6382- عن جابر رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن: إذا هم بالأمر فليركع ركعتين، ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، ويسمي حاجته.»
(عبد الرحمن بن أبي الموال) ويجيء أيضا (الموالي) على وزن الجواري
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْمَوَال ) بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْوَاو جَمْع مَوْلَى , وَاسْمه زَيْد , وَيُقَال زَيْد جَدّ عَبْد الرَّحْمَن وَأَبُوهُ لَا يُعْرَف اِسْمه , وَعَبْد الرَّحْمَن مِنْ ثِقَات الْمَدَنِيِّينَ , وَكَانَ يُنْسَب إِلَى وَلَاء آل عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , وَخَرَجَ مَعَ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن فِي زَمَن الْمَنْصُور , فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّد حُبِسَ عَبْد الرَّحْمَن الْمَذْكُور بَعْد أَنْ ضُرِبَ.
وَقَدْ وَثَّقَهُ اِبْن المعين وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرهمْ , وَذَكَرَهُ اِبْن عَدِيّ فِي " الْكَامِل " فِي الضُّعَفَاء , وَأَسْنَدَ عَنْ أَحْمَد بْن حَنْبَل أَنَّهُ قَالَ : كَانَ مَحْبُوسًا فِي المطبق حِين هُزِمَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي بَنِي حَسَن , قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر حَدِيث الِاسْتِخَارَة وَلَيْسَ أَحَد يَرْوِيه غَيْره , وَهُوَ مُنْكَر , وَأَهْل الْمَدِينَة إِذَا كَانَ حَدِيثٌ غَلَطًا يَقُولُونَ : اِبْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر , كَمَا أَنَّ أَهْل الْبَصْرَة يَقُولُونَ : ثَابِت عَنْ أَنَس يَحْمِلُونَ عَلَيْهِمَا.
وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " هَذَا الْكَلَام وَقَالَ : مَا عَرَفْت الْمُرَاد بِهِ , فَإِنَّ اِبْن الْمُنْكَدِر وَثَابِتًا ثِقَتَانِ مُتَّفَق عَلَيْهِمَا.
قُلْت : يَظْهَر لِي أَنَّ مُرَادهمْ التَّهَكُّم وَالنُّكْتَة فِي اِخْتِصَاص التَّرْجَمَة لِلشُّهْرَةِ وَالْكَثْرَة.
ثُمَّ سَاقَ اِبْن عَدِيّ لِعَبْدِ الرَّحْمَن أَحَادِيث وَقَالَ : هُوَ مُسْتَقِيم الْحَدِيث وَاَلَّذِي أَنْكَرَ عَلَيْهِ حَدِيث الِاسْتِخَارَة , وَقَدْ رَوَاهُ غَيْر وَاحِد مِنْ الصَّحَابَة كَمَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي الْمَوَّال.
قُلْت : يُرِيد أَنَّ لِلْحَدِيثِ شَوَاهِد , وَهُوَ كَمَا قَالَ مَعَ مُشَاحَحَة فِي إِطْلَاقه.
قَالَ التِّرْمِذِيّ بَعْد أَنْ أَخْرَجَهُ : حَسَن صَحِيح غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث اِبْن أَبِي الْمَوَّال , وَهُوَ مَدَنِيّ ثِقَة رَوَى عَنْهُ غَيْر وَاحِد.
وَفِي الْبَاب عَنْ اِبْن مَسْعُود وَأَبِي أَيُّوب.
قُلْت : وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيد وَأَبِي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عُمَر , فَحَدِيث اِبْن مَسْعُود أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم , وَحَدِيث أَبِي أَيُّوب أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم , وَحَدِيث أَبِي سَعِيد وَأَبِي هُرَيْرَة أَخْرَجَهُمَا اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه , وَحَدِيث اِبْن عُمَر وَابْن عَبَّاس حَدِيث وَاحِد أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَة عَنْ عَطَاء عَنْهُمَا , وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا ذِكْر الصَّلَاة سِوَى حَدِيث جَابِر , إِلَّا أَنَّ لَفْظ أَبِي أَيُّوب " اُكْتُمْ الْخُطْبَة وَتَوَضَّأْ فَأَحْسِنْ الْوُضُوء ثُمَّ صَلِّ مَا كَتَبَ اللَّه لَك " الْحَدِيث , فَالتَّقْيِيد بِرَكْعَتَيْنِ خَاصّ بِحَدِيثِ جَابِر , وَجَاءَ ذِكْر الِاسْتِخَارَة فِي حَدِيث سَعْد رَفَعَهُ " مِنْ سَعَادَة اِبْن آدَم اِسْتِخَارَته اللَّه " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَسَنَده حَسَن , وَأَصْله عِنْد التِّرْمِذِيّ لَكِنْ بِذِكْرِ الرِّضَا وَالسُّخْط لَا بِلَفْظِ الِاسْتِخَارَة , وَمِنْ حَدِيث أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَمْرًا قَالَ : اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي " وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَسَنَده ضَعِيف , وَفِي حَدِيث أَنَس رَفَعَهُ " مَا خَابَ مَنْ اِسْتَخَارَ " وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الصَّغِير " بِسَنَدٍ وَاهٍ جِدًّا.
قَوْله ( عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر ) وَقَعَ فِي التَّوْحِيد مِنْ طَرِيق مَعْن بْن عِيسَى عَنْ عَبْد الرَّحْمَن " سَمِعْت مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر يُحَدِّث عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن - أَيْ اِبْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب - يَقُول أَخْبَرَنِي جَابِر السَّلَمِيّ " وَهُوَ بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَاللَّام نِسْبَة إِلَى بَنِي سَلَمَة بِكَسْرِ اللَّام بَطْن مِنْ الْأَنْصَار وَعِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق بِشْر بْن عُمَيْر " حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن سَمِعْت اِبْن الْمُنْكَدِر حَدَّثَنِي جَابِر ".
قَوْله ( كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمنَا الِاسْتِخَارَة ) فِي رِوَايَة مَعْن " يُعَلِّم أَصْحَابه " وَكَذَا فِي طَرِيق بِشْر بْن عُمَيْر.
قَوْله ( فِي الْأُمُور كُلّهَا ) قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : هُوَ عَامّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوص , فَإِنَّ الْوَاجِب وَالْمُسْتَحَبّ لَا يُسْتَخَار فِي فِعْلهمَا وَالْحَرَام وَالْمَكْرُوه لَا يُسْتَخَار فِي تَرْكهمَا , فَانْحَصَرَ الْأَمْر فِي الْمُبَاح وَفِي الْمُسْتَحَبّ إِذَا تَعَارَضَ مِنْهُ أَمْرَانِ أَيّهمَا يَبْدَأ بِهِ وَيَقْتَصِر عَلَيْهِ.
قُلْت : وَتَدْخُل الِاسْتِخَارَة فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فِي الْوَاجِب وَالْمُسْتَحَبّ الْمُخَيَّر , وَفِيمَا كَانَ زَمَنه مُوَسَّعًا وَيَتَنَاوَل الْعُمُوم الْعَظِيم مِنْ الْأُمُور وَالْحَقِير , فَرُبَّ حَقِير يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْأَمْر الْعَظِيم.
قَوْله ( كَالسُّورَةِ مِنْ الْقُرْآن ) فِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الْمَاضِيَة فِي صَلَاة اللَّيْل " كَمَا يُعَلِّمنَا السُّورَة مِنْ الْقُرْآن " قِيلَ وَجْه التَّشْبِيه عُمُوم الْحَاجَة فِي الْأُمُور كُلّهَا إِلَى الِاسْتِخَارَة كَعُمُومِ الْحَاجَة إِلَى الْقُرْآن فِي الصَّلَاة وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد مَا يَقَع فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود فِي التَّشَهُّد " عَلَّمَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّد كَفِّي بَيْن كَفَّيْهِ " أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي الِاسْتِئْذَان , وَفِي رِوَايَة الْأَسْوَد بْن يَزِيد عَنْ اِبْن مَسْعُود " أَخَذْت التَّشَهُّد مِنْ فِي رَسُول اللَّه كَلِمَة كَلِمَة " أَخْرَجَهَا الطَّحَاوِيُّ , وَفِي حَدِيث سَلْمَان نَحْوه وَقَالَ حَرْفًا حَرْفًا , أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : التَّشْبِيه فِي تَحَفُّظ حُرُوفه وَتَرَتُّب كَلِمَاته وَمَنْع الزِّيَادَة وَالنَّقْص مِنْهُ وَالدَّرْس لَهُ وَالْمُحَافَظَة عَلَيْهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ جِهَة الِاهْتِمَام بِهِ وَالتَّحَقُّق لِبَرَكَتِهِ وَالِاحْتِرَام لَهُ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ جِهَة كَوْن كُلّ مِنْهُمَا عَلِمَ بِالْوَحْيِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ : فِيهِ إِشَارَة إِلَى الِاعْتِنَاء التَّامّ الْبَالِغ بِهَذَا الدُّعَاء وَهَذِهِ الصَّلَاة لِجَعْلِهِمَا تِلْوَيْنِ لِلْفَرِيضَةِ وَالْقُرْآن.
قَوْله ( إِذَا هَمَّ ) فِيهِ حَذْف تَقْدِيره يُعَلِّمنَا قَائِلًا إِذَا هَمَّ , وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي رِوَايَة قُتَيْبَة " يَقُول إِذَا هَمَّ " وَزَادَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ عَنْ قُتَيْبَة " لَنَا " قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة تَرْتِيب الْوَارِد عَلَى الْقَلْب عَلَى مَرَاتِب الْهِمَّة ثُمَّ اللَّمَّة ثُمَّ الْخَطْرَة ثُمَّ النِّيَّة ثُمَّ الْإِرَادَة ثُمَّ الْعَزِيمَة , فَالثَّلَاثَة الْأُولَى لَا يُؤَاخَذ بِهَا بِخِلَافِ الثَّلَاثَة الْأُخْرَى , فَقَوْله " إِذَا هَمَّ " يُشِير إِلَى أَوَّل مَا يَرِد عَلَى الْقَلْب يَسْتَخِير فَيَظْهَر لَهُ بِبَرَكَةِ الصَّلَاة وَالدُّعَاء مَا هُوَ الْخَيْر , بِخِلَافِ مَا إِذَا تَمَكَّنَ الْأَمْر عِنْده وَقَوِيَتْ فِيهِ عَزِيمَته وَإِرَادَته فَإِنَّهُ يَصِير إِلَيْهِ لَهُ مَيْل وَحُبّ فَيُخْشَى أَنْ يَخْفَى عَنْهُ وَجْه الْأَرْشَدِيَّةِ لِغَلَبَةِ مَيْله إِلَيْهِ.
قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْهَمّ الْعَزِيمَة لِأَنَّ الْخَاطِر لَا يَثْبُت فَلَا يَسْتَمِرّ إِلَّا عَلَى مَا يَقْصِد التَّصْمِيم عَلَى فِعْله وَإِلَّا لَوْ اِسْتَخَارَ فِي كُلّ خَاطِر لَاسْتَخَارَ فِيمَا لَا يَعْبَأ بِهِ فَتَضِيع عَلَيْهِ أَوْقَاته.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود " إِذَا أَرَادَ أَحَدكُمْ أَمْرًا فَلْيَقُلْ ".
قَوْله ( فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ) يُقَيِّد مُطْلَق حَدِيث أَبِي أَيُّوب حَيْثُ قَالَ " صَلِّ مَا كَتَبَ اللَّه لَك " وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ لَا يَقْتَصِر عَلَى رَكْعَة وَاحِدَة لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَيَكُون ذِكْرهمَا عَلَى سَبِيل التَّنْبِيه بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى , فَلَوْ صَلَّى أَكْثَر مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَ , وَالظَّاهِر أَنَّهُ يُشْتَرَط إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَلِّم مِنْ كُلّ رَكْعَتَيْنِ لِيَحْصُل مُسَمَّى رَكْعَتَيْنِ , وَلَا يُجْزِئ لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلًا بِتَسْلِيمَةٍ , وَكَلَام النَّوَوِيّ يُشْعِر بِالْإِجْزَاءِ.
قَوْله ( مِنْ غَيْر الْفَرِيضَة ) فِيهِ اِحْتِرَاز عَنْ صَلَاة الصُّبْح مَثَلًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِالْفَرِيضَةِ عَيْنهَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا , فَيَحْتَرِز عَنْ الرَّاتِبَة كَرَكْعَتِي الْفَجْر مَثَلًا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " : لَوْ دَعَا بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَة عَقِب رَاتِبَة صَلَاة الظُّهْر مَثَلًا أَوْ غَيْرهَا مِنْ النَّوَافِل الرَّاتِبَة وَالْمُطْلَقَة سَوَاء اِقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَر أَجْزَأَ.
كَذَا أَطْلَقَ وَفِيهِ نَظَر.
وَيَظْهَر أَنْ يُقَال : إِنْ نَوَى تِلْكَ الصَّلَاة بِعَيْنِهَا وَصَلَاة الِاسْتِخَارَة مَعًا أَجْزَأَ , بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَنْوِ , وَيُفَارِق صَلَاة تَحِيَّة الْمَسْجِد لِأَنَّ الْمُرَاد بِهَا شَغْل الْبُقْعَة بِالدُّعَاءِ وَالْمُرَاد بِصَلَاةِ الِاسْتِخَارَة أَنْ يَقَع الدُّعَاء عَقِبهَا أَوْ فِيهَا , وَيَبْعُد الْإِجْزَاء لِمَنْ عَرَضَ لَهُ الطَّلَب بَعْد فَرَاغ الصَّلَاة لِأَنَّ ظَاهِر الْخَبَر أَنْ تَقَع الصَّلَاة وَالدُّعَاء بَعْد وُجُود إِرَادَة الْأَمْر.
وَأَفَادَ النَّوَوِيّ أَنَّهُ يَقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاص , قَالَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " : لَمْ أَقِف عَلَى دَلِيل ذَلِكَ , وَلَعَلَّهُ أَلْحَقهُمَا بِرَكْعَتَيْ الْفَجْر وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب , قَالَ : وَلَهُمَا مُنَاسَبَة بِالْحَالِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْإِخْلَاص وَالتَّوْحِيد وَالْمُسْتَخِير مُحْتَاج لِذَلِكَ.
قَالَ شَيْخنَا : وَمِنْ الْمُنَاسِب أَنْ يَقْرَأ فِيهِمَا مِثْل قَوْله ( وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار ) وَقَوْله ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُون لَهُمْ الْخِيَرَة ).
قُلْت : وَالْأَكْمَل أَنْ يَقْرَأ فِي كُلّ مِنْهُمَا السُّورَة وَالْآيَة الْأَوَّلِيَّيْنِ فِي الْأُولَى وَالْأُخْرَيَيْنِ فِي الثَّانِيَة , وَيُؤْخَذ مِنْ قَوْله " مِنْ غَيْر الْفَرِيضَة " أَنَّ الْأَمْر بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَة لَيْسَ عَلَى الْوُجُوب قَالَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " : وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِخَارَة لِوُرُودِ الْأَمْر بِهَا وَلِتَشْبِيهِهَا بِتَعْلِيمِ السُّورَة مِنْ الْقُرْآن كَمَا اِسْتَدَلَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي وُجُوب التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة لِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ فِي قَوْله " فَلْيَقُلْ " , وَلِتَشْبِيهِهِ بِتَعْلِيمِ السُّورَة مِنْ الْقُرْآن , فَإِنْ قِيلَ الْأَمْر تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ وَهُوَ قَوْله " إِذَا هَمَّ أَحَدكُمْ بِالْأَمْرِ " قُلْنَا : وَكَذَلِكَ فِي التَّشَهُّد إِنَّمَا يُؤْمَر بِهِ مَنْ صَلَّى , وَيُمْكِن الْفَرْق وَإِنْ اِشْتَرَكَا فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ التَّشَهُّد جُزْء مِنْ الصَّلَاة فَيُؤْخَذ الْوُجُوب مِنْ قَوْله " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَدَلَّ عَلَى عَدَم وُجُوب الِاسْتِخَارَة مَا دَلَّ عَلَى عَدَم وُجُوب صَلَاة زَائِدَة عَلَى الْخَمْس فِي حَدِيث " هَلْ عَلَيَّ غَيْرهَا ؟ قَالَ : لَا , إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع " اِنْتَهَى , وَهَذَا وَإِنْ صَلُحَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَم وُجُوب رَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَة لَكِنْ لَا يَمْنَع مِنْ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى وُجُوب دُعَاء الِاسْتِخَارَة , فَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلْإِرْشَادِ فَعَدَلُوا بِهِ عَنْ سُنَن الْوُجُوب , وَلَمَّا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى ذِكْر اللَّه وَالتَّفْوِيض إِلَيْهِ كَانَ مَنْدُوبًا وَاَللَّه أَعْلَم.
ثُمَّ نَقُول : هُوَ ظَاهِر فِي تَأْخِير الدُّعَاء عَنْ الصَّلَاة , فَلَوْ دَعَا بِهِ فِي أَثْنَاء الصَّلَاة اِحْتَمَلَ الْإِجْزَاء , وَيَحْتَمِل التَّرْتِيب عَلَى تَقْدِيم الشُّرُوع فِي الصَّلَاة قَبْل الدُّعَاء , فَإِنَّ مَوْطِن الدُّعَاء فِي الصَّلَاة السُّجُود أَوْ التَّشَهُّد.
وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة.
الْحِكْمَة فِي تَقْدِيم الصَّلَاة عَلَى الدُّعَاء أَنَّ الْمُرَاد بِالِاسْتِخَارَةِ حُصُول الْجَمْع بَيْن خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَيَحْتَاج إِلَى قَرْع بَاب الْمَلِك , وَلَا شَيْء لِذَلِكَ أَنْجَع وَلَا أَنْجَح مِنْ الصَّلَاة لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيم اللَّه وَالثَّنَاء عَلَيْهِ وَالِافْتِقَار إِلَيْهِ مَآلًا وَحَالًا.
قَوْله ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرك بِعِلْمِك ) الْبَاء لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنَّك أَعْلَم , وَكَذَا هِيَ فِي قَوْله " بِقُدْرَتِك " وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون لِلِاسْتِعَانَةِ كَقَوْلِهِ ( بِسْمِ اللَّه مَجْراهَا ) وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون لِلِاسْتِعْطَافِ كَقَوْلِهِ ( قَالَ رَبّ بِمَا أَنْعَمْت عَلَيَّ ) الْآيَة.
وَقَوْله " وَأَسْتَقْدِرك " أَيْ أَطْلُب مِنْك أَنْ تَجْعَل لِي عَلَى ذَلِكَ قُدْرَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى أَطْلُب مِنْك أَنْ تَقْدُرهُ لِي , وَالْمُرَاد بِالتَّقْدِيرِ التَّيْسِير.
قَوْله ( وَأَسَالك مِنْ فَضْلك ) إِشَارَة إِلَى أَنَّ إِعْطَاء الرَّبّ فَضْل مِنْهُ , وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَقّ فِي نِعَمه كَمَا هُوَ مَذْهَب أَهْل السُّنَّة.
قَوْله ( فَإِنَّك تَقْدِر وَلَا أَقْدِر , وَتَعْلَم وَلَا أَعْلَم ) إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْعِلْم وَالْقُدْرَة لِلَّهِ وَحْده , وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا قَدَّرَ اللَّه لَهُ , وَكَأَنَّهُ قَالَ : أَنْتَ يَا رَبّ تُقَدِّر قَبْل أَنْ تَخْلُق فِيّ الْقُدْرَة وَعِنْدَمَا تَخْلُقهَا فِيَّ وَبَعْد مَا تَخْلُقهَا.
قَوْله ( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْت تَعْلَم أَنَّ هَذَا الْأَمْر ) فِي رِوَايَة مَعْن وَغَيْره " فَإِنْ كُنْت تَعْلَم هَذَا الْأَمْر " زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن مُقَاتِل عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْمَوَّال " الَّذِي يُرِيد " وَزَادَ فِي رِوَايَة مَعْن " ثُمَّ يُسَمِّيه بِعَيْنِهِ " وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي آخِر الْحَدِيث فِي الْبَاب , وَظَاهِر سِيَاقه أَنْ يَنْطِق بِهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكْتَفِي بِاسْتِحْضَارِهِ بِقَلْبِهِ عِنْد الدُّعَاء , وَعَلَى الْأَوَّل تَكُون التَّسْمِيَة بَعْد الدُّعَاء , وَعَلَى الثَّانِي تَكُون الْجُمْلَة حَالِيَّة وَالتَّقْدِير فَلْيَدْعُ مُسَمِّيًا حَاجَته.
وَقَوْله " إِنْ كُنْت " اِسْتَشْكَلَ الْكَرْمَانِيُّ الْإِتْيَان بِصِيغَةِ الشَّكّ هُنَا وَلَا يَجُوز الشَّكّ فِي كَوْن اللَّه عَالِمًا : وَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّكّ فِي أَنَّ الْعِلْم مُتَعَلِّق بِالْخَيْرِ أَوْ الشَّرّ لَا فِي أَصْل الْعِلْم.
قَوْله ( وَمَعَاشِي ) زَادَ أَبُو دَاوُدَ " وَمَعَادِي " وَهُوَ يُؤَيِّد أَنَّ الْمُرَاد بِالْمَعَاشِ الْحَيَاة , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِالْمَعَاشِ مَا يُعَاش فِيهِ وَلِذَلِكَ وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود فِي بَعْض طُرُقه عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَط " فِي دِينِي وَدُنْيَايَ " وَفِي حَدِيث أَبِي أَيُّوب عِنْد الطَّبَرَانِيِّ " فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي " زَادَ اِبْن حِبَّان فِي رِوَايَته " وَدِينِي " وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي دِينِي وَمَعِيشَتِي.
قَوْله ( وَعَاقِبَة أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِل أَمْرِي وَآجِله ) هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي وَلَمْ تَخْتَلِف الطُّرُق فِي ذَلِكَ , وَاقْتَصَرَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عَلَى " عَاقِبَة أَمْرِي " وَكَذَا فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود , وَهُوَ يُؤَيِّد أَحَد الِاحْتِمَالَيْنِ فِي أَنَّ الْعَاجِل وَالْآجِل مَذْكُورَانِ بَدَل الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة أَوْ بَدَل الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ , وَعَلَى هَذَا فَقَوْل الْكَرْمَانِيّ : لَا يَكُون الدَّاعِي جَازِمًا بِمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا إِنْ دَعَا ثَلَاث مَرَّات يَقُول مَرَّة فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَة أَمْرِي , وَمَرَّة فِي عَاجِل أَمْرِي وَآجِله , وَمَرَّة فِي دِينِي وَعَاجِل أَمْرِي وَآجِله.
قُلْت : وَلَمْ يَقَع ذَلِكَ أَيْ الشَّكّ فِي حَدِيث أَبِي أَيُّوب وَلَا أَبِي هُرَيْرَة أَصْلًا.
قَوْله ( فَاقْدُرْهُ لِي ) قَالَ أَبُو الْحَسَن الْقَابِسِيّ : أَهْل بَلَدنَا يَكْسِرُونَ الدَّال , وَأَهْل الشَّرْق يَضُمُّونَهَا.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : مَعْنَى قَوْله اِجْعَلْهُ مَقْدُورًا لِي أَوْ قَدِّرْهُ , وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَسِّرْهُ لِي.
زَادَ مَعْن " وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ ".
قَوْله ( فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ) أَيْ حَتَّى لَا يَبْقَى قَلْبه بَعْد صَرْف الْأَمْر عَنْهُ مُتَعَلِّقًا بِهِ , وَفِيهِ دَلِيل لِأَهْلِ السُّنَّة أَنَّ الشَّرّ مِنْ تَقْدِير اللَّه عَلَى الْعَبْد لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَقْدِر عَلَى اِخْتِرَاعه لَقَدَرَ عَلَى صَرْفه وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى طَلَب صَرْفه عَنْهُ.
قَوْله ( وَاقْدُرْ لِي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ ) فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد بَعْد قَوْله وَاقْدُرْ لِي الْخَيْر أَيْنَمَا كَانَ " لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ".
قَوْله ( ثُمَّ رَضِّنِي ) بِالتَّشْدِيدِ , وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة " ثُمَّ اِرْضَنِي " بِهِ أَيْ اِجْعَلْنِي بِهِ رَاضِيًا , وَفِي بَعْض طُرُق حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَط " وَرَضَّنِي بِقَضَائِك " وَفِي حَدِيث أَبِي أَيُّوب " وَرَضِّنِي بِقَدَرِك " وَالسِّرّ فِيهِ أَنْ لَا يَبْقَى قَلْبه مُتَعَلِّقًا بِهِ فَلَا يَطْمَئِنّ خَاطِره.
وَالرِّضَا سُكُون النَّفْس إِلَى الْقَضَاء.
وَفِي الْحَدِيث شَفَقَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّته وَتَعْلِيمهمْ جَمِيع مَا يَنْفَعهُمْ فِي دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ , وَوَقَعَ فِي بَعْض طُرُقه عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء إِذَا أَرَادَ أَنْ يَصْنَع أَمْرًا.
وَفِيهِ أَنَّ الْعَبْد لَا يَكُون قَادِرًا إِلَّا مَعَ الْفِعْل لَا قَبْله , وَاَللَّه هُوَ خَالِق الْعِلْم بِالشَّيْءِ لِلْعَبْدِ وَهَمُّهُ بِهِ وَاقْتِدَاره عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ يَجِب عَلَى الْعَبْد رَدّ الْأُمُور كُلّهَا إِلَى اللَّه وَالتَّبَرِّي مِنْ الْحَوْل وَالْقُوَّة إِلَيْهِ وَأَنْ يَسْأَل رَبّه فِي أُمُوره كُلّهَا.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَمْر بِالشَّيْءِ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدّه لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ " إِنْ كُنْت تَعْلَم أَنَّهُ خَيْر لِي " عَنْ قَوْله " وَإِنْ كُنْت تَعْلَم أَنَّهُ شَرّ لِي إِلَخْ " لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ خَيْرًا فَهُوَ شَرّ , وَفِيهِ نَظَر لِاحْتِمَالِ وُجُود الْوَاسِطَة.
وَاخْتُلِفَ فِيمَاذَا يَفْعَل الْمُسْتَخِير بَعْد الِاسْتِخَارَة , فَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : يَفْعَل مَا اِتَّفَقَ , وَيُسْتَدَلّ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُق حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَفِي آخِره , ثُمَّ يَعْزِم , وَأَوَّل الْحَدِيث " إِذَا أَرَادَ أَحَدكُمْ أَمْرًا فَلْيَقُلْ " وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار " : يَفْعَل بَعْد الِاسْتِخَارَة مَا يَنْشَرِح بِهِ صَدْره.
وَيَسْتَدِلّ لَهُ بِحَدِيثِ أَنَس عِنْد اِبْن السُّنِّيّ " إِذَا هَمَمْت بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبّك سَبْعًا ثُمَّ اُنْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِق فِي قَلْبك فَإِنَّ الْخَيْر فِيهِ " وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَد , لَكِنْ سَنَده وَاهٍ جِدًّا , وَالْمُعْتَمَد أَنَّهُ لَا يَفْعَل مَا يَنْشَرِح بِهِ صَدْره مِمَّا كَانَ لَهُ فِيهِ هَوًى قَوِيّ قَبْل الِاسْتِخَارَة , وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ فِي آخِر حَدِيث أَبِي سَعِيد " وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ".
حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنْ الْقُرْآنِ إِذَا هَمَّ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ
عن أبي موسى قال: «دعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ، ثم رفع يديه، فقال: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض إبطيه، فقال: اللهم اجعله يوم القيام...
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس اربعوا على أنف...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول:...
عن أنس رضي الله عنه قال: «رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، فقال: مهيم، أو مه! قال: قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب،...
عن جابر رضي الله عنه قال: «هلك أبي وترك سبع أو تسع بنات فتزوجت امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجت يا جابر؟ قلت: نعم، قال: بكرا أم ثيبا؟ قلت...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما...
عن أنس قال: «كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.»
عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا هؤلاء الكلمات كما تعلم الكتابة: اللهم إني أعوذ بك من البخ...
عن عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طب حتى إنه ليخيل إليه قد صنع الشيء وما صنعه، وإنه دعا ربه، ثم قال: أشعرت أن الله قد أفتاني ف...