حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

دخل رسول الله ﷺ يوما فأطعمته فنام ثم استيقظ يضحك - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الاستئذان باب من زار قوما فقال عندهم (حديث رقم: 6282 )


6282- و 6283- عن ‌أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت تحت عبادة بن الصامت، فدخل يوما فأطعمته فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو قال مثل الملوك على الأسرة، شك إسحاق، قلت: ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ يضحك، فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر، ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة، فقلت: ادع الله أن يجعلني منهم؟ قال: أنت من الأولين فركبت البحر زمان معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.»

أخرجه البخاري

شرح حديث (دخل رسول الله ﷺ يوما فأطعمته فنام ثم استيقظ يضحك)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

قِصَّة أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَان أُخْت أُمّ سُلَيْمٍ.
‏ ‏قَوْله ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ) ‏ ‏هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس.
‏ ‏قَوْله ( إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاء ) ‏ ‏لَمْ يَذْكُر أَحَد مِنْ رُوَاة الْمُوَطَّأ هَذِهِ الزِّيَادَة إِلَّا اِبْن وَهْب , قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ وَتَابَعَ إِسْمَاعِيل عَلَيْهَا عَتِيق بْن يَعْقُوب عَنْ مَالِك.
‏ ‏قَوْله ( أُمّ حَرَام ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهِيَ خَالَة أَنَس وَكَانَ يُقَال لَهَا الرُّمَيْصَاء وَلِأُمِّ سُلَيْمٍ الْغُمَيْصَاء بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة وَالْبَاقِي مِثْله.
قَالَ عِيَاض : وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ الْغُمَيْصَاء وَالرُّمَيْصَاء هِيَ أُمّ سُلَيْمٍ , وَيَرُدّهُ مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ الرُّمَيْصَاء أُخْت أُمّ سُلَيْمٍ فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث الْبَاب.
وَلِأَبِي عَوَانَة مِنْ طَرِيق الدَّرَاوَرْدِيّ عَنْ أَبِي طُوَالَة عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ رَأْسه فِي بَيْت بِنْت مِلْحَان إِحْدَى خَالَات أَنَس , وَمَعْنَى الرَّمَص وَالْغَمَص مُتَقَارِب وَهُوَ اِجْتِمَاع الْقَذَى فِي مُؤَخَّر الْعَيْن وَفِي هُدْبهَا , وَقِيلَ اِسْتِرْخَاؤُهَا وَانْكِسَار الْجَفْن , وَقَدْ سَبَقَ حَدِيث الْبَاب فِي أَوَّل الْجِهَاد فِي عِدَّة مَوَاضِع مِنْهُ , وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَنَس : فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَده , وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَد أُمّ حَرَام , وَالتَّحْقِيق أَنَّ أَوَّله مِنْ مُسْنَد أَنَس وَقِصَّة الْمَنَام مِنْ مُسْنَد أُمّ حَرَام , فَإِنَّ أَنَسًا إِنَّمَا حَمَلَ قِصَّة الْمَنَام عَنْهَا , وَقَدْ وَقَعَ فِي أَثْنَاء هَذِهِ الرِّوَايَة " قَالَتْ فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه مَا يُضْحِكك " ؟ وَتَقَدَّمَ بَيَان مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَنَس عَنْ أُمّ حَرَام فِي " بَاب الدُّعَاء بِالْجِهَادِ " لَكِنَّهُ حَذَفَ مَا فِي أَوَّل الْحَدِيث وَابْتَدَأَهُ بِقَوْلِهِ " اِسْتَيْقَظَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمه إِلَى آخِره " وَتَقَدَّمَ فِي " بَاب رُكُوب الْبَحْر " مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حَبَّان بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الْمُوَحَّدَة عَنْ أَنَس " حَدَّثَتْنِي أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَان أُخْت أُمّ سُلَيْمٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتهَا فَاسْتَيْقَظَ " الْحَدِيث.
‏ ‏قَوْله ( وَكَانَتْ تَحْت عُبَادَةَ بْن الصَّامِت ) ‏ ‏هَذَا ظَاهِره أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ زَوْج عُبَادَةَ , وَتَقَدَّمَ فِي " بَاب غَزْو الْمَرْأَة فِي الْبَحْر " مِنْ رِوَايَة أَبِي طُوَالَة عَنْ أَنَس قَالَ " دَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اِبْنَة مِلْحَان " فَذَكَرَ الْحَدِيث إِلَى أَنْ قَالَ " فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت " وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي " بَاب رُكُوب الْبَحْر " مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حَبَّان عَنْ أَنَس " فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةَ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْو " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه , فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بَعْد , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان الْجَمْع فِي " بَاب غَزْو الْمَرْأَة فِي الْبَحْر " وَأَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ هُنَا " وَكَانَتْ تَحْت عُبَادَةَ " الْإخْبَار عَمَّا آلَ إِلَيْهِ الْحَال بَعْد ذَلِكَ , وَهُوَ الَّذِي اِعْتَمَدَهُ النَّوَوِيّ وَغَيْره تَبَعًا لِعِيَاضٍ , لَكِنْ وَقَعَ فِي تَرْجَمَة أُمّ حَرَام مِنْ طَبَقَات اِبْن سَعْد أَنَّهَا كَانَتْ تَحْت عُبَادَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا عَمْرو بْن قَيْس بْن زَيْد الْأَنْصَارِيّ النَّجَّارِي فَوَلَدَتْ لَهُ قَيْسَا وَعَبْد اللَّه وَعَمْرو بْن قَيْس هَذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْمَغَازِي أَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ , وَكَذَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ اِبْنه قَيْس بْن عَمْرو بْن قَيْس اُسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ فَلَوْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَقَعَ عِنْد اِبْن سَعْد لَكَانَ مُحَمَّد صَحَابِيًّا لِكَوْنِهِ وُلِدَ لِعُبَادَةَ قَبْل أَنْ يُفَارِق أُمّ حَرَام ثُمَّ اِتَّصَلَتْ بِمَنْ وَلَدَتْ لَهُ قَيْسًا فَاسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ فَيَكُون مُحَمَّد أَكْبَر مِنْ قَيْس اِبْن عَمْرو , إِلَّا أَنْ يُقَال إِنَّ عُبَادَةَ سَمَّى اِبْنه مُحَمَّدًا فِي الْجَاهِلِيَّة كَمَا سَمَّى بِهَذَا الِاسْم غَيْر وَاحِد وَمَاتَ مُحَمَّد قَبْل إِسْلَام الْأَنْصَار فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الصَّحَابَة , وَيُعَكِّر عَلَيْهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا مُحَمَّد بْن عُبَادَةَ فِيمَنْ سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْم قَبْل الْإِسْلَام , وَيُمْكِن الْجَوَاب عَلَى هَذَا فَيَكُون عُبَادَةُ تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا ثُمَّ فَارَقَهَا فَتَزَوَّجَتْ عَمْرو بْن قَيْس ثُمَّ اُسْتُشْهِدَ فَرَجَعَتْ إِلَى عُبَادَةَ , وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْأَمْر بِعَكْسِ مَا وَقَعَ فِي الطَّبَقَات وَأَنَّ عَمْرو بْن قَيْس تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُشْهِدَ هُوَ وَوَلَده قَيْس مِنْهَا وَتَزَوَّجَتْ بَعْده بِعُبَادَةَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَاب مَا قِيلَ فِي قِتَال الرُّوم , بَيَان الْمَكَان الَّذِي نَزَلَتْ بِهِ أُمّ حَرَام مَعَ عُبَادَةَ فِي الْغَزْو وَلَفْظه مِنْ طَرِيق عُمَيْر بْن الْأَسْوَد " أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْن الصَّامِت وَهُوَ نَازِل بِسَاحِلِ حِمْص وَمَعَهُ أُمّ حَرَام , قَالَ عُمَيْر فَحَدَّثَتْنَا أُمّ حَرَام فَذَكَرَ الْمَنَام ".
‏ ‏قَوْله ( فَدَخَلَ يَوْمًا ) ‏ ‏زَادَ الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِك " عَلَيْهَا " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
‏ ‏قَوْله ( فَأَطْعَمَتْهُ ) ‏ ‏لَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِين مَا أَطْعَمَتْهُ يَوْمئِذٍ , زَادَ فِي " بَاب الدُّعَاء إِلَى الْجِهَاد " وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسه , وَتَفْلِي بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَسُكُون الْفَاء وَكَسْر اللَّام أَيْ تُفَتِّش مَا فِيهِ , وَتَقَدَّمَ بَيَانه فِي الْأَدَب.
‏ ‏قَوْله ( فَنَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏زَادَ فِي رِوَايَة اللَّيْث عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد فِي الْجِهَاد " فَنَامَ قَرِيبًا مِنِّي " وَفِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة فِي الْجِهَاد " فَاتَّكَأَ " وَلَمْ يَقَع فِي رِوَايَته وَلَا فِي رِوَايَة مَالِك بَيَان وَقْت النَّوْم الْمَذْكُور وَقَدْ زَادَ غَيْره أَنَّهُ كَانَ وَقْت الْقَائِلَة فَفِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد فِي الْجِهَاد " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتهَا " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْه " أَتَانَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عِنْدنَا " وَلِأَحْمَد وَابْن سَعْد مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ يَحْيَى " بَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا فِي بَيْتِي " وَلِأَحْمَد مِنْ رِوَايَة عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد عَنْ يَحْيَى " فَنَامَ عِنْدهَا أَوْ قَالَ " بِالشَّكِّ وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة إِلَى رِوَايَة يَحْيَى بْن سَعِيد.
‏ ‏قَوْله ( ثُمَّ اِسْتَيْقَظَ يَضْحَك ) ‏ ‏تَقَدَّمَ فِي الْجِهَاد مِنْ هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ " وَهُوَ يَضْحَك " وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم الرِّوَايَات الَّتِي ذَكَرْتهَا.
‏ ‏قَوْله ( فَقُلْت مَا يُضْحِكك ) ‏ ‏؟ فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد عِنْد مُسْلِم " بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي " وَفِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة " لِمَ تَضْحَك " وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيقه " مِمَّ تَضْحَك " ؟ وَفِي رِوَايَة عَطَاء بْن يَسَار عَنْ الرُّمَيْصَاء " ثُمَّ اِسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَك وَكَانَتْ تَغْسِل رَأْسهَا فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه أَتَضْحَكُ مِنْ رَأْسِي ؟ قَالَ : لَا " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ , وَلَمْ يَسُقْ الْمَتْن بَلْ أَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد وَقَالَ : يَزِيد وَيَنْقُص , وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق مِنْ الْوَجْه الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ أَبُو دَاوُدَ فَقَالَ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار " أَنَّ اِمْرَأَة حَدَّثَتْهُ " وَسَاقَ الْمَتْن وَلَفْظه يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ فِي قِصَّة أُخْرَى غَيْر قِصَّة أُمّ حَرَام فَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله ( فَقَالَ : نَاس مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد " فَقَالَ : عَجِبْت مِنْ قَوْم مِنْ أُمَّتِي " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْه " أُرِيت قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي " وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّ ضَحِكَهُ كَانَ إِعْجَابًا بِهِمْ وَفَرَحًا لِمَا رَأَى لَهُمْ مِنْ الْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة.
‏ ‏قَوْله ( يَرْكَبُونَ ثَبَج هَذَا الْبَحْر ) ‏ ‏فِي رِوَايَة اللَّيْث " يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْر الْأَخْضَر " وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد " يَرْكَبُونَ الْبَحْر " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقه " يَرْكَبُونَ ظَهْر الْبَحْر " وَفِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة " يَرْكَبُونَ الْبَحْر الْأَخْضَر فِي سَبِيل اللَّه " وَالثَّبَج بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَة وَالْمُوَحَّدَة ثُمَّ جِيم ظَهْر الشَّيْء , هَكَذَا فَسَّرَهُ جَمَاعَة , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَتْن الْبَحْر وَظَهْره , وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ : ثَبَج كُلّ شَيْء وَسَطه , وَقَالَ أَبُو عَلِيّ فِي أَمَالِيهِ : قِيلَ ظَهْره وَقِيلَ مُعْظَمه وَقِيلَ هَوْله , وَقَالَ أَبُو زَيْد فِي نَوَادِره : ضَرَبَ ثَبَج الرَّجُل بِالسَّيْفِ أَيْ وَسَطه , وَقِيلَ مَا بَيْن كَتِفَيْهِ , وَالرَّاجِح أَنَّ الْمُرَاد هُنَا ظَهْره كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ فِي الطَّرِيق الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا , وَالْمُرَاد أَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ السُّفُن الَّتِي تَجْرِي عَلَى ظَهْره.
وَلَمَّا كَانَ جَرْي السُّفُن غَالِبًا إِنَّمَا يَكُون فِي وَسَطه قِيلَ الْمُرَاد وَسَطه وَإِلَّا فَلَا اِخْتِصَاص لِوَسَطِهِ بِالرُّكُوبِ , وَأَمَّا قَوْله " الْأَخْضَر " فَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ هِيَ صِفَة لَازِمَة لِلْبَحْرِ لَا مُخَصِّصَة اِنْتَهَى , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مُخَصِّصَة لِأَنَّ الْبَحْر يُطْلَق عَلَى الْمِلْح وَالْعَذْب فَجَاءَ لَفْظ الْأَخْضَر لِتَخْصِيصِ الْمِلْح بِالْمُرَادِ , قَالَ وَالْمَاء فِي الْأَصْل لَا لَوْن لَهُ وَإِنَّمَا تَنْعَكِس الْخُضْرَة مِنْ اِنْعِكَاس الْهَوَاء وَسَائِر مُقَابَلَاته إِلَيْهِ , وَقَالَ غَيْره : إِنَّ الَّذِي يُقَابِلهُ السَّمَاء , وَقَدْ أَطْلَقُوا عَلَيْهَا الْخَضْرَاء لِحَدِيثِ " مَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاء وَلَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاء " وَالْعَرَب تُطْلِق الْأَخْضَر عَلَى كُلّ لَوْن لَيْسَ بِأَبْيَض وَلَا أَحْمَر , قَالَ الشَّاعِر : ‏ ‏وَأَنَا الْأَخْضَر مَنْ يَعْرِفنِي ‏ ‏أَخْضَر الْجِلْدَة مَنْ نَسْل الْعَرَب ‏ ‏يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِأَحْمَر كَالْعَجَمِ , وَالْأَحْمَر يُطْلِقُونَهُ عَلَى كُلّ مَنْ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ.
وَمِنْهُ " بُعِثْت إِلَى الْأَسْوَد وَالْأَحْمَر ".
‏ ‏قَوْله ( مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّة ) ‏ ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِأَبِي ذَرّ " مُلُوك " بِالرَّفْعِ.
‏ ‏قَوْله ( أَوْ قَالَ مِثْل الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة يَشُكّ إِسْحَاق ) ‏ ‏يَعْنِي رَاوِيه عَنْ أَنَس , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اللَّيْث وَحَمَّاد الْمُشَار إِلَيْهِمَا قَبْل " كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّة " مِنْ غَيْر شَيْء , وَفِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة " مِثْل الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة " بِغَيْرِ شَكّ , أَيْضًا , وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيقه " مَثَلهمْ كَمَثَلِ الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة " وَهَذَا الشَّكّ مِنْ إِسْحَاق وَهُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة يُشْعِر بِأَنَّهُ كَانَ يُحَافَظ عَلَى تَأْدِيَة الْحَدِيث بِلَفْظِهِ وَلَا يَتَوَسَّع فِي تَأْدِيَته بِالْمَعْنَى كَمَا تَوَسَّعَ غَيْره كَمَا وَقَعَ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيث فِي عِدَّة مَوَاضِع تَظْهَر مِمَّا سُقْته وَأَسُوقهُ , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ , أَرَادَ وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُ رَأَى الْغُزَاة فِي الْبَحْر مِنْ أُمَّته مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّة فِي الْجَنَّة , وَرُؤْيَاهُ وَحْي , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي صِفَة أَهْل الْجَنَّة ( عَلَى سُرَر مُتَقَابِلِينَ ) وَقَالَ ( عَلَى الْأَرَائِك مُتَّكِئُونَ ) وَالْأَرَائِك السُّرَر فِي الْحِجَال.
وَقَالَ عِيَاض : هَذَا مُحْتَمَل , وَيُحْتَمَل أَيْضًا أَنْ يَكُون خَبَرًا عَنْ حَالهمْ فِي الْغَزْو مِنْ سَعَة أَحْوَالهمْ وَقِوَام أَمْرهمْ وَكَثْرَة عَدَدهمْ وَجَوْدَة عَدَدهمْ فَكَأَنَّهُمْ الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة.
قُلْت : وَفِي هَذَا الِاحْتِمَال بُعْد , وَالْأَوَّل أَظْهَر لَكِنَّ الْإِتْيَان بِالتَّمْثِيلِ فِي مُعْظَم طُرُقه يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى مَا يَئُول إِلَيْهِ أَمْرهمْ لَا أَنَّهُمْ نَالُوا ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَة , أَوْ مَوْقِع التَّشْبِيه أَنَّهُمْ فِيمَا هُمْ مِنْ النَّعِيم الَّذِي أُثِيبُوا بِهِ عَلَى جِهَادهمْ مِثْل مُلُوك الدُّنْيَا عَلَى أَسِرَّتهمْ , وَالتَّشْبِيه بِالْمَحْسُوسَاتِ أَبْلَغ فِي نَفْس السَّامِع.
‏ ‏قَوْله ( فَقُلْت اُدْعُ اللَّه أَنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ , فَدَعَا ) ‏ ‏تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الْجِهَاد بِلَفْظِ " فَدَعَا لَهَا " وَمِثْله فِي رِوَايَة اللَّيْث , وَفِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة " فَقَالَ اللَّهُمَّ اِجْعَلْهَا مِنْهُمْ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد " فَقَالَ أَنْتَ مِنْهُمْ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْه " فَإِنَّك مِنْهُمْ " وَفِي رِوَايَة عُمَيْر بْن الْأَسْوَد " فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَنَا مِنْهُمْ ؟ قَالَ أَنْتَ مِنْهُمْ " وَيُجْمَع بِأَنَّهُ دَعَا لَهَا فَأُجِيبَ فَأَخْبَرَهَا جَازِمًا بِذَلِكَ.
‏ ‏قَوْله ( ثُمَّ وَضَعَ رَأْسه فَنَامَ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة اللَّيْث " ثُمَّ قَامَ ثَانِيَة فَفَعَلَ مِثْلهَا , فَقَالَتْ مِثْل قَوْلهَا فَأَجَابَهَا مِثْلهَا " وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد " فَقَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة " وَكَذَا فِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة عِنْد أَبِي عَوَانَة مِنْ طَرِيق الدَّرَاوَرْدِيّ عَنْهُ , وَلَهُ مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر عَنْهُ " فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ " وَكُلّ ذَلِكَ شَاذّ وَالْمَحْفُوظ مِنْ طَرِيق أَنَس مَا اِتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَات الْجُمْهُور أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَرَّتَيْنِ مَرَّة بَعْد مَرَّة وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا فِي الْأُولَى " أَنْتِ مِنْهُمْ " وَفِي الثَّانِيَة " لَسْت مِنْهُمْ " وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي رِوَايَة عُمَيْر بْن الْأَسْوَد حَيْثُ قَالَ فِي الْأُولَى " يَغْزُونَ هَذَا الْبَحْر " وَفِي الثَّانِيَة " يَغْزُونَ مَدِينَة قَيْصَر ".
‏ ‏قَوْله ( أَنْت مِنْ الْأَوَّلِينَ ) ‏ ‏زَادَ فِي رِوَايَة الدَّرَاوَرْدِيّ عَنْ أَبِي طُوَالَة " وَلَسْت مِنْ الْآخَرِينَ " وَفِي رِوَايَة عُمَيْر بْن الْأَسْوَد فِي الثَّانِيَة " فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَنَا مِنْهُمْ ؟ قَالَ لَا ".
قُلْت : وَظَاهِر قَوْله فَقَالَ مِثْلهَا أَنَّ الْفِرْقَة الثَّانِيَة يَرْكَبُونَ الْبَحْر أَيْضًا وَلَكِنْ رِوَايَة عُمَيْر بْن الْأَسْوَد تَدُلّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَة إِنَّمَا غَزَتْ فِي الْبَرّ لِقَوْلِهِ " يَغْزُونَ مَدِينَة قَيْصَر " وَقَدْ حَكَى اِبْن التِّين أَنَّ الثَّانِيَة وَرَدَتْ فِي غَزَاة الْبَرّ وَأَقَرَّهُ , وَعَلَى هَذَا يُحْتَاج إِلَى حَمْل الْمِثْلِيَّة فِي الْخَبَر عَلَى مُعْظَم مَا اِشْتَرَكَتْ فِيهِ الطَّائِفَتَانِ لَا خُصُوص رُكُوب الْبَحْر وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون بَعْض الْعَسْكَر الَّذِينَ غَزَوْا مَدِينَة قَيْصَر رَكِبُوا الْبَحْر إِلَيْهَا , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ يَكُون الْمُرَاد مَا حَكَى اِبْن التِّين فَتَكُون الْأَوَّلِيَّة مَعَ كَوْنهَا فِي الْبَرّ مُقَيَّدَة بِقَصْدِ مَدِينَة قَيْصَر , وَإِلَّا فَقَدْ غَزَوْا قَبْل ذَلِكَ فِي الْبَرّ مِرَارًا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ , الْأُولَى فِي أَوَّل مَنْ غَزَا الْبَحْر مِنْ الصَّحَابَة , وَالثَّانِيَة فِي أَوَّل مَنْ غَزَا الْبَحْر مِنْ التَّابِعِينَ.
قُلْت : بَلْ كَانَ فِي كُلّ مِنْهُمَا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ لَكِنْ مُعْظَم الْأُولَى مِنْ الصَّحَابَة وَالثَّانِيَة بِالْعَكْسِ , وَقَالَ عِيَاض وَالْقُرْطُبِيّ فِي السِّيَاق دَلِيل عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَة غَيْر رُؤْيَاهُ الْأُولَى , وَأَنَّ فِي كُلّ نَوْمَة عَرَضَتْ طَائِفَة مِنْ الْغُزَاة.
وَأَمَّا قَوْل أُمّ حَرَام " اُدْعُ اللَّه أَنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ " فِي الثَّانِيَة فَلِظَنِّهَا أَنَّ الثَّانِيَة تُسَاوِي الْأُولَى فِي الْمَرْتَبَة فَسَأَلَتْ ثَانِيًا لِيَتَضَاعَف لَهَا الْأَجْر , لَا أَنَّهَا شَكَّتْ فِي إِجَابَة دُعَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي الْمَرَّة الْأُولَى وَفِي جَزْمه بِذَلِكَ.
قُلْت : لَا تَنَافِي بَيْن إِجَابَة دُعَائِهِ وَجَزْمه بِأَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَبَيْن سُؤَالهَا أَنْ تَكُون مِنْ الْآخِرِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَع التَّصْرِيح لَهَا أَنَّهَا تَمُوت قَبْل زَمَان الْغَزْوَة الثَّانِيَة فَجَوَّزَتْ أَنَّهَا تُدْرِكهَا فَتَغْزُو مَعَهُمْ وَيَحْصُل لَهَا أَجْر الْفَرِيقَيْنِ , فَأَعْلَمَهَا أَنَّهَا لَا تُدْرِك زَمَان الْغَزْوَة الثَّانِيَة فَكَانَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
‏ ‏قَوْله ( فَرَكِبَتْ الْبَحْر فِي زَمَان مُعَاوِيَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة اللَّيْث " فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجهَا عُبَادَةَ بْن الصَّامِت غَازِيًا أَوَّل مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْر مَعَ مُعَاوِيَة " وَفِي رِوَايَة حَمَّاد " فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ , فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْو " وَفِي رِوَايَة أَبِي طُوَالَة " فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ , فَرَكِبَتْ الْبَحْر مَعَ بِنْت قَرَظَة " وَقَدْ تَقَدَّمَ اِسْمهَا فِي " بَاب غَزْوَة الْمَرْأَة فِي الْبَحْر " وَتَقَدَّمَ فِي بَاب فَضْل مَنْ يُسْرِع فِي سَبِيل اللَّه بَيَان الْوَقْت الَّذِي رَكِبَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْر لِلْغَزْوِ أَوَّلًا وَأَنَّهُ كَانَ فِي سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ , وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَة عُثْمَان وَمُعَاوِيَة يَوْمئِذٍ أَمِير الشَّام , وَظَاهِر سِيَاق الْخَبَر يُوهِم أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَته وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَقَدْ اِغْتَرَّ بِظَاهِرِهِ بَعْض النَّاس فَوَهَمَ , فَإِنَّ الْقِصَّة إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي حَقّ أَوَّل مَنْ يَغْزُو فِي الْبَحْر , وَكَانَ عُمَر يَنْهَى عَنْ رُكُوب الْبَحْر , فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَان اِسْتَأْذَنَهُ مُعَاوِيَة فِي الْغَزْو فِي الْبَحْر فَأَذِنَ لَهُ.
وَنَقَلَهُ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن أَسْلَمَ , وَيَكْفِي فِي الرَّدّ عَلَيْهِ التَّصْرِيح فِي الصَّحِيح بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَوَّل مَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْبَحْر , وَنُقِلَ أَيْضًا مِنْ طَرِيق خَالِد بْن مَعْدَان قَالَ " أَوَّل مَنْ غَزَا الْبَحْر مُعَاوِيَة فِي زَمَن عُثْمَان وَكَانَ اِسْتَأْذَنَ عُمَر فَلَمْ يَأْذَن لَهُ , فَلَمْ يَزَلْ بِعُثْمَان حَتَّى أَذِنَ لَهُ وَقَالَ : لَا تَنْتَخِب أَحَدًا , بَلْ مَنْ اِخْتَارَ الْغَزْو فِيهِ طَائِعًا فَأَعِنْهُ فَفَعَلَ " وَقَالَ خَلِيفَة بْن خَيَّاط فِي تَارِيخه فِي حَوَادِث سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ : وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَة الْبَحْر وَمَعَهُ اِمْرَأَته فَاخِتَة بِنْت قَرَظَة وَمَعَ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت اِمْرَأَته أُمّ حَرَام , وَأَرَّخَهَا فِي سَنَة ثَمَان وَعِشْرِينَ غَيْر وَاحِد , وَبِهِ جَزَمَ اِبْن أَبِي حَاتِم , وَأَرَّخَهَا يَعْقُوب بْن سُفْيَان فِي الْمُحَرَّم سَنَة سَبْع وَعِشْرِينَ قَالَ : كَانَتْ فِيهِ غَزَاة قُبْرُس الْأُولَى.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق الْوَاقِدِيّ أَنَّ مُعَاوِيَة غَزَا الرُّوم فِي خِلَافَة عُثْمَان فَصَالَحَ أَهْل قُبْرُس , وَسَمَّى اِمْرَأَته كَبْرَة بِفَتْحِ الْكَاف وَسُكُون الْمُوَحَّدَة وَقِيلَ فَاخِتَة بِنْت قَرَظَة وَهُمَا أُخْتَانِ كَانَ مُعَاوِيَة تَزَوَّجَهُمَا وَاحِدَة بَعْد أُخْرَى , وَمِنْ طَرِيق اِبْن وَهْب عَنْ اِبْن لَهِيعَة أَنَّ مُعَاوِيَة غَزَا بِامْرَأَتِهِ إِلَى قُبْرُس فِي خِلَافَة عُثْمَان فَصَالَحَهُمْ.
وَمَنْ طَرِيق أَبِي مَعْشَر الْمَدَنِيّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ.
فَتَحَصَّلْنَا عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال وَالْأَوَّل أَصَحّ وَكُلّهَا فِي خِلَافَة عُثْمَان أَيْضًا لِأَنَّهُ قُتِلَ فِي آخِر سَنَة خَمْس وَثَلَاثِينَ.
‏ ‏قَوْلُهُ ( فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتهَا حِين خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْر فَهَلَكَتْ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة اللَّيْث " فَلَمَّا اِنْصَرَفُوا مِنْ غَزَوِهِمْ قَافِلِينَ إِلَى الشَّام قُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّة لِتَرْكَبَهَا فَصُرِعَتْ فَمَاتَتْ " وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد عِنْد أَحْمَد " فَوَقَصَتْهَا بَغْلَة لَهَا شَهْبَاء فَوَقَعَتْ فَمَاتَتْ " وَفِي رِوَايَة عَنْهُ مَضَتْ فِي " بَاب رُكُوب الْبَحْر " فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقهَا.
وَقَدْ جَمَعَ بَيْنهمَا فِي " بَاب فَضْل مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيل اللَّه " وَالْحَاصِل أَنَّ الْبَغْلَة الشَّهْبَاء قُرِّبَتْ إِلَيْهَا لِتَرْكَبَهَا فَشَرَعَتْ لِتَرْكَب فَسَقَطَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقهَا فَمَاتَتْ , وَظَاهِر رِوَايَة اللَّيْث أَنَّ وَقَعَتَهَا كَانَتْ بِسَاحِلِ الشَّام لَمَّا خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْر بَعْد رُجُوعِهِمْ مِنْ غَزَاة قُبْرُسَ , لَكِنْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي عَاصِم فِي كِتَاب الْجِهَاد عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ يَحْيَى بْن حَمْزَة بِالسَّنَدِ الْمَاضِي لِقِصَّةِ أُمّ حَرَام فِي " بَاب مَا قِيلَ فِي قِتَال الرُّوم " وَفِيهِ " وَعُبَادَة نَازِل بِسَاحِلِ حِمْص " قَالَ هِشَام بْن عَمَّار رَأَيْت قَبْرهَا بِسَاحِلِ حِمْص , وَجَزَمَ جَمَاعَة بِأَنَّ قَبْرهَا بِجَزِيرَةِ قُبْرُس , فَقَالَ اِبْن حِبَّان بَعْد أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيث مِنْ طَرِيق اللَّيْث بْن سَعْد بِسَنَدِهِ " قَبْر أُمّ حَرَام بِجَزِيرَةِ فِي بَحْر الرُّوم يُقَال لَهَا قُبْرُسُ بَيْن بِلَاد الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنهَا ثَلَاثَة أَيَّام " وَجَزَمَ اِبْن عَبْد الْبَرّ بِأَنَّهَا حِين خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْر إِلَى جَزِيرَة قُبْرُسَ قُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابُّتُهَا فَصَرَعَتْهَا.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيّ مِنْ طَرِيق الْوَاقِدِيّ أَنَّ مُعَاوِيَة صَالَحَهُمْ بَعْد فَتْحِهَا عَلَى سَبْعَة آلَاف دِينَار فِي كُلّ سَنَةٍ , فَلَمَّا أَرَادُوا الْخُرُوج مِنْهَا قُرِّبَتْ لِأُمّ حَرَام دَابَّة لِتَرْكَبَهَا فَسَقَطَتْ فَمَاتَتْ فَقَبْرهَا هُنَاكَ يَسْتَسْقُونَ بِهِ وَيَقُولُونَ قَبْر الْمَرْأَة الصَّالِحَة , فَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّ مُرَاد هِشَام بْن عَمَّار بِقَوْلِهِ " رَأَيْت قَبْرهَا بِالسَّاحِلِ " أَيْ سَاحِل جَزِيرَة قُبْرُس فَكَأَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى قُبْرُسَ لَمَّا غَزَاهَا الرَّشِيد فِي خِلَافَته.
وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمْ لَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْجَزِيرَة بَادَرَتْ الْمُقَاتِلَة وَتَأَخَّرَتْ الضُّعَفَاء كَالنِّسَاءِ , فَلَمَّا غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ وَصَالَحُوهُمْ طَلَعَتْ أُمّ حَرَام مِنْ السَّفِينَة قَاصِدَة الْبَلَد لِتَرَاهَا وَتَعُود رَاجِعَة لِلشَّامِ فَوَقَعَتْ حِينَئِذٍ , وَيُحْمَلُ قَوْل حَمَّاد اِبْن زَيْد فِي رِوَايَته " فَلَمَّا رَجَعَتْ " وَقَوْل أَبِي طُوَالَة " فَلَمَّا قَفَلَتْ " أَيْ أَرَادَتْ الرُّجُوع , وَكَذَا قَوْل اللَّيْث فِي رِوَايَته " فَلَمَّا اِنْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ " أَيْ أَرَادُوا الِانْصِرَاف.
ثُمَّ وَقَفْت عَلَى شَيْء يَزُول بِهِ الْإِشْكَال مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار أَنَّ اِمْرَأَة حَدَّثَتْهُ قَالَتْ " نَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اِسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَك , فَقُلْت : تَضْحَك مِنِّي يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ مِنْ قَوْم مِنْ أُمَّتِي يَخْرُجُونَ غُزَاة فِي الْبَحْر , مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة.
ثُمَّ نَامَ ثُمَّ اِسْتَيْقَظَ فَقَالَ مَثَلُ ذَلِكَ سَوَاء لَكِنْ قَالَ فَيَرْجِعُونَ قَلِيلَةً غَنَائِمُهُمْ مَغْفُورًا لَهُمْ.
قَالَتْ فَادْعُ اللَّه أَنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ , فَدَعَا لَهَا " قَالَ عَطَاء فَرَأَيْتهَا فِي غَزَاة غَزَاهَا الْمُنْذِر بْن الزُّبَيْر إِلَى أَرْض الرُّوم فَمَاتَتْ بِأَرْضِ الرُّوم , وَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرْط الصَّحِيح.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيق هِشَام بْن يُوسُف عَنْ مَعْمَر فَقَالَ فِي رِوَايَته " عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ الرُّمَيْصَاء أُخْت أُمّ سُلَيْمٍ " وَأَخْرَجَهُ اِبْن وَهْب عَنْ حَفْص بْن مَيْسَرَة عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ فَقَالَ فِي رِوَايَته " عَنْ أُمّ حَرَام " وَكَذَا قَالَ زُهَيْر بْن عَبَّاد عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ.
وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ قَوْل مَنْ قَالَ حَدِيث عَطَاء بْن يَسَار هَذَا عَنْ أُمّ حَرَام وَهْمٌ , وَإِنَّمَا هِيَ الرُّمَيْصَاء , وَلَيْسَتْ أُمّ سُلَيْمٍ وَإِنْ كَانَتْ يُقَال لَهَا أَيْضًا الرُّمَيْصَاء كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِب مِنْ حَدِيث جَابِر ; لِأَنَّ أُمّ سُلَيْمٍ لَمْ تَمُتْ بِأَرْضِ الرُّوم وَلَعَلَّهَا أُخْتهَا أُمّ عَبْد اللَّه بْن مِلْحَانَ فَقَدْ ذَكَرَهَا اِبْن سَعْد فِي الصَّحَابِيَّات وَقَالَ : إِنَّهَا أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ.
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْء مِنْ خَبَرهَا إِلَّا مَا ذَكَرَ اِبْن سَعْد.
فَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون هِيَ صَاحِبَة الْقِصَّة الَّتِي ذَكَرَهَا اِبْن عَطَاء اِبْن يَسَار وَتَكُون تَأَخَّرَتْ حَتَّى أَدْرَكَهَا عَطَاء , وَقِصَّتهَا مُغَايِرَة لِقِصَّةِ أُمّ حَرَام مِنْ أَوْجُهٍ : الْأَوَّل أَنَّ فِي حَدِيث أُمّ حَرَام أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامَ كَانَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ , وَفِي حَدِيث الْأُخْرَى أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِل رَأْسهَا كَمَا قَدَّمْت ذِكْرَهُ مِنْ رِوَايَة أَبِي دَاوُد.
الثَّانِي ظَاهِر رِوَايَة أُمّ حَرَام أَنَّ الْفِرْقَة الثَّانِيَة تَغْزُو فِي الْبَرّ وَظَاهِر رِوَايَة الْأُخْرَى أَنَّهَا تَغْزُو فِي الْبَحْر.
الثَّالِث أَنَّ فِي رِوَايَة أُمّ حَرَام أَنَّهَا مِنْ أَهْل الْفِرْقَة الْأُولَى وَفِي رِوَايَة الْأُخْرَى أَنَّهَا مِنْ أَهْل الْفِرْقَة الثَّانِيَة.
الرَّابِع أَنَّ فِي حَدِيث أُمّ حَرَام أَنَّ أَمِير الْغَزْوَة كَانَ مُعَاوِيَة وَفِي رِوَايَة الْأُخْرَى أَنَّ أَمِيرهَا كَانَ الْمُنْذِر بْن الزُّبَيْر.
الْخَامِس أَنَّ عَطَاء بْن يَسَار ذَكَرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ وَهُوَ يَصْغُر عَنْ إِدْرَاك أُمّ حَرَام وَعَنْ أَنْ يَغْزُو فِي سَنَة ثَمَان وَعِشْرِينِ بَلْ وَفِي سَنَة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ; لِأَنَّ مَوْلِده عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ عَمْرو بْن عَلِيّ وَغَيْره كَانَ فِي سَنَة تِسْع عَشْرَة.
وَعَلَى هَذَا فَقَدْ تَعَدَّدَتْ الْقِصَّة لِأُمّ حَرَام وَلِأُخْتِهَا أُمّ عَبْد اللَّه فَلَعَلَّ إِحْدَاهُمَا دُفِنَتْ بِسَاحِلِ قُبْرُس وَالْأُخْرَى بِسَاحِلِ حِمْصٍ , وَلَمْ أَرَ مَنْ حَرَّرَ ذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْد عَلَى جَزِيل نِعَمه.
وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ التَّرْغِيب فِي الْجِهَاد وَالْحَضّ عَلَيْهِ , وَبَيَان فَضِيلَة الْمُجَاهِد.
وَفِيهِ جَوَاز رُكُوب الْبَحْر الْمِلْح لِلْغَزْوِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ وَأَنَّ عُمَر كَانَ يَمْنَع مِنْهُ ثُمَّ أَذِنَ فِيهِ عُثْمَان , قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : ثُمَّ مَنَعَ مِنْهُ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ثُمَّ أَذِنَ فِيهِ مَنْ بَعْده وَاسْتَقَرَّ الْأَمْر عَلَيْهِ , وَنُقِلَ عَنْ عُمَر أَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَ رُكُوبه لِغَيْرِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَنَحْو ذَلِكَ , وَنَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرِّ أَنَّهُ يَحْرُم رُكُوبه عِنْد اِرْتِجَاجه اِتِّفَاقًا , وَكَرِهَ مَالِك رُكُوب النِّسَاء مُطْلَقًا الْبَحْرَ لِمَا يُخْشَى مِنْ اِطِّلَاعِهِنَّ عَلَى عَوْرَات الرِّجَال فِيهِ إِذْ يَتَعَسَّر الِاحْتِرَاز مِنْ ذَلِكَ , وَخَصَّ أَصْحَابه ذَلِكَ بِالسُّفُنِ الصِّغَار , وَأَمَّا الْكِبَار الَّتِي يُمْكِنُهُنَّ فِيهِنَّ الِاسْتِتَار بِأَمَاكِن تَخُصّهُنَّ فَلَا حَرَج فِيهِ.
وَفِي الْحَدِيث جَوَاز تَمَنِّي الشَّهَادَة وَأَنَّ مَنْ يَمُوت غَازِيًا يَلْحَق بِمَنْ يُقْتَل فِي الْغَزْو , كَذَا قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرِّ وَهُوَ ظَاهِر الْقِصَّة , لَكِنْ لَا يَلْزَم مِنْ الِاسْتِوَاء فِي أَصْل الْفَضْل الِاسْتِوَاء فِي الدَّرَجَات , وَقَدْ ذَكَرْت فِي " بَاب الشُّهَدَاء " مِنْ كِتَاب الْجِهَاد كَثِيرًا مِمَّنْ يُطْلَق عَلَيْهِ شَهِيد وَإِنْ لَمْ يُقْتَل.
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْقَائِلَة لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَة عَلَى قِيَام اللَّيْل , وَجَوَاز إِخْرَاج مَا يُؤْذِي الْبَدَن مِنْ قَمْل وَنَحْوه عَنْهُ , وَمَشْرُوعِيَّة الْجِهَاد مَعَ كُلّ إِمَام لِتَضَمُّنِهِ الثَّنَاء عَلَى مَنْ غَزَا مَدِينَة قَيْصَر وَكَانَ أَمِير تِلْكَ الْغَزْوَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة وَيَزِيد يَزِيد , وَثُبُوت فَضْل الْغَازِي إِذَا صَلُحَتْ نِيَّته , وَقَالَ بَعْض الشُّرَّاح فِي فَضْل الْمُجَاهِدِينَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لِقَوْلِهِ فِيهِ " وَلَسْت مِنْ الْآخِرِينَ " وَلَا نِهَايَة لِلْآخِرِينَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِالْآخِرِينَ فِي الْحَدِيث الْفِرْقَة الثَّانِيَة , نَعَمْ يُؤْخَذ مِنْهُ فَضْل الْمُجَاهِدِينَ فِي الْجُمْلَة لَا خُصُوص الْفَضْل الْوَارِد فِي حَقّ الْمَذْكُورِينَ , وَفِيهِ ضُرُوب مِنْ أَخْبَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَيَقَعُ فَوَقَعَ كَمَا قَالَ , وَذَلِكَ مَعْدُود مِنْ عَلَامَات نُبُوَّته : مِنْهَا إِعْلَامه بِبَقَاءِ أُمَّته بَعْده وَأَنَّ فِيهِمْ أَصْحَاب قُوَّة وَشَوْكَة وَنِكَايَة فِي الْعَدُوّ , وَأَنَّهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْبِلَاد حَتَّى يَغْزُوا الْبَحْر , وَأَنَّ أُمّ حَرَام تَعِيش إِلَى ذَلِكَ الزَّمَان , وَأَنَّهَا تَكُون مَعَ مَنْ يَغْزُو الْبَحْر , وَأَنَّهَا لَا تُدْرِكُ زَمَان الْغَزْوَة الثَّانِيَة.
وَفِيهِ جَوَاز الْفَرَح بِمَا يَحْدُثُ مِنْ النِّعَم , وَالضَّحِك عِنْد حُصُول السُّرُور لِضَحِكِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِعْجَابًا بِمَا رَأَى مِنْ اِمْتِثَال أُمَّته أَمْرَهُ لَهُمْ بِجِهَادِ الْعَدُوّ , وَمَا أَثَابَهُمْ اللَّه تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ , وَمَا وَرَدَ فِي بَعْص طُرُقه بِلَفْظِ التَّعَجُّب مَحْمُول عَلَى ذَلِكَ.
وَفِيهِ جَوَاز قَائِلَة الضَّيْف فِي غَيْر بَيْته بِشَرْطِهِ كَالْإِذْنِ وَأَمْنِ الْفِتْنَة , وَجَوَاز خِدْمَة الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة لِلضَّيْفِ بِإِطْعَامِهِ وَالتَّمْهِيد لَهُ وَنَحْو ذَلِكَ , وَإِبَاحَة مَا قَدَّمَتْهُ الْمَرْأَة لِلضَّيْفِ مِنْ مَال زَوْجهَا لِأَنَّ الْأَغْلَب أَنَّ الَّذِي فِي بَيْت الْمَرْأَة هُوَ مِنْ مَال الرَّجُل , كَذَا قَالَ اِبْن بَطَّال قَالَ : وَفِيهِ أَنَّ الْوَكِيل وَالْمُؤْتَمَن إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَسُرُّ صَاحِبه مَا يَفْعَلهُ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ , وَلَا شَكّ أَنَّ عُبَادَةَ كَانَ يَسُرُّهُ أَكْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ اِمْرَأَتُهُ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْن خَاصّ مِنْهُ , وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّ عُبَادَة حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ زَوْجهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
قُلْت : لَكِنْ لَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يَنْفِي أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ ذَات زَوْج , إِلَّا أَنَّ فِي كَلَام اِبْن سَعْد مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ عَزَبًا.
وَفِيهِ خِدْمَة الْمَرْأَة الضَّيْف بِتَفْلِيَةِ رَأْسه , وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى جَمَاعَة فَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : أَظُنّ أَنَّ أُمّ حَرَام أَرْضَعَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أُخْتهَا أُمّ سُلَيْمٍ فَصَارَتْ كُلّ مِنْهُمَا أُمّه أَوْ خَالَته مِنْ الرَّضَاعَة فَلِذَلِكَ كَانَ يَنَام عِنْدهَا وَتَنَال مِنْهُ مَا يَجُوز لِلْمَحْرَمِ أَنْ يَنَالهُ مِنْ مَحَارِمه , ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيِّن قَالَ : إِنَّمَا اِسْتَجَازَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَفْلِي أُمّ حَرَام رَأْسه لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْهُ ذَات مَحْرَم مِنْ قِبَل خَالَاته ; لِأَنَّ أُمّ عَبْد الْمُطَّلِب جَدّه كَانَتْ مِنْ بَنِي النَّجَّار.
وَمِنْ طَرِيق يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : قَالَ لَنَا اِبْن وَهْب أُمّ حَرَام إِحْدَى خَالَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَة فَلِذَلِكَ كَانَ يُقِيل عِنْدهَا وَيَنَام فِي حِجْرِهَا وَتَفْلِي رَأْسه.
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرِّ وَأَيّهُمَا كَانَ فَهِيَ مَحْرَم لَهُ.
وَجَزَمَ أَبُو الْقَاسِم بْن الْجَوْهَرِيّ والدَاوُدِيُّ وَالْمُهَلَّب فِيمَا حَكَاهُ اِبْن بَطَّال عَنْهُ بِمَا قَالَ اِبْن وَهْب قَالَ : وَقَالَ غَيْره إِنَّمَا كَانَتْ خَالَة لِأَبِيهِ أَوْ جَدّه عَبْد الْمُطَّلِبِ , وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ سَمِعْت بَعْض الْحُفَّاظ يَقُول : كَانَتْ أُمّ سُلَيْمٍ أُخْت آمِنَة بِنْت وَهْب أُمّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَة.
وَحَكَى اِبْن الْعَرَبِيّ مَا قَالَ اِبْن وَهْب ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ غَيْره بَلْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومًا يَمْلِك أَرَبَهُ عَنْ زَوْجَته فَكَيْف عَنْ غَيْرهَا مِمَّا هُوَ الْمُنَزَّهُ عَنْهُ , وَهُوَ الْمُبَرَّأ عَنْ كُلّ فِعْلٍ قَبِيحٍ وَقَوْلٍ رَفَثٍ , فَيَكُون ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصه.
ثُمَّ قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَبْل الْحِجَاب , وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد الْحِجَاب جَزْمًا , وَقَدْ قَدَّمْت فِي أَوَّل الْكَلَام عَلَى شَرْحه أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد حَجَّة الْوَدَاع وَرَدَّ عِيَاضٌ الْأَوَّل بِأَنَّ الْخَصَائِص لَا تَثْبُت بِالِاحْتِمَالِ , وَثُبُوتُ الْعِصْمَةِ مُسَلَّمٌ لَكِنَّ الْأَصْل عَدَم الْخُصُوصِيَّة , وَجَوَاز الِاقْتِدَاء بِهِ فِي أَفْعَاله حَتَّى يَقُوم عَلَى الْخُصُوصِيَّة دَلِيل.
وَبَالَغَ الدِّمْيَاطِيّ فِي الرَّدّ عَلَى مَنْ اِدَّعَى الْمَحْرَمِيَّةَ فَقَالَ : ذَهِلَ كُلّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أُمّ حَرَام إِحْدَى خَالَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَة أَوْ مِنْ النَّسَب وَكُلّ مَنْ أَثْبَتَ لَهَا خُؤُولَةً تَقْتَضِي مَحْرَمِيَّةً ; لِأَنَّ أُمَّهَاته مِنْ النَّسَب وَاَللَّاتِي أَرْضَعْنَهُ مَعْلُومَات لَيْسَ فِيهِنَّ أَحَد مِنْ الْأَنْصَار الْبَتَّة سِوَى أُمّ عَبْد الْمُطَّلِب وَهِيَ سَلْمَى بِنْت عَمْرو بْن زَيْد بْن لَبِيدِ بْن خِرَاش بْن عَامِر بْن غَنْم بْن عَدِيِّ بْن النَّجَّار , وَأُمّ حَرَام هِيَ بِنْت مِلْحَان بْن خَالِد بْن زَيْد بْن حَرَام بْن جُنْدُب بْن عَامِر الْمَذْكُور فَلَا تَجْتَمِع أُمّ حَرَام وَسَلْمَى إِلَّا فِي عَامِر بْن غَنْمٍ جَدّهمَا الْأَعْلَى , وَهَذِهِ خُؤُولَةٌ لَا تَثْبُت بِهَا مَحْرَمِيَّةٌ لِأَنَّهَا خُؤُولُةٌ مَجَازِيَّة , وَهِيَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاص " هَذَا خَالِي " لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي زُهْرَة وَهُمْ أَقَارِب أُمّه آمِنَة , وَلَيْسَ سَعْد أَخًا لِآمِنَةَ لَا مِنْ النَّسَب وَلَا مِنْ الرَّضَاعَة.
ثُمَّ قَالَ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدْخُل عَلَى أَحَد مِنْ النِّسَاء إِلَّا عَلَى أَزْوَاجه , إِلَّا عَلَى أُمّ سُلَيْمٍ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ : أَرْحَمهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي , يَعْنِي حَرَام بْن مِلْحَانَ , وَكَانَ قَدْ قُتِلَ يَوْم بِئْر مَعُونَة.
قُلْت : وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّته فِي الْجِهَاد فِي " بَاب فَضْل مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا " وَأَوْضَحْت هُنَاكَ وَجْه الْجَمْع بَيْن مَا أَفْهَمَهُ هَذَا الْحَصْر وَبَيْن مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيث الْبَاب فِي أُمّ حَرَام بِمَا حَاصِله أَنَّهُمَا أُخْتَانِ كَانَتَا فِي دَار وَاحِدَة كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي بَيْت مِنْ تِلْكَ الدَّار , وَحَرَام بْن مِلْحَانَ أَخُوهُمَا مَعًا فَالْعِلَّة مُشْتَرِكَة فِيهِمَا.
وَإِنْ ثَبَتَ قِصَّة أُمّ عَبْد اللَّه بِنْت مِلْحَانَ الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا قَرِيبًا فَالْقَوْل فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي أُمّ حَرَام , وَقَدْ اِنْضَافَ إِلَى الْعِلَّة الْمَذْكُورَة كَوْن أَنَس خَادِم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَة بِمُخَالَطَةِ الْمَخْدُوم خَادِمه وَأَهْل خَادِمه وَرَفْعُ الْحِشْمَة الَّتِي تَقَع بَيْن الْأَجَانِب عَنْهُمْ , ثُمَّ قَالَ الدِّمْيَاطِيّ : عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يَدُلّ عَلَى الْخَلْوَة بِأُمِّ حَرَام , وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مَعَ وَلَد أَوْ خَادِم أَوْ زَوْج أَوْ تَابِع.
قُلْت : وَهُوَ اِحْتِمَال قَوِيّ , لَكِنَّهُ لَا يَدْفَع الْإِشْكَال مِنْ أَصْلِهِ لِبَقَاءِ الْمُلَامَسَة فِي تَفْلِيَة الرَّأْس , وَكَذَا النَّوْم فِي الْحِجْر , وَأَحْسَن الْأَجْوِبَة دَعْوَى الْخُصُوصِيَّة وَلَا يَرُدّهَا كَوْنُهَا لَا تَثْبُت إِلَّا بِدَلِيل ; لِأَنَّ الدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ وَاضِح , وَاَللَّه أَعْلَم.


حديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَاعِيلُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ ‏ ‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا ذَهَبَ إِلَى ‏ ‏قُبَاءٍ ‏ ‏يَدْخُلُ عَلَى ‏ ‏أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ ‏ ‏فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ تَحْتَ ‏ ‏عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ‏ ‏فَدَخَلَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ‏ ‏نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ‏ ‏ثَبَجَ ‏ ‏هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ ‏ ‏أَوْ قَالَ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ شَكَّ ‏ ‏إِسْحَاقُ ‏ ‏قُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ زَمَانَ ‏ ‏مُعَاوِيَةَ ‏ ‏فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

نهى النبي ﷺ عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واح...

عن ‌أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين: اشتمال الصماء، والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرج الإنسان منه...

سار النبي ﷺ فاطمة فبكت بكاء شديدا فلما رأى حزنها...

و 6286- عن ‌مسروق حدثتني ‌عائشة أم المؤمنين قالت: «إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعا لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة عليها السلام تمش...

رأى رسول الله ﷺ في المسجد مستلقيا واضعا إحدى رجليه...

عن ‌عباد بن تميم، عن ‌عمه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى.»

إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث

عن ‌عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانوا ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث.»

أسر إلي النبي ﷺ سرا فما أخبرت به أحدا بعده

عن ‌أنس بن مالك «أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم سرا، فما أخبرت به أحدا بعده ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به.»

إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختل...

عن ‌عبد الله رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أجل أن يحزنه.»

أتيت النبي ﷺ وهو في ملأ فساررته فغضب حتى احمر وجهه

عن ‌عبد الله قال: «قسم النبي صلى الله عليه وسلم يوما قسمة، فقال رجل من الأنصار إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، قلت: أما والله لآتين النبي صلى الله...

أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله ﷺ فما زال يناجي...

عن ‌أنس رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال يناجيه حتى نام أصحابه، ثم قام فصلى.»

لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون

عن ‌سالم، عن ‌أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون.»