُون اِلْتَبَسَ عَلَى مَنْ اِسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ وَالثَّالِثَة إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَنَّهُ عَرَفَهُ , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى أَنَّ أَصْل الثَّلَاث فِي الِاسْتِئْذَان قَوْله تَعَالَى ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُم مِنْكُمْ ثَلَاث مَرَّات ) قَالَ : وَهَذَا غَيْر مَعْرُوف فِي تَفْسِيرهَا.
وَإِنَّمَا أَطْبَقَ الْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْمَرَّاتِ الثَّلَاث الْأَوْقَات.
قُلْت : وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق مُقَاتِل بْن حِبَّان قَالَ " بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار وَامْرَأَته أَسْمَاء بِنْت مَرْثَد صَنَعَا طَعَامًا , فَجَعَلَ النَّاس يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إِذْن , فَقَالَتْ أَسْمَاء : يَا رَسُول اللَّه مَا أَقْبَح هَذَا , إِنَّهُ لَيَدْخُل عَلَى الْمَرْأَة وَزَوْجهَا غُلَامُهُمَا وَهُمَا فِي ثَوْب وَاحِد بِغَيْرِ إِذْن , فَنَزَلَتْ " وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَابْن أَبِي حَاتِم بِسَنَدٍ قَوِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِئْذَان فِي الْعَوْرَات الثَّلَاث فَقَالَ : إِنَّ اللَّه سِتِّير يُحِبّ السَّتْر , وَكَانَ النَّاس لَيْسَ لَهُمْ سُتُور عَلَى أَبْوَابهمْ فَرُبَّمَا فَاجَأَ الرَّجُل خَادِمه أَوْ وَلَده وَهُوَ عَلَى أَهْله فَأُمِرُوا أَنْ يَسْتَأْذِنُوا فِي الْعَوْرَات الثَّلَاث.
ثُمَّ بَسَطَ اللَّه الرِّزْق فَاتَّخَذُوا السُّتُور وَالْحِجَال فَرَأَى النَّاس أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَفَاهُمْ اللَّه بِهِ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ.
وَمِنْ وَجْه آخَر صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس : لَمْ يَعْمَل بِهَا أَكْثَر النَّاس , وَإِنِّي لَآمُر جَارِيَتِي أَنْ تَسْتَأْذِن عَلَيَّ.
وَفِي الْحَدِيث أَيْضًا أَنَّ لِصَاحِبِ الْمَنْزِل إِذَا سَمِعَ الِاسْتِئْذَان أَنْ لَا يَأْذَن سَوَاء سَلَّمَ مَرَّة أَمْ مَرَّتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا إِذَا كَانَ فِي شُغْل لَهُ دِينِيّ أَوْ دُنْيَوِيّ يَتَعَذَّر بِتَرْكِ الْإِذْن مَعَهُ لِلْمُسْتَأْذِنِ.
وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِم الْمُتَبَحِّر قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ الْعِلْم مَا يَعْلَمهُ مَنْ هُوَ دُونه وَلَا يَقْدَح ذَلِكَ فِي وَصْفه بِالْعِلْمِ وَالتَّبَحُّر فِيهِ.
قَالَ اِبْن بَطَّال : وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ عَلَى عُمَر فَمَا ظَنّك بِمَنْ هُوَ دُونه.
وَفِيهِ أَنَّ لِمَنْ تَحَقَّقَ بَرَاءَة الشَّخْص مِمَّا يَخْشَى مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَنَالهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَكْرُوه أَنْ يُمَازِحهُ وَلَوْ كَانَ قَبْل إِعْلَامه بِمَا يَطْمَئِنّ بِهِ خَاطِره مِمَّا هُوَ فِيهِ , لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطُول الْفَصْل لِئَلَّا يَكُون سَبَبًا فِي إِدَامَة تَأَذِّي الْمُسْلِمِينَ بِالْهَمِّ الَّذِي وَقَعَ لَهُ كَمَا وَقَعَ لِلْأَنْصَارِ مَعَ أَبِي مُوسَى , وَأَمَّا إِنْكَار أَبِي سَعِيد عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ اِخْتَارَ الْأُولَى وَهُوَ الْمُبَادَرَة إِلَى إِزَالَة مَا وَقَعَ فِيهِ قَبْل التَّشَاغُل بِالْمُمَازَحَةِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ قُلْتُ اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح، فقال: أبا هر، الحق أهل الصفة فادعهم إلي، قال: فأتيتهم فدعوتهم...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه «أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.»
عن سهل قال: «كنا نفرح يوم الجمعة، قلت: ولم؟ قال كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة قال ابن مسلمة: نخل بالمدينة فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر، وتكركر حب...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا ن...
عن جابر رضي الله عنه يقول: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي فدققت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أنا، فقال: أنا أنا كأنه كرهها.»
عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله ع...
عائشة رضي الله عنها حدثته: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: إن جبريل يقرئك السلام.<br> قالت: وعليه السلام ورحمة الله.»
عن أسامة بن زيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءه أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن ا...
عن عبد الله بن كعب قال: «سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن تبوك ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا: وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ع...