7411-
عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار.
وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغض ما في يده.
وقال: عرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مِنْ طَرِيق أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَجِ.
قَوْله ( يَد اللَّه ) تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير سُورَة هُود فِي أَوَّل هَذَا الْحَدِيث مِنْ الزِّيَادَة " أَنْفِقْ أُنْفِق عَلَيْك " وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة أَيْضًا فِي رِوَايَة هَمَّام لَكِنْ سَاقَهَا فِيهِ مُسْلِم وَأَفْرَدَهَا الْبُخَارِيّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب ( يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَام اللَّه ) وَوَقَعَ فِيهَا بَدَل يَد اللَّه " يَمِين اللَّه " وَيُتَعَقَّب بِهَا عَلَى مَنْ فَسَّرَ الْيَد هُنَا بِالنِّعْمَةِ , وَأَبْعَد مِنْهُ مَنْ فَسَّرَهَا بِالْخَزَائِنِ وَقَالَ أَطْلَقَ الْيَد عَلَى الْخَزَائِن لِتَصَرُّفِهَا فِيهَا.
قَوْله ( مَلْأَى ) بِفَتْحِ الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَهَمْزَة مَعَ الْقَصْر تَأْنِيث مَلْآن وَوَقَعَ بِلَفْظِ " مَلْآن " فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ وَقِيلَ هِيَ غَلَط وَوَجَّهَهَا بَعْضهمْ بِإِرَادَةِ الْيَمِين فَإِنَّهَا تُذَكَّر وَتُؤَنَّث , وَكَذَلِكَ الْكَفّ , وَالْمُرَاد مِنْ قَوْله مَلْأَى أَوْ مَلْآن لَازِمه وَهُوَ أَنَّهُ فِي غَايَة الْغِنَى وَعِنْده مِنْ الرِّزْق مَا لَا نِهَايَة لَهُ فِي عِلْم الْخَلَائِق.
قَوْله ( لَا يَغِيضهَا ) بِالْمُعْجَمَتَيْنِ بِفَتْحِ أَوَّله أَيْ لَا يُنْقِصهَا , يُقَال غَاضَ الْمَاء يَغِيض إِذَا نَقَصَ.
قَوْله ( سَحَّاء ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّل مَمْدُود أَيْ دَائِمَة الصَّبّ , يُقَال سَحَّ بِفَتْحِ أَوَّله مُثَقَّل يَسِحّ بِكَسْرِ السِّين فِي الْمُضَارِع وَيَجُوز ضَمّهَا , وَضُبِطَ فِي مُسْلِم " سَحًّا " بِلَفْظِ الْمَصْدَر.
قَوْله ( اللَّيْل وَالنَّهَار ) بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْف أَيْ فِيهِمَا وَيَجُوز الرَّفْع , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ " سَحَّ اللَّيْل وَالنَّهَار " بِالْإِضَافَةِ وَفَتْح الْحَاء وَيَجُوز ضَمّهَا.
قَوْله ( أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ ) تَنْبِيه عَلَى وُضُوح ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ بَصِيرَة.
قَوْله ( مُنْذُ خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض ) سَقَطَ لَفْظ الْجَلَالَة لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ رِوَايَة هَمَّامٍ.
قَوْله ( فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ ) أَيْ يَنْقُص , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة هَمَّام " لَمْ يَنْقُص مَا فِي يَمِينه " قَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوز أَنْ تَكُون مَلْأَى وَلَا يَغِيضهَا " وَسَحَّاء وَأَرَأَيْت " أَخْبَارًا مُتَرَادِفَة لِيَدِ اللَّه , وَيَجُوز أَنْ تَكُون الثَّلَاثَة أَوْصَافًا لِمَلْأَى وَيَجُوز أَنْ يَكُون " أَرَأَيْتُمْ " اِسْتِئْنَافًا فِيهِ مَعْنَى التَّرَقِّي , كَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ مَلْأَى أَوْهَمَ جَوَاز النُّقْصَان فَأُزِيلَ بِقَوْلِهِ لَا يَغِيضهَا شَيْء , وَقَدْ يَمْتَلِئ الشَّيْء وَلَا يَغِيض , فَقِيلَ سَحَّاء إِشَارَة إِلَى الْغَيْض وَقَرَنَهُ بِمَا يَدُلّ عَلَى الِاسْتِمْرَار مِنْ ذِكْر اللَّيْل وَالنَّهَار ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِر غَيْر خَافٍ عَلَى ذِي بَصَر وَبَصِيرَة بَعْد أَنْ اِشْتَمَلَ مِنْ ذِكْر اللَّيْل وَالنَّهَار بِقَوْلِهِ أَرَأَيْتُمْ عَلَى تَطَاوُل الْمُدَّة ; لِأَنَّهُ خِطَاب عَامّ وَالْهَمْزَة فِيهِ لِلتَّقْرِيرِ , قَالَ وَهَذَا الْكَلَام إِذَا أَخَذْتَهُ بِجُمْلَتِهِ مِنْ غَيْر نَظَر إِلَى مُفْرَدَاته أَبَانَ زِيَادَة الْغِنَى وَكَمَال السَّعَة وَالنِّهَايَة فِي الْجُود وَالْبَسْط فِي الْعَطَاء.
قَوْله ( وَقَالَ عَرْشه عَلَى الْمَاء ) سَقَطَ لَفْظ " قَالَ " مِنْ رِوَايَة هَمَّام , وَمُنَاسَبَة ذِكْر الْعَرْش هُنَا أَنَّ السَّامِع يَتَطَلَّع مِنْ قَوْله " خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض " مَا كَانَ قَبْل ذَلِكَ , فَذَكَرَ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ عَرْشه قَبْل خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض عَلَى الْمَاء كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ الْمَاضِي فِي بَدْء الْخَلْق بِلَفْظِ " كَانَ اللَّه وَلَمْ يَكُنْ شَيْء قَبْله وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض ".
قَوْله ( وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَان يَخْفِض وَيَرْفَع ) أَيْ يَخْفِض الْمِيزَان وَيَرْفَعهَا , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمِيزَان مَثَل , وَالْمُرَاد الْقِسْمَة بَيْن الْخَلْق , وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ يَخْفِض وَيَرْفَع , وَقَالَ الدَّاوُدِيّ : مَعْنَى الْمِيزَان أَنَّهُ قَدَّرَ الْأَشْيَاء وَوَقَّتَهَا وَحَدَّدَهَا فَلَا يَمْلِك أَحَد نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مِنْهُ وَبِهِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة هَمَّام " وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْفَيْض أَوْ الْقَبْض " الْأُولَى بِفَاءٍ وَتَحْتَانِيَّة وَالثَّانِيَة بِقَافٍ وَمُوَحَّدَة , كَذَا لِلْبُخَارِيِّ بِالشَّكِّ وَلِمُسْلِمٍ بِالْقَافِ وَالْمُوَحَّدَة بِلَا شَكّ , وَعَنْ بَعْض رُوَاته فِيمَا حَكَاهُ عِيَاض بِالْفَاءِ وَالتَّحْتَانِيَّة وَالْأَوَّل أَشْهَر , قَالَ عِيَاض الْمُرَاد بِالْقَبْضِ قَبْض الْأَرْوَاح بِالْمَوْتِ , وَبِالْفَيْضِ الْإِحْسَان بِالْعَطَاءِ وَقَدْ يَكُون بِمَعْنَى الْمَوْت , يُقَال : فَاضَتْ نَفْسه إِذَا مَاتَ , وَيُقَال بِالضَّادِ وَبِالظَّاءِ ا ه , وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّر بِمَعْنَى الْمِيزَان لِيُوَافِق رِوَايَة الْأَعْرَج الَّتِي فِي هَذَا الْبَاب فَإِنَّ الَّذِي يُوزَن بِالْمِيزَانِ يَخِفّ وَيَرْجَح , فَكَذَلِكَ مَا يُقْبَض , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْقَبْضِ الْمَنْع ; لِأَنَّ الْإِعْطَاء قَدْ ذُكِرَ فِي قَوْله قَبْل ذَلِكَ سَحَّاء اللَّيْل وَالنَّهَار , فَيَكُون مِثْل قَوْله تَعَالَى ( وَاَللَّهُ يَقْبِض وَيَبْسُط ) وَوَقَعَ فِي حَدِيث النَّوَّاس بْن سَمْعَان عِنْد مُسْلِم وَسَيَأْتِي التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي أَوَاخِر الْبَاب " الْمِيزَان بِيَدِ الرَّحْمَن يَرْفَع أَقْوَامًا وَيَضَع آخَرِينَ " وَفِي حَدِيث أَبِي مُوسَى عِنْد مُسْلِم وَابْن حِبَّان " إِنَّ اللَّه لَا يَنَام وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَنَام يَخْفِض الْقِسْط وَيَرْفَعهُ " وَظَاهِره أَنَّ الْمُرَاد بِالْقِسْطِ الْمِيزَان , وَهُوَ مِمَّا يُؤَيِّد أَنَّ الضَّمِير الْمُسْتَتِر فِي قَوْله يَخْفِض وَيَرْفَع لِلْمِيزَانِ كَمَا بَدَأْت الْكَلَام بِهِ , قَالَ الْمَازِرِيّ : ذَكَرَ الْقَبْض وَالْبَسْط وَإِنْ كَانَتْ الْقُدْرَة وَاحِدَة لِتَفْهِيمِ الْعِبَاد أَنَّهُ يَفْعَل بِهَا الْمُخْتَلِفَات , وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " بِيَدِهِ الْأُخْرَى " إِلَى أَنَّ عَادَة الْمُخَاطَبِينَ تَعَاطِي الْأَشْيَاء بِالْيَدَيْنِ مَعًا , فَعَبَّرَ عَنْ قُدْرَته عَلَى التَّصَرُّف بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ لِتَفْهِيمِ الْمَعْنَى الْمُرَاد بِمَا اِعْتَادُوهُ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ لَفْظ الْبَسْط لَمْ يَقَع فِي الْحَدِيث , وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فَهِمَهُ مِنْ مُقَابِله كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَقَالَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ وَقَالَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يقبض يوم القيامة الأرض، وتكون السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك» رواه س...
عن عبد الله : «أن يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إن الله يمسك السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر ع...
قال عبد الله : «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، إن الله يمسك السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر والث...
عن المغيرة قال: «قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تعجبون من غيرة سعد، وا...
عن سهل بن سعد : «قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أمعك من القرآن شيء قال: نعم سورة كذا وسورة كذا، لسور سماها.»
عن عمران بن حصين قال: «إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم، فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم.<br> قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناس...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم ي...
عن أنس قال: «جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله، وأمسك عليك زوجك.<br> قالت عائشة: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسل...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: «نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش، وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما، وكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت...