6451- عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني.»
(رفي) الرف خشبة عريضة يغرز طرفاها في الجدار.
(شطر شعير) بعض شعير
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي شَيْبَة ) هُوَ أَبُو بَكْر وَأَبُو شَيْبَة جَدّه لِأَبِيهِ وَهُوَ اِبْن مُحَمَّد بْن أَبِي شَيْبَة وَاسْمه إِبْرَاهِيم , أَصْله مِنْ وَاسِط وَسَكَنَ الْكُوفَة وَهُوَ أَحَد الْحُفَّاظ الْكِبَار , وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الْمُصَنِّف وَكَذَا مُسْلِم لَكِنْ مُسْلِم يُكَنِّيه دَائِمًا وَالْبُخَارِيّ يُسَمِّيه وَقَلَّ أَنْ كَنَّاهُ.
قَوْله ( وَمَا فِي بَيْتِي شَيْء إِلَخْ ) لَا يُخَالِف مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا مِنْ حَدِيث عَمْرو بْن الْحَارِث الْمُصْطَلِقِيّ " مَا تَرَكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد مَوْته دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَيْئًا " لِأَنَّ مُرَاده بِالشَّيْءِ الْمَنْفِيِّ مَا تَخَلَّفَ عَنْهُ مِمَّا كَانَ يَخْتَصّ بِهِ , وَأَمَّا الَّذِي أَشَارَتْ إِلَيْهِ عَائِشَة فَكَانَ بَقِيَّة نَفَقَتهَا الَّتِي تَخْتَصّ بِهَا فَلَمْ يَتَّحِد الْمَوْرِدَانِ.
قَوْله ( يَأْكُلهُ ذُو كَبِد ) شَمِلَ جَمِيع الْحَيَوَان وَانْتَفَى جَمِيع الْمَأْكُولَات.
قَوْله ( إِلَّا شَطْر شَعِير ) الْمُرَاد بِالشَّطْرِ هُنَا الْبَعْض , وَالشَّطْر يُطْلَق عَلَى النِّصْف وَعَلَى مَا قَارَبَهُ وَعَلَى الْجِهَة وَلَيْسَتْ مُرَادَة هُنَا , وَيُقَال أَرَادَتْ نِصْف وَسْق.
قَوْله ( فِي رَفّ لِي ) قَالَ الْجَوْهَرِيّ الرَّفّ شِبْه الطَّاق فِي الْحَائِط , وَقَالَ عِيَاض : الرَّفّ خَشَب يَرْتَفِع عَنْ الْأَرْض فِي الْبَيْت يُوضَع فِيهِ مَا يُرَاد حِفْظه.
قُلْت : وَالْأَوَّل أَقْرَب لِلْمُرَادِ.
قَوْله ( فَأَكَلْت مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ , فَكِلْته ) بِكَسْرِ الْكَاف ( فَفَنِيَ ) أَيْ فَرَغَ.
قَالَ اِبْن بَطَّال حَدِيث عَائِشَة هَذَا فِي مَعْنَى حَدِيث أَنَس فِي الْأَخْذ مِنْ الْعَيْش بِالِاقْتِصَادِ وَمَا يَسُدّ الْجَوْعَة.
قُلْت : إِنَّمَا يَكُون كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ بِالْقَصْدِ إِلَيْهِ , وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْثِر بِمَا عِنْده , فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ مَا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ خَيْبَر وَغَيْرهَا مِنْ تَمْر وَغَيْره يَدَّخِر قُوت أَهْله سَنَة ثُمَّ يَجْعَل مَا بَقِيَ عِنْده عُدَّة فِي سَبِيل اللَّه تَعَالَى , ثُمَّ كَانَ مَعَ ذَلِكَ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ طَارِئ أَوْ نَزَلَ بِهِ ضَيْف يُشِير عَلَى أَهْله بِإِيثَارِهِمْ فَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَفَاد مَا عِنْدهمْ أَوْ مُعْظَمه , وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْه آخَرَ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ " مَا شَبِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَة أَيَّام مُتَوَالِيَة , وَلَوْ شِئْنَا لَشَبِعْنَا , وَلَكِنَّهُ كَانَ يُؤْثِر عَلَى نَفْسه " , وَأَمَّا قَوْلهَا " فَكِلْته فَفَنِيَ " قَالَ اِبْن بَطَّال : فِيهِ أَنَّ الطَّعَام الْمَكِيل يَكُون فَنَاؤُهُ مَعْلُومًا لِلْعِلْمِ بِكَيْلِهِ , وَأَنَّ الطَّعَام غَيْر الْمَكِيل فِيهِ الْبَرَكَة لِأَنَّهُ غَيْر مَعْلُوم مِقْدَاره.
قُلْت : فِي تَعْمِيم كُلّ الطَّعَام بِذَلِكَ نَظَر , وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْخُصُوصِيَّة لِعَائِشَة بِبَرَكَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ وَقَعَ مِثْل ذَلِكَ فِي حَدِيث جَابِر الَّذِي أَذْكُرهُ آخِر الْبَاب , وَوَقَعَ مِثْل ذَلِكَ فِي مِزْوَد أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِل " مِنْ طَرِيق أَبِي الْعَالِيَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمَرَاتٍ فَقُلْت : اُدْعُ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ , قَالَ فَقَبَضَ ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ : خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَد فَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَأْخُذ مِنْهُنَّ فَأَدْخِلْ يَدك فَخُذْ وَلَا تَنْثُر بِهِنَّ نَثْرًا , فَحَمَلْت مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيل اللَّه , وَكُنَّا نَأْكُل وَنُطْعِم وَكَانَ الْمِزْوَد مُعَلَّقًا بِحَقْوِي لَا يُفَارِقهُ , فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَان اِنْقَطَعَ " وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق سَهْل بْن زِيَاد عَنْ أَيُّوب عَنْ مُحَمَّد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مُطَوَّلًا وَفِيهِ " فَأَدْخِلْ يَدك فَخُذْ وَلَا تُكْفِئ فَيُكْفَأ عَلَيْك " وَمِنْ طَرِيق يَزِيد بْن أَبِي مَنْصُور عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة نَحْوه , وَنَحْوه مَا وَقَعَ فِي عُكَّة الْمَرْأَة وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر " أَنَّ أُمّ مَالِك كَانَتْ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُكَّة لَهَا سَمْنًا فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْم فَتَعْمَد إِلَى الْعُكَّة فَتَجِد فِيهَا سَمْنًا فَمَا زَالَ يُقِيم لَهَا أُدْم بَيْتهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَوْ تَرَكْتِهَا مَا زَالَ قَائِمًا " وَقَدْ اسْتَشْكَلَ هَذَا النَّهْي مَعَ الْأَمْر بِكَيْلِ الطَّعَام وَتَرْتِيب الْبَرَكَة عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوع مِنْ حَدِيث الْمِقْدَام بْن مَعْدِيَكْرِب بِلَفْظِ " كِيلُوا طَعَامكُمْ يُبَارَك لَكُمْ فِيهِ " , وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَيْل عِنْد الْمُبَايَعَة مَطْلُوب مِنْ أَجْل تَعَلُّق حَقّ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِهَذَا الْقَصْد يُنْدَب , وَأَمَّا الْكَيْل عِنْد الْإِنْفَاق فَقَدْ يَبْعَث عَلَيْهِ الشُّحّ فَلِذَلِكَ كُرِهَ , وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق مَعْقِل بْن عُبَيْد اللَّه عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر " أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطْعِمهُ , فَأَطْعَمَهُ شَطْر وَسْق شَعِير , فَمَا زَالَ الرَّجُل يَأْكُل مِنْهُ وَامْرَأَته وَضَيْفهمَا حَتَّى كَالَهُ , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَوْ لَمْ تَكِلهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : سَبَب رَفْع النَّمَاء مِنْ ذَلِكَ عِنْد الْعَصْر وَالْكَيْل - وَاَللَّه أَعْلَم - الِالْتِفَات بِعَيْنِ الْحِرْص مَعَ مُعَايَنَة إِدْرَار نِعَم اللَّه وَمَوَاهِب كَرَامَاته وَكَثْرَة بَرَكَاته , وَالْغَفْلَة عَنْ الشُّكْر عَلَيْهَا وَالثِّقَة بِاَلَّذِي وَهَبَهَا وَالْمَيْل إِلَى الْأَسْبَاب الْمُعْتَادَة عِنْد مُشَاهَدَة خَرْق الْعَادَة.
وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ مَنْ رُزِقَ شَيْئًا أَوْ أُكْرِم بِكَرَامَةٍ أَوْ لُطِفَ بِهِ فِي أَمْر مَا فَالْمُتَعَيِّن عَلَيْهِ مُوَالَاة الشُّكْر وَرُؤْيَة الْمِنَّة لِلَّهِ تَعَالَى , وَلَا يُحْدِث فِي تِلْكَ الْحَالَة تَغْيِيرًا وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ
حدثنا مجاهد: «أن أبا هريرة كان يقول: آلله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت...
حدثنا قيس قال: سمعت سعدا يقول: «إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، ورأيتنا نغزو وما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر، وإن أحدنا ليضع كما تضع ال...
عن عائشة، قالت: «ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة، من طعام بر ثلاث ليال تباعا، حتى قبض»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر.»
عن عائشة قالت: «كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه من ليف.»
حدثنا قتادة قال: «كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم، وقال: كلوا، فما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله، ولا رأى شاة سميطا بع...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا، إنما هو التمر والماء إلا أن نؤتى باللحيم.»
عن عائشة أنها «قالت: لعروة ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: ما كان يع...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزق آل محمد قوتا.»