حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

انظروا فإذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الرقاق باب الخوف من الله (حديث رقم: 6481 )


6481- عن ‌أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «ذكر رجلا: فيمن كان سلف أو قبلكم، آتاه الله مالا وولدا يعني أعطاه قال: فلما حضر قال لبنيه: أي أب كنت؟ قالوا: خير أب، قال: فإنه لم يبتئر عند الله خيرا فسرها قتادة لم يدخر وإن يقدم على الله يعذبه فانظروا، فإذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني، أو قال فاسهكوني، ثم إذا كان ريح عاصف فأذروني فيها، فأخذ مواثيقهم على ذلك وربي، ففعلوا، فقال الله: كن، فإذا رجل قائم، ثم قال: أي عبدي، ما حملك على ما فعلت؟ قال: مخافتك أو فرق منك، فما تلافاه أن رحمه الله» فحدثت أبا عثمان، فقال: سمعت سلمان، غير أنه زاد: فأذروني في البحر.
أو كما حدث.
وقال معاذ: حدثنا شعبة عن قتادة: سمعت عقبة: سمعت أبا سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البخاري


(يقدم على الله) يبعث يوم القيامة على هيئته.
(فاسهكوني) من السهك وهو أن يفت الشيء أو يدق قطعا صغارا وقيل هو بمعنى السحق.
(وربي) أي جعلهم يقسمون بربهم على العهد أو هو قسم من المخبر عنهم.
(فرق) خوف.
(تلافاه) تداركه برحمته

شرح حديث (انظروا فإذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله فِي الْحَدِيث ( عَنْ أَبِي سَعِيد ) ‏ ‏تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي تَابِعِيهِ , ‏ ‏وَمُوسَى ‏ ‏هُوَ اِبْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِيُّ , ‏ ‏وَمُعْتَمِر ‏ ‏هُوَ اِبْن سُلَيْمَان التَّيْمِيُّ , وَالسَّنَد كُلّه بَصْرِيُّونَ.
‏ ‏قَوْله ( فِيمَنْ سَلَفَ أَوْ فِيمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ ) ‏ ‏شَكّ مِنْ الرَّاوِي عَنْ قَتَادَة , وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة عَنْ قَتَادَة بِلَفْظِ " أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلكُمْ ".
‏ ‏قَوْله ( آتَاهُ اللَّه مَالًا وَوَلَدًا ) ‏ ‏يَعْنِي أَعْطَاهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ تَفْسِير لِلَفْظِ آتَاهُ , وَهِيَ بِالْمَدِّ بِمَعْنَى الْعَطَاء وَبِالْقَصْرِ بِمَعْنَى الْمَجِيء , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ هُنَا " مَالًا " وَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهَا بِمُفْرَدِهَا.
‏ ‏قَوْله ( فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِر عِنْد اللَّه خَيْرًا فَسَّرَهَا قَتَادَة لَمْ يَدَّخِر ) ‏ ‏كَذَا وَقَعَ هُنَا يَبْتَئِر بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون الْمُوَحَّدَة وَفَتْح الْمُثَنَّاة بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة مَهْمُوزَة ثُمَّ رَاء مُهْمَلَة , وَتَفْسِير قَتَادَة صَحِيح وَأَصْله مِنْ الْبَئِيرَة بِمَعْنَى الذَّخِيرَة وَالْخَبِيئَة , قَالَ أَهْل اللُّغَة : بَأَرْت الشَّيْء وَابْتَأَرْتُهُ أَبْأَرُهُ وَأَبْتَئِرُهُ إِذَا خَبَّأْته , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن السَّكَن " لَمْ يَأْبَتِرْ " بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَة عَلَى الْمُوَحَّدَة حَكَاهُ عِيَاض , وَهُمَا صَحِيحَانِ بِمَعْنًى وَالْأَوَّل أَشْهَر , وَمَعْنَاهُ لَمْ يُقَدِّم خَيْرًا كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيث , يُقَال بَأَرْت الشَّيْء وَابْتَأَرْتُهُ وَائْبَتَرْتُهُ إِذَا اِدَّخَرْته , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحُفْرَةِ الْبِئْر وَوَقَعَ فِي التَّوْحِيد وَفِي رِوَايَة أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ فِيمَا اِقْتَصَرَ عَلَيْهِ عِيَاض وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدنَا كَذَلِكَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ " لَمْ يَبْتَئِر أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ " بِالشَّكِّ فِي الزَّاي أَوْ الرَّاء , وَفِي رِوَايَة الجُّرْجَانِيّ بِنُونٍ بَدَل الْمُوَحَّدَة وَالزَّاي قَالَ : وَكِلَاهُمَا غَيْر صَحِيح وَفِي بَعْض الرِّوَايَات فِي غَيْر الْبُخَارِيّ يَنْتَهِز بِالْهَاءِ بَدَل الْهَمْزَة وَبِالزَّايِ , وَيَمْتَئِر بِالْمِيمِ بَدَل الْمُوَحَّدَة وَبِالرَّاءِ أَيْضًا قَالَ وَكِلَاهُمَا صَحِيح أَيْضًا كَالْأَوَّلَيْنِ.
‏ ‏قَوْله ( وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللَّه يُعَذِّبْهُ ) ‏ ‏كَذَا هُنَا بِفَتْحِ الدَّال وَسُكُون الْقَاف مِنْ الْقُدُوم وَهُوَ بِالْجَزْمِ عَلَى الشَّرْطِيَّة , وَكَذَا يُعَذِّبهُ بِالْجَزْمِ عَلَى الْجَزَاء , وَالْمَعْنَى إِنْ بُعِثَ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى هَيْئَته يَعْرِفهُ كُلّ أَحَد فَإِذَا صَارَ رَمَادًا مَبْثُوثًا فِي الْمَاء وَالرِّيح لَعَلَّهُ يَخْفَى , وَوَقَعَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ جَرِير بِسَنَدِ حَدِيث الْبَاب " فَإِنَّهُ إِنْ يَقْدِر عَلَيَّ رَبِّي لَا يَغْفِر لِي " وَكَذَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " لَئِنْ قَدَرَ اللَّه عَلَيَّ " وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهه مُسْتَوْفًى فِي ذِكْر بَنِي إِسْرَائِيل.
وَمِنْ اللَّطَائِف أَنَّ مِنْ جُمْلَة الْأَجْوِبَة عَنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخنَا اِبْن الْمُلَقِّن فِي شَرْحه أَنَّ الرَّجُل قَالَ ذَلِكَ لِمَا غَلَبَهُ مِنْ الْخَوْف وَغَطَّى عَلَى فَهْمه مِنْ الْجَزَع فَيُعْذَر فِي ذَلِكَ , وَهُوَ نَظِير الْخَبَر الْمَرْوِيّ فِي قِصَّة الَّذِي يَدْخُل الْجَنَّة آخِر مَنْ يَدْخُلهَا فَيُقَال : إِنَّ لَك مِثْل الدُّنْيَا وَعَشَرَة أَمْثَالهَا فَيَقُول لِلْفَرَحِ الَّذِي دَخَلَهُ : أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّك.
أَخْطَأَ مِنْ شِدَّة الْفَرَح.
قُلْت وَتَمَام هَذَا أَنَّ أَبَا عَوَانَة أَخْرَجَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق أَنَّ الرَّجُل الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْبَاب هُوَ آخِر أَهْل الْجَنَّة دُخُولًا الْجَنَّة , فَعَلَى هَذَا يَكُون وَقَعَ لَهُ مِنْ الْخَطَإِ بَعْد دُخُول الْجَنَّة نَظِير مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْخَطَإِ عِنْد حُضُور الْمَوْت , لَكِنْ أَحَدهمَا مِنْ غَلَبَة الْخَوْف وَالْآخَر مِنْ غَلَبَة الْفَرَح.
قُلْت : وَالْمَحْفُوظ أَنَّ الَّذِي قَالَ أَنْتَ عَبْدِي هُوَ الَّذِي وَجَدَ رَاحِلَته بَعْد أَنْ ضَلَّتْ , وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى.
‏ ‏قَوْله ( فَأَحْرِقُونِي ) ‏ ‏فِي حَدِيث حُذَيْفَة هُنَاكَ " فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي ".
‏ ‏قَوْله ( فَاسْحَقُونِي , أَوْ قَالَ فَاسْهَكُونِي ) ‏ ‏هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة , " اِسْحَقُونِي " بِغَيْرِ شَكّ , وَالسَّهْك بِمَعْنَى السَّحْق وَيُقَال هُوَ دُونه , وَوَقَعَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ " أَحْرِقُونِي ثُمَّ اِطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُونِي ".
‏ ‏قَوْله ( ثُمَّ إِذَا كَانَ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " حَتَّى إِذْ كَانَ ".
‏ ‏قَوْله ( فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّي ) ‏ ‏هُوَ مِنْ الْقَسَم الْمَحْذُوف جَوَابه , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون حِكَايَة الْمِيثَاق الَّذِي أَخَذَهُ , أَيْ قَالَ لِمَنْ أَوْصَاهُ قُلْ وَرَبِّي لَأَفْعَلَن ذَلِكَ , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ عِنْد مُسْلِم " فَأَخَذَ مِنْهُمْ يَمِينًا " لَكِنْ يُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم أَيْضًا " فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ وَرَبِّي " فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ قَسَم مِنْ الْمُخْبِر , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الَّذِي فِي الْبُخَارِيّ هُوَ الصَّوَاب , وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي عِنْد مُسْلِم لَعَلَّهُ أَصْوَب , وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ مِنْ مُسْلِم " وَذُرِّي " بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الرَّاء الْمَكْسُورَة بَدَل " وَرَبِّي " أَيْ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ التَّذْرِيَة , قَالَ عِيَاض : إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَة فَهِيَ الْوَجْه , وَلَعَلَّ الذَّال سَقَطَتْ لِبَعْضِ النُّسَّاخ ثُمَّ صُحِّفَتْ اللَّفْظَة , كَذَا قَالَ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّل أَوْجَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَم مِنْ تَصْوِيب هَذِهِ الرِّوَايَة تَخْطِئَة الْحُفَّاظ بِغَيْرِ دَلِيل , وَلِأَنَّ غَايَتهَا أَنْ تَكُون تَفْسِيرًا أَوْ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ " فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ " بِخِلَافِ قَوْله " وَرَبِّي " فَإِنَّهَا تَزِيد مَعْنًى آخَر غَيْر قَوْله " وَذُرِّي " وَأَبْعَدَ الْكَرْمَانِيُّ فَجَوَّزَ أَنْ يَكُون قَوْله فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ " وَرَبِّي " بِصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ التَّرْبِيَة أَيْ رَبِّي أَخَذَ الْمَوَاثِيق بِالتَّأْكِيدَاتِ وَالْمُبَالَغَات , قَالَ لَكِنَّهُ مَوْقُوف عَلَى الرِّوَايَة.
‏ ‏قَوْله ( فَقَالَ اللَّه كُنْ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة وَكَذَا فِي حَدِيث حُذَيْفَة الَّذِي قَبْله " فَجَمَعَهُ اللَّه " وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فَأَمَرَ اللَّه الْأَرْض فَقَالَ اِجْمَعِي مَا فِيك مِنْهُ فَفَعَلَتْ ".
‏ ‏قَوْله ( فَإِذَا رَجُل قَائِم ) ‏ ‏قَالَ اِبْن مَالِك جَازَ وُقُوع الْمُبْتَدَأ نَكِرَة مَحْضَة بَعْد إِذَا الْمُفَاجِئَة لِأَنَّهَا مِنْ الْقَرَائِن الَّتِي تَحْصُل بِهَا الْفَائِدَة كَقَوْلِك : خَرَجْت فَإِذَا سَبُع.
‏ ‏قَوْله ( مَخَافَتُك , أَوْ فَرَقٌ مِنْك ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْفَاء وَالرَّاء وَهُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي.
وَفِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة " مَخَافَتك " بِغَيْرِ شَكّ , وَتَقَدَّمَ بِلَفْظِ " خَشْيَتك " فِي حَدِيث حُذَيْفَة.
وَبَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ فِيمَا مَضَى وَهُوَ بِالرَّفْعِ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة " مِنْ خَشْيَتك " وَلِبَعْضِهِمْ " خَشْيَتك " بِغَيْرِ مِنْ وَهِيَ بِفَتْحِ التَّاء , وَجَوَّزُوا الْكَسْر عَلَى تَقْدِير حَذْفهَا وَإِبْقَاء عَمَلِهَا.
‏ ‏قَوْله ( فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ ) ‏ ‏أَيْ تَدَارَكَهُ و " مَا " مَوْصُولَة أَيْ الَّذِي تَلَافَاهُ هُوَ الرَّحْمَة , أَوْ نَافِيَة وَصِيغَة الِاسْتِثْنَاء مَحْذُوفَة , أَوْ الضَّمِير فِي تَلَافَاهُ لِعَمَلِ الرَّجُل , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان الِاخْتِلَاف فِي هَذِهِ اللَّفْظَة هُنَاكَ , وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة " فَغَفَرَ لَهُ " وَكَذَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , قَالَتْ الْمُعْتَزِلَة : غَفَرَ لَهُ لِأَنَّهُ تَابَ عِنْد مَوْته وَنَدِمَ عَلَى فِعْله , وَقَالَتْ الْمُرْجِئَة : غَفَرَ لَهُ بِأَصْلِ تَوْحِيده الَّذِي لَا تَضُرّ مَعَهُ مَعْصِيَة , وَتُعُقِّبَ الْأَوَّل بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رَدَّ الْمَظْلِمَة فَالْمَغْفِرَة حِينَئِذٍ بِفَضْلِ اللَّه لَا بِالتَّوْبَةِ لِأَنَّهَا لَا تَتِمّ إِلَّا بِأَخْذِ الْمَظْلُوم حَقّه مِنْ الظَّالِم , وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ نَبَّاشًا.
وَتُعُقِّبَ الثَّانِي بِأَنَّهُ وَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي بَكْر الصِّدِّيق الْمُشَار إِلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ عُذِّبَ , فَعَلَى هَذَا فَتُحْمَل الرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة عَلَى إِرَادَة تَرْك الْخُلُود فِي النَّار , وَبِهَذَا يُرَدّ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا : عَلَى الْمُرْجِئَة فِي أَصْل دُخُول النَّار وَعَلَى الْمُعْتَزِلَة فِي دَعْوَى الْخُلُود فِيهَا.
وَفِيهِ أَيْضًا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنْ الْمُعْتَزِلَة أَنَّهُ بِذَلِكَ الْكَلَام تَابَ فَوَجَبَ عَلَى اللَّه قَبُول تَوْبَته , قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : كَانَ الرَّجُل مُؤْمِنًا لِأَنَّهُ قَدْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ وَأَنَّ السَّيِّئَات يُعَاقَب عَلَيْهَا.
وَأَمَّا مَا أَوْصَى بِهِ فَلَعَلَّهُ كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِمْ ذَلِكَ لِتَصْحِيحِ التَّوْبَة , فَقَدْ ثَبَتَ فِي شَرْعِ بَنِي إِسْرَائِيل قَتْلُهُمْ أَنْفُسَهُمْ لِصِحَّةِ التَّوْبَة.
قَالَ : وَفِي الْحَدِيث جَوَاز تَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا قَرُبَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ قَالَ حَضَرَهُ الْمَوْت وَإِنَّمَا الَّذِي حَضَرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَة عَلَامَاتُهُ , وَفِيهِ فَضْل الْأُمَّة الْمُحَمَّدِيَّة لِمَا خُفِّفَ عَنْهُمْ مِنْ وَضْع مِثْل هَذِهِ الْآصَار , وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَة , وَفِيهِ عِظَم قُدْرَة اللَّه تَعَالَى أَنْ جَمَعَ جَسَدَ الْمَذْكُور بَعْد أَنْ تَفَرَّقَ ذَلِكَ التَّفْرِيق الشَّدِيد.
قُلْت وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ إِخْبَار عَمَّا يَكُون يَوْم الْقِيَامَة , وَتَقْرِير ذَلِكَ مُسْتَوْفًى.
‏ ‏قَوْله ( قَالَ فَحَدَّثْت أَبَا عُثْمَان ) ‏ ‏الْقَائِل هُوَ سُلَيْمَان التَّيْمِيُّ وَالِد مُعْتَمِر وَأَبُو عُثْمَان هُوَ النَّهْدِيّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلّ , ‏ ‏وَقَوْله " سَمِعْت سَلْمَان غَيْر أَنَّهُ زَادَ " ‏ ‏حَذَفَ الْمَسْمُوع الَّذِي اِسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ , وَالتَّقْدِير سَمِعْت سَلْمَان يُحَدِّث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيث غَيْر أَنَّهُ زَادَ.
‏ ‏قَوْله ( أَوْ كَمَا حَدَّثَ ) ‏ ‏شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي يُشِير إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى حَدِيث أَبِي سَعِيد لَا بِلَفْظِهِ كُلّه , وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدِيث سَلْمَان مِنْ طَرِيق صَالِح بْن حَاتِم بْن وَرْدَان وَحُمَيْدِ بْن مَسْعَدَة قَالَا " حَدَّثَنَا مُعْتَمِر سَمِعْت أَبِي سَمِعْت أَبَا عُثْمَان سَمِعْت هَذَا مِنْ سَلْمَان " فَذَكَرَهُ.
‏ ‏قَوْله ( وَقَالَ مُعَاذ إِلَخْ ) ‏ ‏وَصَلَهُ مُسْلِم , وَقَدْ مَضَى التَّنْبِيه عَلَيْهِ أَيْضًا هُنَاكَ.


حديث ذكر رجلا فيمن كان سلف أو قبلكم آتاه الله مالا وولدا يعني أعطاه قال فلما

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُعْتَمِرٌ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏أَبِي ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قَتَادَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ ‏ ‏أَوْ قَبْلَكُمْ ‏ ‏آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا ‏ ‏يَعْنِي أَعْطَاهُ قَالَ فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ لِبَنِيهِ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا ‏ ‏فَسَّرَهَا ‏ ‏قَتَادَةُ ‏ ‏لَمْ يَدَّخِرْ ‏ ‏وَإِنْ يَقْدَمْ عَلَى اللَّهِ يُعَذِّبْهُ فَانْظُرُوا فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِي ‏ ‏أَوْ قَالَ فَاسْهَكُونِي ‏ ‏ثُمَّ إِذَا كَانَ رِيحٌ عَاصِفٌ فَأَذْرُونِي فِيهَا فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّي فَفَعَلُوا فَقَالَ اللَّهُ كُنْ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ أَيْ عَبْدِي ‏ ‏مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ ‏ ‏أَوْ ‏ ‏فَرَقٌ ‏ ‏مِنْكَ ‏ ‏فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ ‏ ‏فَحَدَّثْتُ ‏ ‏أَبَا عُثْمَانَ ‏ ‏فَقَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏سَلْمَانَ ‏ ‏غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فَأَذْرُونِي فِي الْبَحْرِ أَوْ كَمَا حَدَّثَ ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏مُعَاذٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏عُقْبَةَ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

إني أنا النذير العريان فالنجا النجاء فأطاعته طائفة...

عن ‌أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما، فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان، فالنجا...

إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه ا...

المهاجر من هجر ما نهى الله عنه

عبد الله بن عمرو يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.»

لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا

عن أبي هريرة رضي الله عنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا.»

حديث أنس لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كث...

عن ‌أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا.»

حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره

عن ‌أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره.»

الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله

عن ‌عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك.»

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

عن ‌أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أصدق بيت قاله الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.»

إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلين...

عن ‌أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق،فلينظر إلى من هو أسفل منه.»